الظهور المبكر للزهد والتصوف في الأندلس*
منويلا مارين
Manuela Marín, The early developement of zuhd in al-Andalus in shiCa islam, sects and sufism, edited by Frederick De Jong, Publications of the M.Th. Houtsma (Utrecht, 1992)
الترجمة الإنجليرية بعنوان:
The mystical philosophy of Ibn Masarra and his followers (Leiden, 1978).
لم يدرس ميجيل أسين بالاثيوس في عمله الذي التحق به بأكاديمية علم الأخلاق والسياسة الإسبانية، والمعنون بـ “ابن مسرة ومدرسته: أصول الفلسفة الأندلسية الإسلامية” (مدريد 1914)[1] شخصية ابن مسرة وتلاميذه فحسب، بل تناول بالبحث أيضا الظهور المبكر للزهد في الأندلس. أصرَّ أسين في أعماله اللاحقة في التصوف الإسلامي وممثليه الأكثر أهمية في شبه الجزيرة الإيبيرية، على فكرة أساسية بينَّها في عمله المقدَّم للأكاديمية مفادها أن الإسلام دين “جافّ وبارد”، لم ينتج من داخله أي حركة صوفية، مستطردا في القول: “إن أصل التصوف الإسلامي، في نظري، ليس إلا تقليدا بسيطا للرهبانية المسيحية الشرقية”[2] والزهاد الأندلسيون الأوائل، في رأي آسين، كانوا “جماعة من الرجال المنقطعين المتقشفين، الذين قلدوا حياة الندم والحرمان التي عاشها الرهبان المسيحيون الشرقيون، ذلك النموذج الذي أمكنهم، فضلا عن ذلك، أن يعاينوا إعادة إنتاجه في أديرة المستعربين الأندلسيين”[3].
وقد عاود الأستاذ المصري محمود علي مكي، بعد سنوات، بحث أصول الحركة الزهدية في الأندلس من وجهة نظر مختلفة تماما. ففي عمله(Ensayo sobre las aportaciones orientales en la España musulmana. Madrid, 1968) قرر مكي “أنه منطقي جدا أن الاتجاهات الزهدية ظهرت في الأندلس، بدون أي حاجة لنسبِها إلى أي تأثير خارجي”[4]. وقد أكد مكي بشدة، في فصل عن أصل التصوف في الأندلس، على تأثير المصري ذي النون الأخميمي، مستخدما حججا موثوقة ومقنعة.
على أية حال، ليس في نيتنا أن ندخل هنا في مناقشة الأصالة المحتملة للتصوف الإسلامي[5]. فقد تم تجاوز موقف آسين من قبل الدراسات اللاحقة التي قيمت بشكل أكثر نزاهة تطور الدين الإسلامي نفسه في هذه الناحية، بدون دحض كل المساهمات المحتملة التي قدمتها المسيحية، على أية حال. ولا يشير مكي من جهته لهذه المسألة. لكن يصر على ذكر المساهمات الشرقية الإسلامية التي من الواضح أنها وجدت، باستمرار في هذه السمة (كما في عدة سمات أخرى) من الحياة الدينية والثقافية الأندلسية.
إن هدف هذه الورقة ببساطة، هو أن تعيد فحص النصوص العربية الموجودة التي تتعرض لسلوكيات الزهاد الأوائل في الأندلس، وموقعهم ضمن نسيج المجتمع الأندلسي. أما من الناحية الزمنية؛ فهي محصورة في الحقائق المعروفة بخصوص الزهاد الذين عاشوا قبل القرن الهجري الرابع/ الميلادي العاشر(4/ 10) أي، قبل عهد عبد الرحمان الناصر (300- 912/ 350- 961) أول خليفة أموي بالأندلس.
وقد وردت أغلبية هذه الحقائق في كتب التراجم المصنفة خلال أو بعد القرن 4/ 10. وهي ليست كتب مناقب، فتقليد إنتاج هذا النوع من المصنفات “المتخصصة” لم يعرف في الأندلس إلا في حقبة لاحقة. فبالمقارنة مع إفريقية، حيث كتب المالكي في هذا القرن نفسه، كتابه رياض النفوس[6]؛ نجد أن أدب التراجم الأندلسي، قد اقتصر على أخبار العلماء والفقهاء (وفي بعض الحالات، على شعراء أو أصحاب معاجم) وقد ضم إليهم أحيانا أشخاص مهمين ممن عرفوا بتقواهم، أو ببعض النشاط الزهدي. ومن المعروف أن المحدث المشهور، محمد بن وضاح قد صنف في القرن 3/ 9؛ مصنفه “كتاب العُبّاد”[7]. ولسوء الحظ، فهذا العمل مفقود، وليس بإمكاننا إلا تخمين فرضيات حول محتوياته. فمن المحتمل أنه كان عبارة عن مجموعة من الروايات المتعلقة بالزهاد المسلمين المشارقة، فقد رحل ابن وضاح رحلته الأولى إلى الشرق، خصيصا للبحث عن هذا النوع من المعلومات.
لذا، نفتقر إلى أدب تراجم مكرس بالخصوص للزهاد والنساك. فالسؤال الواجب طرحه هو: هل هذه الندرة تعود إلى غياب حركة زهدية ذات أهمية، أم لخصوصية أدب التراجم الأندلسي فقط. إن دراسة كتب التراجم الأندلسية، تجعل من الممكن إثبات وجود مِئات التراجم التي تحتوي؛ بدرجة أكثر أو أقل، على إشارات إلى وجود عدد من الاتجاهات الزهدية في هذه الحقبة المبكرة. لذا، فغياب نصوص منقبية يعود على الأرجح إلى أسباب تتعلق بتطور تقليد في الكتابة التاريخية ذي خصوصية. ويمكن اعتبار الافتقار إلى مصادر مخصوصة، إلى مدى معين، ميزة، لأن ظاهرة الزهد عرضت ضمن إطار عام، وليس من وجهة النظر الخاصة لمصدر كتب من وجهة نظر الزهاد والصوفية[8].
