مَطَلَّتان على الحضور الشعري في التجربة العرفانية الأكبرية

مَطَلَّتان على الحضور الشعري في التجربة العرفانية الأكبرية

 

 

إشراقات (3)

 

مَطَلَّتان على الحضور الشعري في التجربة العرفانية الأكبرية

thamiherak

محمد التهامي الحراق

 

 

-1-

للتجربة الصوفية صلاتٌ ظاهرِة وخفية بالتجربة الشعرية، إذ تشجها تقاطعات تبلغ في بعض التجارب حدّا من التماهي يستعصي معه تمييز الشعري من الذوقي، والجَمَالي من الروحاني؛ بل يُصبح كل طرفٍ من الطرفين مستدعيا بالضرورة للآخر، دونه تغدو مقاربة التجربة الجمالية الروحية أمراً عسيراً وعصيا. ولعلي أستحضرُ هُنا تجارب صوفية وشعرية لامِعَة في تاريخ الشعر لدى القوم أمثال عمر بن الفارض و جلال الدين الرومي وأبي الحسن الششتري وعلي وفا الشاذلي و عفيف الدين التلمساني و شهاب الدين يحيى السهروردي و محمد الحراق… إلخ. ويحتلُّ اسم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي (560هـ – 638م) منزلةً لها الاستثناء وِشَامٌ ضمن هذا الأفق، ذلك أن الرَّجُل بلغ في معراج الذوق مقاما عليا، وتفجرت عن مذاقاته العرفانية فتوحٌ في الفهم وجدت إلى الإشارة والعبارة سُبُلاً قولية جمعت بين الكتابة والشعر، وصلت إلى أكثر من 500 مُؤَلَّفٍ بين كتاب ورسالة، خلالها جدَّد معارفَ ورؤى وفتوحاً في الفهم همَّت أسئلة وقضايا امتدت في رحابة باذخة بين الفقه والتفسير والمرائي والفتوح والوصايا والشعر… ما يجعلها بحق “فتوحاً” فكرية وجمالية فضلا عن كونها “فتوحاً” صوفية كشفية.

-2-

مازالت تحتاج هذه “الفتوح” الأكبريةُ إلى مجهودات علمية كبرى لتحقيق نصوصها وتجميع معطياتها ودراستها من أماكن قرائية ومنظورات تحليلية متعددة كيما تكشف عن غنى أعمال ما نفتأ تُسْفِرُ عن ثرائها المعرفي والذوقي والروحي كلما أمعنتَ فيها التأمُّل والنظر أو طرحت عليها أسئلة كفيلة باستجلاء المسكوت عنه والضامر بين ثناياها الفائضة بالمعارف والأسرار. وهذا أفق اجتهادي جماعي يشِقُّ على الباحث المفرد مهما كان عمره أو كفاءته، إذ لا يعدو البحث الفردي في هذا الأفق أن يكون إسهاماً يفتحُ كُوى تحتاج للتراكم كي تضيء بعضا من عوالم الشيخ الأكبر المعرفية والعرفانية والجمالية. فيما أفق هذه الإشراقةِ ليس سوى محاولةِ تأمل أولّي في علاقة التجربة الأكبرية بالشعر؛ محاولة تروم أن ترصدَ مَطلتين، من مطلات كثرٍ، على تواشج الجمالي بالعرفاني في مسارات الشيخ الأكبر الباذخة ذوقاً ونصّا؛ أعني بهما: “ابن العربي ناظماً/ شاعراً“؛ ثم “ابن العربي متأمِّلاً  في مفهوم الشعر“.

 

-3-

لا يكادُ يغيبُ الشعر من أي تأليف أكبري، أكان كتابا أم رسالة، سواء حضر هذا الشعر في صورة “استشهاد” من أنظام الغير، أو في صورة نظم ذاتي. وتصل الأبيات التي نظمها الشيخ الأكبر إلى أزيد من 40.000 بيت (أربعين ألف بيت)؛ إذ تحتوي “الفتوحات” وحدها على 7200 بيت. كما ألف الشيخ مجموعات شعرية مستقلة مثل:

أ. ديوان “ترجمان الأشواق“؛

ب. جزء من “الزَّينبيَّات“؛

ج. ديوان “إنزال الغيوب إلى سرائر القلوب“؛

د. “تائيتان” في بضع مئات من الأبيات، تتألف واحدة منهما من 436 بيتا، وأخرى من 1000 بيت، وإن كانت صحة نسبتهما له غير ثابتة؛

