الشخصية المعنوية للسيد المسيح

الشخصية المعنوية للسيد المسيح

الشخصية المعنوية للسيد المسيح عليه السلام

بقلم: طالب عيسى


تعتبر شخصيات الأنبياء قمة البشرية أو غاية كمال البشرية في عصورهم، وعادة ما تكون تلك الشخصيات العظيمة محلا للجدل والخلاف والاختلاف والغلو والتطرف في الحب والكره
..!!

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا علي هلك فيك اثنان محب غالٍ ومبغض قالٍ ) وهي إلى حد ما تنطبق على كل مصلح ونبي ومرسل ..

حيث ان للانسان طاقة (استعداد) اودعه الله سبحانه وتعالى فيه وخصه بها وجعل هذه الطاقة (الاستعداد) المدد الحقيقي للتكامل والسير والوصول الى اعلى الدرجات ،وقد استغل الانبياء والمصلحين ذلك فاستغلوا ذلك الاستعداد باستحقاقهم ( وليس بالواسطات) فوصل كل منهم حسب استحقاقه الى درجته .

الانسان يظلم نفسه باطفائه تلك الطاقة وعدم استغلالها ..

ما هو ظلم النفس ظلم النفس هو حجبها عن تكاملها وهو محاسب على هذا الظلم واي ظلم اكبر من حجب النفس عن كمالها!

(وما أدراك ما العقبة ) ( فك رقبة) أي فك رقبة الروح من قيود النفس لتعتقها لوجه الله ..

فتنزل المعارف على القلب فان نزلت المعرفة على القلب دون استعداد فانها تضر القلب وهذه القاعدة شاملة للماديات والمعنويات ..

(واتاكم من كل ما سألتموه)

(قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) ..

لانه عليه السلام اراد رؤية تجليات معدن نور العظمة كما يعبرون  وهي من مقامات العالم الثاني على قولهم لا الاول فتاب من السؤال مع عدم وجود الاستعداد .

سُئل الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هل رأيت ربك؟ فقال (عليه السلام): وكيف أعبد ما لا أرى؟! قالوا: فكيف رأيته؟ قال:إن كانت العيون لا تراه بمشاهدة العيان، فإن القلوب تراه بحقائق الإيمان) وكما قال الشاعر:
قلوب العارفين لها عيون ترى ما لا يُرى للناظرينا
وأجنحةٌ تطـير بغير ريش إلــى ملكوت ربِّ العالمينا

وتتعدد أسباب جاذبيه هذه الشخصيات  :

ولكن اخص منه بصفة واحده هي (الصفاء القلبي) الناتج من نورانيتهم سلام الله عليهم فهم انوار بمعنى من المعاني ..

قال رسول الله (ص) رايته بقلبي وذلك لانهم بغاية الصفاء فالاشياء التي لا ترها الابصار تدركها البصائر ..

حيث احياء القلب كاحياء الارض وغاية صفاء القلب هو ان تتصل النفس وتتفتح الحواس المعنوية الخمسة كما تتفتح الورود ..

حيث يتصل الانسان بقلبه المعنوي فيبصر الانسان بالعين المعنوية قال لن تراني الا بعد استقرار القلب باليقين ويسمع الانسان بالسمع المعنوي ما لم يسمعه من قبل و يتذوق المعارف ويستمتع بها فيحصل على المحبة الكبرى .

ويلمس من الحقائق ما لذ وطاب ويشم اهل الله وارباب القلوب وعطر المحبوب .

ولشدة صفاءهم تنجذب اليهم القلوب مع قليل من الصفاء كما هو وارد كثيرا الا اصحاب النفوس الخبيثة فانهم يمتلؤون خبثا وحقدا عليهم .

يقول الرومي (إذا كانت كل نفس هي مريم وكل مولود يتحقق هو المسيح

فإن كل لحظة يُولد فيها المسيح ..)

وسبب صفاء عيسى عليه السلام زهده الشديد في الدنيا وتحمله المجاهدات والرياضات الصعبة ..

قال عيسى عليه السلام: خادمي يداي، ودابتي رجلاي، وفراشي الأرض، ووسادي الحجر، ودفئي في الشتاء مشارق الأرض، وسراجي بالليل القمر، و إدامي الجوع،وشعاري الخوف، ولباسي الصوف، وفاكهتي وريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش والإنعام،أبيت وليس لي شئ، وأصبح وليس لي شئ، وليس على وجه الأرض أحد أغنى مني.

وكذلك تواضعه..

قال عيسى ابن مريم عليه السلام يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة اقضوها لي قالوا قضيت حاجتك يا روح الله فقام فغسل أقدامهم فقالوا كنا نحن أحق بهذا يا روح الله فقال إن أحق الناس بالخدمة العالم إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم ثم قال عيسى عليه السلام عليكم بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر وكذلك في السهل ينبت الزرع لا بالجبل.