وبما أن كتب التراجم، كانت مصدرنا الأساسي، فإن المادة الوثقية تقدم نفسها على نحو مخصوص. والمشكلة الأولى التي تظهر بخصوص هذه المادة، هي كيف نُحَدِّدُ تراجم الزهاد. وبالنسبة لهذه الورقة، اخترنا فقط تلك التراجم التي ترد فيها مجموعة من الصفات التي تنطبق على المترجم به المعني؛ وبالطبع، تلك التي تتضمن روايات ذات طبيعة زهدية واضحة (ليس من الممكن الكلام بوثوق عن التصوف في هذه الفترة). فالصفات المختارة معيارا لإدراج الأعلام في هذه الدراسة هي: زاهد، عابد، ورع، ناسك، متبتل، خاشع، منقبض، مجاب الدعوة. وتنحصر معلومات المصادر في أغلب الأحيان، في الاستعمال المجرد لهذه الكلمات، بدون تعليق أكثر وضوحا حول الشخص المترجم به، وبدون تقديم تفاصيل أكثر بخصوص أنشطته.
وقد تمت الإشارة في أربع حالات، بشكل واضح، إلى أن المعني بالأمر هو أحد “الأبدال”، رغم أن أحدهم، وهو أبو هارون الأندلسي، يجب أن يعتبر مغاربي، لأنه عاش أطول قسم من حياته في إفريقية[9]. وبالرغم من أن استعمال مصطلح “أبدال”، يمكن أن يشير إلى تسرب مؤكد لاصطلاحات صوفية، إلا أنه لم ينعت أحد من المترجم بهم بهذه الصفة، فقد استعمل مصطلح صوفي للمرة الأولى، لاحقا بعض الشيء، في حالة عبد الله بن نصر، الذي توفي سنة (315/ 927)[10]. من جانب آخر، فالاصطلاحات التي استعملت في القرن 4/ 10، لتعريف الزهاد، أصبحت أكثر وفرة وتنوعا، وتزامنت مع توسع حركة الزهد التي وصفها مكي بأنها “ازدهار حقيقي للتصوف، بسبب تسامح الخليفة عبد الرحمان الثالث، وابنه الحكم الثاني”[11].
وعلى أية حال، وقبل ذلك التاريخ، وفي مناسبات نادرة فقط، أسهبت نصوص التراجم في تقديم قائمة مفصلة تقول، على سبيل المثال، عن آبان بن عيسى بن دينار (ت 262\ 875) إنه “الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة”[12] أو إن مطرف بن عبد الرحمان (ت 282\ 895) كان ينهج “الانقباض عن السلطان وأصحابه”[13].
ويمكن إثبات كون استعمال هذا النوع من المفردات، معيارا وحيدا للبرهنة على وجود اتجاه زهدي، هو أمر مضلل. ويجب أن نحاول، قبل المتابعة، تحديد السياق الذي استخدمت فيه كلمات مثل “زهد” أو “ورع”[14].
ويبدو الزاهد من خلال عدد من التراجم التي فحصناها، مسلما تقيا يمتنع عن اقتراف كل ما هو حرام؛ لكن دون أية إشارة إلى ممارسته لأنواع أخرى من الواجبات الدينية، أو الإشارة إلى احتمال كونه مصنَّفا باعتباره زاهدا. وأفضل مثال بهذا الخصوص، هو الفقيه المشهور، يحيى بن يحيى الليثي (ت 234/ 848)[15]. الذي عندما سئل عن فهمه للزهد في الدنيا، أجاب بأن: “من لم يرض منها إلا بالحلال، فهو فيها زاهد، وإن كان عليها مكبا حريصا”[16]. وتتضمن ترجمة يحيى خبر إدانته حبّ الفقر، مستندا على مثال النبي (ص). ومن المعلوم جيدا أن يحيى لم يستنكف عن ارتداء اللباس الفاخر في المناسبات المهمة. ومنذ أن تزايد نشاطه ضمن حاشية الأمير، مارس سلطة سياسية مهمة عن طريق تأثيره في تعيين القضاة. وهذا الموقف يمكن أن يلاحظ أيضا في حالة سعيد بن أبي هند (ت 220/ 815)، أحد معاصري يحيى بن يحيى. فقد اشتهرت روايتان مرتبطتان به. لام في الأولى أولائك الذين يقبلون كسوة الأمير؛ ورفض في الثانية طلب ابنه بكتابة بعض أملاكه باسمه، قائلا له “يمنعني من ذلك أنه يقال: ينتقص من عقل الرجل، بقدر ما ينتقص من ماله”[17].
ويمكن أن نستنتج مما سبق، بأن الزهد قد مثل بالنسبة لكثير من الفقهاء أسلوبا في السلوك والأخلاق فقط[18]،بدون التزامات دينية معينة. وعلى أية حال، يمكن في بعض الحالات أن نلاحظ معارضة مؤكدة لهذا الموقف. كان سعيد بن حسان الصائغ (ت 236/ 850)، يقدر يحيى بن يحيى تقديرا كبيرا ويشاركه أفكاره عن قرب، إلا أنه تجاسر على لومه في إحدى المناسبات، فعندما ذهب سعيد لزيارته، وكانت زوجة يحيى موجودة، غادرت الغرفة بسرعة، وتركت نعليها خلفها، فلاحظ سعيد أنهما كانا مرصعين بالأحجار الكريمة*. فأنكر ذلك جدا، ووبخه، وقال له: هذا من السَّرَف الذي يُسأل عنه[19].
ويظهر سعيد بن حسان في المصادر زاهدا ورعا ومجاب الدعوة. ويرد ردّ فعله على أسلوب حياة يحيى بشكل معزول ضمن ترجمته. وعلى أية حال، يمكن أن توجد هذه الصفات في روايات أخرى مرتبطة بموقف أكثر تحديدا بخصوص السلطات العامة، أو الممارسات الدينية للزهاد.