هـ. ديوان “المعارف الإلهية، واللطائف الروحانية في بعض ما لنا من النظم“، وهو ديوان ضخم واحد جمعه الشيخ سنة 634هـ؛ أي أربع سنوات قبل وفاته. وصدَّره بمقدمة رائعة يذكر فيها سبب نظمه للشعر، ويقدم خلالها تأملا متميزا لمفهوم الشعر وإبداعه من منظور معرفي وأنطولوجي وعرفاني خاص يستجيب للنسق العرفاني الذي يصدر عنه في تجربة الروحية، وهو ما سنعود إليه في “المطلة الثانية” من هذه الورقة. وقد نشر صديقنا الأستاذ المُجِدّ والأديب الأريب جعفر الكنسوسي هذه المقدمة أول مرة  ضمن مقال: “ابن عربي، سفينة الحقيقة”، في الجريدة المصرية “أخبار الأدب”، ع 30 ماي/ 1999. ولا يفوتنا ونحن نُطِلُّ على الشيخ الأكبر “شاعرا” أن نشيرَ أنه نَظَم على سائر البحور الخليليةِ المعروفة في النسق الشعري التقليدي مثلما نظم في التخميس (مثلا تخميسه على “رائية” أبي مدين الغوث “مَا لَذَّةُ العَيْشِ إلَّا صُحْبَةُ الفُقَرا”)، مثلما نظم في الموشَّح، وكان أولَ من استعمل الموشح في الأغراض الصوفية، مثلما كان أبو الحسن الششتَري أولَ من استعمل فيها “الزجل” الأندلسي. وتحتاجُ أعمالُ الشيخ الأكبر الشعرية إلى جهد تجميعي وتحقيق ضخم ما زال ينتظر مَن يُشغَف بإنجازه.

-4-

زَاوَجَ الشيخ الأكبر، بألفة روحية وجمالية نادرة، بين نظم الشعر والتفكير في عملية النظم؛ حيث جمع بين الممارسة والتأمل، وتمثل تأملاته هذه آراءً نقدية تقارب الشعر من منظور مغاير لمألوف النظر السائد في تاريخ الشعرية العربية؛ أعني ما راكمَه تاريخ النقد العربي للشعر من نظريات ورؤى. وتُعَدُّ آراء الشيخ الأكبر هاته من المنسيّ و اللامفكر فيه في التاريخ المذكور. إنه “نسيان مضاعف”، كما يؤكد خالد بلقاسم[1]؛ لكونه نسيانا لنص الشعري الصوفي في هذا التاريخ، مثلما هو نسيان لتأملات المتصوفة لفعل الإبداع الشعري، ويدخل هذا النسيان ضمن إهمال الشعرية العربية القديمة الشامل للتصوف لأسباب نخالها إيديولوجية أكثر منها معرفية.

على أن ما يشغلنا هنا هو كونُ تأملات الشيخ الأكبر لفعل الإبداع الشعري لم يُلتفت إليها إلا في الدراسات النقدية الحديثة، والتي وجدت في مفهومه للكتابة ولآرائه في مسألة اللفظ والمعنى، وعلاقة الشعر بالنثر، وفعل الكتابة وإعادة الكتابة، مقاربةً متميزة يتداخل فيها الأنطولوجي بالمعرفي؛ إذ يتأمل الشيخ الأكبر تلك القضايا من داخل المعراج الصوفي، كما تكشف عن ذلك العلامات التأملية الواردة في مقدمة “ديوان المعارف الإلهية[2]، و هي معتمدنا في بسطِ الحضور الشعري في التأمل الأكبري.

-5-

يكتب الشيخ الأكبر في مفتَتَح هذه المقدمة: “الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلَّمه البيان، وأنزل المقادير والأوزان، وأبدع الأرواح وخلق الأبدان، ورتب الأمور في جميع الأكوان، على أحسن نظام وأبدع إتقان، عَطَفَ بآخره على أوَّله، وألحق أبده في نفي النهاية بأزله، وجعله متجانس الصور متماثل السور، فكأنه قريضٌ على روي التوحيد، ينطق بلسان التحميد. فهو كلماته التي لا تنفد، وسلطانه الذي لا يبعد، جعل الوجود سبحانه كبيت الشعر في التركيب والنظم، وخصه به بما خص به الشعر من الحكم، فجعله قائما على سببين، محفوظا بوتدين: سبب خفيف وهو عالم الأرواح، وسبب ثقيل وهو عالم الأشباح، و وتد مجموع وهو حال التركيب والإنشاد، ووتد مفروق وهو حال تحلل الأجزاء، فمدار جميع الخلائق على هذه الرقائق”.

