الوحدة والتنوّع في الفكر الصوفيّ الإسلامي

الوحدة والتنوّع في الفكر الصوفيّ الإسلامي

الوحدة والتّنوّع في الفكر الصّوفي الإسلاميّ

        بقلم: د.سارة الجويني حافيز

                                        

تتباحث الإنسانيّة اليوم طرق انتظامها داخل الرّمال المتحرّكة للعالم وحيث يستريح البعض إلى المعرفة الكليّة الشاملة المحيطة بكلّ موجود والمنصوص عليها في الكتب السماويّة أو المذاهب الوضعيّة بشخصيّاتها المعلّمة للتاريخ ، يتساءل البعض الآخر عن راهنيّة القيم والأخلاق المستقرّة في النّصوص أمام الزّخم العلمي المعرفي والوثبة التكنولوجيّة التّي نحتت ما يعبّر عنه -بالإنسان الكوكبي-  نسبة إلى انتمائه القصري لمجال كونيّ انمحت فيه الفواصل الجغرافيّة والزّمنيّة وطرحت عليه اشكالات تتعلّق تحديدا بالهويّة الدينيّة والهويّة الحضاريّة بالمقاييس الإتيقيّة المفترضة في مثل هذه الإنتماءات وقد سبق للرسول الأكرم التنصيص على الأخلاق كهدف أسمى من وراء البعثة المحمديّة حيث يقول عليه الصلاة والسّلام [ إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ]  [1] وعليه  يفهم ما يمكن  فهمه من معاني السّجيّة والطّبع ومن أحوال النّفس البشريّة المزدوجة الخيّرية الشّريرة في آن . لقد تباحثت فلسفة الأخلاق وضمن محدّدات دينيّة وعرفيّة أو إجتماعيّة وداخل مشاغل فكريّة فلسفيّة إمكانيّة إرساء نظريّة قيميّة تجمع المعايير المحدّدة اللخير على المعايير المحدّدة للواجب ومستتبعاته من حلال وحرام ومن قوانين للعقوبة والرّدع كما سجّل أكبر فلاسفة علم النّفس من أمثال  ” سيمون فرويد Sigmund Freud  ت 1939 م ” تلك السّجايا العقائديّة المقننة للفعل الإنساني والباحثة عن توازنه النّفسي لدى الشّعوب الأبعد في العدّ الزّمني للتاريخ وذكر من جملة ما ذكر الرّغبة المبكّرة في الإمتثال إلى نسق أخلاقيّ بعينه كما نصّص على الطابع العالمي للشعور الدّيني بقوله أنّه “Névrose obsessionnelle universelle ” [2] أو هاجس عصابيّ عالميّ من وجهة نظر نفسيّة خالصة يرى فيها الشعور الديني والأخلاق المتعلّقة به مجسّمات لخصيصة النّفس الدّاخليّة وحيث يثبّت  من حيث يريد أو لا يريد الروحنة الكونيّة كأساس وكآليّة لكلّ إنتماء دينيّ مع  ما يمكن أن نحبّره بخصوص مثل هذه الرؤى الفلسفيّة المختلفة ربّما من حيث المنطلق والأهداف عن القراءة الدينيّة الإعتقاديّة الخالصة ، يبقى أنّ ثنايا الخطاب فيها  تتقاطع إلى حدّ مع أشهر نظريات مفكرّي الإسلام الأكثر تشبّثا بحرفيّة النصّ خصوصا إذا ما تدرّع فكرهم بالنّفس الصّوفي ولا أدلّ على ذلك من ممّا ذهبت إليه بعض الأقلام في قراءاتها لفكر ” سعيد النورسي ت 1960 م ” القائلة بأنّ ” المعرفة لا تكون صحيحة بحيث تقنع العقل وتطمئنّ إليها النّفس إلاّ إذا جاءت على أعقاب معرفة كليّة شاملة تحيط ببنيان هذا الوجود كلّه ” بحيث أنّ ما نصل إليه من دون ذلك القدس الماثل فينا وأمامنا متوهّم في محدوديّته إزاء المطلق وفي جزئيّته إزاء الكلّي  ولعلّ أغلب الأفكار المتكوكبة حول النصّ والمستشعرة لذلك الخطر المحتمل لعولمة المعرفة وعولمة الإنسان بمقتضاها والتي تطرح جملة من الأسئلة تخصّ حدود الكونيّة أو العالميّة وافتراقها أو تداخلها وتناغمها مع العولمة المشكلّة لتوجّس بات مطروحا