توحي هذه المعلومات، في رأينا، باحتمال كون كلمة “زهد”، كانت مرتبطة، في هذا الوقت، بموقف ديني تجاوز مفهوم الأخلاق الاجتماعية المجردة للمسلم. وسنعالج هذه النقطة فيما بعد.
يعتبر فرقد بن عبد الله، معاصر عبد الرحمن الأول (138- 172/ 756- 788)، الأقدم زمنيا من بين أولئك الذين تتناولهم هذه الدراسة. إنه شخصية ذات وجود تاريخي غير مؤكد، وقد ارتبط اسمه بنبوءات متعددة، بخصوص أمويي الأندلس الأوائل[20]. ويقال بأنه كان زاهدا، عالما، عابدا، مجاب الدعوة*. هذا المؤهل الأخير، هو الذي يهمنا الآن. وحسب ابن حارث الخشني، فإن حسيناً الأنصاري حاكم سرقسطة لبعض الوقت[21]، كان قد بدأ حملة ضد المسيحيين، وعندما وصل قرب بيت فرقد، أرسل له رسولا يطلب منه أن يدعو الله ليمده بالنصر. فكان جواب فرقد الواثق: “أعلمه عني يقدم العدل بين يديه فإن النصر يكون معه لا يفارقه”[22]. ولما رأى حسين بأن فرقدا رفض أن يدعو له، ألغى الحملة.
ويظهر بشكل غير مسترسل في هذا العرض الملخص، أحد المواضيع التي ميزت نشاط الزهاد الأوائل. ونحن نشير إلى شجبهم الظلم والاضطهاد الذي مارسه أولئك الذين تولوا وظائف رسمية. ويجب ملاحظة، أن فرقد، كما في حالات مماثلة، لا يتهم السلطة الحاكمة، المتمثلة في الأمير الأموي. فنحن لا نعرف نوع الظلم الذي اتهم به فرقد والي سرقسطة، لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار بأنه حين كان واليا، فقد ثار على عبد الرحمان الأول مرات متعددة. وحدثت حالة أخرى مماثلة في نفس المجال الجغرافي ـ الثغر الأعلى ـ أيضا في عهد الحكم الأول (180-206/ 796- 822)، وكان المعني بالأمر هو عبد الله بن المغلس[23]؛ الذي تميز أيضا بكونه عابدا ومجاب الدعوة. وموضوع هذه القصة محبوك ومفصل أكثر بكثير من القصة السابقة. والجائرون مرة أخرى، هم حكام ظلمة ـ بنو سلمة ـ الذين يُتَّهمون بجعل رعيتهم تعاني كل أنواع العسف. ورغم طلبات الناس من ابن المغلس أن يدعو الله على بني سلمة، إلا انه لم يفعل ذلك، حتى عاين في يوم أحد أفعالهم التعسفية. آنذاك دعا الله أن يجعل حدا لجورهم. فعوقبوا بقيام ثائر قضى عليهم[24].
وبالرغم من أن أولئك الذين يظهرون في هذه القصة، كلهم شخصيات تاريخية، إلاّ أن هذه الرواية ـ مثل التي تتحدث عن فرقد بن عبد الله ـ يستحسن اعتبار أنه قد تم تعديلها لاحقا. على أية حال، فارتباط ظهور هذه الروايات بمنطقة عرفت صراعا داخليا مستمرا، وبدور “مجاب الدعوة” شخصا يطالب بتحقيق العدالة، هو أمر ذو أهمية مخصوصة. وهذه الروايات بالتأكيد ليست خاصية مميزة للزهد الأندلسي، فقد ظهر نفس الموضوع في العديد من تراجم الزهاد المسلمين المشارقة الأخرى[25]. ومن جهة أخرى، تحول موضوع الزاهد الذي أصبح الملاذ الأخير ضد الظلم في الأندلس، إلى سمة أخرى من نشاط الزهاد، تمثلت في الانقباض عن الدنيا، والإعراض عن أصحاب السلطة السياسية.
هذا الإعراض عن الحكام، هو فعل أقل تطرفا من لومهم أمام الملإ. ويتمثل خصوصا في رفض تولي وظيفة عمومية مثل القضاء. وهناك أمثلة عديدة على هذا الإعراض من كافة أنحاء دار الإسلام[26]. وقد قبل البعض منهم هذا المنصب مضطرين، مع رغبتهم في تركه بأسرع ما يمكن[27]. وشاع موقف آخر كثيرا، هو تجنب الاتصال بأولئك الذين يمثلون السلطة السياسية، والذي وصل أحيانا حد التطرف، مثل حالة غانم بن الحسن (ت حوالي 912 /300) الذي توقف عن الصلاة في مسجده الخاص، لأن الإمام تعود تناول الطعام مع بعض العمال[28]. وتبدو الرغبة في إعطاء القدوة للعامة واضحة، في هذه وغيرها من الحكايات التي وردت في التراجم، فالزاهد لا يكتفي بتفادي السلطة السياسية بل حين تبعث هي ممثليها إلى بابه، يتركهم ينتظرون، ويعاملهم مثل معاملته غيرهم، الذين ينحدرون من أصل متواضع جدا[29].
وكما لاحظنا توا، فالمعلومات الموجودة من نوعين: أولا، في بعض الحالات، هناك رجال مشهورون بالتقوى يعملون لمحاصرة سخط الناس، بسبب ظلم بعض العمال (لكن ليس ظلم الأمير). ويظهر نموذج ثان من الرواية، استنكافهم التام من أي اتصال بمن يتولون مهامّ سياسية، والذين ينعتون أحيانا بألقاب عامّة، مثل “عمال أو وزراء”. ويترك الزاهد هنا مسافة بينه وبين ما قد يجعله يقع في سلوك محظور. وعلى أية حال، فهو يمتنع عن أي نوع من التدخل. ويمكن أن نتكلم في بعض المناسبات القليلة جدا فقط، وبتحفظ كبير، عن تجسد معارضته غير الملحوظة، التي تظهر أحيانا في تراجم الزهاد.
