لغة الدين ونظرياتها في الغرب الحديث

لغة الدين ونظرياتها في الغرب الحديث

لغة الدين ونظرياتها في الغرب الحديث

د.هاني عبدالصاحب / العراق

 

مقدمة

     يجري الحديث عن لغة الدين في الدراسات الحديثة ، ضمن مجال فلسفة الدين، ولهذا البحث التأثير الهام على تشكّل المعاني، وفهم وتبيين القضايا الدينيّة ، وبخاصة إنّ النظريّات المطروحة في مجال لغة الدين يتمّ البحث عنها عند فلاسفة الدين، فاللغة أداة التعبير عمّا يجول في ذهن الإنسان من أفكار، وعمّا يختلج في نفسه من مشاعر، وترتبط بصورة وثيقة بالإنسان وبيئته وتستتب أهميتها في كونها الوسيلة التي يحتاج إليها الإنسان لإتمام عملية التواصل بينه وبين أفراد بيئته ، والتي تتيح له بصورة طبيعية أن يعبر عن آرائه وأحاسيسه محققا بذلك ذاته في المجتمع الذي يعيش فيه(1)، فاللغة وسيلة في خدمة الإنسان لكشف ما يضمر في داخله من مقاصد، ممّا يدلّل على أداتيّة اللغة وكونها في خدمة المعاني والمرامي، وليست هدفًا في ذاتها، فهي في خدمة التفاهم والتواصل ، وهذه هي لغة الإنسان الاعتيادية والتي يمكن اجرائياً تصنيفها الى اقسام اللغة الادبية واللغة الفنية واللغة الدينية واللغة العلمية الخ .. ، وما نريد التركيز عليه في هذا المقال هو البحث في لغة الدين بالمعنى العام للكلمة، فـلغة الدين هي جمع المكونات اللغوية المستخدمة في النظرية والممارسة الدينية . وبصفة عامة ، فإن موضوع البحث الفلسفي لا يتعدى التعبير اللغوي عن المبادئ الأساس للعقيدة الدينية- أي المعتقدات- في الموروث المسيحي غالباً ، واللغة الدينية هنا جاءت تباعاً بحسب تراتبية البحث ، فالبداية تتحدث عن الإلوهية ومن ثم علاقة الإنسان بالله من خلال عملية الإيمان التي هي ارتباط بالهم الأقصى ، ومن ثم كان لزاماً أن نسأل عن لغة الدين بالنسبة للمتدينين ماهي طبيعتها ؟ ليأتي الجواب بمجموعة نظريات طرحت في البساط الفلسفي و نتوقف عند ابرزها كــ نظرية التمثيل ( لغة المجاز) ، نظرية اللغة اللامعرفية ( اللغة المهملة ) ، نظرية لعبة اللغة ( الألعاب اللغوية )، و نظرية الاستعارة ( بول ريكور)، و لغة الدين الرمزية( لغة الرمز ) لـــ بول تيلـِتش الذي سنتوقف عنده لتفصيل البحث في موضوعة الرمزية وطبيعة اللغة الدينية ، حيث يرى ان البحث في اللغة الدينية يكون ذا طبيعة رمزية ، فهي الوحيدة المعبرة عن الهم الأقصى كونه غير متناه وخارج عالم الوقائع . وهنا نود التوضيح بخصوص مجال اللغة الدينية ، اذ لا يخفى أن الدين هو النص وفهم النص وكلاهما يشكلان المنتج الديني مع تقدم الأول على الثاني رتبةً . وإذا كان الفهم واقصد به عملية شرح النص الديني وتوضيحه من قبل المتخصصين في ذلك الشأن ، فهو يمثل البيانات السلوكية العملية للمتدينين لكن هو يبقى في دور الهامش لأن الأصل في الدين يبقى هو النص الديني سواء كان التوراة أو الإنجيل او القرآن ، والنص الديني ماهو إلا بيانات نصّيّة ، جملت فيهما المعاني المعبرة عن المراد الإلهي، في وعاء من اللغة . وليست اللغة إلا رموزاً ، تحمل المعاني من القائل إلى السامع، وهي رموز تشتمل على عمليتين معقدتين: أولاهما إفراغ المعاني في رموز اللغة من تلقاء القائل. والثانية تحليل الرموز إلى المعاني المشتملة عليها من تلقاء السامع . وحينما تكون اللغة بشرية ، فإن انتقال المعاني من القائل إلى السمع، عبر تلك العمليتين ، من شأنه أن يصيب تلك المعاني بشيء من التفاوت ، بين حقيقتها لدى قائلها ، وبين صورتها التي تحصل عند سامعها (2). مما أدى تحميل اللغة الدينية من المعنى ما اختلف البشر حوله ، ولذلك ظهرت لنا مجموعة مفاهيم بخصوص لغة الدين وفي الساحة الفلسفية بالتحديد منها ما وصف اللغة الدينية كونها تمثيل او مجاز او رمزية او وصفها لغة مهملة لا فائدة فيها ، وهذه من اهم المسائل التي تمت معالجتها على نطاق واسع في مجال فلسفة الدين والتي تتمحور حول مسألتين(3):