فشل محاولات اغراء المسيح عليه السلام

أن عيسى عليه السلام صعد جبلا بالشام اسمه أريحا فأتاه إبليس في صورة ملك فلسطين فقال يا روح الله أحييت الموتى وأبرأت الأكمه والأبرص فاطرح نفسك عن الجبل فقال عيسى عليه السلام إن ذلك أذن لي فيه وهذا لم يؤذن لي فيه.

و في حديث آخر عنه عليه السلام أنه: قال إبليس لعيسى عليه السلام

 أليس تزعم أنك تحيي الموتى قال عيسى بلى قال فاطرح نفسك من فوق الحائط قال عيسى ويلك إن العبد لا يجرب ربه.

 

ويعطينا (ابن عربي) صورةً متكاملةً عن خلق أجسام الجنس البشري جميعًا. فأجسام البشر، وإن كانت جنسًا واحدًا، إلا أنها أربعة أنواع:

النوع الأول هو جسم آدم.

النوع الثاني هو جسم حواء.

النوع الثالث هو جسم أبناء آدم وحواء.

النوع الرابع هو جسم عيسى .

لقد خَلَقَ – سبحانه – جسمَ آدم من دون ذكر وأنثى، وخلق جسمَ حواء من ذكر دون أنثى، وخلق أجسام ذريَّة آدم وحواء من ذكر وأنثى، وخَلَقَ جسد عيسى من أنثى دون ذكر.

ويعني هذا الكلام حسب الدكتورة سعاد الحكيم :

 أن أجسام الجنس البشري كلَّها، في حدود معرفتنا، وُجِدَتْ قبل وجود أرواحها؛ أي أن تسوية البدن ونفخ الروح هما حدثان متتابعان، لم يتمَّا دفعة واحدة. فالله – سبحانه – إذا سوَّى الجسم الإنساني نفخ فيه من روحه.

 أما جسد عيسى فلم يُسَوَّ قبل نفخ الروح فيه، بل حدث لحظة نفخ الروح.

وهذا يعني ان عيسى هو روح تجسَّدت، لا جسم نُفِخَتْ فيه الروح.

ولكن هذه الفرادة ترفعه إلى مرتبة الروح لا إلى مقام الألوهية.

وعبروا ان :(عيسى هو الروح، ويحيى رمز الحياة ) والروح والحياة لا يفترقان؛ كذلك هذان النبيان لا يفترقان، وينزلان في سماء واحدة هي السماء الثانية

والولي العيسوي تكون ولايتُه، في غالب الأحيان، واضحةً لعامة الناس؛ ومن علاماته: دعاء مقبول، ورحمة بالعالم، وإمكانه إعطاء الحال باللمس أو المعانقة أو إلباس الثوب، واتصافه ببلاغة في النطق، ومعرفة بالطبائع وتأليفها.
جاء في حديث نبوي شريف (موسى عينه اليمنى عمياء وأخي عيسى عينه اليسرى عمياء واًنا ذو العينين(.

ومعناه حسب ما مبين في موضعه أن الحقيقة المستخلصة ان  موسى عليه السلام كان دوره الوجودي هو إظهار الحقائق الإلهية في عالم الظاهر الأرضي بما يناسب الحضرة الإلهية والأدب الإلهي .

اما نبي الله عيسى عليه السلام كان مشرقيا في توجهه إلى رب الأرباب كان يحمل أسرار الروح العظمى في قوله ((وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ (( .

 

فالروح والمادة وجهان يقومان حياة البشر على البسيطة، فإذا كانت شريعة موسى عليه السلام قريبة من المادة فلأنها كانت تريد إظهار الحقائق الإلهية في عالم الظاهر الأرضي ، كما أن خوارق عيسى عليه السلام الروحية جاءت لتبين حقائق الروح العظمى وأن للإنسان جنبة إلهية غيبية في العالم اللآمرئي والغيبي .

 

يقول جلال الدين الرومي :

إن الشريعة كالشمعة، توفر لنا نورا لا يقدّر بثمن.

لكن يجب ألا ننسى أن الشمعة تساعدنا على الانتقال من مكان إلى آخر في الظلام,

وإذا نسينا إلى أين نحن ذاهبون، وركزنا على الشمعة، فما النفع في ذلك

 

وقد عبر عنها اهل الذوق بـ ( حجب الظلمة وحجب النور) ..

 

يا ليل أنت علي شاهد ** يا ليل هل تهنأ لواجد

أشكو المراقد للوسائد ** أم أشكو الوسائد للمراقد

بيني وبين هواي أبعــــــــــــادٌ تضل بها المراصد

عيسى أخوك محمد ** وكلاكما بان وشائد

فالمسلمون بالمساجد والنصارى بالكنائس واليهود بالمعابد

ألم يك آدم واحد ** أليس دين الله واحد

جعلوا قواعد للحياة ** فهل الحياة لها قواعد

 

شكرا لروحكم

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!