حدثت في قرطبة، سنة 202/ 818؛ “ثورة الربض المشهورة”، سبقتها من قبل مؤامرة سنة 189/ 805[30]، التي شارك فيها ” فقهاء” و”علماء” و”صلحاء” عائبين على الأمير الحكم، ميله إلى المتع الدنيوية، وأمورا أخرى غيرَ محددة[31]. اكتشفت المؤامرة، وأعدم يحيى بنُ مُضَر[32]، أحد المشاركين فيها، وأنقذ مشارك آخر، هو قرعوس بن العباس حياته في النزع الأخير، عندما استشهد بمالك بن أنس وسفيان الثوري، حيث يقولان: “سلطان جائر سبعين سنة، خير من أمة سائبة ساعة من نهار”[33].
إن الربط المباشر الوحيد بين هذه المؤامرة ـ التي استهدفت الأمير مباشرة ـ والحركات شبه الزهدية، هو في إدراج الصلحاء من بين المتآمرين. ويحتمل أن يكون الاستياء المثار من قبل فقهاء قرطبة، قد وجد دعما في المواقف الانتقادية المذكورة آنفا اتجاه من هم في السلطة. وعلى أية حال، فالوسيلة التي استعملها قرعوس لإنقاذ حياته، هي ذات مغزى أيضا. فالخوف من الفتنة بين جماعة المسلمين، تفسر لماذا وجهت تلك الانتقادات بشكل رئيسي إلى أولئك الذين تولوا مناصب رسمية من قبل الأمير، والذين حافظ أغلبية الزهاد على مسافة بينهم وبين هؤلاء، وأعرضوا عنهم[34].
ويصبح نقد الأعراف والعادات السائدة واضحا في حالة أخرى لتمرد مفتوح، لكن في ظروف مختلفة تماما. إنه تمرد ابن القط الأمير الأموي، الذي تمكن في 288/ 900-901 من استمالة جزء من القبائل البربرية في الموسطة، والمنطقة الجنوبية الغربية للأندلس، لمحاربة الممالك المسيحية في شمال شبه الجزيرة[35]. استند جزء من دعاية ابن القط على المبدإ القرآني المشهور، المتعلق بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مقرونا بالدعوة إلى الجهاد[36]. ويظهر مع ابن القط، شخص مجهول الأصل، يدعى أبا علي السراج، تصفه المصادر بأنه كان يلبس الصوف، ويركب حمارا، وينتعل نعلين من حبل مهترئ[37]. وانتهت الحملة ضد المسيحيين بهزيمة وموت ابن القط. ويبدو أن الثائرين هما حلقة فقط من سلسلة الثوار الذين كان على الأمير عبد الله مواجهتهم؛ بالرغم من أنه لم يكن الهدف المباشر لهم، فيبدو واضحا أنه لو كللت مغامرة ابن القط بالنجاح، لأصبحت السلطة السياسية في قرطبة في خطر. إن الذي ميز ابن القط، من جهة، عن الثوار الآخرين، هو دعواه المهدية، ذات العلاقة بالزهد. ويجب أن نستحضر في ذهننا أن مصدر كل روايات هذه الأحداث، هي الكتابات التاريخية التي تحاملت على حملة ابن القط، وشوهت سمعة السراج، داعيته، متهمة إياه بإشعال نار الفتنة. وعلى أية حال، فنجاح دعوته بين القبائل البربرية، لا يعني بأن هذه الأفكار لقيت تأييدا خاصا، أو أنها تعكس وجود تيار زهد شعبي ذي طبيعة ثورية. هذه، في رأينا، حالة واضحة لاستعمال المواضيع الدينية لأغراض سياسية*. إن ربط الزهاد والزهد بموقف رفض السلطة السياسية، يجب البحث عنه ـ إن وجد بالفعل ـ على المستوى الآخر الذي لمحنا إليه: نعني رفضهم الدنس الذي قد ينتج عن تعاملهم مع تلك السلطة.
وبالإضافة إلى معنى الزهد باعتباره امتناعا عن إتيان كل محظور (مع الفروق الدقيقة المذكورة سابقا)، تصف كتب التراجم الزهاد بأحوال أخرى: مظاهر خاصة للتقوى، إجراء الكرامات، إلخ. ولا تورد المصادر عادة، باستثناء بعض الحالات القليلة، تفاصيل بخصوص الأعمال الملموسة لأولئك الذين يعتبرون “مجابي الدعوة”. فهم يظهرون بصفتهم وسطاء ضروريين للاستجابة للدعاء، لذا، فهم قادرون على إجراء الكرامات. وبالموازاة مع تلك الحالات التي ذكرت سابقا، هناك حالات لجوء إلى “مجاب الدعوة”، باعتباره يمكن أن يقف في وجه ظلم الحكام. والحالة الأكثر شيوعا لإمكانية تقديم خدماته المطلوبة، هي إمامته صلاة الاستسقاء[38]. وباستثناء حالة الفقيه المشهور، زياد بن عبد الرحمان شبطون (ت 196/ 811ـ 204/ 819) فكل من نسبت لهم استجابة صلاة الاستسقاء، كانوا دائما أشخاصا معروفين بتقواهم وزهدهم لكنهم ذوو أصل غامض وغريب، كما أنهم يختفون بمجرد ما يتحقق المراد. ومن جهة أخرى، هناك عدد محدود من الروايات المتعلقة بكرامات نسبت لأشخاص مشهورين جدا، مثل يحيى بن قاسم بن هلال (ت 272/ 885 أو 297/ 909ـ 10)، المعروف ب” الرجل الشجرة”، نظرا لوجود شجرة في بيته كانت تركع متى صلى. وترجع هذه الكرامة إلى نصوص في الإسلام مفادها أن بعض الجمادات تستطيع عبادة الله[39]. هناك كرامة أخرى منسوبة إلى اثنين من معاصريه، هما بقي بن مخلد (ت 276/ 887) وإبراهيم بن محمد بن باز (ت 274/ 887). فقد أدى إخلاصهما في الدعاء، إلى افتكاك عجيب لأسر شابّ، كان أسيرا لدى المسيحيين، وطلبت أمه شفاعة الزاهدين[40]. وأخيرا، تنسب لمحمد بن وضاح (ت 287/ 900) كرامتان متماثلتان جدا، لا نظير لهما في أدب الزهد الإسلامي المشرقي: لما لم يجد أي شيء يؤكل في بيته، خرج للصلاة في المسجد. وعندما عاد، وجد موادَّ غذائية جلبها عدد من المبعوثين[41].