  • فهل تكون الكونيّة توليفية كيانيّة جامعة للعالم تحت راية مبدعه ووفق قواعد تترأسها الأخلاق في سياق وعيها المتجدّد بالقيم الشبيهة بأفرادها المعاصرين لها ؟
  • هل تستجيب البشريّة إلى مقدّمة ثابتة أساسها وحدة الأصل البشري وإلغاء كلّ التّصورات الإعتباريّة الإضافيّة المتعلّقة بالجنس والعرق والإنتماء تأسّيا بقوله تعالى [ يا أيّها النّاس آتّقوا ربّكم الذّي خلقكم من نفس واحدة ] [3]
  • أم أنّها قضيّة هوويّة تعيد علينا وباستمرار امكانات الوحدة والتعدد ، الثبات والمتّحرّك في سياقات سياسيّة وأخرى أيديولوجيّة أو دينيّة تعبّر عن القلق اللّصيق بالوجود الإنساني ؟
  • أو هي قضيّة معرفيّة خالصة كما عدّها ” إدغار موران ” [4] نشاطا تنظيميّا محدودا في استيعاب العالم الخارجي فالمدار المحتسب ذاتيّا يشكلّ انعكاسيّة الوعي يحمل في ذاته شكلا غير متمايزا أو بعدا معرفيّا ذاتيّا ، وفي توصيفه لأصل المعرفة ومقتضياتها يذكر وإلى جانب المعطى الفيزيائي التنظيمات والخلايا الإجتماعيّة ويسمّيها بالتّنظيم ” الهولوغرامي ” أو بمعنى تنظيم الكلّ داخل الجزء وحيث يذكر ” أنّ الكائن المنظّم بيئيّا وذاتيّا سوف يكون مسكونا من قبل معرفيّا بالعالم الذّي يسكنه بحيث تشمل كلّ عمليّة معرفيّة في ذاتها أشكالا قبليّة لكلّ العالم الأكبر المحيط … وبذلك يحمل الكائن الحيّ في طيّاته هولوغرامة الإفتراضي الخاص في شكل جينيّ ويشكلّ في ذاته كائنا ” هولونوميّا Holonomique ” يشمل العالم الذّي يحي فيه ” [5] ويصل إلى خلاصة مفادها أننا لا يمكن أن نقبل ونعترف ونتصوّر ونفهم كلّ ما سبقنا بغير ذلك التنظيم المفاهيمي المتّصل الحلقات ، وهو وفي تنظيره هذا للمعرفة يتساوق وكلّ الأسئلة السّابقة المطروحة والمتعلّقة بالتّوليفة الكونيّة ، والوحدة البشريّة ، والسّياق الوجودي القلق ولو أنّ المادّة في ذلك منتخبة من بيئات فكريّة وحضاريّة مختلفة فإنّ الإشكالات المطروحة هي إشكالات الوجود الإنساني وطرق تنظّمه .

لذلك ومثله تترأّس المسألة الهوويّة حوار الوحدة والتعدّد لأنّها تخرج المنتسب إليها من حالة العدم إلى الوعي المستديم بذات متفرّدة تقابلها ذوات آخرويّة مختلفة ، ولأنّ الإفتقاد إليها أحيانا من أشكال الضياع الحاد . ولو توغّلنا في المسألة الفلسفيّة المتعلّقة بهذا الخصوص نجدها تؤسّس تصوّرها عن الهويّة في الاعتقاد بوجود نواة داخليّة فطريّة تنبثق بميلاد الوجود الإنساني كالنّفس والماهيّة ، إلاّ أنّ الإعتبار المفارق للزّمن قد يتعارض مع تشكّل وبناء الذّات من حيث استمرار ودوام الوعي في علاقته بالذّاكرة وارتباطه بالزّمن وفي تلك التّخوم تحديدا تتشكّل الكثير من الرؤى الصّوفيّة المخاطبة لهذه المفردات وأعني بذلك :

  • التّمثّل الزّمني في الفكر الصّوفي
  • النّظر إلى الوحدة داخل التعدّد والتّعدّد في صلب الوحدة
  • الجوهر والماهيّة وطرق انتظامهما في الوجود
  • تمثّل الوجود والشّخوص السّابحة فيه بانتماءاتها المختلفة فيما عبّر عنه وفي حقول معرفيّة أخرى بالهويّات المركّبة

يقوم الفكر الصّوفي الفلسفي على أساس قوامه الإنفصال عن الذّوات الفرديّة المؤسّسة للأنانيّة وعليه يحتمل الوعي الصّوفي إلغاء التّميزات الفاصلة بين الأنا والآخر- كما كررت وأكررّ دوما – من دون أن يمحو وجوده الدّاخلي الذّي يعتبره جزءا غير منفصل عن الوجود برمّته فالله مصدر كلّ شيء وهو الهويّة السّارية في جميع مراتب الوجود التّي يراها الصّوفيّ بإشراقاته وبفيض العلم الذّوقي الذّي يمكّنه من رؤية مناطق النّور  من حوله ولو انطفأت منابعه ولأنّ الصّوفي يعدّ العالم على صورة الله فإنّ ” مرآته الدّاخليّة تتمثّل الحقيقة الإلهيّة الخالصة  والكليّة ” [6] دون وسائط ، لقد تمثّل الوعي الصّوفي وحدة التنّوع الهائل للحقّ والحقيقة وسلّم بأنّه يصعب حصره في حدود العبارة والمنطق وبالتّالي انعدمت لدى عدد من المتصوّفة الفوارق التّصوريّة بين الأديان خاصّة وأنّ الصوفيّ مجبول على المحبّة ، حبّ تشرق به نفوس العارفين كما يردّد على ألسنتهم ليغمر الكون بأسره على اعتبار أنّ الكون وما فيه غيبا وشهادة هو مرآة لظهور الحقّ وفي ” رباعيّات جلال الدّين الرومي ت 672 هـ / 1273 م ” أمثلة لذلك التمثّل الواحدي للعالم من حيث الأنا الشبيه بالأنا وبالآخر أو بمعنى ما يلاحظ لديه من تمعّن الوحدة وفي التنوّع والإنطلاق من الأنا نحو الآخر ومنه مبدع الأنا والآخر.

