الوحي والتصوف أية علاقة؟ دراسة في فكر المستشرقة الألمانية أنيماري شيمل
د. عبد الملك هيباوي
التأويل من أجل الدفاع عن الثقافة الإسلامية وتصحيح صورة الإسلام في الغرب، ومن أجل تنوير الغربيين والشرقيين جميعا بكنوز الإسلام الحضارية والثقافية والفنية، وقبل ذلك وبعده، من أجل التفاهم بين الشرق والغرب، ومد جسور الحوار والتعارف، أمضت المستشرقة أنيماري شيمل ستين عاما لا تكل ولا تمل في التأليف والكتابة والنشر والترجمة والتحقيق وإلقاء المحاضرات والإشراف على البحوث، كانت حصيلتها أكثر من مائة كتاب، ومئات الدراسات والبحوث والمقالات والمحاضرات، في مواضيع مجهولة لدى الكثير من أهل الغرب والشرق، شرحت فيها النتائج والخلاصات التي انتهت إليها أبحاثها المتميزة بالوفرة والعمق. وقد ساعدها على ذلك حجم معرفتها الفريد باللغات الأجنبية. فلم تكتف بترجمة النصوص من لغات العالم الإسلامي الكلاسيكية (العربية والفارسية والتركية)، بل أيضا من لغات الهند المسلمة وباكستان (الأردية والسندية والبنجابية ولغة الباشتو). ولهذا فإن أعمالها العلمية قد بنيت على مصادر دراسية لا حدود لها. وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن صاحبتنا تتولى بنفسها ترجمة كتبها الصادرة باللغة الإنجليزية إلى اللغة الألمانية والعكس، تجنبا لأي ترجمة خاطئة أو سوء فهم، خصوصا ما يتعلق بالمصطلحات الدينية أو الأشعار الصوفية.
لم تحظ مؤلفات شيمل بالتقدير من العلماء المتخصصين فحسب، بل أيضا من دائرة كبيرة من القراء الألمان المهتمين بقضايا الدين والثقافة. هذا التأثير الواسع لمؤلفاتها ناشئ عن الطريقة المتميزة في عرض أفكارها، حيث تمتزج الخبرة الواسعة، والجهد الذاتي، والموهبة الفنية في صورة جمالية رائعة.
في هذه الورقة سنحاول عرض وجهة نظر المستشرقة شيمل حول نشأة التصوف الإسلامي والمصادر الأولى التي انبثق منها لنجيب على سؤال الهوية الصوفية في الإسلام.
**لم تحظ مؤلفات شيمل بالتقدير من العلماء المتخصصين فحسب، بل أيضا من دائرة كبيرة من القراء الألمان المهتمين بقضايا الدين والثقافة**
إذا كانت المصادر الصوفية الأولى التي تم طباعتها في الغرب، كما تشير إلى ذلك بعض الدراسات المهتمة بالتصوف ([1])، كانت تقريبا من حقب متأخرة، وكانت نادرا ما تتضمن معلومات صحيحة عن أول ظهور للحركات الصوفية، فإنه قد تم في القرن التاسع عشر والقرن العشرين نقل العديد من الأعمال والمصادر التاريخية عن تاريخ الصوفية إلى اللغة الألمانية وغيرها من اللغات اللاتينية، الأمر الذي مكن المستشرقين الألمان وغيرهم تدريجيا من الحصول على تصور أفضل عن بدايات التصوف الإسلامي وتطوره.
وبغض النظر عن النقاش الدائر في المصادر المشتغلة بالتصوف حول تأثير المسيحية أو الأفلاطونية المحدثة أو الهندوسية أو غيرها بشكل مباشر أو غير مباشر على نشأة التصوف الإسلامي، فقد استطاعت شيمل في دراساتها أن تثبت للقارئ الغربي عموما والألماني على الخصوص “أن اتجاهات الزهد الأولى في الإسلام يمكن ربطها بسهولة بجذورها الإسلامية، وأن ظاهرة التصوف في الإسلام هي نتاج إسلامي محض” ([2]) انبثقت عن حركة الزهد في العصور الإسلامية الأولى ([3]). وتجدر الإشارة هنا إلى أن أبحاث شيمل تتميز بالعمق وتشمل أغلب ما ألف عن التصوف الإسلامي قديمة وحديثه باللغات الإسلامية الرئيسية الثلاث (العربية والفارسية والتركية)، وما ارتبط به من علوم إسلامية كعلم التفسير وعلم اللغة وغيرهما، وما ألف حوله باللغات اللاتينية.
