الطرق الصوفيّة في تركيا- مصطفى كارا

الطرق الصوفيّة في تركيا- مصطفى كارا

الطرق الصوفية في بداية الجمهورية التركية[1]

Mustafa Kara

“Cumhuriyet Döneminde Tarikatlar”, Demokrasi Platformu, 2/6 (Bahar 2006):1-20.

  مصطفى كارا

ترجمة: دوغان قبلان

 

ا-مدخل

تتوزع المناطق والأمصار حسب ظروفها وقضاياها وشخصياتها على مر العصور، هذا الاختلاف يطرح العديد من الإشكاليات التي تلقى اهتماما كبيرا من قبل العلماء، قد تحتاج لحلها في بعض الأحيان إلى تدخل السلطات السياسية. وقد انعكست التغيرات والتحولات التي حدثت في تاريخ الأمم والدول بطريقة ما على الثقافة والفكر الصوفيين. ولفهم الموضوع بشكل أوضح، علينا أن نتناول بالتحليل موضوع التصوف في عهد الدولة العثمانية.

تم تسجيل مجموعة من المشاحنات بين العثمانيين والشيوخ والدراويش رغم ارتباطهم الروحي بالطرق الصوفية، حيث كان الشيخ أدبالي أحد أهم العناصر القيادية في الدولة العثمانية، والمؤسس الروحي للطريقة الصوفية المساندة للدراويش، يلقى معارضة كبيرة من طرف الدولة. ومثال على ذلك: علاقة الدراويش بالبابائين خلال التمرد البابائي (Babailer İsyanı, 1240) في عهد سلاجقة الروم موضع قلق لدى السياسيين في بداية تأسيس الدولة العثمانية، وإحالة مصطلح ” الدرويش” في القرن الخامس عشر إلى أصحاب بدر الدين، كما تم في القرن السابع عشر تشديد العقوبات على الملامتيين؛ وتضييق السلطة السياسية الخناق على البكتاشيين في العصر التاسع عشر (بعد سنة 1826).

حاولت الدولة العثمانية تنظيم الطرق والفكر الصوفيين، فقامت بإنشاء مؤسسة “مجلس المشايخ” سنة 1860 في عهد الدولة العثمانية للرفع من مستوى الحياة الصوفية، وتكوين الشيوخ باعتبارهم عنصرا هامًّا في التكايا والطرق التي كانت منتشرة في تلك الفترة، للوصول إلى المستوى الصوفيّ المطلوب وتجنب إلحاق الضرر بـ “مشيخة المهد” (أن يصبح ولد الشيخ شيخا لطريقة أبيه بعد وفاته)، وقد تم إيلاء أهمية عظمى لـ “مدرسة المشايخ” المخصصة لأولاد مشايخ الطرق.

بدأت المشروطية الثانية سنة 1908م، والتي عرفت تغيرات وتحوّلات ملحوظة داخل النظام العثماني والجمهورية. ومن بين هذه التطورات نورد:[2]

١-تأسيس الجمعية الصوفية: وهي أول مؤسسة قام الصوفيون بتأسيسها خارج التكايا.

٢-إنشاء الجريدة الصوفية “المحبان والتصوف”: وهي مجلات أسبوعية، ونصف شهرية، وشهرية بالإضافة إلى الكتب والرسائل.

٣-وضع الصيغة القانونية النهائية لمجلس المشايخ وتفعيل خدماته، وفتح فروع له باسم “أنجمن مشايخ” في المحافظات.

يعتبر سؤال “ماذا نفعل بالتكايا هل نغلق أو نصلح؟” زجريا في السنوات التي سبقت إعلان الجمهورية؛ وبالبحث عن الإجابة على هذا السؤال في الكتب أو المقالات المنشورة بين العامين 1908-1918 نخلص إلى النتائج التالية:

  • حسب مجلة الاجتهاد لعبد الله جودت وبعض الكُتّاب على رأسهم كليج زاده حقي: وجب غلق وحظر التكايا والزوايا من المؤسسات الرئيسية لضمان استمرار الدولة العثمانية. باعتبار أنّ هذه المؤسسات تشغل رعايا العثمانيين.
  • دعوة المجلات المنشورات الصوفية إلى إصلاح الفكر الصوفي دون إلغائه لكونه جزء من الحياة الدينية.
  • رغم اهتمام كُتّاب مجلة الصراط المستقيم وسبيل الرشاد بالدولة العثمانية ووضع خطط ومشاريع للاندماج فيها، إلاّ أنّهم فضّلوا السكوت عن مواضيع التصوف أو بعبارة أخرى ارتأوا إلى عدم التدخّل؛ وإلى ذلك ذهب محمد عاكف أحد ركائز هذه المدرسة (مجلة الصراط المستقيم وسبيل الرشاد) بكتابه المشهور “صفحات”، ولكنه في سنة 1912 قال مشيرًا إلى موضوعات التصوف المنتقدة:

Koca millet! Edebiyatı ya oğlan ya karı

Nefs-i emmare hizasında henüz duyguları

Sonra tenkide giriş: Hepsi tasavvufla dolu

Var mı sûfiyyede bilmem ki İbâhiyye kolu

يا للشعب العظيم! أدبه غلام أو امرأة

إحساسها شبيه بالنفس الأمارة

ثم يقوم بالانتقاد: كل شيء به التصوف

لا أدري هل للصوفية فرع إباحية؟!

وقد أكّد المتخصصّون الذين درسوا أعمال محمد عاكف أنه شاعر نشيد الاستقلال، وتعدّ قصائده “هجران”، و “الليلة” و”السجدة” التي كتبها في مصر حول التصوف من أهم قصائد القرن العشرين التي أشارت إلى أعماق التصوف. وهذه القصائد كتبت في السنة التي تمّ فيها إغلاق التكايا.