 

يقول في رباعيّاته المترجمة إلى العربيّة

   ممتلئ بك

  جلدا ولحما وعظما وعقلا وروحا

  لا مكان لنقص ورجاء أو للرّجاء

  ليس بهذا الوجود إلاّك [7]

وحيث تندمج تفاصيل الجزء في الكلّ أو فيما عبّرت عليه سابقا بعدم انفصال الذّوات عن الكلّ فليست الكينونة أو انعدامها لديه فيما تبدو عليه بل أنّ وجودها متحقّق بما يكون في العالم ومنه نظرته لوحدة الأديان على الرّغم من خصيصة كلّ منها وانفرادها في تمثّل معتقدها ، يقول في موضع آخر

     يدان عينان قدمان

     لابدّ أنّ ذلك خير

     بل إنّه لا شقاق بين الرفيق وعشقك

     أيّ انشعاب هناك يسنّ فروقا لا تفي

    كيهوديّ ، مسيحيّ ، ومسلم [8]

 

كذلك فعل ” الحلاّج ت 309 هـ / 921 م ” لمّا تحلّل من كلّ أشكال النّمذجة الدّينيّة وعبّر عن رغبته في وحدة تستوعب الإختلافات الظاهريّة  وصرّح بأنّه  تفكّر في الأديان جدّ محقّق ” فألفيتها أصلا له شعبا جمّا ” [9] على حدّ تعبيره

وغير بعيد عن ذالك رؤية ” محي الدين ابن عربي ت 638 هـ  / 1240 م ” المكرّسة للتّلاشي في الحقّ انطلاقا من وحدة الوجود وما ينبثق منها من اعتبار وحدة الأديان بالنّظر إلى  أصل الحقيقة الواحدة بمعنى أنّ وجود الله ووجود العالم هما ضرب واحد من الوجود ووجود المخلوقات هي عين وجود الخالق والفروق أمور يقتضيها الحسّ الظاهر وعليـــــــه

تكون الحقيقة ” واحدة في جوهرها وذاتها متكثّرة بصفاتها وأسمائها ، لا تعدّد فيها إلاّ بالإعتبارات ، والنّسب ، والإضافات ، وهي قديمة أزليّة لأبديّة لا تتغيّر وإن تغيّرت الصور الوجوديّة التّي تظهر فيها ” [10]

وفي هذا القول تبدو لدينا واضحة جملة من الإعتبارات أخصّها التصاقا بعنوان هذا البحث :

  • وحدة الجوهر ، جوهر الوجود ، جوهر الإنسان
  • التكثّف ليس غير – الصور الإسميّة –
  • ربط بين الإله المنزّه والمألوه فهذا الإله يقتضي نسبا إضافيّة إلى من هو مألوه له أو بمعنى أنّه لا ينفذ إلى الله الحقّ إلاّ من عرف وتمثّل العالم والخلق كلاّ
  • ارتفاع مرتبة الإنسان فهو روح الله وعلّته وسببه وبمقتضاه تتلاشى صور الموجودات التبعيّة
  • تناول لقضيّة الأزليّة وقدم العالم التّي طرحت وبكثافة في جدل الفرق الإسلاميّة الكلامي ، ولعلّ الأمر محسوم لدى ابن عربي في هذا القول لإعتباره أنّ الأزليّة والقدم لا ينفيان تغيّر الصّور الوجوديّة الظّاهرة فيها كوعاء لها .

 

                 لقد صار قلبي قابلا كلّ صورة     مرعى لغزلان وديـــــر لرهبان

                وبيت لأوثان وكعبة طـــــائف      وألواح توراة ومصحــــف قرآن [11]

وفي الواحديّة لدى ” ابن عربي ” معنى الحقيقة المحمديّة فجميع الأنبياء نوّاب من حيث إثبات الأصل الواحد للشّرائع لأنّهم في الحقيقة ” لم يعبدوا الله إلاّ من حيث أدركوه ” [12] وبالتالي فإنّ تمثّله للآخر هو وعدد من المتصوفة يمرّ عبر تجاوز الذّات وحيث تبدو في مثل هذا التوجّه نزعة إنسيّة تتجاوز حدود الطائفة والقوميّة والدّين .