أولاهما : تتعلق بالمعاني الخاصة التي تحملها العبارات ، عند استعمالها للدلالة على الإله . وهي التي شغلت مفكري القرون الوسطى .

الثانية : تتعلق بالوظيفة الأساس للغة الدينية ، ولا سيما القضايا الخبرية ( مثل : الإله يحب البشر) فهل تشير هذه القضايا الى نوع خاص من الحقائق ـــــ الدينية التي تتميز عن الحقائق العلمية ـــ ام انها تؤدي وظيفة مختلفة كلياً. وهذا ما عملت الفلسفة التحليلية على تطويرها وتهذيبها .

 

وان تحديد مشكلة المعنى بوصفها المشكلة الأهم عند بحث اللغة الدينية ، يؤسس لإمكانيات تنميط فلسفة الدين وتقسيمها بحسب النتاج والطرح الفلسفي للفلاسفة ، التي عالجت و حولت مشكلة معنى لغة الدين إلى أهم مشكلة فلسفية دينية، وعلى أقل تقدير، أهم مشكلة في البحث الفلسفي الديني. و انطلاقًا من المسعى القائم لمقاربة فهم الدين، وبهدف الإحاطة بالمفاهيم الدينيّة، قام بعض المفكرين لا سيّما فلاسفة الدين بتقديم نظريّات، الغاية منها توضيح المنطق الذي يحكم القضايا الدينيّة وطبيعة المعنى الذي تروم اليه لغة الدين ، وفي ما يأتي نقف عند ابرز النظريات الموجودة حول معنى لغة الدين:

1ــ نظرية التمثيل ( لغة المجاز ) توما الاكويني*4 :

  بداية المراد من مصطلح التمثيل هو طريقة في دراسة الاشياء و وسيلة لتعريف معارفنا عنها من خلال تشابه الاشياء في جوانب معينة لنخلص الى القول بالتشابه بينها في جوانب اخرى ويدعى هذا ببرهان المماثلة او القياس(5)، وعليه لغة المماثلة لاتخرج من كونها حالة مقارنة مع مفردات مقاربة كالمشابهة والتساوي والتطابق مع تأشير أختلافها الواضح والمتمثل في عدم التطابق او تساوي الجوانب المشمولة بالمماثلة ، لذا كان هناك من يؤمن بان اللغة الدينية بالنسبة لمن يؤمن بنظرية التمثيل هي لغة المجاز وليست الحقيقة ، بمعنى ان الكلمات الدينية تحمل معاني غير المعاني المُراده في اللغة العرفية ، وانما تكون اللغة على نحو التمثيل قديماً يرى توما الاكويني ان الكلمات المستخدمة بالنسبة الى الله وسائر الاشياء لا تكون بمعنى واحد ، فعلى سبيل المثال كلمة ( الخير) لا يراد منها معنى واحداً حينما تطلق على الله وعلى غيره من البشر ، وان كانوا يشتركون في اللفظ غير ان المعنى مختلف وهذا ما دعا توما الاكويني إلى ان يجعل لغة الدين لغة تمثيلية كاشفة عن مستوى من الاشتراك من دون ان يكونا مترادفين ، فالتمثيل يقرب المعنى ولا يتطابق معه تماماً . فعندما نقول إن الإله ( خير) فإننا نقول ان هناك خصيصة من خصائص الموجود المطلق الكمال ، تماثل ما نسميه خيراً في مستوانا البشري وفي هذه الحال ، تكون الخيرية الإلهية هي الحقيقة والمعيارية الصحيحة وما تظهره الحياة البشرية في أحسن حالاتها هو مجرد انعكاس ضعيف ومشوه لهذه الخاصية . وعليه مبدأ التمثيل لا يوصلنا الى المعرفة الحقيقية للصفات الإلهية، لكنه فقط يشير الى العلاقة بين المعاني المختلفة لكلمة ما عندما نطلقها على البشر والاله . إذًا التمثيل ليس اداة استكشاف وسبر أغوار الطبيعة الالهية اللامتناهية ، بل هو تفسير للطريقة التي تستعمل فيها التعابير المتعلقة بالإله الذي نفترض وجوده مسبقاً(6) .

