هدف الاستشراق بين رؤيتين
الجزء الثاني من دراسة الاستشراق بداية ومآلاً
بقلم: الدكتور رضا الدقيقي
1- لا يمكن لأحد ـ حتى المستشرقين أنفسهم ـ أن يدعي أن بدايات الاستشراق كانت لتحقيق أهداف علمية؛ فبطرس المبجل الذي رعى أول ترجمة للقرآن في أوربا قام بذلك بهدف تشكيك المسلمين في دينهم.
يرى المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون([1]) أن المحرك وراء اهتمام بطرس الموقر بالإسلام “هو محاربة ما كان يسميه الهرطقات المتمثلة في اليهودية والمسيحية وتزويد المسيحيين بحجج سليمة لتثبيت إيمانهم، وأن الجدل الديني كان يستهدف مسلمين خرافيين يبادون بسهولة على الورق”.
ويوضح المستشرق الألماني يوهان فيُك Johan Fück هدف بطرس فيقول([2]): “وقد انتهى إلى اعتقاد أنه لا سبيل لمقاومة هرطقة محمد بعنف السلاح الأعمى، بل يجب أن تدحض بقوة الكلمة عبر الحجج العقلية للمحبة المسيحية. لكن يجب قبل ذلك التعرف على رأي الخصم، وهكذا خطط لترجمة القرآن للَّاتينية”.
وتتضح أهداف بطرس (المحترم)!! هذا من تأليفه كتابا سماه: “دحض العقيدة الإسلامية“([3]).
كما أنه في نفـس العام الذي صدرت فيه الترجمة المذكورة (1143) ـ ألَّف كتابا للرد على الإسلام، وصفه د. عبد الرحمن بدوي بأنه جاء في أربعة مقالات:
الأولى في حفظ اليهود والنصارى لكتبهم، وحاول فيها بيان صحة نص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وأنه لم يُحرَّف كما يقول القرآن.
والثانية في حياة النبي محمد وفي القرآن، للطعن فيهما، مقارنا بين النبوة في المسيحية والإسلام.
والثالثة تحدث فيها عن خلو حياة النبي محمد من المعجزات.
والرابعة جاءت استمرارا لهذه المطاعن، وحديثا عن أصول الإسلام المبتدعة([4]). ولعل ذلك الكتاب هو كتاب “مختصر في كل زندقة مذهب المسلمين الشيطاني الخبيث” الذي يشير الدكتور قاسم السامرائي([5]) أن بطرس المذكور قد ألفه لمهاجمة الإسلام.
يقول المستشرق الألماني يوهان فيُك Johan Fück ([6]): “كانت فكرة التبشير Missionsgedanke هي المحرك الأساس لانشغال الكنيسة بالقرآن واللغة العربية. وكلما تضاءل الأمل في إحراز نصر حاسم بقوة السلاح؛ بات واضحا أن الاستيلاء على الأرض المقدسة لن يؤدي لهداية السراسنة Sarazenen([7])؛ بل يؤدى لنقيضه وهو أن المقاتلين الصليبيين لم تبق ثقافتهم وتقاليدهم وأسلوب حياتهم بلا تأثر”.
ولقد صارت كتب بطرس المذكور بالنسبة للأوربيين “المصدر الرئيس عن المعلومات والمعطيات عن الدين الإسلامي على مدى خمسمئة عام تقريبا“([8]).
2 – وإذا تقدمنا في الزمن قرنا؛ وجدنا نفس الأهداف تـقريبا عند توما الإكويني T. Aquinas الذي كتب في الفترة من 1261 – 1264 دراسته: (خلاصة ضد الأعاجم).
و”في مؤلفه الصغير: براهين الإيمان ضد المسلمين الساراتيين- كما يسميهم- يقدم توما الإكويني النصائح اللازمة حول كيفية الرد على أسئلة المسلمين وتفنيد حججهم”([9]).
كما دعا ريموندو لوليو R. Lulio ( 1235 – 1316 تقريبا) إلى تعلم العربية بوصفه أفضل الوسائل لارتداد العرب إلى المسيحية([10]). كما عمل مبشرا، وصنف كتب جدل كثيرة في الرد على المسلمين واليهود([11]).
كما كان أحد أهداف الاستشراق في بداياته: “تخريج أهل جدل يقارعون المسلمين واليهود ويردون عليهم ببراهين من كتبهم أنفسهم“([12]).
3 – وإذا تقدمنا في الزمن أكثر وجدنا الأهداف على حالها لا تتغير؛ فيذكر الباحث الألماني هوبرت هيركومر Hubert Herkommer أن مارتن لوثرMartin Luther ([13]) تدَخَّل لرفع الحظر الذي فرضته بلدية “بازل” السويسرية على طبع ترجمة لاتينية للقرآن الكريم أتمها يوحنا أوبورين J. Oporin سنة 1542، وعبَّر لوثر عن حجته بقوله:
“لقد استيقنت أنه لا يمكن عمل شيء أكثر إزعاجا لمحمد أو الأتراك، ولا أشد ضررا من جميع أنواع الأسلحة من ترجمة قرآنهم ونشره بين المسيحيين. عندئذ سيتضح لهم أي كتاب بغيض وفظيع وملعون هذا القرآن.. . مليء بالأكاذيب والخرافات والفظائع”([14]).
وفي القرن السابع عشر، وتحديدا في سنة 1697، وبهدف الدفاع عن العقيدة المسيحية ضد منتقديها، ألّف المستشرق الإنجليزي هنري بريدو Prideaux كتابا بعنوان (الطبيعة الحقيقية للاحتيال المتجسد في سيرة محمد الشخصية، بالإضافة إلى مناقشة ترفع التهمة المماثلة عن المسيحية)، عَدَّ فيه ظهور الإسلام عقابا إلهيا للمسيحيين، بسبب خطاياهم، وصراعات طوائفهم. وكان مما قال:
“هل فقدنا عقولنا لكي لا نفهم أن الرب باستطاعته أن يرسل([15]) في ظرف مماثل محمدا آخر ليربكنا ويعكر حياتنا!”([16]).
وفي القرن الثامن عشر تحول الهدف على يد فولتير([17]) (1694 – 1778) بحيث لم تكن كتاباته عن الإسلام بهدف دعم المسيحية أو التبشير بها؛ بل بهدف الهجوم على الواقع السياسي في أوربا. ففي ذلك القرن كتب مسرحيته التراجيدية (التعصب أو النبي ماهومت) ويعني به محمدا r؛ كان في بعضه هجوم صريح على النبي، وفي بعضه الآخر حاول فيه أن يهاجم الكنيسة والواقع السياسي في عهده.
لكنه بطريقة غير علمية جسَّد سلبياتها في شخص النبي محمد r. كل ذلك دون أن يكلف نفسه ـ كما يقول أليكسي جورافسكي([18])ـ “عناء فهم ظروف نشأة الإسلام وبالتالي الإدراك الموضوعي السليم لتاريخ ظهور هذه العقيدة وجوهرها والنشاط الديني التوحيدي لشخصية نبيها”.
4- لكن لماذا يلجأ هؤلاء لتشويه الإسلام؟
إنهم عمدوا لتشويه صورة الإسلام لأسباب منها:
أ- رغبتهم في إقناع أنفسهم بسلامة موقف المسيحية الديني وذلك عبر إظهار العوار المزعوم لخصمهم اللدود: الإسلام؛ فكانت كل نقيصة يرمى بها الإسلام تعني ضمنا براءة المسيحية منها؛ فيطمئنوا هم بذلك، ويزداد الجمهور المسيحي إيمانا. فكان الهجوم على الإسلام في حد ذاته دفاعا عن المسيحية.
ب- حماية جمهورهم المسيحي من أي تأثير إيجابي للإسلام عليهم وبخاصة في مناطق الجوار الإسلامي: إسبانيا وصقلية. فكانوا يقدمون صورة بالغة السوء عن الإسلام للمجتمعات الأوربية التي بدت لديها رغبة في التعرف عليه؛ فبدلا من أن تترك لها فرصة التعرف عليه بشكل نزيه مجرد؛ يتم تقديم (إسلام آخر) يراد لهم أن يعرفوه ليحال بينهم وبين الإسلام الحقيقي كما هو في الأصل.
ج- تشكيك المسلمين أنفسهم في دينهم، وتهوين صلتهم بدينهم، وتقزيم الإسلام في أعينهم بإظهار أن هذا الدين الذي يعتزون بانتمائهم إليه، ويضحون في سبيله، ويعدونه خير الأديان وأجدرها بالاتباع؛ ليس كما ظنوه، بل هو كما يعرضه هؤلاء المستشرقون.
د- استخدام تلك المعرفة المشوهة على نطاق واسع كمحرك دائم للحملات الصليبية. وتجدر الإشارة هنا إلى وجود علاقة بين الحملات الصليبية وبين الاستشراق من حيث أن هذا الأخير يقوم بعملية الشحن النفسي اللازمة ضد العدو. وفي هذا السياق يقول الباحث الروسي أليكسي جورافسكي:
“يمكن القول بموضوعية كاملة: إن علم الإسلاميات ولد في أحشاء المخططات الاستعمارية، أو على الأقل تزامن مع ارتفاع الأصوات الأوربية الداعية إلى استعادة السيطرة على الأرض المقدسة من أيدي مغتصبيها المسلمين عن طريق اتباع جملة من الإجراءات العملية التطبيقية، في مقدمتها إنشاء المدارس العربية في الغرب كشرط لتحقيق المعرفة الدقيقة لعقلية العرب والعقيدة الإسلامية”([19]).
ومما يرجح هذا، ما نلاحظه من أن علامات بارزة في تاريخ بدايات الاستشراق قد عاصرت الحروب الصليبية:
فمن جهةٍ يتبين أن البداية الفعلية للحروب الصليبية (التي استمرت عدة قرون) كانت في 27 نوفمبر عام 1095 حيث خطب البابا “أوربان” الثاني الجموع المحتشدة في مدينة “كليرمون” في الجنوب الفرنسي([20]) قائلا:
“ولست أنا الذي ينذركم؛ وإنما الرب نفسه يطلب إليكم ويحذركم بصفتكم حملة لواء المسيح والمبشرين الداعين إليه: أن تطهروا الأرض المقدسة التي يعيش فيها إخوانكم المسيحيون من أولئك الرعاع” ([21]).
ومن جهة أخرى نجد أن كلا من :
القديس “بيتروس فينيرابيليس”([22]). و”ريموندوس لالوس” (1232-1316)([23]) اللذين أسهما إسهامات كبيرة في بدايات الاستشراق؛ قد عاصرا الحروب الصليبية.
بل ولعل من المدهش أن جيوبرت النيوجنتي Guibert von Nogent (ت 1124) وكان رئيس دير نوجنت الفرنسية الذي قال عنه المستشرق جروينباوم “إنه يمعن في نقل الأباطيل[عن الإسلام] وإذاعتها بين أبناء دينه”([24]) .. لعل من المدهش أنه كان حاضرا لخطبة البابا “أوربان” الثاني المشار إليها، وكان أحد الذين نقلوها للتاريخ([25])!! فهل يمكن أن يكون كل ذلك مصادفة؟
إن عملية الشحن المعنوي ضد الإسلام لم تكن لتتم لو قدمت المعلومات بشكل صحيح، تعكس الصورة كما هي، وتقدم الإسلام كما هو، ومن ثم خضع الإسلام وكافة ما يتعلق به لأكبر حملة من الأكاذيب.
فقد قالت الدعاية المضادة عن المسلمين: إنهم خربوا قبر المسيح وهدموه([26]). وقالوا عن الإسلام: إنه أكذوبة وتشويه متعمد للحقيقة وإنه دين العنف والسيف وإنه يطلق لشهوات المرء العنان. وقالوا عن محمد e إنه هو المسيح الدجال([27]).
ويقول المستشرق مكسيم رودونسون: بعد “أن أصبح القتال أكثر تركيزا وتوجيها؛ كان لابد من إعطاء العدو صفات أوضح وأدق، وكان لابد من تبسيط صورته وإعطائها طابعا نمطيا. كان السراسنة Sarazenen بالنسبة للحُجَّاج [المسيحيين إلى بيت المقدس] مجرد أعداد زائدة لاوجود لها ومجرد كفار تافهين”([28]).
“وكان محمد في عرفهم ساحرا، هدم الكنيسة في إفريقيا وفي الشرق، عن طريق السحر والخديعة، وضمِن نجاحه بأن أباح الاتصالات الجنسية [لدرجة أن أحد مؤلفي ذلك الوقت قال]: لا جناح على الإنسان إذا ذكر بالسوء من يفوق خبثه كل سوء يمكن أن يتصوره المرء”([29]).
واستمرت حملات التشويه. ولم تنته سلسلة الأكاذيب بشأن الإسلام التي واكبت الحملات الصليبية بانتهائها بل “استمر تيار الدعاية يتدفق ضد المسلمين بالأكاذيب إلى جميع أنحاء أوربا قرونا عديدة . . ومن أجل ذلك فقد امتلأت عقلية السواد الأعظم من أبناء أوربا بكثير من المعلومات المكذوبة عن الإسلام والمسلمين”([30]).
هـ – وثمة زاوية نفسية، أحسب أنها في غاية الأهمية، يشهد بها واحد من المستشرقين، هو المستشرق مونتجمري وات، وهي تفسر تحرك طلائع المستشرقين الحثيث وسعيهم الدؤوب لتشويه صورة الإسلام يقول:
“إن سعة أراضي الدولة الإسلامية كانت مهولة، وكان الناس في أوائل القرن الثاني عشر يرون أن العالم مكون من ثلاثة أقسام: أسيا وأفريقيا وأوروبا؛ فأما أكبرها وهي أسيا فقد كانوا يحسبون أنها بأسرها تقريبا في أيدي المسلمين، وكذا معظم أفريقيا، في حين أن أوروبا لم تكن كلها مسيحية، وعلى ذلك افترضوا أن نحو ثلثي العالم مسلمون. كذلك فإن أي مسيحي اتصل بالمسلمين أقلقه إحساسهم الثابت الذي لا يتزعزع بتفوقهم وفضلهم على غيرهم. ويمكن القول بوجه عام: إن مشاعر الأوروبيين الغربيين المعادية للإسلام لم تكن تختلف عن مشاعر طبقة محرومة في دولة عظيمة … [ولذا كان] التحمس للحملة الصليبية المتوجهة إلى القدس .. وكان تشويه الأوروبيين لصورة الإسلام ([31]) ضروريا لتعويضهم عن إحساسهم بالنقص”([32]).