هذا ومثل ذلك نجد له صدى واضحا في فلسفة ” كلود ليفي ستراوس  ت 2009 م ” أو في مقالات الأناسة لديه وهي – أي الأناسة – من المواضيع المتداولة في الكثير من الدّراسات المعاصرة الباحثة في طرق تنظّم الإنسانيّة في هذا القرن ولعلّ الإستشهاد بنظريّــــــات من

حقول دلاليّة وثقافيّة وزمنيّة أخرى تستجيب إلى النّزعة الصوفيّة القائلة بمحو الفواصل والنّظر إلى الجوهر البشري ومقولة الأناسة في ذلك تؤسس إلى حقيقة رقاقيّة في التّعبيرة الفلسفيّة المؤلّفة من عدّة شرائح متميّزة مترابطة فيما معناه أنّ التّوصّل إلى وضع نظريّة كهذه يحتاج إلى ” بذل ما في الوسع لكي يركّب على التّصوّرات الدّينيّة  التّي تلقّاها في مجتمعه بالذّات ، تصوّرات دينيّة أخرى لبشر كانت البداهة التّاريخيّة والجغرافيّة تؤكّد على كونهم بالتّمام والكمال قوما آخرين لا شركاء متواطئين أو تابعين لا لبس في تبعيّتهم ” [13] ونرى هنا ذات المفردات تطرح فلسفيّا من حيث تواطؤ التّجربة الدّينيّة لأقوام اختلفوا من حيث الزّمن والجغرافيا ، وهي نظريّات توصف بكونها  تقوم عوضا عن التّضادّ بين التّفسير السّببي والفهم ، مع ذلك فإنّ “امكانات تطبيق تجربة الآخر الحميميّة على الذّات ليست إلاّ واحدة من الوسائل المتوفّرة ” [14]حتى لا نقول أنّ الفكر جميعا يتماهى وهذه النّظريّة أو أنّه يتأوّل العالم والوجود من هذه النّاحية فحسب يبقى أنّ المعطى الثّقافي والتاريخي الشّديد الخصوصيّة ببيئة معيّنة يمكن لعلماء الأناسة إدراجه ضمن قائمة أعمّ كما تيسّر لفلاسفة التصوّف إخراج الفرد من الإنتماء الأخصّ إلى الهيولي العام انطلاقا من مقدّمة أساسها أنّ الحقيقة الواحدة المنفصلة عن الماهيّة ومقتضياتها من اتهام أو تبرير وعليه يكون نسخ الشرائع مثلا أو استبدالها في حكم التّاريخ المعنوي وتاريخ الشرائع في ذلك تمثّل مستمرّ للحقّ وهو لبّ هذه النّظريّة الممتدّة في الفكر الصوفيّ امتدادا واسعا تلاحظ في أكثر الآثار فحديث ” أبو يزيد البسطامي ـ 261 هـ / 873 م ” يحظره القول بالكلّ المنتج للجزء كما يحظره الكلام عن هويّة الحقّ الكليّة وحيث يقول : ” فغيّرني عن أنانيّتي في هويّته ، وأراني هويته فردا فنظرت إليه بهويته ، فلمّا نظرت إلى الحقّ بالحقّ رأيت الحقّ ” [15]  كذلك استقرّت لدى ” عبد الحقّ ابن سبعين ت 669 هـ / 1217 م ” مقولة تعدّد الموجودات المختلفة الماهيّة أو ما يعبّر عنه بوحدة الأصل وتكثّر الفرع الواضح في قوله : ” فاتّحد الكلّ بالجزء فارتبطا بالأصل وهو الموجود وافترقا وانفصلا بالفرع …وعليه فالجهّال غلب عليهم العارض وهو الكثرة والتعدّد والخاصّة غلب عليهم الأصل وهو وحدة الوجود ” [16]

 

ومن الجدير ذكره  احتراز بعض الدّراسات الأخرى من تغوّل الأنا الهوويّة في عصرنا لوصاية بعض الآراء الفلسفيّة والأخرى الطبيعيّة في تحليلها ومعرفتها بالإنسان بحيث لم تفتأ تكرّس جهلنا به ” ويتمثّل هذا الجهل في محاولات ردّ أنشطة الكائن المتنوّعة إلى بعض الوظائف الثنائيّة والميكانيكيّة الرتيبة مثل الفعل وردّ الفعل ، الإثارة والإستجابة ، البثّ والتّقبّل … التّذكّر والنّسيان ، الدّال والمدلول ” [17] وتلغي في مقابل ذلك مسائل الشّعور والحدس والعاطفة فالعقل الطبيعاني لا يقدر على التّفكير خارج منطق المقادير ويهمل تبعا لذلك القيم النوعيّة والخصائص الثانويّة والأكيد أنّ المنحى الصّوفي أعطى لهذه المفردات الأولويّة القصوى فباتت معرفته بالإنسان أقرب من كلّ الحسابات الميكانيكيّة التّي تجرّده من كلّ قداسة وتنظر إليه من زاوية المنتج والمستهلك فحسب لأنّها تؤثّث إلى الهويّة الكونيّة وإلى تخثّر ” الأنا ” فالفضاء الكوني في تصوّر العارف لوحة للكتابة الرّمزيّة التّي يعمل على كشفها واختراق صورها وله في المقامات والأحوال ما يدعم ذلك بل وما يؤسّس له :

  • استبطن المتصوّفة مقام المحبّة وعرّفوها بكونها ميل للحقّ ومبدع الكون دونما تكلّف فهو ملّتهم كما في أشعار ” ابن الفارض ت حوالي 632 هـ ” وعن مذهبي في الحبّ مالي مذهب   وإن ملت يوما عنــــــه فارقت ملّتي [18]