لكن السؤال هو كيف تفسر شيمل انبثاق التجربة الصوفية الأولى من البيئة الإسلامية؟ ومن أين استقى المتصوفة المسلمون الأوائل أفكارهم التي بنوا عليها تلك التجربة؟ وما هي المصادر التي استندوا إليها؟
أولا: القرآن الكريم مصدر التجربة الصوفية الإسلامية
قبل أن نتناول رؤية شيمل للمنطلقات الأساسية التي تأسس عليها التصوف الإسلامي، نود أن نشير إلى أنها قد نبهت القارئ الغربي أن الأبحاث التي سعت لإثبات تأثر التصوف الإسلامي في نشأته بحضارات أخرى مثل الرهبانية السريانية، والأفلاطونية المحدثة ([4])، والزرادشتية الفارسية والفيدانتا (Vedanta) وغيرها، رغم كثرتها، “لم تثبت بالدليل القطعي إمكانية وجود مثل تلك التأثيرات في بدايات التصوف، مقارنة بتلك التي نراها في أطواره اللاحقة ” ([5]).
وبناء على ذلك، فإن شيمل ترجع أصل التصوف الإسلامي ونشأته إلى البيئة الإسلامية المنبثقة عن المصدر التشريعي الأول، ألا وهو القرآن الكريم وطبيعته التي توحي بالمعاني الروحية السامية.
فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها، حسب رأي شيمل، هي أن القرآن الكريم، بما يتضمن من إيحاءات تجنح بالروح إلى رحاب التصوف، كان هو المنطلق الأول لبروز التجربة الصوفية لدى المسلمين الأوائل، فقد كان هو عالمهم الخاص الذي يعيشون فيه ويستلهمون منه معتقداتهم ([6]). ومن كلماته “تشكل حجر الزاوية للمعتقدات الصوفية جميعا” ([7])، الذين كان لهم “الفضل في تغلغل التعبيرات القرآنية وانتشارها في اللغات الإسلامية ” ([8]) بعد ذلك.
تنبه شيمل في هذا السياق، على أن هذه الرؤية في علاقة التصوف والمتصوفة بالقرآن قد تبدو غريبة على القارئ الغربي، ذلك أن النظرة السطحية إلى القرآن قد توحي بانطباع أنه كتاب أحكام شرعية جاف، لا وجود فيه لشيء يخاطب الروح والوجدان ويوحي بالتصوف والروحانيات ([9]). ولهذا فإنها تعقب على هذه المسألة، بالدعوة إلى النظر إلى تدين الزهاد المسلمين الأوائل وورعهم النابعين من استسلامهم للّه والممزوجين بالرجاء والخوف، ومسارعتهم إلى الخيرات والتزامهم بالأحكام المتعلقة بالصلاة والصوم ([10]).
وتبرز شيمل، من ناحية أخرى، أن تأثير القرآن، الحاسم والواضح، في نشأة التصوف ينعكس بجلاء على حياة الصوفية الأوائل الذين كانوا “يحيون في ظل رهبة يوم القيامة كما جاء وصفه في كثير من الآيات القرآنية التي تقشعر لها الجلود والأبدان، حتى اكتشفوا أن القرآن يعِدُ بالحب المتبادل بين اللّه والإنسان (السورة 5: 59). ووجدوا مسطورا في الكتاب الكريم أن النفس الإنسانية لها مقامات متفاوتة: فهناك “النفس الأمارة “، ونفس تعيش في سلامة مع اللّه، وهي (النفس المطمئنة)؛ كما وجدوا أن النفس قد يتغير مقامها، وقرؤوا أن اللّه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد (ق: 16)، وأنه هو رب الكون وخالقه الداني المتعالي الذي (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) (الأنعام: 104)، غير أنه (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) (البقرة: 114)، وأن جعل آيات في الطبيعة وفي الأنفس يجب أن ترى وتعقل ” ([11]).
** ترجع شيمل أصل التصوف الإسلامي ونشأته إلى البيئة الإسلامية المنبثقة عن المصدر التشريعي الأول، ألا وهو القرآن الكريم**.
فالقرآن يتضمن من خلال هذه المعطيات عددا من العناصر المرتبطة بالزهد والتصوف، وبعض الآيات القرآنية تُذَكر الناس مرة بعد مرة بأن اللّه حاضر معهم ([12]).
إن طبيعة القرآن، التي تمثل العلامة الفارقة الكبرى، الداعية إلى التدبر في اللّه والكون والإنسان، تعتبر عند شيمل من الوسائل التي تجنح بالروح إلى حال التصوف أو تغيب بها عن الحضور، فكلما رُتِّل القرآن ترتيلا كان وقعه أقدر على دفع النفس إلى حالة أعلى وأسمى، وفتح لها باب قبول جديد، وكشف لها طبقات من الفهم والأسرار ([13]). هذا التأثير القرآني الواضح على الجيل الأول من الزهاد والمتصوفة المسلمين أكده أيضا عالم اللاهوت “جورج شحاته قنواتي “، الذي أثبت أنه “لا يمكن التمسك بالافتراضات التي تذهب إلى اقتباس المسلمين التصوف عن أصول أجنبية، إذ إنه منذ بداية الإسلام أحس نفر من المؤمنين المتحمسين بالدافع إلى التأمل في القرآن عن طريق المداومة على تلاوته أو “التعمق ” (Interiorize) في روحه ” ([14]).