اتضح لدينا إذن أن أهداف الاستشراق منذ بداياته وحتى نهاية القرن الثامن عشر- كما شهد يذلك الغربيون الذين أوردنا أسماءهم – كانت في الغالب([33]) تشكيك المسلمين في دينهم، وتثبيت إيمان المسيحيين، وإمداد المبشرين بحججهم ضد الإسلام، واستخدامه كأداة شحن معنوي ضد المسلمين في الحروب الصليبية.
لكن أضيفَ إلى تلك الأهداف في القرن التاسع عشر هدف عملي آخر هو تعريف الغرب كقوة استعمارية بالشرق محل الاستعمار؛ لا بهدف توجيه القوة الغربية الغاشمة لنقاط التلاقي الحضاري مع الشرق، ولا بهدف إبراز القيم الإنسانية المشتركة بين الشرق والغرب، وأهلية الشرق لنيل حريته، بل كان الهدف هو: دعم الاستعمار الغربي للشرق وتقوية نفوذه فيه وبسط سلطانه عليه. وسنفصل هذا بعد قليل.
5- رؤية رودي بارت لهدف الاستشراق:
للمستشرق الألماني رودي بارت([34]) رأي في هدف الاستشراق، يجدر بنا أن نقف عنده. إنه يفرق بين مرحلتين:
الأولى من بدايات الاستشراق وحتى منتصف القرن التاسع عشر تقريبا، والثانية من بعد ذلك حتى الآن:
ففي المرحلة الأولى كان الاستشراق يهدف في رأي بارت إلى “التبشير وإقناع المسلمين ببطلان دينهم واجتذابهم إلى الدين المسيحي “و” كان موقف الغرب المسيحي في العصر الوسيط من الإسلام هو موقف الدفع والمشاحنة فحسب.
وفي المرحلة الثانية التي استمرت كما يقول بارت من منتصف القرن التاسع عشر لليوم؛ فلا تهدف كما يقول بارت ـ إلى البرهنة على “ضعة العالم العربي الإسلامي بل على العكس نحن نبرهن على تقديرنا الخاص للعالم الذي يمثله الإسلام ومظاهره المختلفة.. ونؤكد بضمير مطمئن أننا في دراساتنا لا نسعى إلى نوايا جانبية غير صافية بل نسعى إلى البحث عن الحقيقة الخالصة. أما الرأي المضاد الذي يمثله عالم الأزهر الدكتور البهي الذي صدر أخيرا باسم: (المبشرون والمستشرقون وموقفهم من الإسلام)([35]) فنحيط به علما ونحن هادئو البال”.
6- مناقشة بارت في رؤيته:
وأقول هنا: إننا لا نستطيع تعميم حُكم “بارت” بالقسمةِ الحاسمة لتاريخ الاستشراق من حيث الهدف إلى المرحلتين اللتين ذكرهما؛ فنحن نعلم أن بعض الدارسين الأوربيين للإسلام في كل من المرحلتين اللتين حددهما بارت قد ابتعد كثيرا عن الهدف العام الذي قال به لكل مرحلة.
أ – فمن المرحلة الأولى التي قال إن هدفها كان “التبشير وإقناع المسلمين ببطلان دينهم واجتذابهم إلى الدين المسيحي” نجد من لا تخدم دراساته على الإطلاق هذا الهدف منهم:
ريتشارد سيمونRichard Simon الذي عرض الإسلام عام 1684 دون تشويه أو انتقاص. وكان يظهر التقدير والإعجاب به لدرجة أن بعض معاصريه اتهمه بأنه كان موضوعيا أكثر من اللازم مع الإسلام؛ فنصحه سيمون أن يتأمل التعاليم الرائعة للأخلاقيين المسلمين.
وكذلك كان أ. رلان A. Reland الذي كتب في عام 1705 مستخدما المصادر الإسلامية وحدها في التعريف بالإسلام متناولا لها بموضوعية.
وكتب سيمون أوكلي (1678-1720) تاريخ العرب الذي ظهر المجلد الأول منه عام 1708، وبين فيه أن المسيحيين الأوروبيين يدينون للعرب بأول معرفة عن الفلسفة، وكان ذلك صدمة مؤلمة للجمهور الأوروبي في ذلك الوقت.
كما أن حماسة “وليم ووستن” للإسلام كانت سببا لطرده من كامبردج عام 1709م.
وكان بيير بيلP. Bayle يرى في الإسلام دينا عقلانيا بعيدا كل البعد عن العقائد المسيحية المخالفة للعقل، ويقول: “إن الإسلام قد وفق بين الدعوة لحياة أخلاقية وبين الوفاء بحاجات الجسد والحياة في المجتمع. وأعجب بالتسامح الإسلامي حين لجأ المسيحيون أتباع “كالفن” والبروتستانت المضطهدون من قبل الكاثوليك والأرثوذكس إلى الدولة العثمانية؛ وذلك مثلما فعل اليهود الأسبان قبل ذلك بقرنين، حين لجئوا لمسلمي الأندلس.
ولقد رأى الألماني رايسكه J. J. Reiske ( 1716 – 1774) في الإسلام شيئا إلهيا! ! ودرس الأدب العربي بشكل مستقل، ومدح التاريخ الإسلامي، ولام على إهماله، وتعرض بسبب ذلك لاضطهاد اثنين من الأساتذة([36]).
ب – وبشأن المرحلة الزمنية الثانية ـ التي رأى أنها ابتعدت عن أهداف المرحلة الأولى وبرئت من “الدفع والمشاحنة”، ولا تهدف إلى البرهنة على ضعة العالم العربي الإسلامي” حسب قوله ـ فنحن على العكس من ذلك نجد من لا تؤيد دراساته على الإطلاق هذا الطرح.
ففي رأيي أن الأهداف التي كانت تحرك الاستشراق في المرحلة الأولى- حسب تحديد بارت- بقيت موجودة بشكل ظاهر في المرحلة الثانية.
ومن الأدلة على ذلك:
– أن المسؤولين في جامعة كمبردج قدموا تبرير تأسيسهم لكرسي الدراسات العربية في 9 مايو 1936 بأنهم يهدفون إلى “تقديم خدمة نافعة إلى الملك والدولة عن طريق التجارة مع الأقطار الشرقية، وإلى تمجيد الله بتوسيع حدود الكنيسة والدعوة إلى الديانة المسيحية بين هؤلاء الذين يعيشون في الظلمات”([37])
– كما أن المستشرق الألماني الدكتور اشتيفان فيلد([38]) يصف واقع المستشرقين بشكل عام دون هذا التحديد الزمني الحاسم الذي يدعيه بارت يقول: “توجد جماعة يسمون أنفسهم مستشرقين سخروا معلوماتهم عن الإسلام وتاريخه في سبيل مكافحة الإسلام والمسلمين، وهذا واقع مؤلم لابد أن يعترف به المستشرقون المخلصون لرسالتهم بكل صراحة“([39]) .
وتأتي في هذا السياق أيضا شهادة المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون([40]) حين ذكر أن الغرب شهد “في القرن التاسع عشر اتجاها نفعيا وامبرياليا مفتونا بالتفوق الغربي، مليئا بالازدراء للحضارات الأخرى”.
فأين إذن البراءة التامة من البحث عن النقائص، وأين توخي الحقيقة الخالصة، وهما الأمران اللذان يزعم بارت أنهما ميزا الاستشراق من منتصف القرن التاسع عشر لليوم؟
ولسنا نتحدث هكذا عن اتهامات معلقة في الفضاء بل نحدد أسماء كانت ملأ السمع والبصر في مجال علم الدراسات الإسلامية الغربي؛ منهم:
– الألماني كارل هينريش بيكر (1876 – 1933) الذي خدم الأهداف الاستعمارية الألمانية في إفريقيا والدول الإسلامية برئاسته لست سنوات من (1907–1913) لمعهد هامبورج الاستعماري المخصص في تخريج طبقة قادرة على إدارة شئون المستعمرات الألمانية.
– ومنهم “شاتوبريان” الذي سخر جهوده العلمية لخدمة الاستعمار الفرنسي للعالم الإسلامي ولم ييأس من دعوة مواطنيه إلى التدخل في الشرق وبشرهم أن النصر سيكون حليفهم.
– ومنهم كذلك ف. ف. بارتولد (1869 – 1930) الذي خدم بدراساته مصالح روسيا في السيادة على بلاد أسيا الوسطى الإسلامية.
– ومنهم أخيرا المستشرق الهولندي ذائع الشهرة كريستيان سنوك هورجرونى (1857– 1936) الذي خدم بأبحاثه الحكومة الهولندية في سيطرتها على الهند الشرقية (إندونيسيا)؛ وذلك بتدريسه في جامعة ليدن في معهد إعداد الإداريين للمستعمرات الهولندية بجنوب شرق أسيا. ولقد بقي في هذا المنصب حتى عام 1889 الذي نقل فيه إلى عمل جديد كمستشار للحاكم الهولندي لإندونيسيا، واستمر حتى عام 1891 الذي نقل فيه للعمل في خدمة إدارة المستعمرات الهولندية([41]).
ولقد تحدث المستشرق الألماني يوهان فيُك([42]) صراحة عن أن “السياسة الهولندية الاستعمارية لعبت دور المشجع لهورجروني على دراسته الإسلام”.كما نشر الدكتور قاسم السامرائي عدة وثائق من مذكرات هورجرونى نفسه تؤكد ذلك([43]).
واللافت للانتباه هنا أن السيد رودي بارت لا تغيب عنه هذه الحقائق بشأن سنوك هورجروني؛ بل يعرفها، ويذكرها في الكتاب ذاته الذي عرض فيه ذلك التقسيم، ويضيف إليها أن هورجروني أقام نصف عام متخفيا بين المسلمين في مكة، عاملا في خدمة الاستعمار. كما أن بارت يرجع الهدف من تأسيس معهد اللغات الشرقية في برلين عام 1887 إلى أن ألمانيا منذ عام 1885 إلى عام 1918 كانت دولة استعمارية تحتل بعض مناطق إفريقيا تضم سكانا مسلمين، لذا كانت مهمة المعهد المذكور تتلخص في تقديم معلومات عن البلدان الشرقية وعن شعوب وثقافات تلك البلدان([44]).
– كما كانت لبعضهم ـ كما يرى المستشرق الألماني يوهان فيُك([45])ـ أهداف تبشيرية غير خافية، مثل الأميركي من أصل أسكتلندي “د. ب. ماكدونالد” (1863–1943)، الذي أسس سنة 1911 مدرسة كندي التبشيرية، وألف لأغراض تبشيرية كتابي: سمات الإسلام (1911)، وكيفية تقديم المسيحية إلى المسلمين (1916). كما عمل في المدة من (1867– 1952) في جريدة العالم الإسلامي التي أسسها المنَصّر “صموئيل زويمر”.
– وكان المثل الصارخ في هذا المستشرق البلجيكي “هنري لامنز” (1862–1937) عضو البعثة التبشيرية في بيروت الذي عمل في العام 1882 في جامعة القديس يوسف، أي في العام التالي لتأسيسها وظل يعمل بها حتى عام 1908 ثم استدعي لتدريس الأدب العربي في المعهد البابوي للكتاب المقدس بروما عام 1909 ثم عاد إلى بيروت ليعمل مرة أخرى بجامعة القديس يوسف عام 1920.
وبوصفه قسيسا كاثوليكيا فقد رفض “لامانس” نبوة محمد تماما. ووصلت درجة تلفيقه إلى أن مستشرقا ألمانيا هو يوهان فيُك قد اتهمه بالتعامل المغرض مع الروايات بشأن النبي، وأن حججه ضعيفة؛ بحيث لم تتمكن وفرة مصادره ولا جودة عرضه من سد ثغراتها([46]).
كما أشار إلى أن نولدكه عارض منهجه في بحث له بعنوان: (الروايات بشأن حياة محمد) Die Tradition über das Leben Muhammeds([47]).
– وكان الأب “لويس شيخو”Louis Cheikho (1859–1927) منتميا لنفس مدرسة بيروت “. وقد حرص على أن يُعَظِّم تأثير المسيحية على مرحلة الجاهلية العربية مستشهدا في كتابه (الشعراء المسيحيون العرب قبل الإسلام) بلا مواربة بعدد كبير من الوثنيين العرب لصالح المسيحية” ( [48] ).
– ولقد كانت العلاقة الوطيدة بين الاستشراق والاستعمار سببا في حصوله على سمعة سيئة لم تقف عند حدود مضمونه؛ بل لحقت مصطلح الاستشراق ذاته لدرجة بات معها هذا المصطلح حاملا لدلالات سلبية لم تفلح سنوات التحرر من الاستعمار العسكري في محوها من الذهنية العربية الإسلامية كما سيأتي.
فهل يمكن بعد كل هذا أن نقبل هذا التقسيم الحاسم من “بارت” خاصة النظرة الحالمة الخيالية لهدف الاستشراق ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر إلى اليوم؟.
***
7- لكن حتى لا نقع في خطأ التعميم؛ فإنه كما ظهر لنا خطأ القول: إن كل المستشرقين في المرحلة التي حددها “بارت” كانوا ذوي أغراض علمية نزيهة؛ فمن الخطأ أيضا تعميم الحالات التي ذكرناها لمستشرقين ارتبطوا بالاستعمار.