 

2 .  نظرية اللغة اللامعرفية ( اللغة المهملة ) جون راندال7* :

وهي اللغة التي يُراد منها عدم الإخبار عن شيء أو التي لا توصف بالصدق و الكذب وهي خلاف اللغة المعرفية ( اللغة الخبرية ) التي بالإمكان وصفها بالصدق او الكذب ، ومن ابرز العاملين في حقل فلسفة الدين المعاصرين جون راندال صاحب كتاب (دور المعرفة في الدين الغربي ) ، الذي وجد ان اللغة الدينية خالية من البعد المعرفي وليس لها ممثل في الخارج ، فما الدين الا نشاط بشري له دور مشابه للعلم والفن في تقدم الثقافة الانسانية ، لذا يقول راندال : (( مايهم معرفته هو ان الرموز الدينية مثل الرموز الاجتماعية والفنية تتعلق بمجموع الرموز التي ليس لها ممثل كما أنها غير معرفية ))(8)، والمادة الأساس التي يعمل بها الدين هي مجموعة الرموز و الاساطير التي لا ترمز لأشياء خارجية بل ترمز لوظيفة معينة ، وهذه الوظائف يذكرها راندال بمجموعة نقاط :ـــــ

  1. تحريك المشاعر وتدفع الناس للفعل مما يؤدي الى متانة التطبيقات اليومية
  2. تقوية العمل الجماعي وتحث عليه ، وذلك بسبب قوة الرمز المنتمى إليه
  3. قادرة على إيصال خصائص التجارب التي لا يمكن التعبير عنها بالاستعمال الحرفي لــ اللغة
  4. تبث الروح في التجربة البشرية من خلال فكرة المقدس (9) .

3 . نظرية لعبة اللغة ( لودفيج فتجنشتين )*10 :