 

وأخر أبيات هذه القصائد الثلاثة:

Güneşler geçti aylar geçti, artık gel ki mihmânım

Şuhûdundan cudâ imanla yoktur kalmak imkânım

قد غربت الشموس ومضت الشهور تعال

ليس بإمكاني أن أبقى بإيمان منفصل عن شهودك

 

Gel ey dünyaların Mevlâ’sı, ey Leylâ-yı vicdânım

Senin yâd olduğun sinende olsun, varsa pâyânım

تعال يا مالك الدنيا ويا روح ليلى

فلتكن نهايتي على صدرك

 

Kıyılmaz lâkin Allah’ım, bu gaşyolmuş yatan vecde

Bırak, hilkatle olsun varlığım yekpâre bir secde!

الهم لا يُقطع لكن هذا الوجد المغشي عليه

 فليكن وجودي سجدة كقطعة واحدة في الخلق

 

في 19 ماي 1919 لم يعد السؤال عن بقاء التكايا أو إلغاء حضورها في الحياة الدينية مطروحًا، بسبب بعث مصطفى كمال آتاتورك رسائل إلى السادة المشايخ يطلب منهم فيها مساندته للحصول على الاستقلال (Milli Mücadele)، لمعرفتهم الجيدة بطبيعة المجتمع العثماني آنذاك وكذا تأثيرهم المباشر على المجتمع. فتم افتتاح البرلمان التركي في 23 نيسان 1920 بعد زيارة ضريح الحاج بيرام ولي (المتواجد بأنقرة) مؤسس الطريقة البيرامية. وانتخاب نائب قونية عبد الحليم أفندي ونائب كيرشهير جمال الدين أفندي نائبين لرئيس البرلمان التركي لكون الأول شيخا لتكية مولانا جلال الدين في قونيا والثاني شيخا لتكية الحاج بكتاش ولي، كما أنّ عبد الحليم أفندي كان رئيسًا لكل المولويين في جميع جهات المنطقة، في حين يعدّ جمال الدّين أفندي رئيسًا للبكتاشين.[3]

حاليًا، يدّعي بعض الأكاديميين أنّ حضور آتاتورك مهّد للاحتفال بالأعياد الدينية باعتباره متزعم حركة الاستقلال-وهذا صحيح-إلاّ أنّ إسهامات مصطفى كمال مع المدرسين والمرشدين ورجال الدين ساعد في ذلك لا محالة.

٢-في الدورة الجمهورية

بعد الاستقلال، توقفت وكالة الشرعية والأوقاف، ليتم تأسيس رئاسة الشؤون الدينية في سنة 1924 ونقل إدارة التكايا والزوايا مع المساجد إلى هذه المؤسسة؛ وفي هذه الفترة تمّ تسجيل محطتين في غاية الأهمية ترتبت عنهما مجموعة من التغيّرات وهما: ثورة الشيخ سعيد في شرق تركيا سنة 1925، وحادثة “منه من” (كوبلاي) في غرب تركيا سنة 1930.

ويمكن القول إن المهادنة الضمنية سنة 1919 بين المؤسسات الصوفية استمرت -على الرغم من ظهور رياح المعارضة سنة 1923-حتى ثورة الشيخ سيعيد، ممّا يدل على عدم وجود تصريح رسمي أو قرار برلماني ضد التكايا والطرق في تلك السنوات.

مكّنت حوارات لوزان من إعلان الجمهورية وإلغاء الخلافة وتعزير المعارضة، فتم تأسيس الحزب الجمهوري التقدمي، الذي أثنى المؤرخون السياسيّون على نهجه واصفين إياه بالحداثيّ واللبراليّ، الشيء الذي أثار حفيظة حزب الشعب الجمهوري خصوصًا عند اعتماد جملة: “إن الحزب يحترم المعتقدات الدينية” في ميثاقه، ممّا أسقط كلمة “الإرتجاع” من جدول الأعمال ليتم استعمالها لصالح الجهة الغالبة.

يعد كتاب المؤلف العثماني (Osmanlı Müellifleri) من أهم الكتب البيبليوغرافية المنشورة خلال هذه السنوات عن سِير وأعمال المتصوفة الذين عاشوا قبل عام 1925، وهو ومحمد طاهر بورصوي خريجي حربية.[4] وقد قام مصطفى كمال باشا بشراء خمسمائة نسخة من المجلد الثاني دعما للمؤلف محمد طاهر المنتمي للطريقة الملامتية.

حُمّل الحزب الجمهوري التقدمي والتكايا مسؤولية ثورة الشيخ سعيد وأغلق الحزب مباشرة بعدها، وأدلى مصطفى كمال خلال زيارته لمحافظة قسطمونى في أواخر أيام أغسطس وأوائل أيام أيلول من سنة 1925 بيانا ضد التكايا ودراويش ليبدأ عهد جديد في التعامل مع التكايا والزوايا باعتبارها جزءا مهما في الحياة الدينية والثقافية منذ ألف سنة.  وبصدور قانون رقم 677 نهاية السنة، أغلقت التكايا والزوايا وحُظر استعمال بعض الألقاب مثل الشيخ، الدراويش، مريد…. مع إغلاق الأضرحة مثلما فعل بالبكتاشية قبل مائة سنة، فأغلقت بذلك أبواب مراكز الجو الصوفي والحماس الديني ومراكز الشعر والموسيقي والفنون الجميلة والعالم الجمالي.[5]

لم تجد القرارات المعروفة بقانون التقرير السكون ومحاكم الاستقلال معارضة كبيرة في تلك الفترة. ممّا جعلنا نجهل الرد على سؤال: “هل عارض منتسيبو المؤسسات هذا الاغلاق منذ ألف سنة؟” وهذا لا يعني تأييد الجميع لقرار إغلاق التكايا، فالأكيد أن هناك احتجاجا ربما كان محتشما أو غير مصرّح به.