وأوافق إلى حد كبير على ما قالته المستشرقة الألمانية “انا ماري شيمل” من أنه:
“خطأ أن نضع كل المستشرقين في كيس واحد وأن نقول: كلهم إلى الجحيم. صحيح أن بعض الإمبراطوريات الاستعمارية مثل بريطانيا وفرنسا استخدمتا الاستشراق لأغراض عسكرية وسياسية واستعمارية؛ ولكن الاستشراق في جوهره منهاج علمي استفاد منه المثقفون الغربيون والعرب على حد سواء “([49]).
ويمكننا تقديم نماذج لمستشرقين كانت الحقيقة هدفهم مثل:
مارمادوك وليم بكتول (1875-1963) الذي نشر المقالات والكتب في الدفاع عن الإسلام وانتهى به الأمر لإعلان إسلامه وتوليته منصب إمام المسلمين في لندن، وترجم معاني القرآن. وتعد ترجمته من أفضل الترجمات.
وليبولد فايس الذي أسلم وسمى نفسه محمد أسد، ونشر بالتعاون مع بكتول دراسات وافرة في تصحيح أخطاء المستشرقين وأنشأ مجلة الثقافة الإسلامية سنة 1927، وله الطريق إلى مكة والإسلام على مفترق الطرق، ومبادئ الدولة والحكومة في الإسلام.
وريشر الذي سمى نفسه بعد إسلامه عثمان، وأوغست ملر (1848-1892) الذي سمى نفسه امرؤ القيس بن الطحان، والدكتورة زيجريد هونكه مؤلفة الكتابين الشهيرين شمس الله تسطع على الغرب والله ليس كذلك، بالإضافة إلى المستشرقة الألمانية المعروفة أنا ماري شيميل([50])
رؤية استشراقية لمنهج الاستشراق
رأي بارت في منهج الاستشراق:
كما فعل بشأن هدف الاستشراق؛ فإن المستشرق الألماني رودي بارت يفرق بين مرحلتين: الأولى من بدايات الاستشراق وحتى منتصف القرن التاسع عشر تقريبا، والثانية من بعد ذلك حتى الآن؛ ففي المرحلة الأولى كان منهج الاستشراق في رأي بارت انتقائيا يدعم الأفكار المسبقة؛ يقول:
“صحيح أن العلماء ورجال اللاهوت في العصر الوسيط كانوا يتصلون بالمصادر الأولى في تعرفهم على الإسلام، وكانوا يتصلون بها على نطاق كبير([51]). ولكن كل محاولة لتقييم هذه المصادر على نحو موضوعي نوعا ما كانت تصطدم بحكم سابق يتمثل في أن هذا الدين المعادي للمسيحية لا يمكن أن يكون فيه خير. وهكذا كان الناس لا يصدقون إلا تلك المعلومات التي تتفق مع هذا الرأي المتخذ من قبل، وكانوا يتلقفون بنهم كل الأخبار التي تلوح لهم مسيئة إلى النبي العربي وإلى دين الإسلام”([52]).
وفي المرحلة الثانية التي استمرت كما يقول بارت من منتصف القرن التاسع عشر لليوم؛ فمنهج المستشرقين فيها يقول عنه رودي بارت: نحن “لا نأخذ كل شيء ترويه المصادر على عواهنه دون أن نُعمل فيه النظر؛ بل نقيم وزنا فحسب لِما يثبت أمام النقد التاريخي أو يبدو وكأنه يثبت أمامه. ونحن في هذا نُطَبِّق على الإسلام وتاريخه وعلى المؤلفات العربية التي نشتغل بها المعيار النقدي نفسه الذي نطبقه على تاريخ الفكر عندنا وعلى المصادر المدوَّنة لعالَمِنا نحن”([53]).
مناقشة بارت:
لكن ما يدعيه بارت عن منهج الاستشراق من منتصف القرن التاسع عشر لليوم لا نجد له من واقـع الاستشراق في الفتـرة التي حددها ما يؤيده.
فعلى سبيل المثال نجد المستشرق الألماني “تيودور نولدكه” (1836-1930) (وقد كان عطاؤه الاستشراقي في نفـس المرحلة التاريخية التي يحددها بارت)، هذا المستشرق كان يأتي في مواضع متفرقة من القسم الأول من كتابه بالألمانية: تاريخ القرآن([54])! إلى روايات صحيحة ثابتة لا تَقْبل أدنى شك فيرفضها ولا يقيم لها وزنا، ويأتي إلى روايات ضعيفة أو حتى واهية فيعطيها الاعتبار الكامل، ويؤسس عليها نظريات تتعلق بأصل الإسلام وجوهره. ويحكم بأحكام خاطئة نابعة من فهم خاطئ للقرآن أو السنة، وينطلق أحيانا من مسلمات القرون الوسطى سابقة التجهيز تجاه الإسلام، ويحاول أن يدعمها بما يراه دليلا من نصوص الإسلام. وهذه قمة العبث بالمنهج. لكن يبدو أنه مادام موضوع البحث هو الإسلام. فلا ضير في تجاوز بديهيات المنهج العلمي.
ولقد فطن إلى هذا العبث المنهجي أحد الباحثين الروس هو: أليكسي جورافسكي([55]) الذي قال:
إن “علم الإسلاميات الأوربي شكَّل في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين عددا ضخما من الأساطير والخرافات الغربية الجديدة حول الإسلام ولم يفعل شيئا مهما اللهم أنه أضفى صبغة علمية على الأضاليل القديمة والخرافات والقوالب النمطية الغربية العتيقة عن الإسلام. ومن هنا يلاحظ أي باحث موضوعي أن الأغلبية المطلقة من مستشرقي القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لم يتخلصوا من المواقف المسبقة ضد الإسلام”.
ألا يعيدنا هذا من جديد إلى عبارة المهاجم القروسطي المذكورة من قبل: “لا جناح على الإنسان إذا ذكر بالسوء من يفوق خبثه كل سوء يمكن أن يتصوره المرء”؟.
وأستطيع القول: إنه بعد كل تلك القرون التي تفصل بيننا وبين الحروب الصليبية، والكتابات التي عكست فيما بعد روحها الحاقدة على الإسلام والمسلمين؛ فإن العبث بالمنهج من أجل أن يؤدي إلى الإدانة الدائمة والعداء المستمر لم ينته؛ فقد استمرت سلسلة الأكاذيب عن الإسلام والمسلمين. يقر بذلك بعض الغربيين أنفسهم. يقول “أودين كالفبرلي”:
“استمر تيار الدعاية يتدفق ضد المسلمين بالأكاذيب إلى جميع أنحاء أوربا قرونا عديدة.. ومن أجل ذلك فقد امتلأت عقلية السواد الأعظم من أبناء أوربا بكثير من المعلومات المكذوبة عن الإسلام والمسلمين. .. ولم تتمكن حركة تثقيف الشعوب في العصر الحديث من إزالة هذه الأفكار بعد. ويكفي للدلالة على ذلك أن نرجع إلى الأدب الشعبي في أوربا من إيطاليا إلى إنجلترا لنجد عددا لا يحصى من الأحكام غير الصحيحة على عقيدة المسلمين وعاداتهم بصفة عامة وعلى محمد: نبي المسلمين بصفة خاصة. والمسلمون اليوم على حق حين يغضبون لما يتردد عنهم وعن ديانتهم في صحفنا اليومية والشهرية وفي صحفنا الكنسية، بل وفي عظات القساوسة المسيحيين، وفي أقاصيصنا، بل وكتبنا المدرسية. “([56]).
ويضيف: “من المؤسف أن إصلاح هذا الخطأ لم يبدأ بعد؛ لأن دراسة شئون الشرق لا تؤلف جزءا من البرامج الدراسية في بلاد أوربا المختلفة. وحتى يومنا هذا لا تحظى اللغات الشرقية بنصيب وافر من العناية في مدارسنا أو في هيئاتنا التعليمية. ومما يثير دهشة الشرق وغضبه- والشرق الإسلامي بصفة خاصة- أن هذا التشويه للحقائق لا يزال رائجا في جميع بلاد الغرب. وهذا الوضع القائم يؤذي ولا شك شعور الشرقيين ويهدد مصالح الغرب بالخطر” ([57])
فأين إذن المعايير المنهجية العادلة التي يدعيها رودي بارت؟
***
مآل الاستشراق: المصطلح، والمحتوى
أولا: مآل المصطلح:
1 – لاحظ الباحثون أن الغربيين أصبحوا يقللون من استخدام مصطلح الاستشراق، وذلك لصالح مصطلحات جديدة. لكن ثمة اختلاف حول سبب هذا:
فيرى إدوارد سعيد أن استخدام مصطلح الاستشراق الآن قليل بالمقارنة مع مصطلحي: الدراسات الاستشراقية أو الدراسات الإقليمية؛ وذلك بسبب أن المصطلح الأول “يتضمن الموقف التنفيذي السلطوي للاستعمار الأوربي في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين”([58]).
ويرى ساسي سالم الحاج أن ذلك كان بسبب كون المصطلح المذكور يحمل دلالة جغرافية، ولا يحدد الفرع الدراسي الذي يُبحث” ([59]).
ويتحدث الحاج([60]) بشكل أكثر تحديدا عن أن هجر المصطلح من الاستعمال لدى المستشرقين تم بصفة رسمية إبان انعقاد المؤتمر الدولي التاسع والعشرين للمستشرقين بمدينة باريس صيف 1973 بحجة أن هذا المصطلح فقد معناه كلية لأنه لا يحدَّد الفرع الدراسي أو الإقليم الجغرافي المدروس؛ فعندما عُرض الموضوع للتصويت أمام المؤتمر تغلب فريق الإلغاء على فريق الإبقاء، وقرر المؤتمر أن يسمي نفسه: (المؤتمر الدولي للعلوم الإنسانية، لأسيا وأفريقيا الشمالية). والمصطلح الجديد الذي رأى الحاجّ أنه حل محل مصطلح: “المستشرق” هو: المستعرب. يقول:
“إن التحول الطارئ على مصطلح المستشرق إلى مصطلح الإقليم الذي يتناوله الدارس أنتج لنا مصطلحا جديدا بالنسبة لمنطقتنا أطلق عليه الباحثون اسم (المستعرب) الذي يعني في مجمله: ذلك المتخصص في لغة وتاريخ وثقافة منطقة جغرافية هي المنطقة العربية. ويصدق نفس التحليل على من يقوم بدراسة مماثلة لشعوب أخرى كالإيرانية والتركية.. الخ، فيوصف المتخصص في دراسة هذه الأقاليم بالإقليم الذي يقوم بدراسته.. . إن كلمة: (المستعرب) أخذت تحل شيئا فشيئا بدلا من كلمة (المستشرق) وبذلك أصبحت الأخيرة تفقد مفهومها اللغوي والعلمي “([61]) .
وقد يكون السبب وراء التقليل من استخدام مصطلح الاستشراق أنه بات يحمل لدى المسلمين عدة دلالات سلبية للغاية، بحيث أصبح وصف عالم إسلاميات غربي بأنه: مستشرق كافيا لتكوين رأي سلبي عنه والنظر إليه على أنه دائم التهجم على الإسلام بالباطل، ورميه بما ليس فيه. ومن ثم حمل مصطلح الاستشراق ذات الدلالة.
2- وسواء أكان سبب التقليل من استخدام المصـطلح ارتباطُه التاريخي بالاستعمار، أو إيثار مصطلحات أفضل في الدلالة أو بسبب انطباعات المسلمين السلبية عنه؛ فإن الذي يعنينا هو النتيجة، وهي:
أن الغربيين باتوا يقللون من استخدامهم لفظ الاستشراق في بحوثهم المتعلقة بالشرق، وأصبحوا يطرحون تسميات جديدة:
أ- يسمي كلٌ من المستشرق الفرنسي ريجي بلاشير ([62]) والمستشرق الألماني فريتس اشتيباتFritz Steppat ([63]) ([64]) المستشرقين الألمان والغربيين:“علماء الإسلاميات الألمان والغربيين”. ويسمَّى الباحث الروسي أليكسي جورافسكي ([65]): الاستشراق الأوربي: “علم الإسلاميات الأوربي” ([66]).
كما تُؤثِر الأطروحات الجامعية الحديثة في ألمانيا هذه التسمية؛ فقد نوقشت رسالة دكتوراه في جامعة بون بألمانيا وكان عنوانها: “علم الإسلاميات الغربي في مرآة النقد الإسلامي”
“westliche Islamwesenschaft im Spigel muslimischer Kritik” ([67])
تعرض فيها الباحث Ekkehard Rudolph لإسهامات علماء مسلمين بارزين في نقد الاستشراق.
ب – كما أننا إذا استعرضنا أسماء عدد من المعاهد ببعض الجامعات الألمانية التي تدرس الاستشراق بمفهومه التاريخي أدركنا إلى أي مدى تقلص استخدام مصطلح الاستشراق في ألمانيا كعنوان للدراسات التي كان يستخدم في الدلالة عليها في الماضي:
ففي جامعة “جيُتنجن” التي درستُ فيها لعامين، لم أجد معهدا للاستشراق؛ وإنما وزعت فروع الدراسات التي كانت تندرج في الماضي تحته إلى أقسام مختلفة هي: قسم الدراسات العربية Seminar für Arabistik، وقسم الدراسات الإيرانية Seminar für Iranistik، وقسم المصريات Ägeptology Seminar für، وقسم الدراسات الأسيوية Asiorolgy Seminar für . وكلها أقسام من كلية الفلسفة، ولا نجد ذكرا لمصطلح الاستشراق.
وفي جامعة بامبرج نجد: قسم العلوم الإسلامية والعربية Islamkunde und Arabistik.