من النظريات المطروحة في موضوعة اللغة وطبيعتها نظرية لعبة اللغة التي نشأت في ظل فلسفة لودفيج فتجنشتين (1889 ـــــ 1951م) . وترى ان كل اللغات ومنها لغة الدين والعلم ما هي الا نوع من اللعبة اللغوية ، تجسد صوراً مختلفة من المعرفة بالحياة من خلال اللغة ، فاللغة عند فتجنشتين هي الطريق الى المعرفة بكونها وسيلة لفهم تكوين المعنى في الخطاب ، يقول فتجنشتين في نظريته عن العاب اللغة ، و المقصود بهذه الالعاب ان لعبة اللغة مثلها مثل باقي الالعاب كـ لعبة الشطرنج ، و ألعاب الكرات و الورق ، كما أن لكل لعبة قواعد هي التي تحدد طبيعة اللعبة لا يجوز مخالفتها ، كذلك للعب قواعد لا بد من مراعاتها ، و على ذلك فاننا اذا ما خالفنا هذه القواعد فان اللعبة تفسد و لا يعود لها معنى ، و هذا ما يسميه فتجنشتين سوء اللغة ، و اللغة صورة من صور الحياة و ما تتضمنها من أساليب كثيرة للكلام حيث يتحدد معنى لكل رمز لغوي في هذه الحياة بالاستعمال الذي نلجأ اليه وكما أن لكل استعمال انما يتحدد ضمن لعبة لغوية معينة(11). فإن مفهوم اللعبة اللغوية يستقيم مع البعد الانساني للغة بوصفها ممارسة يومية متواصلة تحقق المعرفة الانسانية عبر مباراة شكلية متنوعة و متكاملة في الآن نفسه ، بل انه يمكن تصور اللغة على حد تعبير فتجنشتين مدينة قديمة او متاهة من الأزقة و المساحات و المنازل القديمة و الجديدة و التي بها اضافات من احقاب مختلفة و كلٌ محاط بسلسلة من الضواحي ذوات ازقة مستوية و منظمة بها منازل موحدة الشكل. و ان هذا التصور التداولي للغة بوصفها نشاطا جماعياً يماثل المباريات الرياضية يحث المستعمل على تعلم قواعدها التي تجعل منها الفاعلية الاجتماعية الام في حياة الانسان ، كما ان الاهتمام الفلسفي بدراسة قواعد اللعبة اللغوية يهدف الى توضيح و تمييز ما هو كلام ذو معنى عن اللغو الذي لا يصدقه الواقع الوجودي(12).

 

4ـ نظرية الاستعارة ( بول ريكور)*13 :

  بادئ الأمر الاستعارة هي المجاز وهي صورة خطابية تعنى بالتسمية ، وهي تمثل توسيعاً للمعنى عن طريق العدول عن المعاني الحرفية للكلمات ، فوظيفتها احلال معنى مجازي للكلمة محل المعنى الحرفي ، الذي كان يستخدم في هذا الموضع . وهذا لا يعني انها تزويق للكلام ، بل الاستعارة تخبرنا عن شيء جديد بالواقع(14) .

 ولــ ريكور راي في اللغة الدينية بانها غير محتاجة الى لغة من خارج اللغة الاعتيادية ، او من نظام لغوي موازٍ ، او كامن  داخل اللغة اليومية ، بل اللغة اليومية تمتلك بنفسها مرونة وكفاءة كافيتين للتعبير عن معان ودلالات غير حسية ، وعلى توليد صور تشير الى المتعالي ، من دون الجهد في تجاوز ما تبيحه اللغة من استعمالات وطرق تعبير وهذا يتحقق من الاستعارة او المجاز  الذي يتجاوز الحرفي، ويهب اللغة في إستراتيجيات تركيبها للالفاظ وتوليدها للمعنى ، قدرة على الاشارة الى المعاني والحقائق العلوية غير الحسية وغير النابعة من التجارب اليومية الحياتية، و ريكور ينبه الى ان الاستعارة ليست مجرد طريقة لزخرفة الخطاب وتزيين الاحاديث. بل طريقة جديدة لإدخال معاني جديدة وغير مالوفة الى اللغة ، فاللغة الدينية مليئة بالاستعارة والمجاز ووظيفة المجاز تتجلى في صراع بين كلمتين عندما يتم استعمالهما لا تعكس معناهما الاعتيادي ، يُحدث صدمة عند القارئ ويدفعه الى البحث عن معنى جديد لتلك الكلمات ، يحيل الى تجربة جديدة ومختلفة عن المعنى الحرفي ، فالاستعارة عند ريكور تمثل فائض المعنى الذي وظيفته انفتاح النص على عوالم جديدة(15). وريكور له وجهة نظر تتغاير مع تيلـِتش في نظرته الى ان الاستعارة تختلف عن الرمز(( فالاستعارة ابتكار خطابي متحرر ، والرمز مقيد بالكون ))(16)، والحديث أكثر عن اللغة الرمزية عند تيلـِتش و اختلافها عن الاستعارة او المجاز عند بول ريكور سيكون في المبحث التالي .