وفي كل تلك الحالات، تعكس نسبة الكرامات، إلى أشخاص ذوي سمعة حسنة، رغبة لتأكيد الهدف التربوي لهذه القصص. ويبدو أن لهذه القصص، في أغلب الحالات، أصل في المصادر المشرقية لا يتلاءم مع تقليد محلي.
وتتمثل مظاهر التقوى الموجودة في النصوص بشكل رئيسي، في التلاوة المستمرة للقرآن، والإكثار من صلاة النوافل، وصوم التطوع، وإيتاء الصدقات. ويقال، على سبيل المثال، عن أبي العجنس، بأنه كانت له في رمضان ثلاث أكلات، من سبعة أيام إلى سبعة أيام[42]. أما يحيى بن قاسم بن هلال، المذكور سابقا، فلم يكن يغادر المسجد حيث كان يصلي باستمرار، إلا ليقيل قيلولة قصيرة[43]. وتعتبر حالة محمد بن عيسى بن عبد الواحد الأعشى (ت 221/ 835 أو 222/ 836)[44]؛ من بين الأمثلة الاستثنائية لإيتاء الصدقة. ففي سنة مجاعة، أعلن أنه سيبيع مخزونه من الطعام في يوم محدد، وأنه سيؤجل الدفع لسنة واحدة، بلا رهن ولا إشهاد. وعندما سجلت أسماء كل الذين استجابوا لإعلانه، صرح بأن ذلك الطعام هبة. وعندما سئل لماذا لجأ إلى هذه الطريقة المعقدة، أجاب بأنه بها، استطاع أن يجعل رجالا أتقياء من أهل الانقباض والتعفف، يستفيدون من الطعام، وما كانوا ليأخذوا منه شيئا لو أباحه على وجه الصدقة[45]. ورغم أنه تجب الإشارة إلى أن الأعشى لم يوصف في ترجمته بالزاهد، فإن القصة أعلاه تتعلق بآخرين يتمثل فيهم إيتاء الزكاة، أو توزيع الأعطيات، باعتباره جزءا من أدوار الزهاد. والشخص البارز الآخر، هو سعيد بن عمران بن مشرف (ت حوالي 275/ 888). كان ابن تاجر غني، وزع الجزء الأكبر من أملاكه، ولم يُبْقِ إلا ما يؤدي به فريضة الحج، وعاش حياة تقوى وعزلة[46].
وتميز الزاهد بفضائل أخرى هي التواضع، وعدم الزواج في حالات استثنائية قليلة. فقد اعتاد عبد الله بن حسين بن عاصم (ت بعد 238/ 852) المشي حافيا في السوق، غامسا كاحليه في الوحل: تقلل في المأكل، ومشى راجلا دائما، بالرغم من أن ثروته كانت تسمح له بالركوب[47]. وكان سلوك التواضع الذي سلكه محمد بن مسرور، أحد القضاة خلال عهد عبد الرحمان الثاني (206- 238/ 822- 852) أكثر شيوعا: فقد كان يحمل خبزه إلى الفرن[48]. وقد عثرنا على مثال واحد لزاهد ينتمي إلى هذه الفترة، أعرض عن الزواج، كما لم يمتلك أمة، نعني سعد بن إسماعيل (ت 295/ 907)[49].
وأخيرا، يجب ملاحظة أنه وجد خلال هذه الفترة زهاد تفرغوا للمرابطة. وقد أصبحوا أكثر عددا في القرن التالي، لكن، لدينا معلومات فقط، عن حوالى ثلاثة من الذين كرسوا جزءا من نشاطهم للرباط في ثغور الأندلس، أثناء القرن المعني في هذه الدراسة. وقد ورد في ترجمة نعم الخلف بن أبي الخصيب (ت 298/ 910)[50] وحده، أنه، إضافة إلى كونه جنديا (محاربا) نذر حياته للغزو والرباط، كان أيضا زاهدا وعابدا[51].
إن الدراسة المفصلة للتراجم والنصوص التاريخية الأخرى التي تم الرجوع إليها لإعداد هذه الورقة، (والتي لم نعرض منها إلا قلة من الأمثلة ذات الأهمية الكبرى) تولد سلسلة من الأسئلة. أولها إمكانية وجود حركة زهدية مهمة خلال الطور الأول من الوجود الإسلامي في الأندلس. ويجب ملاحظة أنه لم يتم العثور على إشارات إلى وجود مريدين مباشرين لأي من هؤلاء الزهاد. والاستثناء الوحيد هو مالك بن على بن عبد الملك الزاهد (ت 268/ 881) الذي قيل عنه بأن أصحابه كانوا يقلدون تعبيراته عن التقوى، مثل كونه لم يكن يرفع بصره عن الأرض من خشية الله. على أية، حال لا يمكن اعتبار مالك بن علي زاهدا حقيقيا، مؤسسا لطريقة زهدية، كما كان حال ابن مسرة لاحقا. وقد تميز التلاميذ الذين تلقوا تعليمهم على عدد من هؤلاء الأشخاص بكونهم فقهاء أو خبراء في العلوم الإسلامية، بالإضافة إلى كونهم زهادا.