وفي بعض الجامعات الأخرى نجد أقساما للدراسات الإسلامية Islamistik Seminar für.
ولا نجد تسمية الاستشراق إلا في جامعات قليلة منها:
جامعة بوخوم حيث بها: كرسي الاستشراق:
Lehrstuhl für Oreintalistik (Arabistik und Islamwissenschaften)
لكنه محدد كما هو واضح بفرع التخصص وهو الدراسات العربية وعلوم الإسلام.
وجامعة برلين الحرة وبها: معهد الدراسات الهندوجرمانية والاستشراقيةInstitut für Indogermanistik und Oreintalistik، وبهذا المعهد قسم الدراسات السامية والعربية Seminar für Semitistik und Arabistik.
3- لتقوية الاستدلال على أن مصطلح الاستشراق بمفهومه القديم قد أصابه التفكيك؛ أننا نلاحظ أن المعاهد الجامعية التي تتخذ من مصطلح الاستشراق اسما لا تتعدى في ألمانيا الثمانية معاهد حسب إحصاء د. مصطفى ماهر([68]) بينما يوجد _ حسب المرجع ذاته _ أحد عشر معهدا آخر تحمل أسماء الفروع التخصصية التي تهتم بها من دراسات عربية أو إسلامية.. الخ.
وحسب إحصاء آخر أدق ( صادر من مؤسسة علمية ألمانية لتعريف الطلاب الأجانب بفروع التخصص في الجامعات الألمانية التي يودون الالتحاق بها) يتدعم الرأي بحلول الإقليم محل الدراسة أو الفرع التخصصي محل مصطلح الاستشراق الذي أصابه التفكيك.
إننا نجد حسب الإحصاء المذكور التخصصات الآتية:
خمس عشرة معهدا باسم: علوم المصريات: اثنان في برلين والباقي في: بون، وجُيتنجن، وهامبورج، وهايدلبرج، وكولن، ولايبزيج، وماينـز، وماربورج، وميونخ، وميُنستر، وترير، وتُيبنجن، وفيرتزبرج.
وستة معاهد باسم: الدراسات العربية في: بايرويت، وبرلين، وجُيتنجن، وهاله، ولايبزيج، وفيرتزبرج.
وثلاثة معاهد باسم: الدراسات الأسيوية في: إيرلانجن–نورينبرج، وجُيتنجن، وهايدلبرج.
ومعهدا واحدا باسم: تاريخ الفن الهندي في: برلين.
ومعهدان باسم: الدراسات الهندوايرانية في: إيرلانجن–نورينبرج.
وسبع عشرة معهدا باسم: الدراسات الهندية في: برلين، وبوخوم، وبون، وفرايبورج، وجتنجن، وهاله، وهامبورج، وهايدلبرج، وكيل، وكولن، ولايبزيج، وماينز، وماربورج، وميونيخ، ومينستر، وتيبنجن، وفرتزبرج.
ومعهدين باسم: الدراسات الإندونيسية في: يِنَا، وكُولن.
وستة معاهد باسم: الدراسات الإيرانية في: بامبرج، وبرلين الحرة، وجيُتنجن، وهامبورج، وميونيخ، وتُيبنجن.
وثمانية عشر معهدا باسم: العلوم الإسلامية؛ في: امبرج، وبرلين الحرة، وبوخوم، وبون، وبايرويت، وفرانكفورت، وفرايبورج، وجيسن، وهاله، وإيرلانجن–نورينبرج، وهامبورج، وهايدلبرج، وينا، وكولن، وماينز، ومُينستر، وتُيبنجن، وفرتزبرج.
ومعهدا واحدا باسم: تاريخ الفن الشرقي في: بون.
ومعهدين لتاريخ الفن في شرق أسيا في: هايدلبرج، وفُيرتزبرج.
وثلاثة معاهد لعلوم شرق أسيا برلين في: ديوسبرج، وهامبورج، وكُيلن.
ولا يوجد سوى سبع عشرة معهدا باسم: الدراسات الاستشراقية القديمة في: بامبرج، وبرلين الحرة، وبوخوم، وإيرلانجن–نورينبرج، وفرايبورج، وهاله، وهامبورج، وهايدلبرج، وينا، وكيل، وكُيلن، ولايبزج، وماربورج، وميونيخ، ومُينستر، وساربرُيكن، وتُيبنجن.
نستطيع أن نقول إذن: إن الاستشراق بمفهومه التاريخي قد أصابه التفكيك، وحلَّت ـ إلى حد كبير ـ التسمية نسبةً للأقاليم المدروسة محل التسمية بمصطلح الاستشراق([69])
***
ثانيا: مآل المحتوى:
بعد مرحلة الميلاد الحذرة التي استغرقت عقودا منذ بواكيرها، شق الاستشراق طريقه بثقة ودأب في الجامعات ومراكز البحث الغربية.
ولقد حظي في أثناء ذلك- في الغالب- بمكانة كبيرة عند كل من الكنيسة والحكومات الاستعمارية وبعض رجال المال والتجارة في الغرب.
وكانت الأموال تغدق بوفرة على المؤسسات الاستشراقية من الجهات المذكورة بغرض تمويل أبحاثها، وإنشاء الأقسام بها. وذلك بسبب الخدمات الجمة التي كانت تلك الجهات تتوقع للاستشراق أن يؤديها، أو التي أداها بالفعل.
والحاجة التي كانت تحكم العلاقة بين الجانبين واضحة لدى كل منهما؛ فللمستشرق حاجاته العلمية التي يود أن تلبى، بحثا وتعرفا ودراسة. وهذا لا يتحصل بغير اعتمادات مالية مكافئة للطموح.
وللجهات المذكورة على اختلافها حاجاتها العملية:
فالكنيسة كانت ترغب في التعرف الشامل على بيئة العمل التبشيري: المكان، السكان، المعتقدات، التاريخ، نقاط القوة، ونقاط الضعف. وذلك لمعرفة المداخل لتلك البيئة، ووسائل التأثير فيها لتضخيم معدلات النجاح.
والحكومات الاستعمارية كانت ترغب في ذلك أيضا بغية التعرف والمسح الكاملين للبلاد المخطط لها أن تكون مشروع مستعمرات، أو الأخرى التي وقعت بالفعل تحت الاستعمار، من أجل تدعيم سلطان الاحتلال.
ورجال المال والتجارة كانت لهم ذات الرغبة من أجل توظيف نتاج تلك المعرفة الاستشراقية للاستحواذ على الثروات الكامنة في بلاد الشرق، وتوسيع دائرة التجارة فيها، وإبقائها سوقا استهلاكية كبيرة ودائمة.
وكل هذه الأهداف العملية لن تحصل بغير تلك الخبرة التي يوفرها الاستشراق. وهكذا تم التلاقي.
لكن العقود القليلة الأخيرة شهدت تراجعا نسبيا للمكانة التي كان الاستشراق قد حظي بها في الماضي. وتمثل هذا التراجع في:
ضعف إقبال الطلاب على الدراسة المنتظمة بأقسامه.
ويمكن أن أذكر هنا أن عدد طلاب السنوات الأساسية و”الماجستير” و”الدكتوراه” الذين كانوا يدرسون في معهد العلوم العربية بجامعة “جوتنجن” الألمانية في الفترة التي قضيتها للدراسة فيها(يونيو 1997-سبتمبر1999) لم يتعد الثلاثين طالبا!!! ليسوا كلهم يدرسون الدراسات الإسلامية والعربية كتخصص أول؛ بل بعضهم يدرسها كتخصص جانبي([70]). مع الأخذ في الاعتبار أن تلك الجامعة محل الاستشهاد لها مكانة خاصة في تاريخ الاستشراق الأوروبي وبخاصة الألماني.
ضعف أو خفوت الدور الذي كان يلعبه الاستشراق في صياغة علاقة الدول الاستعمارية مع الشرق وبخاصة بلدان العالم الإسلامي. وأظن أن من أسباب هذا أن الاستعمار قد غير شكله القديم الذي يمكن أن نضرب له المثل بحملة “نابليون بونابرت” على مصر التي جاءت بالعتاد والجنود والمستشرقين!! والجميع على نفس السفينة. واصبح الوكلاء الداخليين يقومون بدور أكبر مما كان يقوم به المستشرقون.
ضعف تدفق الأموال والهبات التي كانت توجه للإنفاق على أقسامه؛ بحيث لم يبق لها سوى الموارد التي تتيحها الجامعات التي تنتمي تلك الأقسام إليها، وهي توزع أساسا طبقا للمردود الاقتصادي المباشر الذي تساهم به تلك الأقسام.
وأذكر أنني في أحد لقاءاتي مع المستشرق الألماني الدكتور “تيلمان ناجل”([71]) في خريف عام 1998 سألته عن تفسيره لقلة عدد الطلاب المقبلين على معاهد الاستشراق في ألمانيا، فذكر أن المسألة تتعلق بواقع الاستشراق في ألمانيا وأوروبا الذي أصبح يعاني من أزمة لأسباب كثيرة منها: قلة الإنفاق عليه، وقلة اهتمام المسؤولين به، وتراجع أهميته لديهم. مما أدى لضعف الإقبال عليه من قبل الطلاب.
وذكر أنه كمدير لمعهد الدراسات العربية بجامعة “جوتنجن” طلب من وزارة التعليم في مقاطعة “سكسونيا السفلى الألمانية Niedersachsen التي تتبعها الجامعة، زيادة الاعتمادات المالية المخصصة للمعهد لتدبير كثير من حاجاته الضرورية، ولتقديم منح للطلاب المتفوقين ولدعم التعاون العلمي مع الجامعات الإسلامية. فكانت المماطلة والتسويف، إلى أن جاءه الجواب أن الاعتمادات المالية يخطط لها وفق المردود الاقتصادي الذي ينتظر أن تحققه الجهات التي تنفق عليها الأموال. فما هو العائد الاقتصادي الذي يحققه معهدكم؟
ولقد لاحظت تفهما لهذا الموقف من الدكتور “ناجل” حيث قال: إننا بالفعل لو قارنا العائد الاقتصادي لأقسام الإنتاج الزراعي أو الحيواني أو الهندسة الوراثية أو الأقسام الطبية والصناعية إلخ لما استطاع معهدنا المنافسة في هذا الجانب.
وأود القول هنا: إن تفكير المؤسسات والجهات التي كانت تدعم الاستشراق في الماضي هو تفكير نفعي “براجماتي” بالأساس، بمعنى أن دعمها للاستشراق -في الغالب- لم يكن ناشئا من موقف مبدئي يدعم الاستشراق لذاته؛ بل كان نابعا من حاجات عملية، ومنافع تعود عليها، ويسهم الاستشراق بالدور الكبير في تحقيقها. لكن بعد أن قلت حاجة تلك الجهات لخدمات المراكز الاستشراقية؛ فليس مما يحقق مصلحتها استمرار الدعم.
ولعل من الأسباب التي قللت من الحاجة إلى الاستشراق ذلك الرصيد الضخم من الكتابات الاستشراقية عن الإسلام وبلاد المسلمين، الذي أتاح مادة ثرية جدا عنهما بين أيدي كل من يريدها، مما أغنى تلك الجهات عن اللجوء المباشر للمستشرقين بعد أن أغنت مؤلفاتهم عنهم. لدرجة يمكن القول معها: إن نتاج المستشرقين حل محلهم.
ولعل من المناسب هنا أن أشير إلى ما لاحظته في أثناء زيارة لي لألمانيا في يناير من عام 2001 (وكانت أمريكا ومن حالفها من الدول الغربية في أوج حملتهم العسكرية على أفغانستان). حيث لاحظت أن معظم من يقدمون للحديث عن الإسلام في محطات التلفزة الألمانية ليسوا مستشرقين، ولاحظت أن معظم طروحاتهم متعجلة سطحية متعصبة أحادية إقصائية، ولا تتسم بالحد الأدنى لأي طرح علمي. مما جعلني أتساءل: أين المستشرقون؟ أين مراكز الاستشراق؟ إن لم تستدع في هذا التوقيت فمتى تستدعى؟
والجواب من وجهة نظري: أن المعرفة التي يتيحها الاستشراق بالرغم من عدم تنزهها عن الغرض، ووجود الزيف في كثير من جوانبها؛ إلا أنها كانت تتسم في جانب منها ببعض ما يفرضه المنهج العلمي من تغليب لغة الاحتمال، لا اليقين، وقدر من الحذر وعدم التعميم، والغوص في أعماق القضايا المطروحة وعدم الاقتصار على ظواهرها البادية في السطح.
كما كان عدد من المستشرقين يحرصون على سمعتهم العلمية ويخافون من نقد لاذع لأفكار قد يراها زملاؤهم متعجلة أو غير صحيحة (والنقد الاستشراقي للاستشراق حصل كثيرا جدا).
لذا فإن أجهزة الإعلام الغربية (الواقعة في الغالب في دائرة توجيه متحيز ضد المسلمين) لا تصبر كثيرا على طريقة تشكيل الوعي المذكورة هذه؛ لأن تلك الأجهزة تريد حديثا سطحيا، مغرضا، فجا، ساذجا، متسرعا عن الإسلام، يعمم ويتحيز، ويضع الإسلام والمسلمين كلهم في قوالب وأطر سابقة التجهيز.
وتلك الأجهزة لم تستطع أن تجد ضالتها بشكل كامل وسريع لدى المستشرقين؛ لذا اتجهت إلى مجموعات أخرى دخلت قسرا ساحة المعرفة بالإسلام، يقدمون بوصفهم: خبراء في الشرق الأوسط يسمونهم: Nahostenexeperte.