 

   5ـ رمزية اللغة الدينية عند بول تيلـِتش  (التعريف و الوظيفة )

قبل الدخول الى صلب الموضوع نذكر مجموعة مقدمات منها ، بات من المعروف اليوم ان الإنسان يعيش في عالم من الرموز فهو أنشأها أول مرة واستأنس بها في فهم وجوده على مر التاريخ ، حتى أضحت في ما بعد جزءا من كيانه حتى تلبسته تلبساً ، بل بات هذا الإنسان على بينة بان افتراض وجود عالم بلا رموز معناه الموت الروحي للإنسان(17)، فالرمزية حاضرة كرؤية طرحها الإنسان لفهم وجوده ونحن اذ نختصر الطريق للدخول مباشر الى اللغة الدينية بوصفها لغة رمزية بحسب اطروحة تيلـِتش . لكن قبل ذلك لابد من المرور على تعريف الرمز ودلالته حتى تتبين وظيفته في اللغة الدينية. فالرمز ( Symbol ) في اللغة الإيماء والإشارة والعلامة(18)، وهو شيء متفق عليه بالإجماع العام على انه يمثل او يستدعي شيئا آخر بصورة طبيعية عن طريق امتلاك صفات مماثلة او عن طريق الارتباط في الواقع او الفكر(19)، وفي الاصطلاح الرمز يدل على غيره . فهو الموضوع او التعبير او النشاط الاستجابي الذي يحل محل غيره ويصبح بديلاً ممثلاً له . وللرمز وجهان أولهما دلالة المعاني المجردة على الأمور الحسية ، كدلالة الأعداد على الأشياء. والثاني دلالة الأمور الحسية على المعاني المتصورة كالشعار على الدولة. والرمزي(Symbolic) هو المنسوب إلى الرمز ، كالكتابة الرمزية او التمثيل الرمزي، او التفكير الرمزي  وهو التفكير المبني على الصور الإيحائية، خلافاً للتفكير المنطقي المبني على المعاني المجردة (20). لذا تعددت الآراء بشأن التعريف بين فلاسفة و لغويين ، فمع تشارلز بيرس Charles Peirce(1839- 1914) يدرج الرمز الى الموضوع المشار اليه بفضل قانون او عادة او اتفاق او ارتباط في الأفكار من حيث انه يعني ذلك الموضوع . وفي هذا المعنى تعد الكلمات او الجمل او العبارات والكتب وسائر الإشارات المتفق عليها رموز . ويؤدي المفسر أو الشخص الذي يقوم بتفسير الرمز دورا أساسا في إعطاء الرمز خصيصته الرمزية(21).

في حين نجد اللغوي فردينان دي سوسيرDe Saussure ( 1857م / 1913م) يعرف الرمز بأنه نوع من الإشارة sign يطلق عليه اسم المشير او الدالة signifier، والرمز هو إشارة او دالة للمعنى او التصور المرموز اليه ، فالرمز حامل التصور او المعنى . وعلى الرغم من اشتراك الرمز مع الإشارة في صفة التعسف القائمة بينه وبين التصور المرموز إليه ، إلا ان سوسير يذهب الى ان الرمز ليس تعسفيا بصورة كاملة او مطلقة كما انه ليس فارغا من المعنى حيث توجد رابطة طبيعية بين الرمز والمرموز اليه . وعلى سبيل المثال الميزان رمز العدالة ولا يمكن استبداله برمز آخر مثل المركبة او العربة (22). بينما يعطي تيلـِتش وهو موضع بحثنا تعريفا مختصرا للرمز بقوله: ((هو ما يشير الى شيء اخر وراء ذاته ، ويشارك في ما يشير اليه))(23)، إذًا بالمجمل نجد ان الرمز يمثل شيئا آخر يستدعيه على أساس وجود علاقة بين الرمز والمرموز إليه . ووظف تيلـِتش الرمز في اللغة الدينية لانه تكثيف دلالي إيحائي لصورة ما ، وصنف اللغة الدينية بوصفها رمزية . لان الرمز اذا ما دخل مجال اللغة الدينية فانه يقصد ويرمي إحداث شيء ما ، كأن يكون فعلا او قولا حتى يكون في ما بعد متعاليا عن الإنسان ويكون علامة اكثر رحابة وسموا. لذا تعبر اللغة الرمزية عن تصور مشاركة حقيقية معيشة من جانب الإنسان وهي مستوحاة لديه من تشابه مع شيء مختلف معه او متجاوز له ، إذ يوجد إجماع تقريبا حول تعريف الرمز بأنه الشيء الذي يحمل معنى لا مرئيا، بعيدا عن دلالة المعنى الذي يستبطنه(24)، مما يؤيد استخدامه في اللغة الدينية اذ ان الإيمان بحسب تيلـِتش هو الهم الأقصى ، ولابد لهذا الهم من ان يعبر عن نفسه ولا يكون ذلك الا بعبارات رمزية. لكن السؤال الجوهري: لماذا تكون سمة اللغة الدينية رمزية ؟ لماذا لم تكن لغة عادية يفهما المُخاطَب ؟ وكيف وظف الرمز في اللغة الدينية ؟ وغيرها من التساؤلات في صلب الموضوع .. 