أجبرت حادثة “منه من” (كوبلاي) سنة 1930 المسؤولين تناول بعض القضايا المتعلقة بالحياة الدينية وبعض المسائل المتعلقة بالارتجاع من جديد، لتليها فترة صمت استمرّت حوالي خمسة عشر إلى عشرين سنة.

٣-ماذا فعلوا؟

بعد إغلاق التكايا ماذا فعل مئات الشيوخ وآلاف المتصوفة المؤهلين للإرشاد؟  يمكن تقسم هذه الفئة إلى مجموعات:

-تحفظ بعض المتصوفين محترمين قرار الحكومة الواجب الانصياع له. فأصبح منهم معلمين أو مسؤولين أو موظفين.

-رفض بعض الصوفيين هذا الإغلاق واستمرت طريقتهم بسرية، مع البحث على عمل يوفر لهم لقمة العيش.

– استمر بعض الدراويش الملامتيين في حياتهم الصوفية دون اللجوء الى التكايا والزوايا ودونما اهتمام بالقرارات السياسية، ومعظمهم ينتسب لمحمد نور العربي المتوفى في 1887 في بلقان.

 إن هؤلاء الأشخاص الذين يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بتاريخنا الديني والثقافي والذين كتبوا أعمالا مهمة كانوا شيوخ للتكايا على اختلاف طرقهم في سنة 1925: أحمد رمزي آق يورك، عبد الحكيم آرواسي، سعد الدين نزهت أرغون، كنعان رفاعي، عبد الباقي باي كارا، شمس الدين أولوصوي، أليف أفنىدي، أسعد أربيلي، حسين وصّاف. وقد استمروا في عملهم بحزن على التجليات الجلالية أو بفرح بالتجليات الجمالية، وبنوا جسرا بأقلامهم وأقوالهم وكتبوا آثارا كثيرة. وكان أبا رئيس مجلس المشايخ سعود كمال يتكين صفوت (يتكين) وشیخ المولویة في قونيا ولد جلبي نائبين آنذاك في المجلس الذي أغلق التكايا.

لتكون السنوات الممتدة بين 1930-1947 سنوات ضيق على الطرق الصوفية وكذا على الحياة الدينية لم تقم المجلات والكتب الدينية بتوثيقها؛ باستثناء بعض الأعمال المتعلقة بالتصوف تحت عنوان الكلاسيكية الشرقية(ŞarkKlasikleri) وبعض الموسوعات الإسلامية المترجمة إلى اللغة التركي والتي باشرها حسن علي يوجل وزير التربية والتعليم خلال السنوات 1936-1946 الذي ترعرع في أسرة مولوية في إسطنبول.

مع تأسيس حزب الديمقراطية سنة 1946، انتقلت الحياة السياسية في تركيا الى التعددية الحزبية، وهذا ساعد في إحياء الحياة والمنشورات والكتب الدينية. وفي عام 1947 تناولت المجلات مواضيع صوفية بشكل غير مباشر؛ مع بقاء ضغوطات السنوات 1925 و1930 حاضرًا في منشورات الأربعينات.

أحدث انخفاض الاهتمام بالتعليم الديني بعد عام 1924 واختفائه بعد 1930 فراغا كبيرا في هذا المجال، كما ظهر نوع من التحرّر في صفوف الشباب الذين لم يتلقوا التعليم الديني في المدارس الابتدائية والمتوسطة والعالية، وقد تعرفوا أثناء تعليمهم العالي على بعض الشخصيات الصوفية وأعجبوا بهم؛ ففي الحقيقة، لم يرد هؤلاء الشباب أن يكونوا دراويش طريقة ما، بل كان هدفهم تحقيق تديّن يساعدهم في فهم الحلال والحرام وأداء واجباتهم الدينية. ممّا خلق ارتباطًا كبيرًا بين رجال الفكر والسياسية والتجارة والثقافة والبيئة الصوفية. ومن أبرز الشخصيّات هنا إن نجم الدين أربكان وأصحابه.

من المثير للاهتمام أن معظم الذين درسوا التعليم الديني في مدارس الأئمة والخطباء في كليات الإلهيات والمعاهد الدينية العالية لا علاقة لهم تذكر بالتصوف، وهذا يستوجب تدخّل علماء النفس للبحث في حقيقة هذه المسألة إن كانت عادية أم مدروسة. مع حضور تاريخ التصوف كمادة دراسية في كليات الإلهيات منذ ما يزيد عن نصف قرن، نجد أكاديميين يكتبون مقالات وكتب في التصوف وأخرين يكتبون مقالات في قدحه. وقد أمرت مؤسسة التعليم العالي (YÖK) في عام 1993 تدريس مادة التيارات الصوفية الحديثة كمادة اختيارية رغم القرار الرسمي القاضي باعتبار التصوف بعيد عن التديّن، فكيف يمكن إرجاع موضوع تمّ حظره في قانون الدستور وكيف يمكن للناس التعامل معه؟  

حظرت الطرق الصوفية والدراويش خلال السنوات 1930-1940، ومع نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينات. ليترأس مصطفى كمال بلاو أغلو بعد ذلك المؤسسات القضائية كممثل للطريقة التيجانية فرع الطريقة الخلوتية في تركيا.