وتؤكد شيمل من زاوية أخرى على أصالة التصوف الإسلامي من خلال العلاقة التفاعلية الحاصلة بين القرآن والمتصوفة الأوائل؛ فهؤلاء القوم فهموا آيات القرآن التي تشير إلى أن كل ما في الكون من مخلوقات هي آيات تدل على اللّه، وتسبح بحمده بطريقتها الخاصة، ولما تلوا وتفكروا في قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)، أدركوا أن ما خلقه اللّه في هذا العالم، حتى وإن كان حشرة، فهو آية تأخذ بيد الإنسان نحو الطريق إليه سبحانه، وبرهان ثابت على وحدانيته وعظمته، لذا فلا يجب على الإنسان أن يتوقف في الطريق ويتسمَّر أمام الآيات والإشارات ([15])، ولذلك فإن شيمل تذكر أن هناك من المتصوفة من تأمل في الآية القرآنية الواحدة فاستنبط منها حوالي سبعة آلاف وجه من التفسير ([16]).
ولكي يعي الإنسان الغربي ويستوعب دور القرآن القوي في نشأة التصوف نجد شيمل تستقرئ جل أبعاد التأثير القرآني على المتصوفة، فتذكر أن الصوفية تكتسب تفسيرها من كلمة اللّه المنزلة في القرآن، حيث أن اللّه تجلى في تلك الكلمات حتى أصبح القرآن هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يعرفه بها. فالقرآن الكريم كان يمثل في الحقيقة لدى الصوفي قاموسه الجامع بلا منازع، ومرجع كل علومه، ومفتاح تأملاته للكون ([17])، ذلك أن كل ما له علاقة بالأشياء الكونية والعقلية يوجد في هذا الكتاب، وتفسيره في مختلف الأزمنة يظهر كيف أن البديهة الفكرية كانت تنمو في الجماعة المسلمة وتتطور ([18]).
إن التصوف الإسلامي بناءا على ما سبق “منبثق عن أرض إسلامية، حيث يشير اللفظ إلى رداء الصوف الذي كان يلبسه المتصوفة الأوائل الذين سئموا من الدنيوية المتزايدة للمسلمين، فعادوا إلى المبادئ الأخلاقية للقرآن، والتزموا بها التزاما صارما، وحاولوا عن طريق حياة الزهد الشديد أن يهيئوا أنفسهم ليوم الحساب ” ([19])، وهكذا مثل القرآن لديهم، من خلال ارتباطهم الحي والدؤوب به، النور الذي على ضوئه كانوا ولا يزالون يرون ويبصرون كل الأشياء ([20]).
هذا وقد بحثت شيمل بعدا آخر لمصطلح الخطاب القرآني وتأثيره على الأدب الصوفي، فاستنتجت أن القرآن هو الذي طبع، بطابعه المميز الفلسفة وكل الآداب والأشعار الإسلامية ذات النفحة الصوفية أكثر من غيره ([21])، وأن لغة القرآن وأسلوب خطابه قد انعكسا بشكل جلي على الحياة الروحية والذوقية والفنية للشعوب الإسلامية، ذلك أن اللغة العربية كانت هي اللغة المشتركة بين المسلمين في كل العالم، إذ لم تكتف بأن ساهمت في صياغة مصطلحات العقيدة والفقه وحسب، بل تعدتها إلى لغة الشعراء والأدباء، وسرت في المجتمع الإسلامي بوصفها قوة حية. ورغم أن ملايين الرجال والنساء لم يفهموا كلمات القرآن إلا أنهم كانوا يستشعرون قدسية أثره، ويحيون به، إلى درجة يمكن القول فيها إن الذاكرة الإسلامية قد طبعت بطابع القرآن ([22]). ونتيجة لذلك فإن القرآن، كما توضح شيمل، قد اكتسب مكانة مركزية في الحضارة الإسلامية جمعاء، وأصبح يمثل مفتاح الحياة الفكرية الإسلامية الممتدة من المغرب غربا حتى الفلبين شرقا ([23]).
**إن طبيعة القرآن، التي تمثل العلامة الفارقة الكبرى، الداعية إلى التدبر في الله والكون والإنسان، تعتبر عند شيمل من الوسائل التي تجنح بالروح إلى حالالتصوف**.