بدايةً تيلـِتش أراد ان تكون سمة اللغة الدينية الإشارة الى شي آخر وراء المعنى الحقيقي الواقعي لكن في ذات الوقت هي تشارك ما تشير إليه ، فقولنا الله محبة او خير هنا نشير الى شيء آخر يختلف عنا ، فالخيرية او المحبة لا هي ذاتها المستخدمة عندنا نحن بني البشر ، وان كنا مشاركين في الخيرية او المحبة بنسب ما ، بحيث يكون الرمز نفسه بما يختزنه من دلالات عميقة و إشارات وجدانية ، شريكاً حقيقياً للمرموز اليه . ورفض تيلـِتش ان تكون اللغة الاعتيادية هي المستخدمة في اللغة الدينية كونها عاجزة أن تقول أي شيء عن الله ، حتى إن لفظ “المطلق” لا يكفيه فكل ما نقوله مُنتزع من مادة واقعنا المتناهي فكيف نُعبر به عن اللامتناهي ، اللهم إلا بصورة مجازية ملؤها الرمز ، فهي القادرة على التعبير عن الإله المتعالي ، و أي شي نقوله عما يتعلق بنا جوهريا أسميناه إلها أم لم نسمه ، فإن له معنى رمزيا، يشير الى ما وراء نفسه ويشارك في ما يشير اليه ، ولا يمكن للإيمان ان يعبر عن نفسه بأي طريقة أخرى وافية بالمراد ، فلغة الدين هي لغة الرموز (25). من هنا كان من الضروري استخدام الرمزية في اللغة الدينية ، اذ يرى تيلـِتش أن العقيدة الدينية في حالة عيشها إيمانياً لا يمكن أن يُعبر عنها الا رمزياً ، فالمعتقد الديني الذي يمثل حالة وجودية متعلقة اساساً بالمطلق لا يمكن التعبير عنه الا باللغة رمزياً، ومن جهةٍ اخرى لربما من يؤكد على اللغة الدينية شرط ان تكون رمزية ، هو ينطلق من قدسية النص وعده نصا متعاليا عصيا على الفهم ، لأنه يصدر من المطلق الأبدي الأزلي باتجاه ماهو محدود… ، ولذا يقول بول ريكور:” قوة الرمزية الكونية تكمن في العلاقة غير العشوائية بين السماء المرئية والنظام غير المرئي الذي تجليه. فهي تتكلم عن الحكيم والعادل وعن الواسع والمنظم، عن وساطة القدرة التماثلية لمعناه الأولي. وهذا هو امتلاء الرمز بالتعارض مع فراغ العلامات.”(26) وهذا يعني ان الإطار الكوني لموضوعة الرمز هو التعامل مع غير المحسوس في دائرة النظام غير المرئي ، والمتعارض لمنطق العلامات المرتبط بالمحسوس . وعليه لابد من الرمزية لان الحرفية لا تجوز في هذا الموضع ، وعدم جوازها يبررها ولتر ستيس الذي يرى ان الرموز الدينية تختلف عن أي رمزية أخرى غير دينية وهي لا يمكن أن تترجم إلى لغة حرفية ، لأنها تنطلق من خبرة او تجربة، فاللغة الرمزية الغير دينية تبنى عبر علاقة (المعنى) ، بينما الرمزية الدينية هي علاقة استثارة أو استدعاء(27)، وهنا الاستثارة او الاستدعاء قد يكون حاضراً عند تيلـِتش لكن بعنوان الهم الأقصى. وعوداً على بدء تيلـِتش يستكمل وجهة نظره في ما يخص سببية جعل اللغة