٤-وجهة نظر المتدينين في الطرق الصوفية

تختلف آراء المتدينين حول التصوف إمّا بسبب نقص المعلومات أو تحيّز بعضها أو اعتمادها توجها سياسيا؛ حيث يرى بعض المتدينين أنّ التأويلات الصوفية مخالفة لعقيدتهم، في حين يرى البعض الآخر أنّ الموضوع أخذ توجهًا سياسيا يحظر التطرق إليه، بينما يرفض الآخرون نمط عيش الدراويش ممّا يجعلهم يتجنبون الحديث عن التصوف.  أما الذين يتبنون الفكر الصوفي فإنهم يتذوقون البعد الديني لهذا الطريق ويعيشون مقامات العالم الروحي أثناء سيرهم في هذا الطريق، ويزيحون ما يمنعهم من معيقات للوصول إلى طريق السعادة الروحية.

٥-الأعمال الصوفية ولهجة التركية

بصدور قانون توحيد الدراسات عام 1924 افتتحت كلية الهيات بدار الفنون مادة تاريخ التصوف التي كان يدرّسها محمد علي عيني. ليصير موضوع المادة عنوانا لكتاب نشر في نفس السنة بعنوان “تاريخ التصوف”. (إسطنبول 1341). ليتوقف نشر أعمال الثقافة الصوفية والنشر الديني تماما في السنوات القادمة على مدى 25 سنة.  لتظهر بعد ذلك شخصيات صوفية أخرى بأسماء مختلفة. أشهر منشوراتها باللغة التركية:

أ- الملامتية والملاميون، (Melâmilik ve Melâmîler) عبد القدير قولبنارلي، إسطنبول 1931.

ب-تاريخ التفكر التركي، (Türk Tefekkür Tarihi) حلمي ضياء أولكن، إسطنبول 1933.

ت-شعراء الأتراك، (Türk Şairleri) سعد الدين نزهت أرغون، إسطنبول 1936.

ث-علماء الأخلاق الأتراك، (Türk Ahlâkçıları) محمد علي عينى، إسطنبول 1939.

ج-تاريخ المعارف الأتراك، (Türk Maarif Tarihi) عثمان أرغين، إسطنبول 1939.

ح-شعراء عصر الأخير الأتراك، (Son Asır Türk Şairleri) ابن الأمين محمود كمال، إسطنبول 1930.

وكمعلومات مختصرة حول هذه الكتب ومؤلفيها نجد:

أ- أن عبد القدير قولبنارلي المولود في سنة 1900 في إسطنبول، من أحد أبرز شخصيـات العصر العشرين. كان يعرف المتصوفة الذين يعيشون في إسطنبول في أول ربع القرن العشرين عندما كانت التكايا مفتوحة. وكان يتبع خط الملامتية المولوية الجعفرية وكتابه الملامتية والملاميون كان أطروحة تخرجه وهو كتاب قيم. وقد تجرأ قولبنارلي على الكتابة حول الطرق الصوفية في تلك الفترة الحرجة لسببين:

١. انعدام تكايا تخصّ الملامتية ولذلك رأى البعض أن قانون الذي صدر في عام 1925 أغلق التكايا ولكن سهّل سبيل الوصول الى الملامتية.

٢-أن يكون محمد فؤاد كوبرولي مشرف الرسالة مهم جدا. لأن علاقة كوبرولي مع الحكومة في أنقرة كانت قوية جدا. قد كتب كوبرولي في تقريظ هذا الكتاب: “لنتعرف على تاريخ الدين في تركيا أول الشرط أن يكتب دراسات شاملة ومقيمة حول الطرق الصوفية الصادرة في تركيا…هذه الدراسات المركزة على موضوع معين مفصلا سوف يساعد لكتابة تاريخ التصوفي الإسلامي عموما. ومن المستحيل أن تُكتب أعمال شاملة في الموضوعات هذه قبل أن يوضع منشأ وظهور طريقة وشخصياتها البارزة ومراسمهم وفروعهم وضعهم الجغرافي وتأثيرهم الإجتماعي ومناسبتها مع الطرق الأخر.” قد نشر هذا العمل من منشورات معهد التركيات التابع لدار الفنون.[6]

ب-كاتب كتاب تاريخ التفكر التركي (Türk Tefekkür Tarihi) المنشور مجلدين من منشورات جمعية طلاب غلطة سراي هو حلمي ضياء أولكن الذي عاش بين 1901-1974. في هذا الكتاب إن العناوين والشخصيات المتعلقة بموضوعنا هكذا:

التصوف التركي

١- الحكمة السرية

٢- التصوف الكلاسيكي

المدرسة المغربية

١- محي الدين العربي

٢- صدر الدين قونوي

المدرسة المشرقية

١- نجم الدين كبرى

٢- مولانا جلال الدين الرومي

التصوف المنظمي

١- آخيه

٢- تأسيس الطرق الكبيرة

٣- التيارات الصوفية الفوضوية

تم نشر كتب أخرى لحلمي ضياء أولكن في السنوات 1930-1940 مثل:

١- مقتطفات أدبية مختارة لفلاسفة الأتراك (Türk Filozofları Antolojisi)، إسطنبول 1935.

٢- المدخل إلى تدقيق التصوف التركي (Türk Mistisizmini Tetkike Giriş)، إسطنبول 1935.

٣- التيارات الفرق في التاريخ التركي (Türk Tarihinde Mezhep Cereyanları)، إسطنبول 1940. [7]

ت- إن سعد الدين نزهت أرغون (ت 1946) من أحد الصوفين الذين نشر كتبا كثيرة  في الدورة الجمهورية وكتابه شعراء الأتراك (Türk Şairleri) كتاب أبجدي نشر فصولا. قد استفاد فيه كثيرا من كتب  السيرات العثمانية والمخطوطات وقام باقتطافات كثيرة. قد بدأ كتابة هذا العمل في السنة 1936 ونشر فصلين شهريا  وحجمه كيبر ولكن تباطأ النشر تدريجيا وانتهى في السنة 1945 بالمادة “فائزي”.  هذا العمل لا يزال مصدرا في الأدب التركي وشعراء التكايا.