ولأن شيمل تدرك عمق تأثير القرآن الكريم في الحياة الإسلامية بكل أبعادها وتجلياتها قديما وحديثا، وتدرك بنفس القدر جهل الغرب بذلك التأثير فإنها تنبه أنه “نادرا ما يعي غير المسلم كيف طبع القرآن الكريم آداب المسلمين وفنونهم الثقافية من بلاغة وخط وزخرفة وترتيل، سواء كانوا يتكلمون العربية أو الفارسية أو التركية أو الأوردية ” ([24])، ولذلك فإن هذه العالمة، العارفة باللغات الإسلامية وآدابها، تؤكد أن “من تعلم اللغة الفارسية أو التركية أو غيرها من لغات الإسلام يعرف كيف أن لغة القرآن تسري قوتها في لغة الأدب وفي لغة التخاطب على حد سواء، ويعرف مدى روعة “أبجدية القرآن)) منقوشة في ذوق فني بأياد فارسية وتركية وهندية وإفريقية، فنشأ بذلك فن الخط، وهو فن له أهمية خاصة عند المتصوفة الذين لم يقفوا في تأملهم للحروف عند ظاهرها فحسب، بل تخطوا ذلك إلى تأمل كل حرف على حدة بما له من قدسية كامنة فيه” ([25]). ولتقريب هذه المعاني أكثر من فهم المثقف الغربي فإن شيمل قد خصصت فصلا هاما عن رمزية الحروف في الخبرة الصوفية في كتابها المتميز “أبعاد التصوف الإسلامي ” ([26]).
**إلى جانب القرآن الكريم تعتبر شيمل المصدر التشريعي الثاني، المتمثل في النموذج العملي لحياة النبي صلى الله عليه وسلم.**
وسعيا منها لإقناع من لم يقتنع بعد بأصالة التصوف الإسلامي فإن شيمل تلفت نظر القارئ إلى أن أسماء اللّه الحسنى وصفاته العلى، التي ورد ذكرها في القرآن، هي التي ساهمت بدور مهم في تشكيل النظريات الصوفية المتأخرة، وأصبحت توجه مسار العبادات وتجعل الأمل في اكتشاف “اسم اللّه الأعظم ” هو شغف بعض المتصوفة طمعا في نيل أعلى درجات السعادة والقرب في الدنيا والآخرة ([27]).
إن هذا الموقف من أصالة التصوف من حيث ارتباطه العضوي بالقرآن الذي تبنته شيمل في كتاباتها ودافعت عليه بكل حماس، ليؤكد لنا اطلاع هذه العالمة الواسع على القرآن الكريم ومعانيه وفلفسفته، خاصة الآيات المختلفة التي تخاطب القلب والروح وتوحي إلى حياة الزهد وتضع الإنسان في الطريق نحو حياته الباطنية وتقوي فيه حياة التأمل، وهو أمر يؤكد تميز هذه المستشرقة العالمة في تعاطيها الموضوعي مع القرآن وقضايا الإسلام عموما والتصوف على وجه الخصوص.
ثانيا: محمد صلي الله عليه وسلم مؤسس التصوف
إلى جانب القرآن الكريم تعتبر شيمل المصدر التشريعي الثاني، المتمثل في النموذج العملي لحياة النبي صلي الله عليه وسلم التي انطبعت في مخيلة الأمة الإسلامية والجماعة المؤمنة الأولى، عاملا بارزا في نشأة التصوف الإسلامي. فقد تناولت شيمل شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم في علاقتها بالفكر الصوفي وأثبتت للقارئ الغربي أن هذا الفكر يستند في نشأته الأولى على سيرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم بما تمثله من أقوال وأفعال. وفي هذا السياق نعتبر اعتراف المستشرقين الألمان، على قلتهم، بأصالة نشأة التصوف الإسلامي أمر في غاية الأهمية، خصوصا إذا علمنا أن من أوائل الكتب المختصرة عن الصوفية يتبنى هذا الموقف، قد خط بريشة المستشرق وعالم الدين البروتستاني الألماني “طولوك ” (Tholuck) الذي نشر عام 1821 م بعنوان: “التصوف، أو فلسفة وحدة الوجود الفارسية ” (Sufismus sive theosophia persarum panteistica) وذهب فيه إلى القول “أن أصل التصوف الإسلامي وضعه محمد نفسه، وأنه مشروح من خلاله ” ([28]). وبعده بأربع سنوات نشر له كتاب آخر بعنوان: “باقة زهور من تصوف الشرق ” ([29]) (Blütensammlung aus der morgenländischen Mystik).
يعكس رأي “طولوك”، في نظر شيمل، عين الحقيقة عندما اعتبر النبي محمد صلي الله عليه وسلم هو واضع أصل التصوف الإسلامي وشارحه. ولقد دافعت عن هذا الموقف بحماس، وأبرزت في العديد من مؤلفاتها مكانة النبي في الإسلام عموما، وفي الفكر الصوفي على وجه التحديد ([30]). لكنها اعتبرت من ناحية أخرى النظريات التي تدعي أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم كان هو أول متصوف أمر مبالغ فيه ([31]).