إن قليلا من هؤلاء(الخبراء) من أقسام السياسة والتاريخ والحضارة والاستراتيجيات في الجامعات الغربية. والباقون من الصحفيين ورجال السياسة والمخابرات السابقين والحاليين. عمدتهم في أحاديثهم أسوأُ ما في الاستشراق، بالإضافة إلى كتابات منظري اليمين الأمريكي الجدد من أمثال: “صموئيل هنتنجتون” (أستاذ الجامعة الأمريكي وصاحب كتاب (نظرية): صراع الحضارات، الذي أصدره عام 1993)، و”فرنسيس فوكوياما” (صاحب كتاب (نظرية): نهاية التاريخ)، وتشارلز بيرل (اليهودي الأمريكي ومستشار وزارة الدفاع الأمريكية)، وغيرهم من أدعياء الخبرة الذين يجمع بينهم أنهم لم يقرؤوا كتابا واحدا باللغة العربية عن الإسلام كتبه أحد أبنائه بل جل تعرفهم على الإسلام كان عبر كتب غربية وسيطة.
لهذا كله أرى أن الاستشراق الآن في أزمة وأن الجهات التي كانت تدعمه قد رأت أنه استنفذ كثيرا من أسباب بقائه، وأن عليه أن يقنع بالدور الذي هو فيه ولا يطالب بالمزيد.
الرؤية الإسلامية للاستشراق
في هذا المبحث أتناول إيجابيات الاستشراق، ومدى أهمية دراسة نتاج المستشرقين من منظور الرؤية الإسلامية.
أولا: هل للاستشراق إيجابيات؟
كأي نشاط إنساني فإن للدراسات الاستشراقية إيجابياتها وسلبياتها كما أن الاستشراق ذاته أيضا ليس كله إثارة للشبهات.
ولن أكون ملتزما بديني ولا أمينا مع العلم إذا قلت: إن الاستشراق كله ضلال وبهتان وأكاذيب، أو إن المسلمين لم يجنوا منه إلا التهجم والتشكيك؛ لأن من له أدنى اطلاع على قوائم الكتب الإسلامية والعربية الموجودة بين أيدينا الآن يجد في بدايات الكثير منها اسما أو أكثر من هؤلاء المستشرقين الذين حولوها من كونها مخطوطة مطمورة تقل فرص الإفادة منها إلى حد كبير إلى كونها منشورة تسهم في تعريف العرب والمسلمين بمؤلفاتهم وإنجازات قرون نهضتهم العلمية.
منها على سبيل المثال: المغازي للواقدي، وطبقات ابن سعد، وطبقات الحفاظ للذهبي، والإصابة في تمييز الصحابة، وتفسير البيضاوي، ووفيات الأعيان لابن خلكان، ومعجم البلدان لياقوت الحموي، وأنساب الأشراف للبلاذري، وفتوح البلدان له أيضا، وتاريخ الطبري وناريخ المدينة للسمهودي، وتاريخ مكة للقطبي، وأخبار مكة للفاكهي، وأخبار مكة لابن ظهيرة، ومعاني القرآن لابن الفراء، والتيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني، ومختصر الشواذ في القراءات لابن خالويه.. الخ.
وفي المقدمة التي كتبها المحقق العربي لكتاب “تاريخ مكة” للأزرقي أجد العبارة الآتية: “لقـد كان كتاب الأزرقي مفقودا إلـى أن أتيح لـ”فردينان فوستينفيلد” (ت 1899) الوقوف على ثلاث نسخ منه في بعض مكتبات أوربا؛ فانكب على دراسة هذه النسخ ومقابلتها وتصحيحها، ثم باشر طـبع الكتاب في “لايبزيج” بألمانيا في عام 1858…” ([72]).
وكثيرا ما تجد في مقدمة كتب تراثنا قريبا مما قاله.
ولقد وضع الدكتور صلاح الدين المنجد مسردا لبعض إسهامات المستشرقين الألمان في تحقيق التراث العربي ونشره فأحصى 184 كتابا؛ بعضها من عدة مجلدات، ثم قال:
إنه ليس مسردا كاملا، ولعلنا نستدرك ما فاتنا فيما بعد([73]).
وأشار الدكتور محمود حمدي زقزوق إلى الجهود التي بذلها المستشرقون في العناية بالمخطوطات العربية التي جُلبت إلى أوربا وفهرستها فهرسة علمية نافعة. كما أشار إلى المراجع الأساسية التي لا يستغني عنها باحث في الدراسات الإسلامية اليوم مثل تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان ودائرة المعارف الإسلامية ـ مع بعض التحفظات ـ والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث الشريف([74]).
وللدلالة على الجهد الكبير الذي بذله كثيرون منهم؛ أنقل قول المستشرق الألماني رودي بارت الآتي:
“كُلف فيلهلم إلوارد Ahlwardt W. بمهمة تبويب المخطوطات العربية في جامعة برلين فأخلص للمهمة الشاقة غير المجزية أيما إخلاص ونظمها ووصفها بملخص دقيق بمضمون كل مخطوط. وكرس لهذا العمل عشرين سنة من عمره وظهرت نتيجته في عشرة مجلدات من الحجم الكبير 1887 – 1899([75]).
فهل يجوز إسلاميا أن نتجاهل كل هذا ولا نشير إليه ؟. لو فعلنا ذلك لخالفنا المنهج القرآني؛ فلقد قال تعالى: ) يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( ([76]) وقال: ) وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ ( ([77]).
لكن قد يقول قائل: إنهم فعلوا ذلك بنيات سيئة.
وأقول: إن أمر النيات موكول لله تعالى، لا يطلع عليها أحد. وإن من لم يظهر من عمله أو إنتاجه عداء واضح للإسلام فلا ينبغي أن نشكك في نيته أو هدفه. أما الأخطاء في النتائج ومجافاة الصواب في الأحكام فليس مرده دائما إلى نية خبيثة بل قد يكون إلى نقص في المصادر أو خطأ في المنهج ودورنا نحن التنبيه إلى ذلك ومحاولة تقديم العون للتصحيح لمن يقبل ذلك منهم ([78]). وحتى الذين أخطئوا في جانب فقد أصابوا في جوانب؛ فلا يمنعنا خطؤهم أن نفيد من صوابهم وننبه على خطئهم.
وإذا أقامت سلبياتهم بيننا وبينهم حواجز نفسية أو مادية، أو جعلتنا لا ننظر إلى إنجازاتهم نكون قد أضعنا عليهم وعلينا الكثير.
إن بحوثهم ودراساتهم عن الإسلام والعرب بلغت ـ كما يقول إدوارد سعيد ـ ستين ألف كتاب([79]). فهل يمكن أن يرى باحث جاد بسهولة أن يقلل برأي يراه من فرص إفادة نفسه وزملائه الباحثين المسلمين والعرب من هذا الكم الكبير من البحوث التي لا يمكن أن تكون كل أفكارها مغرضة ؟.
قد يقول قائل إن في هذا الرقم مبالغة! وأقول: هبه أقل من هذا، لكننا متفقون على ضخامة إنتاجهم عبر القرون؛ لذا فإن فرص الإفادة تبقى على أية حال قائمة. إن “الكلمة الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها”([80]) ولقد حكى القرآن الأقوال الصحيحة لأناس لم يكونوا مؤمنين مثل قول ملكة سبأ: ) إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ( ( [81] ) وقولِ امرأة العزيز: ) وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( ( [82] ). وقد قال رسول الله عن قول لبيد الذي قاله في جاهليته “ألا كل شيء ما خلا الله باطل”: “إنها أصدق كلمة قالها شاعر”. كما حفظ ابن عباس وعائشة وسائر علماء السلف من الأمة الشعر الجاهلي ورووه واستشهدوا به ( [83] ) .
***
ثانيا: مدى أهمية دراسة نتاج المستشرقين:
في البداية أود أن أقرر أنه ليس واردا على الإطلاق أننا نريد أن يمتنع المستشرقون عن الكتابة بشأن الإسلام، أو ألا يكون لهم رأي في قضاياه. وذلك لأن الكتابة عنه، والبحث فيه، وبذل الجهد لدراسته، أمور إيجابية في حد ذاتها، لنا ولهم.
كما أنه ليس من حق أتباع دين أن يمنعوا أحدا من البحث في دينهم، إذ من حق الجميع أن يبحث في أي مجال معرفي مادام يملك أدوات البحث فيه. وأحسب أن هذا موقف يستند في إطاره العام إلى القرآن الكريم حيث خاطب المناوئين للإسلام بشكل عام بأن يعملوا أقصى ما في استطاعتهم فلن يستطيعوا أن ينالوا منه؛ قال الله تعالى: (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ..) 135 الأنعام، وقال: (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ..) 93 هود، وقال: (وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ. وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ. وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) 121-123 هود.
لكن الذي نرى أن من حقنا هو أن نطالب كل باحث في الإسلام أن يلتزم النزاهة والموضوعية والتجرد للعلم، والسعي للوصول للحق، وألا يتحكم فيه التزامه “الأيديولوجي” أو الديني في حكمه على القضايا الإسلامية التي يعالجها، وأن ينطلق من نصوص المادة موضوع بحثه ليشكل منها رأيه، ولا ينطلق من رأيه هو: سابق التشكل لديه، ليفرضه على تلك النصوص، فيختار منها ما يرى أنه يوافق رأيه، ويرفض منها ما لا يوافقها.
لكن على أية حال جاءت عليها أبحاث المستشرقين عن الإسلام: موضوعية أو متحاملة، مغرضة أو نزيهة؛ فإن التواصل معها من حيث المبدأ، والانشغال بعمل دراسات ناقدة لها، كان معرض آراء مختلفة من قبل الباحثين المسلمين نستطيع أن نجملها في اتجاهات ثلاثة: اثنان منها يقللان من أهمية ذلك، والثالث يراه مهما.
يذهب أصحاب الرأي الأول إلى أن انشغال علماء المسلمين بتأسيس الدراسات الناقدة للاستشراق يجعلهم منصرفين إلى هذه المعارك الجانبية التي يفتعلها الاستشراق ليدخلنا في دائرة الدفاع المستمر عن الإسلام الذي حوله الاستشراق إلى متهم بحاجة لمن يدافع عنه. ويرى هؤلاء أن هذا الجانب نقدي سلبي، والأولى منه أن نتجه لبناء معالم الفكر الإسلامي.
ويمثل هذا الاتجاه الأستاذ محمد قطب الذي كان قد ألف أولا كتابه الشهير “شبهات حول الإسلام” رد فيه بإجادة وتمكن على بعض ما يثار حول الإسلام، ثم ما لبث أن لام نفسه وراجعها في بعض مؤلفاته على سلوكه هذا الطريق للسبب.
وأقول بشأن هذا الرأي:
1- إنه من المهم أن نؤكد أننا لا نوافق أبدا على أن يوقف الإسلام في موقف متهم نحن بصدد الدفاع عنه. ولذا فإني أرفض أن يسمي أحد الباحثين([84]) كتابه: الإسلام في قفص الاتهام.
2- ومن البديهي أن نشير إلى أننا لا نحبذ أن ينشغل علماء وباحثو المسلمين بشكل تام بالرد على المستشرقين وينصرفوا عن الجوانب البنائية الأخرى في الكتابة عن الإسلام. لكن هذا لا يمنع من أن يغلب على توجه بعض العلماء التخصص في هذا الجانب إذا أتقنه وبرز فيه.
3- كما أن الأستاذ محمد قطب نفسه ألَّف فيما بعد كتابا للرد على بعض المستشرقين بعنوان: (المستشرقون والإسلام)، صدرت طبعته الأولى عام 1999.
***
ويذهب أصحاب الرأي الثاني إلى أنه من الأفضل أن تنشأ لدينا حركة فكرية مضادة لدراسة الغرب ونقده؛ بدلا من الرد على ما يثيره مفكروه ومستشرقوه ضدنا؛ فننتقل بذلك من الدفاع إلى الهجوم.
ويُذكر هنا كمجال محدد: نقد نصوصهم الدينية؛ فيرى أحد الباحثين([85]) أنه إذا كان منهج النقد التاريخي لدى الغرب قد حقق تقدما كبيرا بنقد العهدين القديم والجديد مستفيدا دون أن يعترف بسبق وجهود علماء المسلمين وابتكاراتهم في نفس المجال؛ فإن مجالات مهمة متعلقة بهذا يجب على الباحثين المسلمين الاهتمام بها منها: الوقوف على هذا النقد وتعميق البحث فيه، والتعرف على التعديلات المقصودة والغير مقصودة في الكتاب المقدس التي اكتشفت من خلال مطابقة المخطوطات والترجمات القديمة التي كانت موجودة قبل الإسلام، والتعرف على الدراسات الاستشراقية الحديثة المرتبطة بنقد نصوص العهدين القديم والجديد، والاستفادة في هذا المجال من نتائج الحفريات والآثار التي اكتشفت في العصر الحديث ويرى أن “هذا الأسلوب أفضل من تتبع شبهات المستشرقين والرد عليها”.
وأقول هنا: لقد كنت أتصور أن زمن تفضيل مجال بحثي أو علمي عن آخر في الجدوى والإفادة قد وَلَّى بعد أن أصبح تكامل العلوم واتجاهات البحث مبدأ مأخوذا به بشكل قوي بدلا من القول بتعارضها.
إن المجال الذي اهتم به الباحث الفاضل مهم لا شك في ذلك لكنه لا يلغي أهمية المجال الذي قلل من أهميته؛ فما زالت تلك الشبهات تجد لها سوقا رائجة في الغرب بل انخدع بها بعض باحثينا، ويجدر بكل من تخصص في جانب([86]) واستغرق تفكيره وشغل اهتماماته؛ ألا يقلل من أهمية الجوانب الأخرى.
***
ويرى أصحاب الرأي الثالث ضرورة التواصل مع نتاج المستشرقين ونقده. ففي رأي الدكتور محمود زقزوق أن استيعاب النتاج الاستشراقي ودراسته دراسة عميقة هو الخطوة الأولى لنقده نقدا صحيحا وإثبات ما يتضمنه من تهافت أو زيف. وهذا يجعل المستشرقين يفكرون ألف مرة قبل أن يكتبوا تحسبا لما قد يواجههم من نقد علمي يعريهم ويثبت زيف ادعاءاتهم. ويؤكد هذه الحقيقة المستشرق الفرنسي “مكسيم رودنسون” حين يشير إلى أن هناك طريقا واحدا فقط لنقد المستشرقين وهذا الطريق يسير عبر دراسة تفصيلية لمؤلفاتهم”([87]).
