القرآن لكلّ العصور
سلسلة يقدّمها باللغة الإنكليزية: جوزيف لومبارد[1]
وتنقلها إلى العربية: عذراء ناصر[2]
القرآن لكلّ العصور[3]
الحلقة الأولى (مقدمة السلسلة)
السلام عليكم، أهلًا وسهلًا بكم في سلسلة “القرآن لكل العصور” وشكرًا لانضمامكم.
إنّ الهدف من هذا البثّ هو توفير تواصل كلّي ومستمر مع القرآن من خلال تأملات دراسية وروحية في النصّ، القرآني مبنية على أساس من التفسيرات الإسلامية التقليدية. سيكون تركيزنا في هذه السلسلة على تلك الجوانب، التي تخاطب القلب وتوفّر السكون والسلوان والتوجيه والراحة. القرآن هو كتاب ينعش حياة الإنسان المسلم في جميع مراحل الحياة. أولئك الذين يعيشون حياتهم في ظلّ الإسلام ويستمعون للقرآن عبر تلاواته، ويندمجون معه في تلك الفترة من وجودهم ويختمون حياتهم به. يوازن القرآن إيقاع حياتنا اليومية من المهد إلى اللحد كما يوازن بعض الأحداث الرئيسية في الحياة.
يبقى القرآن قابلًا للتطبيق في كلّ الأزمنة، و يوفر دروسًا تساعد الإنسان على مواجهة تحديات الوجود في هذه الحياة الأرضية واستعداده للحياة القادمة. ولهذا السبب نسميه كتاباً لكلّ العصور. من هذا المنطلق نؤمن أنّ للقرآن صلة بحياتنا اليوم كما كانت له صلة بحياة اولئك الصحابة المرافقين للرسول وحيوات الأجيال اللاحقة. ومع ذلك فإنّ مجال تطبيق القرآن على جميع جوانب الحياة يكون مفقوداً في العادة.
يأتي بثُّ حلقات “القرآن لكل العصور” ليتناول التقاليد الإسلامية بطولها وعرضها للتأمل في المجال الذي يمكننا من خلاله تطبيق القرآن هنا والآن. وينهض مثالًا على ذلك ما يقوله الإسلام عن الحبّ و العدالة و الموت، أو ما يمكن أن يقوله عن أمور ملموسة أكثر في واقعنا اليوم، مثل القمع وعدم المساواة أو الأزمة البيئية. سيتناول بثُّ حلقات “القرآن لكل العصور” مثل هذه القضايا وغيرها الكثير.
هذا العرض لا نقدّمه للمسلمين فحسب! لأننا ننسى أحياناً أنّ الجمهور الأصليّ للقرآن لا يقتصر على المسلمين، إنّ الكثير من آيات القرآن تخاطب أناسًا من تقاليد ومعتقدات شتّى، و بينما يقدم القرآن الدعم والسند للمسلمين فهو يحوي إلى جانب ذلك تأملات وتقاليد الحكمة لكلّ البشرية. لذلك يتضمن بث حلقات “القرآن لكل العصور” خطابا للناس في كافة جوانب الحياة متأملا جميع الطرق التي يمكن من خلالها تطبيق القرآن وفق مقتضيات الحياة العصرية للتقاليد للبشرية.
لا يخاطب بثّ “القرآن لكل العصور” جمهورًا أكاديميًا، بل يتضمن تلك الجوانب من القرآن التي تخاطب الفكر البشري؛ لذا فالبثّ مبني على دراسات باحثين عدة من خلفيات مختلفة تتضمن نقاشاً تاريخيًّا وفقهيًّا ولاهوتيًّا وفلسفيًّا وروحانيًّا للقرآن مستمدة من كافة الأبعاد لتقاليد الفكر الاسلامي وما وراءها.
وعليه ماذا يمكن لنا أن نكتشفه في هذا البث هو أن قلب سلسلة حلقات “القرآن لكل العصور” هو تفسير متواصل للقرآن أو ما يسميه البعض “تدبّر” النصّ القرآني. ابتداءً بتأملات تلك الآيات والسور التي تتكرر قراءتها في القرآن مثل سورة الفاتحة والسور القصيرة في ختام المصحف، وكذلك سورة يس وسورة الملك وسورة الكهف.
هذا التفسير أو التدبّر في القرآن سيتم استكماله ببثّ آخر هو في مركز التعليم القرآني ومواضيع قرآنية رئيسية مع الغوص المتكرر العميق في تقاليد نصوص قرآنية بعينها. سنقوم أيضًا بتخصيص حلقات لأبعاد الدراسات القرآنية مثل تاريخ النصّ القرآني وقراءات القرآن، ومفهوم النسخ وسياق الوحي أو ما يعرف بأسباب النزول. في أسفاري المتواصلة ومناقشاتي للقرآن مع العديد من الناس لاحظت عطشاً عظيماً عند المسلمين وغير المسلمين لمناقشات جدّية وثرية للقرآن تتجاوز عتبات التقسيمات المذهبية، وأملي أن يشكّل هذا البث منصة من المنصات التي تساهم في توفير وترقية مثل هذه النقاشات واتطلع للاستماع إلى تعاليقكم وأسئلتكم وسوف أناقشها هنا وفي أماكن أخرى.
أشكركم مرّة أخرى للاستماع “وما توفيقنا إلّا بالله”.
[1] جوزيف لومبارد أكاديمي أمريكي ولد عام 1969 ويعمل الان أستاذًا للدراسات القرآنية في جامعة حمد بن خليفة في قطر. عمل مستشارًا لحوار الأديان للملك عبد الله الثاني ملك الأردن، وهو مؤلف ومحرر ومترجم للعديد من الكتب في فلسفة الإسلام والتصوف والدراسات القرآنية وقد عمل محاضرا للدراسات الاسلامية في عدة جامعات منها الجامعة الامريكية في القاهرة بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الاسلامية من جامعة يال الامريكية.
[2] عذراء ناصر أكاديمية ومترجمة من العراق.
[3] يشير الكاتب إلى أنّ هذا العنوان لا يعني التأمّل في النص القرآني وتطبيقه على مرّ العصور بشكل أفقي للزمن بل أيضًا بشكل فردي عمودي في حياة الإنسان.