هذا وقد يبدو للوهلة الأولى تناقض في كلام شيمل، إذ كيف يكون النبي محمد صلي الله عليه وسلم هو واضع التصوف ومؤسسه وفي نفس الوقت اعتباره أول متصوف أمر فيه مبالغة. إننا نعتقد أن شيمل تقصد بكلامها الأول أن الأحاديث التي وردت عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم وكذا حياته وسيرته في الأصل كان يميزها بكل وضوح الطابع الروحي المنعكس في كثرة تلاوة القرآن والصوم، وقيام الليل والدوام على الذكر، وهي أعمال رئيسية في الحياة الصوفية، لكن النبي محمد صلي الله عليه وسلم لم يعتبر نفسه بناء على ذلك متصوفا ولم يدعي ذلك في حديث من أحاديثه، ذلك أن مصطلح التصوف لم يظهر إلا من بعده
ولكي تبرز شيمل دور الرسول صلي الله عليه وسلم في نشأة التصوف باعتباره حالة إيمانية وتجربة وجدانية تَرُومُ تهذيب الروح وتزكية النفس وربط قلب العبد باللّه، وتبين مكانته عند المتصوفة وغيرهم من عموم المسلمين، تتبعت العالمة شيمل شخص النبي محمد صلي الله عليه وسلم في القرآن وفي الكتابات الصوفية النثرية منها والشعرية، فأوضحت أن وصفه في القرآن ب “الأمي ” هو محور التدين الصوفي الإسلامي، لذلك تتخذه الصوفية أصلا لها وعلى رأس رجالها ([32]). وفي هذا المقام بالذات تنبه القارئ الغربي، عبر المقارنة بين النبي محمد صلي الله عليه وسلم وبين مريم العذراء أم عيسى لجنهمَا عليهما السَّلَامُ، أنه لما كان ينبغي في العقيدة النصرانية أن تكون مريم ابنة عمران عذراء كي تتلقى كلمة اللّه التي هي غير مخلوقة، فتحل فيها ثم تهبها للعالم، كذلك اقتضي الأمر أن يكون النبي أميا كي تبقى الكلمة غير المخلوقة محفوظة نظيفة، فتخرج منه بلاغا في صورة كتاب. وهكذا بقي النبي وعاء لم يدنسه العلم العقلي، وبلغ الكلمة التي أوحى اللّه إليه بيضاء نقية ([33]).
**تعتبر شيمل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم المتميزة بالزهد وقيام الليل وكثرة الذكر ملهمة لحياة المتصوفة**
ومن هذا المنطلق تعتبر شيمل حياة الرسول صلي الله عليه وسلم المتميزة بالزهد وقيام الليل وكثرة الذكر ملهمة لحياة المتصوفة، وذلك واضح في الكم الهائل من الروايات التي تحويها كتب التصوف عن زهد النبي صلي الله عليه وسلم وعن حثه المؤمنين على المحافظة على الصلاة والمداومة على الذكر ([34]).
ومن ناحية أخرى تؤكد شيمل أن عروج النبي صلي الله عليه وسلم إلى الحضرة الإلهية، المسطر نصا في سورة الإسراء ([35]) وتأويلا في سورة النجم ([36])، كان هو محور التأملات الصوفية، والمثال الذي أصبح يحتذى في صعود الصوفي بروحه إلى الحضرة الإلهية ([37]). إن “ربط المعراج بالصلاة اليومية، التي كان محمد صلي الله عليه وسلم يستعيد من خلالها فرحته من رحلة السماء، قد أعطى الأمل لكل مسلم في الصعود إلى الحضرة الإلهية. ولذلك استخدم المتصوفة مصطلحات رحلة المعراج لمعايشتهم الشخصية لسكرة الغيب، واستمدوا تعريفاتهم للدرجات والمقامات المختلفة في الطريقة الصوفية من أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم)) ([38]). وهكذا أصبحت شخصية محمد صلي الله عليه وسلم، في وقت قياسي، ذات أهمية بالغة، إلى جانب القرآن، في طبع الحياة الروحية للأمة الإسلامية، وأصبح تعظيمه في نظر أمته قمة التصوف، حتى أصبح مثالا للإنسان الكامل بلا منازع ([39]).