ترجيح الباحث:
أرجح الرأي الأخير للأسباب الآتية:
1- إن الاستشراق هو أهم منشئ للأفكار الغربية عن الإسلام والحضارة الإسلامية. والمستشرق في موضوعه ـ كما يقول الشيخ محمود محمد شاكر([88])ـ “مأمون عند كل أوربي من أول طبقة الرهبان والساسة إلى آخر رجل من جماهير الناس، مأمون على ما يقوله، مُصدَّق في ما يقوله في أمور لا سبيل لأحد منهم إلى معرفتها لأنها تتعلق بأقوام لسانهم غير لسانهم ولا يقوم بها إلا دارس صابر ذو معرفة بهذا اللسان الغريب”.
كما أن الثقة التي يوليها المتلقي الغربي لأبحاث المستشرق هي ثقة بلا حدود لأنها “يسرت له ما لم يكن يتيسر البتة: أن يعرف أشياء كثيرة متنوعة في صورة واضحة، مُصَوَّرَةٍ بمهارة ومصنوعة بأسلوب مقنع مقبول لا يرفضه عقله، بل لعله يرتضيه كل الرضى.. فهو [أي المتلقي الغربي] غير حريص على التحقق من صحة التفاصيل التي تكونت منها الصورة؛ ولا هو قادر على التشكك في سلامتها من الآفات، ولا يخطر بباله أن يسأل نفسه: أهي صادقة أم كاذبة؟ أهي مطابقة للحقيقة أم غير مطابقة للحقيقة؟”.
فإذا كان جزء من الصورة التي يقدمها الاستشراق عن الشرق_ والإسلام في قلبه_ شائها منقوصا؛ فإننا نصبح بالضرورة إزاء مشكل كبير يعبر عنه إدوارد سعيد أصدق تعبير حين يقول([89]):
“ليس في وسع إنسان [في الغرب] يكتب عن الشرق أو يفكر فيه أو يمارس فعلا متعلقا به، أن يقوم بذلك دون أن يأخذ بعين الاعتبار الحدود المُعَوِّقَةَ التي فرضها الاستشراق على الفكر والفعل. وبكلمات أخرى فإن الشرق بسبب الاستشراق لم يكن موضوعا حرا للفكر أو للفعل”.
وأقول من ثم: إن الأفكار التي يطرحها المستشرق تأخذ طريقها لتشكل وعي الأوروبي العادي ولتنعكس أيضا في قرارات صانعي السياسة.
ولنضرب مثلين على ما أقول:
أ- “لقد نُشرت على نطاق واسع في أوربا الحكاية الأسطورية أن محمدا درب الحمامة لتلتقط حبات القمح من أذنه، وبذلك أَقنعَ العربَ أن تلك الحمامة هي رسول الروح القدس الذي كان يُبَلِّغُهُ الوحيَ الإلهي. ولقد بلغ تأثير هذه الحكاية أن شاعرا إنجليزيا في القرن الخامس عشر هو “جون ليدهيت” وضع سيرة لحياة محمد(e) تحدث عن الحمامة المذكورة ولم ينس أن يقول إن لونها كان حليبيا أبيض([90]).
وبلغ من تأثير تلك الأضحوكة كذلك أنها وردت على لسان أحد أبطال رواية “شكسبير”: (هنري الرابع، في الفصل الأول، المشهد الثاني) هو الملك “كارل” الثاني، الذي يخاطب “جان دارك” ساخرا: ألم تلهم الحمامة محمدا؟ أما أنت فإن النسر ربما ألهمك([91])”!
وإذا كان هذا هو صدى هذه الحكاية وأمثالها؛ فإن الصدى سيكون أوسع لادعاءاتٍ تخرج من أوساط علمية.
ب- ومن هذا القبيل ما ذكره المستشرق الألماني تيودور نولدكه في أحد تفسيراته لوحي الله لمحمد e على أنه مجرد صوت داخلي ظنه محمد وحيا، يقول([92]): إن محمدا أعتبر كل ما يتحرك بداخله شيئا خارجيا مرسلا له من السماء، ولم يختبر أبدا هذا الإيمان؛ بل انقاد للشعور الغريزي، الذي قاده مرة إلى هنا ومرة إلى هناك؛ إذ أنه كان يعتبر[هذا الشعور الداخلي] صوت الله الذي قُدِرَ له بشكل خاص”.
فلقد كان لهذا القول انعكاساته على المثقفين الغربيين:
حيث قال ويلز: إن “محمدا لم يكن دجالا بأية حال، وإن كان اعتداده بنفسه يدعوه في بعض الأحيان أن بتصرف كأنما كان الله رهن إشارته وكأنما كانت أفكاره أفكار الله”([93]).
فإذا قارنَّا كلام ويلز هنا بما قاله نولدكه أدركنا مدى انعكاس أفكار كبار المستشرقين بشأن الإسلام على مؤرخي الغرب وكتابه ومثقفيه الذين لا يتمكنون بسبب عجز لغوي لا يتيح لهم التعرف المباشر على الإسلام عبر نصوصه ومصادره الأصلية. فلا يبقى لهم من ثَمَّ إلا الولوج إليه عبر البوابة الاستشراقية.
فهل يمكننا مع كل هذا التأثير التاريخي للرؤية الاستشراقية للإسلام على المجتمعات الغربية أن نتخلى عن دورنا في تحرير الإسلام من أسر تلك الرؤية الظالمة؟
إني أرى أن التواصل مع الكتابات الاستشراقية وتتبع آرائهم بالنقد والتحليل والدراسة أمر في غاية الأهمية؛ لأن شعورهم أن علماء المسلمين يقرؤون ما يكتبونه عن الإسلام، ويفيدون منه ويبينون أيضا مواطن خطئه . . هذا الشعور يجعل الحريص على مكانته العلمية منهم أكثرَ تدقيقا وتأنيا في أحكامه فيما يكتب؛ لأن ثمة صاحب مصلحة حقيقية يهتم ويراجع وينتقد. وبذلك نسهم نحن المسلمون في بناء معرفة واعية صحيحة ـ إلى حد ما ـ لدى الغرب عن الإسلام .
لكننا إذا أقمنا الحواجز بيننا وبينهم أضعنا عليهم فرصة الوصول للصورة الصحيحة التي تأتي عبر الحوار والنقاش والقراءة النقدية لما يكتبون. ولو أننا لم نناقش الاستشراق في طروحاته أضعنا عليهم فرصة الوصول للصورة الصحيحة التي تأتي عبر الحوار والنقاش والقراءة النقدية لما يكتبون.
وإني آمل أن تسهم كتابات المسلمين التي تناقش الاستشراق في أن يُخْرِج المستشرقون أنفسهم من هذه الزاوية التي وضع فيها الاستشراق نفسه عبر تاريخه الطويل، وأن يرفعوا تلك المعوقات التي وضعها سلفهم في سبيل فهم جيد للإسلام؛ حتى يسهل على قومهم الوصول للمعرفة الحقيقية له.وهم إن فعلوا؛ فقد أدوا أمانة العلم وكانوا أهلا للثقة التي حباهم بها مواطنوهم ومجتمعهم.
2- إن الاستشراق ما عاد محدود الأثر ببيئته التي نشأ فيها؛ بل تعدى أثره لبيئتنا العربة والإسلامية؛ فلقد فرَّخت أفكاره فيها عبر التلقي والتلمذة المباشرة، أو عبر الترجمة؛ فقلَّ ألا تسمع فكرة مارقة عن الإسلام في الغرب دون أن يكون لها صدى يتراوح مداه بين الخفوت والإعلان في بلادنا.
ولقد شجع على ذلك ملابسات كثيرة ليس هذا مكان تفصيلها([94]) . “فلقد ذهبت الأيام التي كانت يَكتب فيها المستشرقون غالب كتاباتهم ليقرأها مستشرقون مثلهم. ونحن ننحي جانبا الدراسات الفرعية المتخصصة لنجد معظم الإنتاج الحاضر يقرؤه ويقدره أعداد ضخمة من الباحثين والمثقفين واسعي الأفق في الغرب، ومن هؤلاء أعداد قد تكون أكبر في العالم الإسلامي”([95]).
يقول الشيخ محمود محمد شاكر([96]) عن المسلمين والاستشراق: “هم يتدارسون ما يلقيه إليهم على أنه علم يتزوده المعلم، وثقافة تتشربها النفوس، ونظر تقتفيه العقول، حتى كان كما قال مالك بن نبي: “إن الأعمال الأدبية لهؤلاء المستشرقين قد بلغت درجة من الإشعاع لا نكاد نتصورها”، وتفصيل أثر هذا الإشعاع في تاريخنا الحديث وفي سياستنا وفي عقائدنا وفي كتبنا وفي ديننا وفي أخلاقنا وفي مدارسنا وفي صحافتنا وفي كل أقوالنا وأعمالنا شيء لا يكاد يحيط به أحد”.
ويؤكد الدكتور محمود حمدي زقزوق([97]) أن حركة الاستشراق “لها أثار كبيرة على قطاعات عريضة من المثقفين في العالم الإسلامي وفي العالم الغربي على السواء”([98]). فتناول شبهاتهم عن الإسلام بالرد هو أمر في غاية الأهمية حتى إن كان مكتوبا بالعربية وذلك لخطاب هؤلاء الذين تأثروا بفكرهم من الناطقين بالعربية.
فمن المهم إذن أن تجرى دراسات أكاديمية جادة تعالج الطروحات الاستشراقية في شتى المجالات التي ولجها البحث الاستشراقي، وتأتي إلى ما عسى أن يكون باحث غربي متهور قد أحدثه؛ فتسد الثغرات التي يفتحها، وترتق الخرق الذي يفتقه، وتعيد الصورة التي يشوهها إلى سابق وضاءتها. ولهذا”لابد من التوفر على دراسة الاستشراق دراسة عميقة. وليس يكفي أن نقول: إن ما يكتبونه كلام فارغ؛ فهذا الكلام الفارغ مكتوب بشتى اللغات الحية، ومنتشر انتشارا واسعا على مستوى عالمي”([99]).
ولن يكون ذلك ببضعة كلمات إنشائية يكتبها صاحبها كيفما اتفق من أجل التواجد في سوق الكُتاب؛ بل بأبحاث جادة يقوم بها علماء أكفاء، أو بأبحاث جامعية يقوم بها شباب واعون حسبة لله تحت رعاية علماء أكفاء يساعدونهم في المنهج، ويعينونهم على سلوكه، ويقومون نتاجهم ويجعلونهم أكثر دقة وموضوعية.
يقول د. حسين مؤنس([100]): “إن الدنيا لا تحترم كتابا يكتبه صاحبه وكأنه يتسلى: كلمتان من هنا، وكلمتان من هناك، وعنوان.. وهذا هو الكتاب.. لكنها تحترم أي مؤلَّف جاد. وليس في الدنيا شيء أدعى للاحترام من العمل الجاد”.
3- كما أن المسألة لها بعد آخر أكثر شمولا هو ارتباطها بالحوار الديني مع الغرب الذي لا ينبغي أن يماري أحد في أهميته ([101]). فإن هذا الحوار يتضمن بالضرورة حوارا مع المستشرقين الذين هم من أهم مكونات الصورة الغربية.
وأحسبني في غنى عن بيان أهمية وجدوى مثل هذا الحوار؛ فهي أظهر من أطيل في عرضها.
يرى الدكتور يوسف القرضاوي أن الحوار مع المستشرقين جزء من الحوار الديني للغرب، ومتمم له، وهو ضروري لتصحيح الفكرة وتقريب الثقة وتنقية الأجواء وتمهيد الأرض لعلاقات أفضل. وهو حوار ليس مستحيل التحقق إذا صحت عزائم الطرفين، وحدد الهدف، واتضح الطريق. ويمكن للجامعات والمجامع العلمية ومنتديات الفكر أخذ زمام المبادرة، والجمع بين ممثلين للفريقين للبحث في موضوعات معينة ينبغي حسمها في مناخ علمي موضوعي بعيد عن التحيز والاستفزاز([102]).
4- لكن هل يمكن أن نتحرج ونحن نناقش الاستشراق من إيراد بعض المستشرقين لبعض شبهات قادحة في الإسلام ونبيه؟
والجواب أننا نعلم أن الإسلام دين الله يحفظه ويظهره([103])، ولو كان ذلك مؤثرا لأثر منذ أن بدأ النبي في تبليغ دعوة ربه، كما أن التاريخ فيه شواهد كثيرة. ولن يوقف سيرَ دين الله شبهة تقال هنا أو اتهام يقال هناك. ولن يطفئ نورَه عبثُ العابثين وكيد الكائدين الذين ربما يكتشفون في يوم أنهم لم يضروا إلا أنفسهم.
ولو كان الإسلام مما تؤثر به الشبهة، وتحد من سيره، وتقلل من مَلْئِه على المسلم عقله وقلبه؛ لما وجدنا في القرآن أدنى أثر لاعتراضات المعترضين؛ ولكان أخفاها ولم يذكرها. لكن من يقرأ القرآن يجد آيات ليست بالقليلة رصدت معظم الشبه التي ووجه بها النبي والمسلمون من قِبل كافة الكارهين للحق في عصر البعثة من مشركين ويهود ومنافقين؛ فلا مانع مطلقا من أن نعالج موضوعا عالجه القرآن، وأن يكون اهتمامنا به على قدر اهتمام القرآن به.