شارك العديد من هؤلاء الزهاد، بالطبع، في حقول عديدة من العلم. هجر البعض منهم أهم جوانب حياتهم المهنية والعامة ليتفرغوا بشكل خاص لحياة التقوى، مثل عبد الله بن معلى (ت 293/ 905)[52] أو داود بن عبد الله (ت حوالي 273 / 886) الذي امتنع في آخر عمره عن الإفتاء، وكرس جهده لتعليم الصغار. وتؤكد نصوص التراجم المعرفة المحدودة لزهاد آخرين (اتهم مالك بن علي المذكور أعلاه بكونه غير ثقة فيما يرويه)، على أية حال، من الصعب تأكيد وجود ارتباط بين التفرغ للعبادة، وترك النشاطين المهني والمعرفي. وبالعكس، من الطبيعي بالنسبة لكل أولئك الذين يوصفون بأنهم زهاد، أن يكونوا خبراء في المسائل، بالإضافة إلى كونهم شعراء أو قضاة.
إن تكريس هؤلاء الرجال أنفسَهم للزهد، يتجلى في مواقفهم المذكورة سابقا؛ أي الامتناع عن إتيان كل محظور[53]، والإعراض عن الحياة العامة، وانتقاد أولائك الذين لديهم السلطة، وعلى المستوى الشخصي، ممارسة الرياضة التعبدية، والعزلة الروحية. بهذه الطريقة، اكتسب الزاهد سمعة أخلاقية انضافت إلى سمعته عالما. وهو ما مكنه من القيام بعمل اجتماعي، انعكس بعض الشيء بأسلوب أسطوري في بعض من الحالات التي عالجناها، كما انعكس في حالات أخرى بطريقة أكثر تاريخية: فقد لعب عبد الرحمان بن موسى الهواري، الذي كان قاضي أستجة خلال عهد عبد الرحمان الثاني، والذي كان يعتبر مجاب الدعوة، قام بعمل مهم في الاضطرابات التي هددت أمن المدينة. فقد رفض ساكنة أستجة من المولدين، الاستمرار في الصلاة خلف إمام عربيّ. وتطورت الحالة إلى تمرد مفتوح، لم يتمّ إخماده إلا عندما قبل أبو موسى* منصب صاحب الصلاة، بشرط أن لا يحصل على أي مقابل. ويبدو، في هذه الحالة، أن الأصل البربري للهواري، كان له أيضا بعض الأهمية، بحيث سمح له بلعب دور محايد بين العرب والمولدين. لكن ليس هناك شك بأنه كان يمكن أن يختار لتقواه وميزته عابدا[54].
كان هؤلاء الزهاد مندمجين كليا في نظام للمعرفة وتداول العلم الإسلامي. وقد استمر الزهد الذي ظهر معهم في التطور، إلى أن اكتسب خصائص أكثر تميزا، ثم إلى مظاهر أكثر صقلا، وأخيرا، إلى أشكال تصوف واضح. لكن، في نفس الوقت الذي تتضمن فيه مصادر أدب التراجم هذا النوع من المعلومات عن الزهاد، تُلمح في بعض الحالات إلى وجود مجموعة أفراد ذوي أصل غامض واسم عائلي غير متيقن منه، معروفين أكثر بكونهم أصحاب كرامات، ويبدو أنهم مثلوا شكلا أكثر جذرية من التجربة الدينية. ربما يحق لنا أمام هذه المعلومات، المستفيضة والمجتزأة في نفس الآن، أن نتساءل عما إذا كانت المصادر تعرض ظاهرة حقيقية، أم وجود روايات ذات طبيعة شبه أسطورية، ويمكن إرجاع انتشارها إلى الرواية الشفهية التي أنتجها قصاص ووعاظ آخرون. ونحن نميل لاختيار الإمكانية الثانية، نظرا لمحتوى هذه الروايات التي يمكن أن نلاحظ فيها استعمال مواضيع الحكايات التي استخدمت أيضا في المشرق، والتي انطبقت على أشخاص مختلفين كثيرين.
الهوامش :
ـ المقال الأصلي هو:
Manuela Marín, The early developement of zuhd in al-Andalus in shiCa islam, sects and sufism, edited by Frederick De Jong, Publications of the M.Th. Houtsma (Utrecht, 1992)
[1] ـ الترجمة الإنجليرية بعنوان:
The mystical philosophy of Ibn Masarra and his followers (Leiden, 1978).
[2] ـ M. Asin Palacios, Abenmasarra, p. 13.
ويمكن أن توجد فكرة كون الإسلام دينا أعطى الشيء القليل للزهد، لدى المؤلفين المعاصرين. انظر:
C. A. O. Nieuwenhuijze, the lifestyles of Islam (Leiden 1985) p. 117.
[3] ـ .M. Asin Palacios, op; cit; p. 27
[4] ـ .Ensayo, p. 155
[5] ـ انظر:
A. Schimmel, Sufism and the islamic Tradition, S.T. Kat, ed, Mysticism and religious tradition (Oxford 1983)pp. 130 – 147.
– نشر مِن قِبل ب. البكوش (تونس 1983).[6]
[7] – راجع الدراسة التمهيدية لـ M. I. Fierro. في تحقيقِها لكتاب محمد بن وضاح .Kitab al-bida’ (Madrid 1988) p. 39
[8] ـ راجع:
J. Chabbi; Remarques sur le développement historique des mouvements ascétiques et mystiques au khurasan IIIe/ IXe siécle – IVe/ Xe siécle, Studia Islamica XLVI (1977), p 6.