وبناء على ما سبق فقد أصبحت شخصية النبي، في اعتقاد شيمل، وسيلة الخبرة الدينية على الرغم من أن محور الإسلام، على مستوى الظواهر الفكرية، ليس هو الرسول، الذي بلغ وحي اللّه من خلال كلمات القرآن، بل القرآن نفسه الذي هو وحي مباشر من اللّه. إلا أن المسلمين كانوا مع ذلك يشعرون بأن شخصية النبي كانت ضرورية للإبقاء على العقيدة في شكلها الشرعي على النحو الذي أشير إليه في الشطر الثاني من لفظ الشهادتين. ولذلك فان النبي، حسب قول الرومي الذي استشهدت به شيمل، امتحان إلهي للإنسان، ([40]) لأنه “على العكس من توحيد الشيطان الذي لم يرد أن يسجد إلا للّه، فقد أرسل النبي ليقتضي على الغواية التي يحتمل أن ينشأ عنها في النهاية مذهب وحدة الوجود أو التخبط في العقائد الدينية. فمحمد صلي الله عليه وسلم بهذا الاعتبار يمثل الحد الفاصل في التعريف بالإسلام والتفريق بينه وبين مختلف العقائد الأخرى. والصوفية الذين كانوا يأخذون بالشهادتين دون التركيز على إعطاء محمد صلي الله عليه وسلم دورا خاصا في ذلك كانوا واقعين في خطر إكساب الإسلام تفسيرا يشجع مذهب وحدة الوجود” ([41]).
وتنبه شيمل القارئ الغربي الذي يجهل حقيقة النبي محمد صلي الله عليه وسلم ورسالته، أن من الظواهر التي شكلت أبرز منطلقات التصوف الإسلامي في علاقته بحياة الرسول صلي الله عليه وسلم هو حدث الهجرة من مكة إلى المدينة. فالهجرة بالنسبة للمتصوفة “هي مثلهم الأعلى في طريق التصوف، وهي نموذج الرحلة من الوطن ثم العودة إليه، وبذلك أصبحت الصورة المصغرة لطريق الروح من اللّه ثم إلى اللّه؛ فلا شيء يقود الإنسان إلى الكمال مثل تلك الرحلة” ([42]). كما أن الفقر المحمدي أصبح أنموذج الفقر الصوفي؛ وطريقته في ترويض شيطانه والغرائز الدنيئة قد رسمت الطريق أمام جهاد المتصوفة ضد “النفس ” فيهم ([43]).
** بذلت شيمل جهدا كبيرا في تقريب صورة النبي صلى الله عليه وسلم والتعريف بمكانته عند أمته عموما والمتصوفة على وجه الخصوص**
وتخبرنا شيمل في هذا مستغربة بأنه “من اعتاد من رجال الغرب على صورة محمد صلي الله عليه وسلم! العالم المسيحي التي نشأت من دوافع الكره والعداوة، ثم درس الإسلام، يندهش لما يرى من قوة التعظيم التي تخص بها التعاليم الصوفية هذا الرجل، وهو الرجل نفسه، الذي اعتاد الأوروبي أن ينظر إليه على أنه رجل سياسة -حكمة ودهاء -وفي أحسن الأحوال على أنه اقتبس من تعاليم المسيحية فأسس لذلك دين إلحاد.
وحتى أحدث الدراسات عن النبي صلي الله عليه وسلم التي تتناول حسن سيرته وعمق مطالبه الدينية لا تجد فيها أدنى إشعار بمثل تلك المحبة الصوفية التي يكنها له أتباعه ” ([44]). وهذا ما دفع شيمل في اعتقادنا إلى تأليف ذلك المؤلف السابق ذكره عن مكانة النبي صلي الله عليه وسلم عند الصوفية تنويرا للعقول وتصحيحا للمغالطات.
وخلاصة القول فإن شيمل قد بذلت جهدا كبيرا في تقريب صورة النبي صلي الله عليه وسلم والتعريف بمكانته عند أمته عموما والمتصوفة على وجه الخصوص، بهدف تنوير العقول وتصحيح المغالطات، وطمس الصور النمطية والأحكام المشوهة والتصورات المسبقة والموروثة لدى الإنسان الغربي عبر القرون.
نُشر هذا البحث في مجلة التأويل المغربية، في العدد الثاني.
________________________________________
[1] من أهم هذه المصادر نذكر على سبيل المثال:
- J. Arberry, Sufism, A Account of the Mystik of Islam, 1950.
- Mole, Les Mystique Musulmans, 1965.
والذي تناول الحقبة الكلاسيكية للتصوف هو: J. C. Anawati, L. Gardet, Mystique Musulmane
أما أحسن مدخل وأقصره عن تاريخ التصوف ومغزاه كما تذكر شيمل، وهو دراسة دقيقة عن العصر الأول وعن ممارسات الصوفيين من وجهة نظر عقائدية كاثوليكية فهو: Fritz Meier, Vom Wesen der islamischen Mystik (1943)
وأما أهم مصدر يعطي فكرة عن تاريخ المتصوفة الفرس وحياتهم الفكرية وجذور معتقداتهم، فهو كتاب: Die Schiltischen Derwischorden R. Gramlich، من 3 مجلدات. انظر:
- Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 23
[2] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 25.