وحيث يتميّز مقام المحبّة بإزاحة الأنا والضّمور المتعمّد في الهيولي الأكبر لذلك هي عند أكثر المتصوّفة باب للمعرفة الحقيقيّة ، وهي خروج من العدم وهزيمة للحرج الذّي يمكن أن يصاحب العدم أو استعجال للسّفر إلى الملكوت الأرحب للحقّ وفي ذلك مشاهدة العبد لنفسه على أنّه مظهر الحقّ وهو لذلك الحقّ كالرّوح للجسم باطنه غيّب فيه ، والعادة في الحبّ أن لا يكون مشروطا وأن لا يجيب عن أسئلة بتلك المواصفات يتعشّق العبد ربّه ويحبّ مخلوقاته

 

  • اتّخاذ التّأويل العرفاني لدى المتصوّفة من زوج الظّاهر والباطن المبدأ الذّي يقوم عليه العالم من حيث هو إنسان كبير ، والإنسان من حيث هو عالم صغير والمماثلة بهذا المعنى عمليّة ذهنيّة تتّخذ من التشبيه والتناظر مصوّغات عرفانيّة لذلك تتكرّر عبارات الأنا أنا والهو هو أو صور القرين والظلّ ويمتزج الدال على المدلول وقد عرف المتصوّفة بقدرتهم البالغة على التّرميز وتداعي المعاني بحيث يكون ” بين الرّمز والمرموز له رابطة معنويّة تجعلهما شبيهين في الجوهر وفيهما قدرة على التّركيب الذّي يجمع بين ما اختلف في ظاهره وما اتّفق في باطنه …إلى جانب وجود رموز عمادها التّداعي الصوفي بين لفظي الرّمز والمرموز له “[19] كما جاء في ” الرّمز الصوفي بين الإغراب بداهة والإغراب قصدا ” ولعلّ التّرميز هنا من وسائط ذلك التّمثّل المزدوج للظاهر في مقابل الباطن أو هي المجلى الدقيق لقدرة المتصوّفة على بيان مظهر الواحد في الصور الجزئيّة للكلّ بحيث لا يذكر الوجود على أنّه حقّ بإطلاق وإنّما يذكر الحقّ على أنّه تجلّي لصور متكثّفة لذلك يذهب “ابن عربي ” إلى ” أنّ الله لمّا تسمّى بالظّاهر والباطن نفى المزاحمة . إنّ الظّاهر لا يزاحم الباطن والباطن لا يزاحم الظّاهر ، إنّما المزاحمة أن  يكونا ظاهران أو باطنان ، فهو الظّاهر من حيث المظهر وهو الباطن من حيث الهويّة ، والمظاهر متعدّدة من حيث أعيانها لا من حيث الظّاهر فيها فالأحاديّة من ظهورها والتّعدّد من أعيانها ” [20] وعليه تتأكّد وحدة التّصور الميتافيزيقي لعدد مهمّ من المتصوّفة يدعمهم فكر ” عبد الحقّ ابن سبعين ت 668 هـ / 1268 م ” [21] الذّي يعدّ مبحث المعرفة جزءا لا يتجزأ من مبحث الوجود لإرتباط النتائج بالمقدّمات وحيث تبدو مفردات الوجود والحصول والثبوت والكون موضوعات للوجود الأعظم أو الحقيقة الواحدة المطلقة ولعلّ ذلك يجيب إجابة ضافية عن سؤال : كيف يتمثّل الصّوفي الوحدة والتعدّد في آن ؟

 

 

  • اتّصال مقام الفناء لدى المتصوّفة بإذابة لوازم الذّات لا إلغائها بمعنى الفناء للذّات بل هو فناء عنها من أجل كشف فضاءات أخرى تزخر بشواهد الجمال الإلهي وحيث نجد المساحة مشاعة ما بين الإستغراق في المحبّة ، واستجلاء الحجب ويذهب “عبد الحقّ منصف ” وفي تحليله لمقام الفناء بأنّه ” تجربة أنثروبولوجيّة مركّبة ناتجة عن اختيار ذاتي للصّوفي ، إنها اختيار ذاتي لا مذهبي ، فالصوفي حينما يصطدم بمقام الحيرة يطلب تجديد علاقته بالألوهيّة والعالم ضمن أفق مغاير لأفق الكشف والمعرفة غير أنّه لا يفرض اختياره هذا على الآخرين وإنّما يلتزم به شخصيّا أحساسا منه بأنّه يلقي به في غمار تجربة متفرّدة وخاصّة ” [22] ولعلّ التّحليل هنا يؤكّد على أنّ جانب التّفرّد في التّجربة الصّوفيّة لا يقلّ على استعدادهم

لقبول التنوّع بالتّنصيص على عدم اجبار الآخر على تبنّي ذات التّمشي وذات النّظرة وقد تتطلّب رحلة التّفرّد تلك شيئا من الإغتراب والعزلة وفيضا من الجمال يستجيب إلى حدّ للنموذج المعياري عن الصوفي الكامل يبقى أنّنا نعثر عليه أيضا متشظيّا باحثا عن الكمال بالنّظر إلى المسافة الأنطلوجيّة الكامنة مابين الذات الإنسانيّة والذّات الإلهيّة ، ذلك لا يمنع القول أنّ  لهذه التّجارب ما بين أرادة الإتّصال وواقع الإنفصال جماليّتها وربّما  وقدرتها على محبّة مخلوقات الله في رحلة بحثها على الفناء فيه ولعلّها تبدو أكثر استقامة إذا ما أخضعناها لمشرحة النّظريات المتأمّلة في الفعل وفي اقتران العقل النّظري بالعقل العملي وتحديدا في تنصيص بعض الدّراسات [23]على أنّ مقاصد الفعل هي البيئة الحاضنة للتّجانس الممكن بين الفكرة والعمل وأنّ الكلام المبطّن الغير المباشر في بعض الخطابات يسمح التّدليل على شيء آخر غير منطوق .