مصادر هذه الدراسة هي كتب التراجم التالية: ابن حارث الخشني؛ أخبار الفقهاء والمحدثين، تحقيق مارية لويسا أبيلا ولويس مولينا (مدريد، 1992)؛ ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس؛ تحقيق فرنثيسكو كوديرا (مدريد، 1891ـ 92 والقاهرة، 1966)، القاضي عياض؛ ترتيب المدارك (الرباط, 1983)؛ الحميدي؛ جذوة المقتبس, طبعة ابن تاويت (القاهرة، 1372)، الضبي، بغية الملتمس؛ تحقيق كوديرا وخوان ريبيرا (مدريد، 1884)، الزبيدي، طبقات النحويين واللغويين (القاهرة، 1954)؛ ابن الأبار، التكملة, تحقيق كوديرا، (مدريد، 1887- 89)؛ طبعة الحسيني (القاهرة، 1955)؛ طبعة م. ألاركون (مدريد، 1915).
[9] ـ خصص له ابن الأبار الترجمة رقم 2693 في التكملة (طبعة م. ألاركون)؛ إلا أن ترجمته رقم 163 الموجودة في رياض النفوس، هي أكثرُ طولا وتفصيلا.
[10] ـ انظر مصادر ترجمته في:
M. Marín; Nómina de sabios de al-Andalus, 93- 350/ 711- 961, Estudios Onomástico-biográficos de al-Andalus I (Madrid, 1988); no 838.
ومن المُهم مُقارنة هذا الأمر بإدخال مصطلح صوفي إلى خراسان، حيث إن الشخص الأول الذي حمل هذا اللقب، هو أبو بكر الواسطي المتوفى في 320/ 930.
(J. Chabbi, Remarques, 31, and Zuhd et soufisme au Khorasan au IVe/ Xe siécle, Actes du 8ème congrès de l’ U. E. A. I. (Aix- en – Provence, 1978).
بالخصوص ص 58)
[11] ـ Ensayo, 160; Cf; M. I. Fierro; la heterodoxia en al-Andalus durante el periodo omeya (Madrid, 1987) p. 131 and 156.
[12] ـ ابن حارث الخشني، أخبار الفقهاء والمحدثين، رقم 48: وعن المفاهيمِ المتعلقة بالإعراض عن الحياة الدنيا في الإسلامِ، انظر دراسة E. Almagor التمهيدية التي قدم بها لطبعته لكتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا (القدس، 1984) و
F. Rosenthat, Sweeter than hope. Complaint and Hope in Medieval islam (Leiden, 1983) p. 19.
[13] ـ عياض، ترتيب المدارك، ج4، 448ـ 9.
[14] ـ انظر في هذا المجال:
L. Kinberg. What is meant by zuhd, Studia islamica, LXI (1985) 27- 44.
[15] ـ انظر الإحالات على ترجمته في M. Marín; Nómina , no 1576.
[16] ـ عياض، ترتيب المدارك؛ ج3، 391.
[17]ـ عياض، ترتيب المدارك؛ ج3، 125. وتتم الإشارة في بعض الأحيان إلى زهاد يملكون ثروة كبيرة، مثل: عبد الله بن النعمان (المتوفى في 275/ 888) أنظر: (Marín, no (839) أو حوشب بن سلمة (انظر الهامش رقم 27 بعده).
[18]ـ L. Kinberg, op, cit, p. 43.
* – رواية عياض تقول أنها زينته بالدر والياقوت. (المترجم)
[19]ـ عياض، ترتيب المدارك؛ ج4، 113.
[20] ـ انظر:
M. Marín, Ilm al-nuyum e ilm al-hidtan en al-Andalus, Actas del XII Congreso de la U. E. A. I (Madrid, 1984) pp. 509- 536;
خصوصا ص 520.
* ـ يقول الخشني عنه :” كان زاهدا عابدا فاضلا، ولم يكن في عصره أحد أبين منه خيرا، ولا أظهر فضلا، ولا أكمل ورعا، وكانت له رحلة. ويقال إنه كان مجاب الدعوة” الترجمة رقم 409 ص 299. (المترجم).
[21] ـ انظر: M. J. Viguera, Aragon musulman (Zaragoza 1981) p. 43 ff
[22] – ابن حارث، أخبار، رقم 409. أحالت المؤلفة على الترجمة رقم 408 والصواب ما أثبتناه (المترجم).
[23] – .M. Marín, Nómina , no 832
[24] – ابن حارث، أخبار، رقم 275.
[25] – توجد العديد من الروايات المتعلّقة بهذا الموضوع في ابن بشكوال، كتاب المستغيثين بالله، تحقيق منويلا مارين (مدريد، 1991).
[26] – من بين الشخصيات البارزة التي عرفت بالزاهد أو العابد، والتي رفضت منصب القاضي في هذه الحقبة، عباس بن رفاعة المذحجي (ت بعد 180/ 796)؛ عثمان بن أيوب بن أبي الصلت (ت 246860 / أو 267/ 880)؛ أبان بن عيسى بن دينار (ت 262/ 875)، عبد الرؤوف بن الفرج بن كنانة (ت بعد 275/ 888)، محمد بن عبد السلام الخشني (ت 286/ 899). انظر:
)M. Marín, Nómina , no 666; 901, 3, 723 and 1225)
وقد تكرّر رفض منصب صاحب الصلاة بدرجة أقل. كان ذلك حال حامد بن أخطل (ت280 /893 أو 286/ 899). انظر: ((Marín, Nómina , no 365. وقد خصص الخشني فصلا تمهيديا من كتابه قضاة قرطبة (مدريد، 1914) لأولئك الذين لم يقبلوا تولي منصب القاضي، ولم يكونوا بالضرورة زهادا. انظر أيضا، عياض، ترتيب، ج3، ص 330- 1: (سبق لأسين بلاثيوس أن علق على هذا النص في:Abenmasarra, 142- 3)
[27] – مثل يحيى بن معْمر (ت 229/ 4 ـ 843)؛ انظر: (M. Marín, Nómina , no 1573). وقد وجد أيضا أشخاص عرفوا زهاد وكانوا قضاة، مثل محمد بن تليد (ت بعد 172/ 788)، ومعاذ بن عثمان (ت 234/ 848)، وحوشب بن سلمة (ت بعد 238/ 852)، محمد بن سلمة بن حبيب (ت بعد 275/ 888)، عبد الله بن يحيى الخشاب (ت بعد 286/ 899)، انظر: (M. Marín, Nómina , no 1156; 1406; 426; 1202; 846). هناك أيضا حالة الزاهد أسباط بن جعفر (ت بعد 180/ 796) الذي تولى منصب القاضي وصاحب الشرطة، انظر: (Nómina , no 224).