[3] A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S: 68-69.
[4] الأفلاطونية الحديثة: مذهب فلسفي صوفي يقوم على أصول فلسفية وليست دينية. تطور هذا المذهب عن فلسفة أفلاطون عن الأشكال واستمد منه اسمه، وأخذ أيضا عناصر من أفكار فيتاغوروس، وآرسطوا والرواقيين. مؤسس الأفلاطونية الحديثة هو أفلوطين (205-270 م) في القرن الثالث الميلادي، حيث عارض حجج الماديين السائدة آنذاك، وقال بأن العالم المادي غير موجود، والسياسة أمر تافه، وأن الجسم سجن مؤقت للروح، والحياة رحلة خلال صورة من الأوهام. وفرق بين النفس والأجسام المادية. فيستحيل تفسير النفس على أساس الجسم، في حين أن العكس ممكن. وتقول الأفلاطونية المحدثة بأن وجود العالم المرئي قام على “الواحد” الذي هو علة العلل والمبدأ الأول، ومصدر الحقيقة والخير والجمال، وفوق كل تفكير وكل وجود. ومن هذا “الواحد” فاض “العقل ” الإلهي أو الذكاء الخالص، ومنه فاضت نفس العالم، ومن النفس الكونية فاضت أنفس جزئية وأشياء مادية قابلة للتغير، وأن كمال الإنسان يتحقق بتجرده من الجسد واندماجه مع الواحد ومعرفته بالشهود المباشر. فالنفس تتصل من أعلى بأفكار ومن أسفل بمادة، ونحن نسكن في المستويات السفلى، ولكن نشتاق للصعود والعودة إلى المستويات الأعلى. ويمكن لأرواحنا أن تترك أجسامنا، على صورة كشف روحي، وتسبح في عالم الفكر حيث تستقر الأشكال كأفكار في العقل الإلهي. انظر: الموسوعة العربية الميسرة، تأليف: مجموعة من الباحثين، إشراف: محمد شفيق غربال، دار القلم ومؤسسة فرانكلين -القاهرة، 1965 م، ص:181-182، قارن بالموسوعة العربية العالمية، الناشر: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع -المملكة العربية السعودية، 1416 هـ-1996 م، ط. 1، 2/394.
[5] تشير شيمل مثلا إلى مؤلفات “ماكس هورتن ” Max Horten))، التي يوضح فيها تأثر التصوف الإسلامي بالهندوسية ومنها على سبيل المثال كتاب: “التأثيرات الهندية في التصوف الإسلامي ” Indische Stromungen ,in der islamischen Mystik (Heidelberg, 1927-28)، وكذا مقاله: “معنى التصوف الإسلامي “: (Der Sinn der islamischen Mystik) المنشور في Scientia، تموز 1927م. أما التأثيرات الخارجية على التصوف الإسلامي في مراحله المتأخرة فقد أشارت شيمل خصوصا إلى منطقة شرق إيران وبلاد ما وراء النهر حيث واجه المسلمون طوائف بوذية جذبتهم طقوسها النسكية، كما أن مفكرين صوفيين قاموا في عصر مبكر باقتباس أفكار غنوصية وهيلينية من ثقافات أقدم من الإسلام لدمجها في فكرهم. وهذا ما سنلاحظه فعلا عند تحليلنا للتصوف والعوامل المؤثرة فيه في منطقة شبه القارة الهندية. انظر:
– A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 26, A. Schimmel, Mystik im Islam „du“, S: 44.
[6] A. Schimmel, Mystik im Islam„ du“, S: 44. A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S: 68-69.
[7] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 33.
[8] سنكشف في المباحث القادمة عن دور التصوف في تطور اللغات الإسلامية خصوصا في منطق شبه القارة الهندية. انظر:
– A. Schimmel, Mystik im Islam, du, S: 44.
[9] Max Henning, Der Koran, Einleitung und Anmerkungen von Annemarie Schimmel, Philipp Reclam, Ditzingen 1991, S: 20.
[10] A. Schimmel, Rumi, Meister der Spiritualität, S: 55-56. Max Henning, Der Koran.., S: 20.
[11] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 48. A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S :70-72.
[12] شاخت وبوزورث، تراث الإسلام، ص:62.
[13] A. Schimmel, mystische Dimensionen des Islam, S: 49. A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S: 69.
[14] شاخت وبوزورث، تراث الإسلام، ص: 62.
[15] A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S: 72.
[16] تقصد شيمل هنا الحلاج، قارن بين:
-W. Weirauch, Islamische Impressionen…, S: 145, A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 48.