إن كتاب أرغون مقتطفات الموسيقى التركي (Türk Musikîsi Antolojisi)  كتاب اليد للمعنيين منذ سبعين عاما ويحفظ على ميزته في هذا المجال. إنه يُعرِّف معماريّي الموسيقى التكايا وينقل أجمل كلمات أشعار التكايا.[8] بعبارة أخرى أن هذا العمل يحتوي على ثمانيمائة وعشر شعرا هذا يعنى أن هذا الكتاب مقتطفات شعر التكايا أيضا.

ث- إن محمد علي عيني يانيا ولد في ماناصتير في عام 1869 وعمل في مجالات شتى كوالٍ في طرابزون ومدرس الفلسفة في دار الفنون ومعلم تاريخ التصوف وأستاذ التاريخ السياسي في آكادمية الحرب وتوفي في إسطنبول في عام 1945.

تناول في كتابه علماء الأخلاق الأتراك (Türk Ahlakçıları) هؤلاء الأشخاص مع أعمالهم وتأثيرهم:

١- عاشق باشا

٢- أبو الفاضل موسى الإزنيكي

٣- أشرف أغلو عبد الله الرومي

٤- قنالي زاده علي جلبي

٥- البركوي

٦- كوجا نشانجي مصطفى باشا

٧- عبد اللطيف

٨- محمد بن إدريس البدليسي

٩- سروري جلبي

إن محمد علي عينى صاحب كتاب علماء المنطق الأتراك (Türk Mantıkçıları)[9] أيضا وهو قد قام باتحاف كتابه حول محي الدين العربي “لماذا أحب شيخ الأكبر؟” (Şeyh-i Ekber’i Niçin Severim?) إلى الغازي مصطفى كمال باشا.

ج- إن صاحب كتاب “تاريخ المعارف الأتراك” (Türk Maarif Tarihi) عثمان نوري أرغين(ت 1961) المشهور بمدير الكتابة في إسطنبول (İstanbul mektupçusu) ولد في ملطية في عام 1883. قد بحث في كل المؤسسات التعليمية التي أُسست في إسطنبول بعد فتحها بدقة. وتناول في كتابه الزوايا والتكايا بعد المساجد والجوامع تحت عنوان المؤسسات العلمية والتعليمية وعرّفهم.

وفسّر في كتابه المكوّن من خمس مجلدات مجالات العمل للتكايا مفصلا: مكان الموسيقي والرقص، مكان التربية البدن، مكان تربية الروح، مكان الضيوف، مكان المساعدات الإجتماعية، مكان العلاج، مكان الحجر.

قد تم نشر تلك الكتب لعثمان نوري أيضا:

– الإنكشاف التاريخي لتخطيط المدن في تركيا،(Türkiye’de Şehirciliğin Tarihi İnkişafı) إسطنبول 1931.

– نظام العمارة في المدن التركية،(Türk Şehirlerinde İmaret Sistemi) إسطنبول 1939.

– الأوقاف، البلديات و البطريكات في تاريخ العمارة التركية،(Türk İmar Tarihinde Vakıflar, Belediyeler, Patrikhâneler) إسطنبول 1944.[10]

إن المعلومات حول موضوعنا كثيرة في كتابه ” الإنكشاف التاريخي لتخطيط المدن في تركيا”.

ح- إن ابن الأمين محمود كمال إينال الذي توفي في عام 1957 من أبرز شخصيات العصر.إن كتابه شعراء عصر الأخير الأتراك، (Son Asır Türk Şairleri) زيل كتاب تذكرة الفطن ويحتوي حياة 574 شاعرا الذين عاشوا ما بين 1853-1930. في هذا الكتاب عُرّف كثير من الشعراء الصوفيين وأقتطف كثير من أشعارهم.

كتب ابن الأمين في رسالته التي كتبها في عام 1924 إلى صاحب سفينة الأولياء حسين وصّاف حول سلوكه إلى الطريقة: “في أوائل شبابتي من أعاظم المشايخ النقشيبندية الخالدية حضرة مولانا الشيخ عبد المنان عثمان أفندي (قدّس سرّه) جاء من دنيزلي وبات في بيتنا بعد صلاة الفجر قد قام بتلقين الطريقة إلى هذا العبد المذنب وأخي المكرّم. ولم يكن عندي نية السلوك إلى الطريقة. ولكن الشيخ الفاضل أتى مأمورا وأدى وظيفته ورجع إلى دنيزلي بعد أيام. منذ ثلاثين عاما أو أكثر أنا سالك في طريقة النقشيبندية الخالدية ولكن مع التأسف لم أكسب فيضا ولذلك قلت غمغة:

Saf olsa da kalp küdüred-âlûd

Esrâr-ı vücuda mahrem olsam

Bilsem ki nedir hakikatim âh

Âdem gibi ben de Âdem olsam

ولن كان القلب مليئا بالكدورات

ليتنى كنت محرما لأسرار الوجود

ولو أعلم ما هي حقيقتي يارب!

ولو أصبح آدما مثل آدم

نظرا إلى أجواء الباردة ضد التكايا والطرق الصوفية والشيوخ والدراويش في تلك الفترة وجود الأعمال التي تتحدث عن الصوفيين وأعمالهم وتقدمهم الى المجتمع تُذكّرنا حكمة الصوفيين التي تقول لكل تجليات الجلالية تجليات الجمالية. لكل وردة شوكة.