[28] ـ ابن حارث الخشني، أخبار، رقم 393.
[29] ـ كان سعيد بن الحسن الصائغ، هو المعني في حكاية من هذا النوع (انظر الهامش رقم 19 السابق) بمعية الفتى نصر، الموظف السامي في البلاط الأموي. انظر:
J. Vallvé, Nasr, el valido de ‘Abd al-Rahman II, Al- Qantara, VI (1985) 179 – 197.
[30] ـ انظر الرواية المفصلة لهذه الأحداث في:
E. Lévi-Provençal, Historia de España musulmana (Madrid 1960) IV, 107 ff.
[31] ـ عياض، ترتيب المدارك، ج3، 126.
[32] ـ M. Marín, Nómina , no 1572
[33] ـ عياض، ترتيب المدارك، ج3، 326.
[34] ـ انظر حول المظاهر الأولى لمصطلح فتنة:
G. H. A. Juynboll, Muslim Introduction to his Sahih, J. S. A. I. 5 (1984) pp. 263- 311. especially 303 ff. Cf, G. C. Anawati and L. Gardet, Mystique musulmane (Paris, 1986) 24.
[35] ـ انظر الرواية المفصلة لهذه الأحداث وتحليلها في:
M. I. Fierro, Heterodoxia, pp. 106- 111.
[36] ـ ابن حيان، المقتبس، ج3، (باريس 1937)، ص 133.
[37] ـ نفسه، 138.
* ـ تعكس هذه العبارة منهج المؤلفة الذي يعالج الموضوع، لا في مجاله التداولي الأصلي، أي الثقافة الإسلامية، ولكن من خلال المجال التداولي للباحثة. (المترجم).
[38] ـ حللنا النصوص المتعلقة بصلاة الاستسقاء العائدة إلى المدة قيد الدراسة، في مقدمتنا لعمل ابن بشكوال، كتاب المستغيثين بالله تعالى (مدريد، 1991).
[39] ـ ابن أبي الدنيا، الهواتف (القاهرة، 1988)، يورد أمثلة مختلفة عن تسبيح الكائنات الحية والجمادات (137 ـ 153).
[40] ـ انظر مقدمتنا لعمل ابن بشكوال، كتاب المستغيثين، الذي يورد روايات متعددة لهذه الكرامة. وتنسب حالة أخرى من المقدرة لابن باز ولعيسى بن دينار (ت212 / 821) وقد أوصى كلاهما أيضا: أن يصلي ابنه على جنازته، و كان كلا الابنين غائبين لكن ظهر كل منهما فجأة، وصلى على جنازة والده (عياض، ترتيب المدارك، ج4، 110.).
[41] ـ م. إ. فييرو، انظر الدراسة التمهيدية لـكتاب البدع، ص 33. نفس الكرامة أوردها ابن بشكوال، كتاب المستغيثين، ص 65 و66.
[42] ـ عاش أبو العجنس في عهد الحكم الأول (180- 206 / 796- 822). انظر ابن الفرضي، تاريخ، رقم 909.
[43]ـ عياض، ترتيب المدارك، ج4، 428.
[44] ـ M. Marín, Nómina , no 1291
[45] ـ ابن حارث، أخبار الفقهاء، رقم 129.
M. Marín, Nómina , no 558. – [46]
[47] ـ (توجد هذه المعطيات في ابن حارث، أخبار الفقهاء) 763 M. Marín, Nómina , no
48 ـ ابن حيان، المقتبس، (طبعة مكّي، القاهرة، 1973). انظر ابن حارث، قضاة قرطبة، ص 79.
[49] ـ M. Marín, Nómina , no 524.
[50] ـ . M. Marín, Nómina , no 1467
[51] ـ بعض الزهاد الأندلسيين زاولوا المرابطة في شمال أفريقيا، مثل أبي العلاء وأبي هارون الأندلسي: كلاهما عاش في قصر لمطة (ابن الأبار، التكملة، طبعة م. ألاركون رقم 2483 و2693).
[52] ـ M. Marín, Nómina , no 675.
[53] ـ يمكن إضافة مثالين آخرين لهذا الموقف إلى الأمثلة المذكورة سابقا. فقد امتنع عبد الأعلى بن معلى عن أكل الخبز أثناء إقامته في بجانة، لأن السلب الذي وقع في المدينة سابقا، جعله يشكّ في أصول البضاعة التي بيعت هناك (عياض، ترتيب المدارك، ج4، ص 225). (رواية عياض لا تذكر أنه امتنع نهائيا عن أكل الخبز، بل لم يشبعه فقط، (المترجم)) ولم يكن يوقد لبني هلال المشهورون بعلمهم وزهدهم، في قرطبة، نار، ولا يطبخ عندهم شيء، طيلة الأعياد المسيحية، في يناير/ كانون الثّاني، لتمييز أنفسهم عن التقاليد المحليّة وتأكيد هويتهم، باعتبارهم مسلمين (نفسه، ج4، ص 429). (يذكر نص عياض أنهم لا يفعلون ما سبق “ليلة يناير” فقط. ولعل المقصود ليلة رأس السنة الميلادية، وليس كل شهر يناير كما ذكرت المؤلفة. (المترجم))
* ـ كذا في الأصل، والمؤكد أن المؤلفة تقصد ابن موسى (المترجم).
[54] ـ الزبيدي، طبقات، 6، 175.