 

  • القول بالكمال الإنساني دعامة مهمّة لإيقاظ النّفس من الغفلة فالإنسان الكامل عند المتصوّفة له أعلى مراتب التّمكّن بفعل العناية الإلهيّة وحيث يذهب ” عبد الكريم الجيلي ت 826 هـ / 1424 م الأرجح ” إلى أنّها مرتبة من مراتب أهل الغيب وهي مرتبة تجلّي الله بأفعاله …بحيث لا يكون للعبد فيها من شيء إلاّ بمقدار قبول تلك التّجليّات من حيث كونه  – ذاتا صرفا – “[24] وفي ذلك يشهد الصوفي ومن خلال أبعاده المكرّسة للواحديّة جريان قدرة الله في الأشياء ويؤمن بأنّه محرّكها ومسكّنها بالنّظر إلى الوجود الإنساني الموقوت ووفق مداومته التّأمّل في الكلّي والنّسبيّ . لقد بحثت فكرة الكمال المطلق -وبقطع النّظر عمّا يصاحب تلك الكمالات من مظاهر- في أطر العلاقة بين العالمين السّفلي والعلويّ وفي امكانات تحقّق المعرفة متساوقة  وصورة الكمال المطلق الذّي تتفرّع منه كمالات فرعيّة وسعت في رحلتها المعرفيّة تلك إلى بلوغ جواهر روحانيّة تحفر في أبعاد النّفس وتأخذها إلى مداها النّفيس .

هذه بعض السّندات للوحدة والتّنوّع في الفكر الصوفي الإسلامي من خلال تباحث المسألة المعرفيّة ومن خلال مقاييس الإنيّة والآخرويّة بين المقامات والأحوال وبين خصيصة الجوهر وتتعّد تمظهراته وامكانات اتّصاله بالإمداد الأعمّ للحقيقة كما ظهر على لسان وفي آثار بعض الأسماء المعلّمة لمجموع المسائل المطروحة .

 

                            فأيّ حاجة إلى إثارة هذه المباحث ؟

    وهل يستجيب النّظر الصّوفيّ إلى اهتمامات مطروحة على طاولة الدّرس في عصرنا ؟    أم أنّه مجرّد ولوج إلى عوالم جماليّة روحانيّة لا يدركها غير المتــــــــــــمعن فيها بتجربة      

                                      مخصوصة ؟

                    أو هي فلسفات وتأوّل للحياة يستحقّ التّوقّف ؟

الواقع أنّ الإجابة عن هذه الأسئلة تتوقف على رؤية المحلل لها وميولاته من حيث التّدقيق والتّحقيق في المدارس الصوفيّة وفلسفاتها ، إلاّ أنّ العناوين التّي تحضرنا تحيل مباشرة إلى اهتمامات متساوقة تخصّ الإنسان الرّقمي اليوم وسؤاله عن الذاتيّة والغيريّة على كوكب تقترب المسافات بينه باطّراد ملفت ويحتاج في ذلك إلى تأكيد ذاتيّته في فضاء أعمّ ممّا اعتاد الإنظام إليه أو التّعرّف عن نفسه من خلاله ، وقد سبق أن تطارح الفكر إمكانات الخروج الأنا من قلاعها وتأسيسها لعلائق تمايز لا علائق نفي للآخر المختلف أو بمعنى الخروج من الأنا الإستكفائي وذات المطلب يحضر اليوم بعض الخطابات السياسيّة المشكّلة للمشهد العام والمدركة إلى أنّه لا يمكن جدولة الوجود بكلّ ما فيه ضمن هويّة واحدة فالهويّات نسجها التاريخ وأحكم نسجها واستبطنها الإنسان جينيّا بشكل لا يسمح بالإنبتات التّامّ عنها وهو ما قرأه ” أمين معلوف في الهويّات القاتلة ” بحيث ذهب إلى أنّ تفحّص الهويّة يشبه تفحّص الضّمائر وأنّه لا يهدف إلى العثور في ذاته عن انتماء أساسيّ يتعرّف على نفسه من خلاله ، بل إنّه يتبنّى الموقف المعاكس ببحثه في ذاكرته لإكتشاف أكبر عدد من عناصر هويّته ليجمعها ويرتّبها ولا ينكر أيّا منها ” [25] وقد سبق بيان وفي سياق شبيه امكانات التّعددّ في الفكر الصّوفي من دون انفصال عن الواحديّة المشكلّة للحقيقة ووفق إستجلاء حجب الّنفس المركّبة أو الوهميّة يتخفّى وراءها الإنسان المتكثّف الصور بحيث يمرّ المتصوّف وبسهولة من الإستغراق في الذّات إلى انكشاف الصور الإسميّة  للذّوات المتعدّدة المختلفة وتلك السّهولة في اعتباري ليست متاحة  في فضاءات معرفيّة أخرى فالأنا الديكارتي مثلا ركّز على وعي الذّات لوجودها المستقلّ فيما ذهب البعض الآخر إلى ضرورة قذف الأنا خارج ذاتها لتدرك ماهيّتها من خلال عوالم أخر وأكّد آخرون أنّه يتمّ وعي الأنا بذاته عبر المقابلة أو الشّعور بالتّضاد إلاّ أنّ السادة المتصوّفة وعلى الرّغم من ارتفاع نسبة التكوكب على الذّات فيهم لا يشعرون بالتّضاد والآخر المختلف فاختلافه إسميّ فحسب واختلافه يعود إلى تعدّد مظاهر الوجود كألوان الزّجاج تحت انعكاسات مختلفة للضوء فالزّجاج واحد والضوء واحد وانكسار الضوء محدّد الألوان .  