وفي يقيني أننا لن نكون بذلك بعيدين عن التأسي بالقرآن الذي نجد فيه الآتي: ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(
و)وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا (،
و)وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ(
و)وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ(
و)وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا(([104])
فإذا كان الله قد حكى في قرآنه المتعبد بتلاوته طَرَفَا مما قاله هؤلاء؛ فهل نخاف نحن من شبهة تقال مهما كان مصدرها أو حجمها. لا ينبغي لنا إذن أن نمتنع عن مطالعة ما يكتب عنا وعن ديننا خوفا مما قد يثار من شبهات؛ فليس عندنا في الإسلام ما نستحي أن يكشفه المستشرقون أو يشنعوا علينا به؛ ولدى علماء المسلمين بفضل الله تعالى لكل شبهة ردها.
وإذا كان رودي بارت يقول عن نقد الدكتور البهي للاستشراق: “أما الرأي المضاد الذي يمثله عالِم الأزهر الدكتور البهي الذي صدر أخيرا باسم: (المبشرون والمستشرقون وموقفهم من الإسلام) ([105]) فنحيط به علما ونحن هادئو البال”([106])؛ فنحن نقول: ونحن أيضا أكثر هدوءا حين نتعامل مع الدراسات الاستشراقية حين تحيد عن الموضوعية.
الخاتمة
حاول هذا البحث أن يثبت أن:
دلالة مصطلح الاستشراق عند المسلم تكاد تنحصر في أنه علم الإسلاميات الغربي.
وأنه يصعب تحديد سنة معينة شهدت بداية الاستشراق.
وأن انتصارات المسلمين العسكرية، ودخول أهالي البلاد المفتوحة إلى الإسلام، وانتشار اللغة العربية والثقافة الإسلامية، دفعت الغربيين لدراسة الإسلام.
من الخطأ القول: إن بدايات الاستشراق كانت لتحقيق أهداف علمية. وبيَّن أهدافا أخرى غير علمية له.
من الخطأ تبرئة الاستشراق من منتصف القرن التاسع عشر من تبني الأغراض غير العلمية. أو الزعم بأنه توخَّى الحقيقة الخالصة. أو أن منهجه كان سليما.
ما آل إليه الاستشراق الآن، يختلف عن بداياته؛ فقد حلت محل التسمية تسميات جديدة، كما أن المؤسسة الاستشراقية ذاتها تعاني في صمت من أزمة نظرا للمتغيرات التي طرأت على العلاقة بينها وبين المؤسسات التي كانت- تاريخيا- داعمة لها.
أن النظرة المتوازنة تجعلنا ننظر إلى إيجابيات الاستشراق إلى جانب نظرتنا إلى سلبياته.
وأن التواصل مع نتاج المستشرقين ونقده أمر مهم؛ نظرا للدور الخطير الذي لعبه الاستشراق في تشكيل الوعي الأوروبي، وتأثيره النسبي على عدد من المثقفين المسلمين.
أن الحوار مع المستشرقين جزء من الحوار مع الغرب الذي بات ملحا في هذه الآونة.
وأننا لا ينبغي أن نتحرج عند ذكر شبه المستشرقين في معرض نقدها؛ فقد سبقنا القرآن إلى قريب من هذا.
والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
ثبت المراجع
القرآن الكريم
السنة النبوية
مراجع باللغة العربية:
- أحمد محمد هويدي، الدكتور: الدراسات القرآنية في ألمانيا دوافعها وآثاره، مقال بمجلة: عالم الفكر العدد 2 المجلد 31 أكتوبر– ديسمبر 2002 ص82.
- ادوارد سعيد: الاستشراق المعرفة السلطة الإنشاء، نقله إلى العربية: كمال أبو ديب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، الطبعة العربية الأولى 1981.
- بارت، رودي: الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية، المستشرقون الألمان منذ تيودور نولدكه، ترجمة: د. مصطفى ماهر، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة
- بلاشير، ريجي، (1900– 1973): القرآن، نزوله، تدوينه، ترجمته، تأثيره. ترجمة رضا سعادة، بيروت 1974.
- جورافسكي، أليكسي: الإسلام والمسيحية، ترجمة د. خلف محمد الجراد مراجعة وتقديم: د. محمود حمدي زقزوق عالم المعرفة 215 الكويت 1417 –
- رشدي الصالح ملحس: تحقيق كتاب أخبار مكة لأبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي: ( ت223 ): الطبعة الثالثة 1399– 1979 دار الثقافة لبنان.
- ساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية،، مركز دراسات العالم الإسلامي، الطبعة الأولى، مالطا. الجزء الأول 1991، الجزءان الثالث والرابع ( معا ) 1992.
- شاخت، وبوزورث، ج. شاخت ( ت1969 ) وكليفورد إ. بوزورث وآخرون: تراث الإسلام، ترجمة د. محمد زهير السمهوري، وآخرون، الجزء الأول ط2 سلسلة عالم المعرفة الكويت 1988.
- صلاح الدين المنجد، الدكتور: جهود المستشرقين في تحقيق التراث العربي، مقال، المنهل، السعودية، العدد 471 ( عدد متخصص بعنوان الاستشراق والمستشرقون ) رمضان 1409 مايو 1989، صفحات 210 – 217.
- صلاح الدين المنجد، الدكتور، وآخرون: المستشرقون الألمان تراجمهم وما أسهموا به في الدراسات العربية. دار الكتاب الجديد بيروت لبنان 1982.
- عبد الرحمن بدوي، الدكتور: موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين، بيروت، ط2، 1989.
- فون جروينباوم، جوستاف: حضارة الإسلام، ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد مراجعة عبد الحميد الصاوي، سلسلة الألف كتاب، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994.
- قاسم السامرائي، الدكتور: الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية، ط1 دار الرفاعي للنشر والطباعة والتوزيع السعودية 1403 –
- قاسم عبده قاسم، الدكتور: ماهية الحروب الصليبية، عالم المعرفة رقم 149 شهر مايو 1990.
- كويلرينج، ت.، وآخرون: الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته، تقديم: فيليب حتي. ترجمة: د. عبد الرحمن محمد أيوب. مراجعة: د. أبو العلا عفيفي، د. محمد محمود الصياد، الهيئة المصرية العامة للكتاب مكتبة الأسرة 2002.
- محمد البهي، الدكتور: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، مطبعة وهبة، ط12، 1411 –
- محمود حمدي زقزوق، الدكتور ووزير الأوقاف المصري: الإسلام في تصورات الغرب، الطبعة الأولى، مكتبة وهبة، القاهرة 1407 –
- محمود حمدي زقزوق، الدكتور: الإسلام في مرآة الفكر الغربي دار الفكر العربي القاهرة الطبعة الرابعة 1414 –
- محمود حمدي زقزوق، الدكتور: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري كتاب الأمة الطبعة الأولى. 1404 مطابع الدوحة الحديثة قطر. .
- محمود حمدي زقزوق، الدكتور: في مواجهة الاستشراق، بحث بمجلة المسلم المعاصر، مؤسسة المسلم المعاصر، قبرص، السنة السابعة عشرة، المحرم- جمادى الآخرة 1413 هـ، العددان 65–66 معا، ص 11 –
- محمود محمد شاكر، الشيخ العلامة المحقق: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة 1997.
- نجيب العقيقي: المستشرقون موسوعة في تراث العرب مع تراجم المستشرقين ودراساتهم عنه منذ ألف عام حتى اليوم، الطبعة الرابعة الموسعة، دار المعارف، القاهرة 1980، ثلاثة مجلدات.
- هونكه، زيجريد: الله ليس كذلك، ترجمة: د. غريب محمد غريب، الطبعة الثانية، مؤسسة بافاريا للنشر والإعلام، ميونيخ، ألمانيا 1419 –
- وات، مونتجومري: فضل الإسلام على الحضارة الغربية ترجمة حسين أحمد أمين الطبعة الأولى 1983 دار الشروق القاهرة.
- يوسف القرضاوي، الدكتور : مستقبل علاقة الإسلام بالغرب، محاضرة ألقاها بفرنسا صيف عام 1997. ولَدَيَّ نَصُّها، ولا أدري إن كانت قد نشرت.
مراجع بلغات أجنبية:
- DAAD; Deutscher Akademischer Austauschdienst, Studying in Germany, Information for foreigners on university Studies. 5thedition 1997.
- Fück(Johan): Die arabischen Studien in Europa, bis in den Anfang des 20. Jahrhunderts, Ottoharrassowitz. Leipzig 1955.
- Hubert Herkommer: Lehren aus dem Mittelalter, in de. Heft Nr. 7/8 , Zuerich , Juli / August 1994.
دوريات:
- الدارة. المملكة العربية السعودية، عدد 3 السنة 13 ربيع الثاني 1408.
- الرسالة، مركز الإعلام العربي، مصر، السنة الأولى، العدد 4، رجب 1423 – سبتمبر 2002.
- فكر وفن، دار انترناسيونيز، د. اردموته هللر، ألمانيا، العدد 44 العام 23 سنة 1986.
- المنهل، العدد السنوي المتخصص (الاستشراق والمستشرقون) السعودية العدد 471 رمضان وشوال 1409 إبريل ومايو 1989.
([1]) مكسيم رودنسون: الصورة الغربية والدراسات العربية الإسلامية، فصل ضمن تراث الإسلام ج1 ص 38،39.
([2]) Johan Fück: Die arabischen Studien in Europa, s 5.
([3]) أليكسي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص84.
([4]) راجع د. عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين ص68، 69.
([5]) الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية 66.
([6]) Johan Fück: Die arabischen Studien in Europa, s. 4.
([7]) يرى بعض الباحثين (د.مجمد زهير السمهوري، د. حسين مؤنس، د. إحسان صدقي العمد في ترجمتهم لتراث الإسلام ج1 هامش تعليق ( ** ) ص27، 28 ) أنها كلمة أصلها يوناني Sarakenos وتعني ساكني الخيام، وقد ظهرت لأول مرة في مؤلفات القرن الأول الميلادي، وقصد بها البدو الذين كانوا يعيشون على أطراف المناطق المزروعة ما بين النهرين ويدخل في التسمية: الأنباط وأهل الحيرة وتدمر. ثم أطلقها الكتاب المسيحيون في أوربا ليس على كل العرب الذين كانوا يسمونهم: الإسماعيليين؛ بل على الذين فتحوا الأندلس وصقلية بشكل خاص. في حين يرى مونتوجومري وات(فضل الإسلام على الحضارة الغربية ترجمة حسين أحمد أمين 67) أنها محرفة من كلمة الشرقيين.
([8]) أليكسي جورافسكي: الإسلام والمسيحية مرجع سابق 84.
([9]) أليكسي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص86
([10] ) الاستشراق، هامش 18 ص328.
([11]) راجع: نجيب العقيقي: المستشرقون ج1 ص 122، 123.
([12]) نجيب العقيقي المستشرقون ج1 ص 104.
([13]) قال أودين كالفبرلي ( الدين الإسلامي؛ بحث ضمن: الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته تحرير: ت. كويلرينج ص 149) عن مارتن لوثر: “كان فيما يكتب أقرب إلى الدعاية الصليبية منه إلى عرض الحقائق التي كان يعرفها حق المعرفة“
([14]) Hubert Herkommer: Lehren aus dem Mittelalter, in du, Heft Nr. 7/8 , Zuerich , Juli / August 1994, s. 36. ff.
([15]) ومادام الله هو الذي يرسل فلماذا التحرج من اتباع رسوله؟
([16]) راجع: أليكسي جورافسكي: الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص 99.
([17]) اسم مستعار لـ”فرانسوا ماري آروي” كاتب فرنسي ساخر بلغت مؤلفاته أكثر من سبعين مجلدا.
([18]) الإسلام والمسيحية ترجمة د. خلف محمد الجراد مرجع سابق، ص 101.
([19]) الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص104 – 105.
(([20] قاسم عبده قاسم ماهية الحروب الصليبية 109
([21]) المستشرقة الألمانية د. زيجريد هونكه، في كتابها الرائع: الله ليس كذلك. ترجمة د. غريب محمد غريب ص7.
([22])(بطرس المبجل 1092 – 1156) رئيس دير كلوني Cluny الذي أمر في عام 1143 يترجمة القرآن لأول مرة إلى اللغة اللاتينية.
([23]) الذي دعا -كما يقول إدوارد سعيد- إلى “تعلم العربية بوصفه أفضل الوسائل لارتداد العرب إلى المسيحية” الاستشراق هامش18 ص328. وراجع: عمر لطفي العالم: المستشرقون والقرآن19.
([24]) نفسه.
[25] راجع الدكتور قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية 110
([26]) ذكر ابن الأثير في الكامل (ج9 ص201 عن د. قاسم السامرائي: الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية 20 – 21 أن بطريرك بيت المقدس ذهب مع فرسان ومشاهير مسيحيين إلى بلاد الفرنج ـ بعدما فتح صلاح الدين بيت المقدس ـ وقد صوروا المسيح وجعلوا صورة رجل عربي أمامه والعربي يضرب المسيح الذي جعلوا الدماء تسيل على صورته، وقالوا لهم: هذا هو المسيح، يضربه محمد نبي المسلمين، وقد جرحه وقتله.
([27] )وفقا لما نقله مونتوجمري وات وهو يصور الوعي الأوربي عن الإسلام في المدة التي واكبت الحروب الصليبة راجع: فضل الإسلام على الحضارة الغربية 100 – 105
([28]) مكسيم رودنسون: الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية، فصل ضمن تراث الإسلام ج1 ص 31، وهو منشور كذلك كفصل أول في: (جاذبية الإسلام)، له أيضا ترجمة إلياس مرقص دار التنوير لبنان 1982 .
([29]) مكسيم رودنسون: الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية، فصل ضمن تراث الإسلام ج1 ص 34 .
([30]) أودين كالفبرلي: الدين الإسلامي؛ بحث ضمن: الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته تحرير: ت. كويلرينج ص145 .