إنه نص يبرز بجلاء البعد الأنطولوجي الذي يتخذه الشعر في التأمل العرفاني  الأكبري، و من أبرز علاماته “تصويف المعجم العروضي”، فإذا كان الإنسان الذي خلقه  الله سبحانه في أحسن تقويم “كأنه قريض على روي التوحيد ينطق بلسان التحميد”، فإنه سبحانه قد جعل الوجود، حسب الشيخ الأكبر، “كبيت الشعر في التركيب والنظم”، لينطلق ابن العربي في تفصيل هذا التركيب من خلال إعطاء المعجم العروضي دلالات إشارية صوفية على غرار ما فعل أرباب الإشارة قبله مع معجم علم النحو، كما هو شأن أبي قاسم القشيري في “نحو القلوب الصغير” و”نحو القلوب الكبير“، وما صنعه بعض اللاحقين عليه من أرباب القوم مع معجم المنطق أو معجم الفقه وغيرهما.

-6-

من هذه الرؤية الأنطولوجية العرفانية يحدد الشيخ الأكبر العلاقة بين النظم والنثر فيقول: «الشعر هو الجوهر الثابت والنثر هو الفرع النابت، لا يظهر نثر إلا في عالم الكون، لا في حضرة العين، وإذ حُقِّق هذا الأمر، فما ثم نثر، أليس الشعر عين المقادير والأوزان، فانظر فيه تجده في وجود الأعيان، أين أنت من قوله: “و وضع الميزان”، و”ما ننزّله إلا بقدر معلوم”، و”كل شيء عنده بمقدار”». فالشيخ الأكبر يؤكد أن الجوهر الثابت هو “الشعر”، لكونه عنوان أحكام المقادير وإتقان الأوزان؛ ومن ثم فقد جعل السماء الثالثة، في معراجه الصوفي، بما هي “سماء التصوير التام والنظام” هي السماء التي يكون منها إمداد الشعراء. إنها سماء الإتقان وسماء الحسن والجمال حيث يوسف عليه السلام، ولأجل هذه الإتقان وهذا الجمال كان الشعر هو الأصل الثابت، لكون الوجود، باعتباره بيتًا شعريًّا، مبنيًّا على الإحكام وجمال الإتقان. ثم إن هذا الجمال الواشج بين الحس والمعنى في هذا التصور الأنطولوجي، هو ذاته الذي يرى من خلاله الشيخ الأكبر جمال الشعر، يقول: «جمال الشعر والكلام أن يجمع بين اللفظ الرائق والمعنى الفائق، فيحار الناظم والسامع فلا يدري اللفظ أحسن أو المعنى أو هما على السواء، فإنه إذا نظر إلى كل واحد منهما أذهله الآخر من حسنه، فإذا نظر فيهما معا حيَّراه».

-7-

لكن، لما كان للشعر هذا البعد الأنطولوجي وهذا البهاء المُحَيّر، لماذا امتنع عن النبيe نظم الشعر؟ أليس في ذلك تبخيس لشأن الشعر ونظمه؟ يجيب الشيخ الأكبر عن هذا الإشكال بتقديم رؤية متميزة لفهم الشعر في مألوف نظم المشهد النقدي العربي، يقول: «وما مُنِع النبيe منه لهوانه، ولا لانحطاط مكانته ومكانه، لكن لما كان مبنيا على الإشارات والرموز، فإنه من الشعور، والمطلوب من الرسول البيان للكافة بأوضح العبارات، لهذا لم يجئ به الرسول، فما قال تعالى: “وما علمناه الشعر” إلا لأجل قولهم إنه شاعر، فأخبر الله تعالى أن الذي جاء به من عند الله وعلمه، إنما هو ذكر وقرآن مبين، ما هو شعر كما زعمتم، وما في هذا ذم للشعر ولا حمد، وإنما جاء ليبين ما أُرْسل به فهو إنباء وحقيقة»

وهذا الرأي الأكبري متميزفي كونه يخرج عن التعليل المألوف الذي يشير دوما إلى قاعدة الاستثناء، في قوله تعالى:(والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [الشعراء، الآية 224-227]؛ ذلك أن الشيخ الأكبر يعتبر أن الشعر في حد ذاته لا هو محمود ولا هو مذموم، لكنه يعتبر أن التقسيم القرآني يضمر تزكية للشعر باعتباره القرآن مبنيا على الإحكام المطلق، ومن سماء الإحكام والإتقان يستمد الشعراء كما رأينا، يقول ابن العربي:

الشعرُ ما بينَ محمودٍ و مذمومٍ X     لذا أتى ربُّنـا فيه بتقسيـمِ

في كلِّ وادٍ تراه جـائلاً أبـداً     X     يهيمُ فيه لإيصـالٍ وتفهيـمِ

لو يعلم الناسُ ما القرآنُ جاء بهِ       X     فيه لقالوا به في كلِّ منظومِ

-8-

وقد كان سبب نظم الشيخ الأكبر للشعر وإقباله عليه تلك الرؤيا التي رآها، والتي يحكيها فيقول: « وكان سبب تلفظي بالشعر أني رأيت في الواقعة ملكا جاءني بقطعة نور بيضاء، كأنها نور الشمس، فقلت ما هذه؟ فقيل لي: سورة “الشعراء”، …… فأحسست بشعرة ابتعثت من صدري إلى حلقي، إلى فمي حيوانا لها رأي لسان وعينان وشفتان، فامتدت من فمي إلى أن ضربت برأسها الأفقين، أفق الشرق والمغرب ثم انقبضت ورجعت إلى صدري. فعلمت أن علامي يبلغ المشرق والمغرب ورجعت إلى حسي، وأنا أتلفظ بالشعر من غير رؤية ولا فكرة. وما زال الإمداد علي لعلم جرا. فلأجل هذا المشهد الأسنى، قيدتُ ما تيسر على ذكري في هذا الديوان، والذي فاتني أكثر. فكل ما فيه بحمد لله إنما هو إلقاء إلهي ونفث قدسي روحي، وورث علوي وإحساني، فالمشكور خالقه لا كاسبه، والعبد الضعيف معيده وكاتبه».

ويبدو من هذا النص أن تلفظ الشيخ الأكبر بالشعر، ذو تأصيل عرفاني يصله بغيب الأذواق ووهب العرفان لا بـ”شهادة” الأوراق وكسب الشعراء، وهو ما جعله يصرح أن كل ما يكتبه هو “إلقاء إلهي ونفث قدسي روحي”، ومن ثم فهو “كاسب” له لا “خالق”. وهذا الفهم للكتابة بما هي فتح أو تقييد لواردات، لا دخل فيها للذات الكاتبة بفعل أو اختيار، يجعلنا نعيد النظر في مفهوم “المؤلف” من منظور عرفاني، فنحن أمام إمام يُكْتَب به ولا يَكْتُب، وهذا ما يضفي عمليا نوعا من القدسية على تلقي هذه النصوص خصوصا من لدن المريدين والذائقين، ويربك مفهوم المسؤولية التي قد يحاسب في ضوئها “المؤلف”. إن هذا الفهم للكتابة ربما يمنح “حرية” أكبر للمؤلف في وجه الأفهام المحدودة أو القراءات المغلقة والمتشددة. الفتح ليس فقط فتحا على المكاشَف بالفتوحات، بل أيضا فتحا لمقفلات الفهم في السائد من الفهوم.

-9-

يبقى أن نشير في هذه المَطَلّة إلى أمرين معضدين لتأملات ابن العربي في الشعر، وهما تأكيده من ناحية على البعد الإشاري للرموز الغزلية والخمرية التي ترد في شعره، إذ يقول: “إذا وقع في ديواني هذا ما يتعلق بالغزل والتشبيب والخمور ومجالس الأنس والنساء وأسمائهن والغلمان، فليس المقصود بذكري ما يذهب إليه الشعراء من الغزل في أعيان المذكورين، وإنما قصدي علوما إلهية وأسرارا ربانية. وقد شرحت بعض ما ذكرته في جزء لنا عيناه “الذخائر والأعلاق” (…) وليس في كلامي كله منثوره ومنظومه ولا كلمة ولا حرف زائد ولا حشو أصلا، فما أقصد منه حرفا ولا ترتيبا خاصا إلا لمعنى” .

الأمر الثاني هو عناية الشيخ الأكبر بمفهوم “الخيال”؛ إذ للشعر علاقة بمفهوم الخيال باعتباره برزخا بين بحري الأواني والمعاني وعالمي الأجسام والمثال، وبوصفه حضرة إدراك، بل أوسع حضرة للإدراك على أرض الحقيقة أو السمسمة التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام. وبهذا الاعتبار كان الشعر محضنا للحقائق الواردة من هذا البرزخ المشرق بالحسن والجمال.

وإجمالا فإن مقارنة الشيخ الأكبر لبنية بيت الشعر ببنية بيت الكون، و بنية بيت الشعر ببنية الإنسان، جعلاه يؤسس، انطلاقا أيضا من فهمه للشعر والكتابة والخيال، تأملات شعرية عرفانية لها وشاح الفرادة والأصالة، ما زالت في حاجة إلى مزيد استكناه واستلهام.

 [1] ” الكتابة والتصوف عند ابن عربي”، خالد بلقاسم، دار توبقال، الدار البيضاء، ط.1/2004م، ص. 131.

 [2]  راجعها منشورة في: ابن عربي، سفينة الحقيقة“، تقديم جعفر الكنسوسي، جريدة أخبار الأدب، 30 مايو، 1999.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!