صدق الصوفي المشهور نيازي مصري حين قال:

Cemâli zâhir olsa tîz celâlî yakalar anı

Nerde bir gül açılsa yanın hâr olur peydâ

إذا ظهر الجمال يلحقه الجلال

ظهرت الشوكة عند كل وردة

قبل نهاية هذا القسم نتحدث عن مقالتين أصبحتا كلاسيكا في هذا المجال.

إن مقالة عمر لطفي باركان “الدراويش الأتراك  المرشدين” (Kolonizatör Türk Dervişleri)  المنشورة في العدد الثاني من مجلة الأوقاف في عام 1942 ومقالة عبد الباقي قولبنارلي “منظمة الفتوة في البلدان الأتراك الإسلامية” (Türk-İslam İllerinde Fütüvvet Teşkilatı) المنشورة في مجلة كلية الإقتصاد في جامعة إسطنبول من أهم أعمال هذه السنوات.

قد تم تقريبا ترجمة كل الكلاسيكات التصوفية من العربية والفارسية إلى التركية في السنوات الأخيرة   حتى تمت ترجمة الأعمال القيمة من اللغات الغربية إلى التركية. وتم نقل كثير من الأعمال العثمانية إلى الى التركية الحديثة. وبهذا تم نقل الحكم والأقوال التي تعمر وتحي القلوب منذ العصور إلى المجتمع وأُعطيت فرصة لمن يريد أن يجمع بين الحال والقال.

إن هناك أشخاصا في هذه الفترة من بقايا العثمانية قدموا ثقافة التصوف إلى المجتمع بالترجمة والتبسيط والشرح بدون أن يغوصوا في النزاعات الصوفية. يمكن أن نتذكر بعضهم: أحمد عوني كونوك، طاهر المولوي أولقون، رضا توفيق، صادق وجداني، محمد علي عيني، عمر رضا دوغرول، محمد زكي باكالين، عمر فوزي ماردين، كمال أديب كوركجي أوغلو، سعد الدين أورين، نور الدين توب جي، ماهر إيز، وصفي ماهر كوحا تورك، آقاه سرّي لوند، أحمد حمدي تانبينار، أكرم حقّي آيوردي، اسماعيل فني أرطوغرول، فريد كام، نجيب فاضل كيسا كورك، شمس الدين يشيل، فوزية عبد الله طانسل.

إن في الفترة الجمهورية أكادميين الذين ركزوا على ثقافة التصوف وقاموا بتحليلات وتنقيدات هذه الثقافة من حيث التاريخ وعلم الإجتماع وعلم النفس وقاموا بالترجمات من اللغات المختلفة. من أشهر هؤلاء الباحثين الذين لم يعملوا في كليات الإلهيات: فؤاد كوبرولي، آمران كورت كان بيلقي سوان، تحسين يازيجي، شريف ماردين، أحمد ياشار أوجاك، ارول قونقور، صبري أولقه نر، أحمد يوكسل أوز أمره، سهيل أون وار، بها تانمان، كنعان قورصوي، نورحان آتاصوي، نهاد ككليك، عثمان توران، مصطفى تاتجي، عبد الله أوجمان، جمال كورناز، عمور جيلان، علي نهاد طارلان، نهاد عظمات، عبد الرحمن كوزل، أكرم دميرلي، أسماعيل حقي أوزون جارشيلي.

هناك علماء الغربيين الذين يكتبون حول التصوف والطرق. و حاليا يوجد حوالى خمسين أكادمي في قسم علم التصوف في كليات الإلهيات بالجامعات المختلفة.  لا شك إن سليمان ألوداغ أكثر ولودا منهم. لأنه من جهة يترجم كلاسيكيات هذا العلم من العربية والفارسية إلى التركية ومن جهة أخرى يداوم أن ينوّر هذا المجال بتأليفاته ومواده التي كتب للموسوعة الإسلامية للشؤون الدينية.[11]

٦- الشؤون الدينية والطرق الصوفية

إن الطرق قد تم ربطهم بالمؤسسة الشؤون الدينية في القانون رقم 429 الذي صدر في عام 1924 وتم تعيين شيوخ التكايا والزوايا من طرف المفتيين. إن المادة الخامسة للقانون رقم 429 : “إن تعيين وعزل الأئمة والخطباء والواعظ والشيخ والمؤذن والقيم والمستخدمين في كل من المساجد الجوامع والتكايا والزوايا في داخل الممملكة في عهدة رئيس الشؤون الدينية.”

بعد صدور هذا القانون بقصير مع القانون رقم 677 أغلقت مؤسسة الشؤون الدينية دفتر التكايا والزوايا ولم يهتم به. ليس هناك أعمال للشؤون الدينية تنوّر الناس حول التصوف والطرق في غضون ثمانين عاما حتى لا يوجد أي خطبة كتبت حوله حتى السنة 1997. في السنة 1966 تم من جانب الديانة الطبع  الثاني من كتاب فؤاد كوبرولي، المتصوفون الأُول في الأدب التركي (Türk Edebiyatında İlk Mutasavvıflar) الذي طُبع أول مرة في السنة 1919.

إن مؤسسة الشؤون الدينية هي التي توجه الحياة الدينية وتراقبها. ولكن في بيئآت الصوفية كتلة تتعرف على الدين وتتعلم مراسمات الصوفية. وأحيانا تناقض الخطاب الديني لهذه البيئات مع الديانة. بسبب طلب العلويين والبكتاشيين التمثيل الرسمي في الشؤون الدينية يلفت النظر إلى الطرق الصوفية. يبدو أن هذه المناقشات لا تنتهي في المستقبل القريب.

كما ينبغي أن يذكر أن الموسوعة الإسلامية التي ينشرها وقف ديانة التركي تملأ فراغا مهما في المواد المتعلقة بالتصوف والطرق.