لقد استطاع الفكر الصّوفي استباق ما يتداول اليوم عن الكونيّة من خلال اعتبارهم العالم كيانًا غير منفصل وتثير “الكونيّة” “l’universel [26] أو “العالمية” نقاشا سجاليّا ونقديّا واضحا بوصفها تتداول توليفة كيانية تجمع العالم تحت رعاية المبدع أحيانا ووفق قواعد ثابتة تترأسها الأخلاق ، وهي وفي قراءة قريبة تنشغل بتجديد أنساق الوعي وإعادة رؤية القيم بشكل إنسانيّ نفعي متحرّر من احتكار السّلطات وهي وفي قراءات أخرى متأخرة تهدف إلى إعادة النّظر في طرق التناول لعناوين نافذة ومتحكّمة كالأديان والأيديولوجيات والقوميات والحدود والهويّات في مقابل الآخرويّة   وسواء اعتبرناها  محاولة لإقامة مفارقة بين الأنا الفرديّة الواعية والغير كما في فلسفة ” ديكارتDescartes  ت 1650 م ” أو اعتبرناها ذلك الذّي ليس هو أنا ولست أنا هو كما في فكر ” جون بول سارترJean Paul Sartre  ت 1980 م ” فإنّ المسألة تشير إلى أهميّة هذا المعطى وأهميّة تموضع الذّات نسبة له ولأن شرائط التّواجد في الفضاء الرّاهن محكومة بالتعدديّة فوضعيّة الاستلاب لا تضفي بالضرورة إلى طرد الآخر أو حيازة الفضاء كلّه ممّا يطرح امكانات الثبات والتعدّد والتّحرّك والإلتقاء والمفارقة وجميعها مستبطن في بعض مقاربات التصوّف الإسلامي المؤسس لأخلاق كونيّة يجد كلّ متناول لها أجزاء من نفسه ممّا يفسّر مجهودات النّقل والتّرجمة التّي تحظى بها آثار الكثير من المتصوّفة وتواردها على ألسنة المنتمين لأديان ومعتقدات مختلفة فأشعار ” جلال الدين الرومي ” يستحسنها الجميع وقد بدت مخاطبة لأعماق الإنسان دون كبير تكلّف ، كذلك كانت رؤية ” محي الدين ابن عربي ” قابلة  لكلّ الصّور وعليه تميّزت القراءة الصوفيّة بتباحث امكانات تصوّر للعالم برمّته ، تصوّر أساسه  الوعي بقدرة الإنسانيّة على التّجانس وإن بدت اليوم بعيدة المنال فإنّ أغلب مقترحات الإصلاح والمصالحة تقوم على هذه المركزيّة الشّموليّة في احتواء مناطق التّقاطع بين الذّاتي الخاصّ والكونيّ العام ، يقول ” رولاند روبرتسون ت 2000 م ” في هذا الشّأن ” أنّ قوميّات العالم الحديث هي حضارات الماضي المنتصرة … وأنّها وفي الوقت نفسه التّعبير عن الحاجة إلى إستيعاب العالمي ومشايعة الخاصّ وإعادة إبتكار الإختلافات … إنّها في الواقع العالميّة من خلال الخصوصيّة والخصوصيّة من خلال العالميّة ” [27]   يتقاطع التّصوّف الإسلامي بكلّ المحمولات السّابقة الذّكر وهذه المحطّات الحواريّة الشّديدة الرّاهنيّة وبذلك يضمن تردّده في ثناياها من زاويته الرّوحيّة التّي لا تقلّل الدّراسات الأنثروبولوجيّة من قيمتها بالنّظر إلى تناولها الإنسان في اختلاف أبعاده.

 

الهوامش

 

[1] – نصّ الحديث أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة ” إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” وأخرج كذلك بلفظ ” صالح الأخلاق ” ، جاء في الأدب المفرد للبخاري .

انظر : العسقلاني أحمد بن علي بن حجر ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، دار الريّان للتّراث ، 1407 هـ / 1986 م ص 665 .

[2] –  Morand Carine : La Religion De Platon à Régis Debray , collection Petite philosophie Des grandes idées , Editions Eyrolles , Paris , 2010 , p 162 .