([31]) كان تشويه صورة الإسلام ضروريا لإقناع الغربيين بحرب الإسلام والمسلمين باعتبارها حرب النور ضد الظلام والخير ضد الشر. غير أن هذا التشويه المتعمد للحقيقة لا يروق للمستشرق مونتجمري وات الذي يقول: “فليتحدثوا هم إذن عن النور والظلمة غير أننا في عالم اليوم … نعلم جيدا أن الظلمة التي ينسبها المرء إلى أعدائه ما هي إلا إسقاط للظلمة الكامنة فيه هو، والتي لا يريد الاعتراف بها؛ وعلى ذلك فإنه ينبغي علينا أن ننظر إلى الصورة الشائهة للإسلام باعتبارها إسقاطا لما اكتنف عقول الأوروبيين من جهالة” مونتجمري وات: فضل الإسلام على الحضارة الغربية ترجمة حسين أحمد أمين 113
[32] مونتجمري وات:فضل الإسلام على الحضارة الغربية ترجمة حسين أحمد أمين 112.
([33]) أقول: (في الغالب)، لأنه سيظهر بعد قليل مستشرقون موضوعيون عرضوا الإسلام بشكل أمين، ولم ينساقوا وراء تيار الأكاذيب الجارف الذي وسم مسيرة الاستشراق عبر تاريخه.
([34]) الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية، ترجمة د. مصطفى ماهر ص9، 10.
([35]) ألحقه د. محمد البهي بكتابه الشهير الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، مطبعة وهبة، ط12، 1411 – 1991.
([36]) راجع بشأن هؤلاء: مكسيم رودنسون: الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية، فصل ضمن تراث الإسلام ج1 ص64 – 68. وإدوارد سعيد: الاستشراق 103، ونجيب العقيقي: المستشرقون ج2 ص355.
([37]) أ. ل. طيباوي: المستشرقون الناطقون بالإنجليزية، ملحق بكتاب الدكتور محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث 477.
([38]) المدير الحالي لمعهد الدراسات الإسلامية بجامعة بون.
([39]) عن د. محمود حمدي زقزوق: في مواجهة الاستشراق بحث بمجلة المسلم المعاصر العددان 65 – 66 ص35.
([40]) مكسيم رودنسون: الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية، فصل ضمن تراث الإسلام ج1 ص64 – 72.
([41]) راجع في ذلك Johan Fück: Die arabischen Studien in Europa, s.232. .، ود. عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين ص 73، 245 – 246، د. محمود حمدي زقزوق: في مواجهة الاستشراق ص35، وساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقية ج1 ص101، 103، 215، 217.
([42]) Die arabischen Studien in Europa, s. 232.
([43]) الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية 114 – 137.
([44] ) راجع رودي بارت: الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية، ترجمة د. مصطفى ماهر ص30-31.
([45])Johan Fück: Die arabischen Studien in Europa, s. 285.286, 301.
([46]) ibidem, s 292 F.
([47]) ibidem, s. 293, Anm.717a
([48])ibidem, 296.
([49]) في حوار مع مجلة فكر وفن الألمانية التي تصدر باللغة العربية العدد 44 ستة 86 ص 77.
(([50] راجع الدكتور صلاح الدين المنجد، وآخرون: المستشرقون الألمان تراجمهم وما أسهموا به في الدراسات العربية ، ونجيب العقيقي: المستشرقون ج2 ص 102، 291، 391-392
([51]) يؤكد الأستاذ “كالفبرلي” على تمكن هؤلاء من المعرفة الحقيقية بالإسلام فيقول: “عرف بعض القادة من المسيحيين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر العربية، وفهموا الإسلام على وجهه الصحيح؛ ولكن روح العصر الذي كانوا يعيشون فيه لم تمكنهم من أن يكونوا رسل تفاهم بين هذين الدينين العظيمين”: أودين كالفبرلي: الدين الإسلامي؛ بحث ضمن: الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته تحرير: ت. كويلرينج ص 149
([52])رودي بارت: الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية، ترجمة د. مصطفى ماهر ص 10.
([53]) نفسه.
[54] كان هذا الكتاب موضوعا لأطروحتي للدكتوراه حيث ناقشت فيها الشبهات التي طرحها نولدكه فيه حول نبوة محمد r والوحي إليه.
([55]) الإسلام والمسيحية، مرجع سابق، ص104 – 105.
([56]) أودين كالفبرلي: الدين الإسلامي؛ بحث ضمن: الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته تحرير: ت. كويلرينج ص 145.
([57]) أودين كالفبرلي: الدين الإسلامي؛ بحث ضمن: الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته تحرير: ت. كويلرينج 149
([58]) الاستشراق 38.
([59]) الظاهرة الاستشراقية ج2 ص 297.
([60])الظاهرة الاستشراقية ج2 ص 297.
([61]) ساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقية ج2 ص 295
([62]) القرآن: نزوله تدوينه ترجمته تأثيره، ترجمة: رضا سعادة ص 26.
([63]) أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة برلين.
([64]) وذلك في تقديمه لمحاضرة ألقاها أد. محمود حمدي زقزوق بدار حضارات العالم في برلين عام 1991 راجع أد. محمود حمدي زقزوق: الإسلام في مرآة الفكر الغربي ص 7.
([65]) الإسلام والمسيحية ترجمة د. خلف محمد الجراد، مرجع سابق ص 104، 105
([66]) وأول مستشرق ورد على لسانه تسمية: “علم الإسلاميات (Islamologia بالإسبانية) هو المستشرق الإسباني فيليكس باريخا اليسوعي Pareja, P. F. M. المولود عام 1890. ولقد ذكر نجيب العقيقي (المستشرقون ج2 ص204) أن هذا المستشرق سُمِّي أستاذا للدراسات الإسلامية في الجامعة الجريجورية بروما عام 1938 وعمل أمين سر الاتحاد الإسباني للمستشرقين ومؤتمر الدراسات العربية اللجنة الدائمة والاتحاد الأوربي للمستعربين وعلماء الإسلاميات وصنف كتابا بعنوان: إسلاميات “.
([67]) نشرت الرسالة مطبعة في برلين، سلسلة: بحوث في علوم الإسلام
islamkundlische Untersuchungen. Band 137. Klaus Schwarz Verlag. Berlin. 1991.
[68] حوار بين الألمان والعرب 297 – 299.
([69]) ( اعتمدت في هذه الإحصائية على
Studyng in Germany, Information for foreigners on university Studies, p. 46 – 77.)
[70] تقضي نظم الدراسة بالجامعات الألمانية بأن يدرس طالب المرحلة الجامعية وما بعدها تخصصا أصليا إلى جانبه تخصصا أخر جانبيا لا يحصل على درجته إلا باجتياز الامتحان فيه.
([71]) مدير معهد الدراسات العربية بجامعة جوتنجن الألمانية، وكان مشرفا مشاركا على رسالتي للدكتوراه، وله عشرات الكتب والمقالات حول الإسلام.
([72]) رشدي الصالح ملحس: مقدمة تحقيقه كتاب: أخبار مكة للأزرقي ص 21.
([73]) مقال: جهود المستشرقين في تحقيق التراث العربي، المنهل العدد 471، رمضان 1409 مايو 1989 ص 211 – 217.
([74]) من محاضرة ألقاها الدكتور زقزوق في معهد الدراسات العربية بجامعة جوتنجن بألمانيا في 11 / 7 / 1985. ونشرها في كتابه: الإسلام في تصورات الغرب 10، 11. وراجع له أيضا: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري 61 – 69.
([75]) راجع رودي بارت: الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية مرجع سابق ص 65.
([76]) 8 المائدة.
([77]) من الآية 152 الأنعام.
([78]) وقفت على رأي للشيخ محمود محمد شاكر (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا هامش ص 54، 55) يشكك فيه، ليس فقط في الأهداف التي حركت المستشرقين لإنجاز بحوثهم؛ بل أيضا في الأهداف التي حركتهم لنشر كتب تراثنا وتحقيق مخطوطاته، يقول: “لا تصدق من يقول لك: إن الاستشراق قد خدم اللغة العربية وآدابها وتاريخها وعلومها لأنه نشر هذه الكتب التي اختارها مطبوعة؛ فهذا وهم وباطل. كانوا لا يطبعون قط من أي كتاب نشـروه أكثر من خمسمئة نسخة ـ ولم تزل هذه سنتهم إلى يومنا هذا ـ توزع على مراكز الاستشراق في أوربا وأمريكا. وما فضل بعد ذلك وهو قليل جدا كانت تسقط منه إلى بلاد العرب المسلمين النسخة والنسختان والعشرة على الأكثر لم يسعوا قط إلى تسويقها بين ملايين العرب والمسلمين كما يسوقون بضائعهم وتجاراتهم وسائر ما ينتجون بين هذه الملايين طلبا لربح المال. هدفهم كان ما قلت لك لا غير “. ولا أستطيع أن أتحقق مما ذكر من إحصاء؛ لذا أسوق رأيه إلى جانب رأيي الذي ذكرته أعلاه. ولا أستطيع أن أحدد موقفا من هذا الرأي إلا إذا وقفت على دقة الرقم الذي قاله، وسأكون شاكرا لمن يمدني بوجه الحق فيه.
([79]) الاستشراق، ترجمة كمال أبو ديب 216.
([80]) حديث ضعيف الإسناد لكن معناه صحيح، د. يوسف القرضاوي من مقال بمجلة الرسالة العدد الرابع رجب 1423 سبتمبر 2002 ص 4.
([81]) 34 النمل.
([82]) 53 يوسف.
([83]) ورد الاستشهاد بالآيتين وقول لبيد والشعر الجاهلي في مقام شبيه في مقال للدكتور يوسف القرضاوي بمجلة الرسالة العدد الرابع رجب 1423 سبتمبر 2002 ص 4.
[84] هو الدكتور شوقي أبو خليل
([85]) هو الدكتور أحمد محمود هويدي في بحثه: (الدراسات القرآنية في ألمانيا دوافعها وآثارها) عالم الفكر العدد 2 المجلد 31 أكتوبر– ديسمبر 2002 ص82.
([86]) الباحث يعمل أستاذا للدراسات اليهودية بكلية آداب القاهرة.
([87]) في مواجهة الاستشراق مجلة المسلم المعاصر العددان 65، 66 معا ص 37
([88]) رسالة في الطريق إلى ثقافتنا ص 57.
([89]) الاستشراق 39.
([90]) Ph. Hitti. Islam and the West, P.50.
نقلا عن أليكسي جورافسكي: الإسلام والمسيحية ترجمة د. خلف محمد الجراد راجَع المادة العلمية أ.د. محمود حمدي زقزوق ص75.
([91]) أليكسي جورافسكي: نفس المرحع ص76.
([92]) راجع دعواه والرد عليها في الباب الثالث من رسالتي للدكتوراه: (شبهات المستشرقين حول العقيدة الإسلامية، عرض تحليلي نقدي، القسم الأول من كتاب تاريخ القرآن لتيودور نولدكه نموذجا) مخطوط بكلية أصول الدين بطنطا.
([93]) معالم تاريخ الإنسانية.
([94]) ارجع في هذا إلى الشيخ محمود محمد شاكر: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، وأباطيل وأسمار. والدكتور محمد محمد حسين: حصوننا مهددة من داخلها، والاتجاهات الوطنية في الأدب، والإسلام والحضارة الغربية، والدكتور محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي.
([95]) أ. ل. طيباوي: المستشرقون الناطقون بالإنجليزية مقال بمجلة The Muslim World عدد يوليو 1963، ونشره د. محمد البهي ضمن كتابه: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ص 484.
([96]) مقدمته لكتاب مالك بن نبي: الظاهرة الاستشراقية 21، 22.
([97]) في مواجهة الاستشراق مجلة المسلم المعاصر العددان 65،66 معا ص 38.
([98]) في مواجهة الاستشراق مجلة المسلم المعاصر العددان 65،66 معا ص 38.
([99]) في مواجهة الاستشراق مجلة المسلم المعاصر العددان 65، 66 معا ص38.
([100]) في دراسة له عن كتاب ( مجد الإسلام ) لـ”جاستون فييت” نشرت بالملحق الأدبي لأهرام الجمعة، وأعاد د. محمد البهي نشرها ضمن كتابه: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ص459.
([101]) راجع عن أهمية الحوار مع الغرب: الدكتور محمود حمدي زقزوق، في حوار أجرته معه جريدة الحياة اللندنية بعنوان: “من الضروري دعم الاتجاه نحو حوار مثمر بين الغرب والإسلام، العدد 13426، السبت 3 رمضان 1420 هـ – 11 ديسمبر1999 ص23.
([102]) جزء من محاضرة للدكتور يوسف القرضاوي بعنوان: (مستقبل علاقة الإسلام بالغرب) ألقاها صيف عام 1997 بفرنسا. ولَدَيَّ نَصُّها ولا أدري إن كانت قد نشرت.
([103]) ) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا( 28 الفتح، وراحع: 33 التوبة و9 الصف.
([104]) الآيات: 4، 5،7،8 الفرقان، 103 النحل، 11 الأحقاف، 13 الأحزاب. وراجع أيضا الآيات: 25 الأنعام، 32 الفرقان،67 النمل ، 7،43 سبأ، 51 النساء، 33 الأنعام، 61 التوبة، 97–99 الحجر، 42-44،51 الإسراء، 130 طه، 13 الأحزاب، 36، 151–153 الصافات، 39 ق، 30،31،33،34 الطور، 7 المنافقون، 10 المزمل.
([105]) ألحقه أ. د. محمد البهي بكتابه الشهير الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، مطبعة وهبة، ط12، 1411 – 1991.
([106]) ر. بارت: الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية، ترجمة د. مصطفى ماهر ص10