٧- الخمسين عاما الماضية

ماذا يُرى عندما ينظر إلى ما حدث في الخمسين عاما الماضية؟

١- قد تزايدت العقوبات بإضافة فقرة في عام 10.06.1994 إلى القانون رقم 677 الذي صدر في عام 1925.

٢- تم تغيير مادة نفس القانون في عام 01.03.1950 وأفتتح خمسة عشر ضريحا للزيارة.

٣- ووفقاً للمادة 153 من دستور عام 1961 ، تم إدخال القوانين الثمانية بما في ذلك القانون 677 الحكم على أنها ” لا يمكن فهمه على أنه مخالف للدستور ولا يمكن اقتراح تغييره”. تم تضمين نفس الحكم في الدستور 1982 أيضا.

٤- على حسب سجلات الشرطة والجندرمىة والمحكمات إن كلمة “الطريقة” أكثر منفورا ولكن لم تنتزع هذه الكلمة من المجتمع تماما.

٥- إن الذين في الحياة الصوفية أيضا ملونة جدا من حيث الحساسيات الدينية. هناك من يشاهد هذا العالم من إطار ضيق ولا يهتم ولا يقبل وجود الطرق الأخرى ومن يشاهد العالم من إطار واسع و يستفيد من تقنيات الديانات المختلفة. هناك دراويش يلتزمون ويهتمون بأوامر الدين ونواهيه ودراويش لايلتزمون ولا يهتمون سوى مراسم طريقته.

٦- إن بعض رجال الدولة يخالفون التصوف والطرق ويرون هذا سبب وجودهم ولكن لا يرون مانعا أن يشاركوا مراسم سماع المولوية والبكتاشية.

٧- أن تكون ثقافة التصوف مقبولا أحيان ومقتولا أحيانا قد سببت ظهور بعض التناقضات. مثلا كلمة التصوف يعتبر معتدلا والطريقة فظيعة. إن المولوية قوبلت بالقبول والنقشيبندية بالبرودة. والذين يلقون بيانا ضد الطرق في كل فرصة عندما جاء الكلام إلى الشيخ أدبالي، الحاج بكتاش ولي، مولانا جلال الدين الرومي و يونس إمره  يقولون إن هؤلاء الأشخاص قدوة التنوير عندنا. هذه هي مشكلتنا التي يجب علينا أن نحلها، كيف يصبح طريق هؤلاء القدوة سيئا؟ إنهم جيدون أما طرقهم سيئة؟!

٨- لم يكن هناك مشكلة بالنسبة لرجال الدولة مع البكتاشيين بعد عام 1925. أُضيفت المولوية في هذا الإطار بعد عام 1950.  لاسيما مراسم السماع أصبح الرمز الملون لهذا التغيير. ولكن نفس الرجال لم يريدوا أن يسمعوا كلمات “القادري، النقشي، الخلوتي، الرفاعي”. تنج هذا التناقض عن ظهور شخصية باسم “أتاتوركي شيخ أفندي”. قد ادعى بعضهم على أن أتاتورك كان مولويا وبعضهم قال إنه كان ملاميا. لم ير بعض سادة الشيوخ أي عيب في الإدلاء بتصريح أن “التكايا كانت بالفعل مستحقة للإغلاق”.  وحاول بعضهم أن يستغل السياسة كمظلة حتى أصبح رئس حزب. وحمل أحد أستاذ تاريخ التصوف خطاب هؤلاء الصوفيين الكماليين إلى نقطة الكمال وقال: “ما يفعله مصطفى كمال ليس سوى ما فعله محمد.”

٩- إن بعض الدراويش اجتمعوا تحت مظلة وقف وبدأوا أن ينشروا جرائد ومجلات ويفتحوا مدارس خاصة.  والمجلات الشهرية على وجه الخصوص ساعدت التواصل الداخلي بين الجماعات الصوفية.  من المجلات التي تركز على موضوعات التصوف ولا يزال على قيد الحياة حتى عام 2006 : مِهر، بيان، آلتون أولوك، سمرقند، كشكول، فيض وحقيقت.

١٠- إن ترببة وتعليم الطريقة تلزم مراقبة الشيخ على الدراويش عينا بعين. ولكن إغلاق التكايا  لقد أزال هذا الإمكان. عندما توفي المتأهلون على مرور الزمان ظهرت المسألة التأهل في الميدان وطُرحت أسئلة: “هل الشيوخ شيوخ على الحقيقة؟، هل هو متأهل؟، هل هو مجاز وهو صاحب إجازة؟”

لم يترك معظم الشيوخ خلفا من بعدهم ولكن بعض الناس كانوا محتاجين على الشيوخ بسبب طبيعتهم ولذلك اجتمعوا حول من يدعي أنه شيخ. يمكن لنا أن نقول إن كثيرا من الشيوخ ليسوا بالشيوخ في الحقيقة. ولكن هذا نتيجة فقدان عادات الصوفية. لأن الحياة الصوفية محظورة رسميا ولا أحد يراقبها ولذلك من يستعجل ويرى مكان المشايخ فارغا يملئه ويجلس مكانه ولا أحد يساله عن تأهله ومن هو وكيف أصبح شيخا؟ خلاصة الكلام هناك شيوخ لا يعرفون تلفظ الشيخ أيضا.

١١- إن الأعمال التي تم نشرها من جانب أكادميين الذين يعملون في قسم تاريخ التصوف وقسم تاريخ الأدب الإسلامي التركي في كليات الإلهيات نوّرت كثيرا من مجالات التصوف[12]. ويتم نشر المجلة باسم “التصوف” في أنقرة.