[3]  – [النّساء : 4 / 1 ]

[4]  – موران إدغار : المنهج  : الجزءان الثالث والرابع ، معرفة المعرفة الأفكار ، ترجمة د يوسف تيبس ، أفريقيا الشرق الدار البيضاء المغرب ، 2013 م .

[5]  – المصدر نفسه ، ص 59 .

[6] – Cheh Ben Tounes Kaled , Bruno Et Romana Sollt : Le Soufisme Cœur De L’islam – Paris 1996 , p 134 .

[7]  – الرومي جلال الدين : رباعيّات مولانا جلال الدّين الرومي ، تأويل محمد عيد إبراهيم ، ترجمة مورين ود و كومان باركس ، دار الأحمدي للنشر ، القاهرة ، مصر ، 1998 م ، ص 27 .

[8]  – المصدر نفسه ، ص 29 .

[9]  – الشيخ الزين عاطف : الصّوفيّة في نظر الإسلام ، دار الكتاب العالم ، ص 227 .

[10]  – ابن عربي محي الدين : فصوص الحكم ، علّق عليه أبو العلا عفيفي ، دار الكتب العربي ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الثانية د ت ، الجزء 1 ، ص 24 .

[11]   – ابن عربي محي الدين : ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق ، علّق عليه ووضع حواشيه خليل عمران المنصور ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى ، 2000 م ، ص 35 و36

[12]  – ابن عربي محي الدين : الفتوحات المكيّة ، دار صادر ، بيروت ، دت ، الجزء 1 ، ص 208 .

[13] – شتراوس كلود ليفي : مقالات في الأناسة ، اختارها ونقلها إلى العربيّة د / حسن قبيسي ، دار التنوير للطباعة والنّشر والتّوزيع ، بيروت ، لبنان ، 2008 م ، ص 68 .

[14]  – المصدر نفسه ، ص 69 .

[15]  – البسطامي أبو يزيد : المجموعة الصّوفيّة الكاملة ويليها تأويل الشّطح ، تحقيق وتقديم قاسم محمد عباس ، دار المدى للثّقافة والنّشر ، الطبعة الأولى 2004 م ، ص 14 .

[16]  – الإدريسي محمد العدلوني : فلسفة الوحدة في تصوّف ابن سبعين ، دار الثّقافة للنّشر والتّوزيع ، الدّار البيضاء  الطبعة الأولى ، 1998 م ، ص 36 .

[17]  – بن تمسّك مصطفى : أصول الهويّة الحديثة وعللها ، مقاربة شارلز تايلور نموذجا ، جداول للنّشر والتّوزيع ، بيروت لبنان ، الطبعة الأولى 2014 م ، ص 51 .

[18]  – نيكلسون رينولد  : في التّصوّف الإسلامي ، نقله إلى العربيّة وعلّق عليه أبو العلا عفيفي ، كليّة الآداب بجامعة فاروق الأول ، لجنة التّأليف والترجمة والنّشر ، د ت ، ص 121 .

[19]  – خوالديّة أسماء : الرّمز الصّوفي بين الإغراب بداهة والإغراب قصدا ، منشورات دار الأمان ، وضفاف ،والإختلاف  طبع في لبنان ، الطبعة الأولى 2014 ، ص 40 و41 .

[20]  – ابن عربي محي الدين : الفتوحات المكيّة ، دار الفكر ، د ت ، الجزء 3 ، ص 303 .

[21]  – انظر د الإدريسي محمد العدلوني : فلسفة الوحدة في تصوّف أبن سبعين – مبحث المعرفة في مذهب ابن سبعين الفلسفي ، دار الثقافة للنّشر والتوزيـــع ، الدار البيضاء ، المـــغرب ، الطبعة الأولى 1419 هـ / 1998 م ، بدايـــة من ص 63 .

[22]  – منصف عبد الحقّ : أبعاد التّجربة الصّوفية – الحب – الإنصات – الحكاية – إفريقيا الشّرق ، الدار البيضاء ، المغرب 2007 م ، ص 40 .

[23]  – الباهي حسان : فلسفة الفعل – اقتران العقل النّظري بالعقل العملي – إفريقيا الشرق ، المغرب ، 2016 م ، ص 30

[24]  – د / زيدان يوسف : عبد الكريم الجيلي فيلسوف الصّوفيّة ، دار الجيل ، بيــــــــــروت ، لبنان ، الطبـــــــــعة الأولى 1412 هـ / 1993 م ، ص 151 .

[25]  – معلوف أمين : الهويّات القاتلة ، قراءة في الإنتماء والعولمة ، ترجمة د / نبيل محسن ، ورد للطباعة والنّشر والتّوزيع ، دمشق ، سورية ، الطبعة الأولى  1999 م ، ص 19 .

[26] –  Universel : Qui s’entend a l’univers entier qui embrasse la totalité des êtres et des choses .

http://www.cnlt.fr

[27]  – كينج أنطوني : الثقافة والعولمة والنّظام العالمي : ترجمة شهرت العالم ، هالة فؤاد ، محمد يحي ، بالتّعاون مع المشروع القومي للترجمة والمجلس الأعلى للثقافة ، مكتبة الأعلى للثقافة ، مكتبة الأسرة القراءة للجمــــيع ، 2005 م  ص 109 .

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!