[17] Max Henning, Der Koran, S: 19. A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S. 47, Louis Massignon, a passion d’al-Hosayn ibn Mansour Al-Hallaj, martyr mystique de l’Islam execute, a Bagdad le 26 Mars 92, 2 vols. Paris, 1922, S: 465
[18] تشير شيمل إلى أن المتصوفة لعبوا دورا هاما في تطور علوم القرآن، فطريقتهم في التفسير شاملة من المعنى اللغوي البسيط إلى التأويلات المصاحبة للرموز والصور الاستعارية، دون أن يكون هناك إنكار للمظهر الخارجي لكلمات القرآن. أنظر:
- Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 47-48.
[19] A. Schimmel, Mystik im Islam, du“,… S: 44. A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S. 69
[20] Max Henning, Der Koran, S: 20. A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S: 69.
قارن مع جورج شحاته قنواتي، تراث الإسلام، ص: 65.
[21] A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S: 69. Max Henning, Der Koran,S: 20.
[22] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 49-50. A. Schimmel, Der Islam – Eine Einführung durch Experten, S: 69. Paul Nwyia, Ibn Ata Allah et la naissance de confrerie sädilite. Beirut, 1972, S. 66.
[23] Max Henning, Der Koran, S: 18
[24] تشير شيمل أيضا أن من الإشارات العلمية المبثوثة في القرآن بحث المسلمون في علوم الفلك والطبيعة والطب وغيرها. أنظر: Murad Hoffmann, Islam als Alternativ, S: 12.
[25] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S :50.
[26] للمزيد من الاطلاع على رمزية الحروف في الفكر الصوفي يرجى الرجوع إلى:
- Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, 578-602.
[27] A. Schimmel, Wie universal ist die Mystik?, S: 85. A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 49.
[28] تشير شيمل إلى أن الدهشة حيال هذا الرأي الصائب تزداد بدرجة كبيرة إذا ما نظرنا إلى المخطوطات التي استخدمها طولوك في مؤلفيه والتي ترجع إلى مؤلفين مختلفين وفترات زمنية متفاوتة. وقد يمكن أن نعتبر نحن موقفه هذا، كلمة حق أريد بها باطل، إذا ما علمنا أن طولوك كان رافضا للتصوف من الأصل، وهو بهذا الموقف يريد أن ينسب للإسلام ونبيه ما يراه هو ربما بدعة في المسيحية، انظر: A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 24.
[29] Mystische Dimensionen des Islam, S: 24.
[30] لقد سبق أن أبرزنا تلك المكانة في الفصل الثاني. للمزيد من الاطلاع راجع مؤلف شيمل “…وأن محمد رسول الله -تبجيل النبي في التدين الإسلامي “، وكذا الفصل المهم (ص: 321-303) عن تعظيم النبي في مؤلفها “أبعاد التصوف الإسلامي ” Mystische Dimensionen des Islam.
[31] W. Weirauch, Islamische Impressionen, S: 147.
[32] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 50, 309.
[33] قارن بين:
- Schimmel, Wie universal ist die Mystik?…, S: 48. A. Schimmel, Rumi, Meister der Spiritualität,
S: 55. A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 50, 309-310. W. Weirauch, Islamische Impressionen, S: 146.
[34] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S :52.
[35] تقصد شيمل قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء: 1).
[36] وهو قوله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌيُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم: 1-18).
[37] Max Henning, Der Koran,…, S: 20.
[38] تشير شيمل إلى أن أول متصوف استخدم صور الصعود إلى الحضرة الإلهية في حالة من سكرة الغيب كان هو أبو يزيد البسطامي، واصفا بها طيرانه الصوفي عبر السماء. وفي القرن العشرين استخدم محمد إقبال صيغة رحلة السماء في حضرة القائد الروحي. قارن بين:
- Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S. 310. A. Schimmel, Und Muhammad ist sein Prophet, S: 108-123
[39] تشير شيمل أن التيارات الصوفية استطاعت أن تجد لنفسها أحاديث نبوية تستند إليها لدعم موقفها. وفي القرون الأخيرة استعمل المتصوفة عددا من الأحاديث الضعيفة، وقد بلغ تمجيد الرسول وتعظيمه درجة التأليه. انظر كتاب شيمل المهم حول مكانة الرسول في التدين الإسلامي خصوصا الفصل المعنون ب “النور المحمدي –تعظيم الرسول صلي الله عليه وسلم في التصوف “: A. Schimmel, Und Muhammad ist sein Prophet, S: 108-123.
قارن ذلك ب: A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 51, 309.
[40] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 304.
[41] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 304.
[42] A. Schimmel, Mystische Dimensionen des Islam, S: 314.
[43] Mystische Dimensionen des Islam, S: 314.
[44] Mystische Dimensionen des Islam, S: 51-52.