١٢- هناك من يسلك طريق السكوت لإخفاء أنه درويش أو شيخ مخافة من الموضوعات الرسمية ومن يُعلنه ويكتب عنوانه في مقدمات كتبه.  وهناك من يستعمل كلمة “معلم” بدلا من “مرشد” و”تلميذ” من “مريد” و”مدرسة” من “تكايا” ويكتب كتاب “تاريخ الأولياء” ومن يكتب بأسلوب قال فيه صونر يالجين في كتابه “سرّ المسلمين الأبيض الكبير”.

١٣- إن سلوك المنفية على منسوبي الطرق أثرت أيضا في شخصيات الناس. يمكن أن نرى اثره في أولاد أو أحفاد الشيوخ حالة الإنطواء على النفس أو ثوري للغاية. وهناك من يميل منهم إلى الماسونية. على حسب رأيهم أن البكتاشية ماسونية شرقية والماسونية بكتاشية عصرية.  ويمكن أن يكون نفس الحالة النفسية التي نرى في بعضهم احترامهم المفرط لحزب الشعب الجمهوري.

١٤- إن بعض الأشخاص الذين يواجهون ثقافة الصوفية هم أصحاب الحِرفة الذين يربطون بين فنوننا التقليدية مثل الشعر والموسيقى. أن تكون الفنون الجميلة مركز الفؤاد مثل التصوف يسوق هؤلاء الناس إلى سواحل عالم التصوف ويغذيهم.

١٥- على الرغم من الصعوبات و العقبات في هذه الفترة هناك أشخاص حاولوا نقل الثقافة الصوفية إلى المجتمع ويمكن سرد جزء من الذين توفي بعد 1950 على النحو التالي[13]:كنعان رفاعي 1950، عبد العزيز بكّينة 1952 ، حسن راغب أرنسل 1953، عمر فوزي ماردين 1953، كمالي عثمان أفندي 1954، آلوارلي أفه 1961، علي حيدر أفندي 1961، فخر الدين أفندي 1966، اسماعيل حقي توبراك 1973، دده باشا 1973، مصطفى كمال بلاوأغلو 1977، مصطفى خيري أوغوت 1979، محمد زاهد كوتكو 1980، عثمان نوري كبنك أغلو 1981، مصطفى أوزأرن1982، محمود سامي رمضان أغلو 1984، مظفر أوزاك 1985، نور الله جزري 1985، حسن دينج 1988، حسن لطفي شوسود 1988، عثمان خلوصي آتش 1990، محمد إحسان أوغوز 1991، راشد أرول 1993، سامحة آيوردي 1993، بدري نويان 1997، عبد الرحيم ريحان 1998، سفر دال 1999، موسى توب باش 1999، محمود أسعد جوشان 2001، أحمد أرغين 2002.

٨- النتيجة

إن جواب سؤال “ما هو الحل؟” واضح للغاية. لأن إزالة الاتجاه الصوفي إذا كان غير ممكن يجب توجيهه إلى الجهة المثبتة بالتدريس. لكي لا يتم استغلال هذا من قبل الجهات الفاعلة ، يجب على الدولة أداء مهمة المراقبة على مسافة معينة. قد يعمل الحظر بقصد التحذير لفترة مؤقتة. لأن الحظر في هذه المواضع ليس سبيل الحلّ. والطريقة الأخرى هي تسهيل الأمور للمستغلين وسبب ضعف الشخصيات وقطع فرع من حرية الدين والضمير.هذه الحقيقة العارية جعلت رئيس الوزراء ورئيس طويل الأجل للحزب الذي أغلق التكايا بلند أجاويد  يقول “يجب أن تكون الطرق حُرا”.

يقول الدراويش هكذا

فلنرى ماذا يفعل ربنا

 

الهوامش 

[1] هذه المقالة قد نشرت في مجلة Demokrasi Platformu  باسم

Mustafa Kara, “Cumhuriyet Döneminde Tarikatlar”, Demokrasi Platformu, 2/6 (Bahar 2006):1-20.

[2]  أنظر لمعلومة أكثر

Mustafa Kara, Günümüz Tasavvuf Hareketleri, İstanbul 2001

[3]  نص رسائل مصطفى كمال للشيوخ موجود في كتابه النطق في المجلد الثالث.

[4] قد طبع المجلد الأول من الكتاب في عام 1915 والثاني  في 1920 و1992 والمجلد الثالث في عام 1924.

[5] أنظر لمعلومة أكثر،

Mustafa Kara, Din Hayat Sanat Açısından Tekkeler ve Zaviyeler, İstanbul 1999.

[6]  كتب تلميذه علي آلب آسلان حول أستاذه كتاب بعد وفاته.

Ali Alpaslan, Abdülbaki Gölpınarlı, Ankara 1996.

[7] أنظر لقائمة أعماله

Muhsin Balakbabalar, “Ord.Prof.Dr. Hilmi Ziya Ülken”, AÜİFD (Ankara Üniversitesi İlahiayt Fakültesi Dergisi), XX.

[8] أنظر لحياته وأعماله، DİA,، XX

[9]  إن عنوان مقالة شرف الدين يالتقايا الذي سوف يصبح رئيس الشؤون الدينية “علماء الكلام الأتراك” (Türk Kelamcıları) نشر في عام 1932. أنظر إلى

“Türk Kelamcıları”, Dâru’l-Fünûn İlâhiyat Fakültesi Mecmuası, جلد 23.  

[10] أنظر لحياته وأعماله، DİA,، XI

[11]  أعمال ياشار نوري أوز تورك بحث آخر.

[12] أنظر لمعلومات أكثر

Mustafa Aşkar, Tasavvuf Tarihi Literatürü, İstanbul 2005.

[13]  لم ندرج أسماء سليمان حلمي طوناخان وسعيد النورسي لأننا لا نرى أن الجماعات التي تنسب إليهم كطريقة.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!