الدينية رمزية ، لأنه لا يمكن استخدام لغتنا البشرية الحرفية للتعبير عن الدين ، لان اللغة العادية يكون حيز اشتغالها هو الواقع المتناهي و هي مستقاة من تجربتنا اليومية المحدودة ولا يمكن تطبيقها بشكل لائق على الله . لان لغتنا هي نتاج التفاعل مع الطبيعة والمجتمع في حين تجربتنا مع الله ملؤها الغيب غير الحسي، مما يعني عجز لغتنا عن التعبير عن الله ، لذا كان لزاماً إيجاد لغة للتفاعل والتواصل مع المطلق ، فكانت اللغة الرمزية هي خير تطبيق ، و اللغة الرمزية لا تعبر عن العالم المتناهي بل تعلو عليه علواً لا متناهياً . من هنا لا يوجد واقع أقصى يمكن ان يعبر عنها تعبيراً مباشراً ودقيقاً حتى ان الله يعلو على اسمه الخاص. فانه يمتلك معنى رمزياً يشير الى خارج ذاته (28). ولعل بعضهم يقول ان لغة الرمز لربما تقتصر على التصوف ، في حين هي ليس كذلك فبحسب اطروحة تيلـِتش تبين ان لها مجالا تواصليا آخر ، فلا ضير من دخولها ساحات أخرى وهذا ما قاله جون هيك *29 بانه لا مانع من استخدام اللغة الرمزية للتعبير عن الحقائق الدينية، لأنها الوحيدة القادرة على نقل واقع متخيل او متصور ، يتعدى الواقع الحسي، ولا يكتفي بنقل حقائقه ، بل يأتي قادراً على أن يكون أداة طيعة في إطلاق كل إمكانات الروح في توقها الذي لا يشبع نحو اللامتناهي(30)، فــ تيلـِتش يؤكد ان اللغة الدينية هي لغة رمزية لأن الإيمان لغتهُ الرمز، فاللغة الرمزية تمتلك القوة التي تتعدى نوعاً وسطوة قوة أية لغة رمزية (31). وهنا نجد تيلـِتش لربما يكون متأثراً بموقف رودولف اوتو في حديثه عن الخبرة الدينية ، اذ يقول: الغيبي لا يشعر به إلا باعتباره أمراً لا يوصف، ولا يقبل اي صياغة تصورية(32). وكذلك في موضع أخر يقول بتجربتنا مع المقدس المطلق تهرب العبارات اللغوية ، ويكون سبيلنا الوحيد هو توظيف عبارات رمزية ذات طبيعة مفارقة(33)، من هنا جاءت حتمية تيلـِتش بان يجعل هم الإنسان الأقصى لابد من أن يعبر عنه رمزياً ، يقول: ((لا بد من أن يتم التعبير عن الهم الأقصى للإنسان تعبيرا رمزيا، لان اللغة الرمزية وحدها قادرة على التعبير عما هو أقصى))(34). فـــــ ((تيلـِتش من أبرز المُعبّرين عن التفسير الرمزي للغة الدينية ، أي إنه من أصحاب النظرية القائلة: إن كل العبارات الدينية ومضمونات الكتب المقدسة ليست البتة تقريرات عن وقائع ، بل هي مجازات رموز في رموز، وإمكان فك طلاسمها مفتوحة ومتجددة دائماً))(35) ، فاللغة الدينية هي لغة الرموز، وجميع العبارات الدينية التي تُعبر عن الحقيقة المطلقة هي عبارات رمزية ، باستثناء عبارة واحدة وهي كلمة “الله”؛ لأن الله يمثل الوجود نفسه ، أما باقي العبارات مثل قولنا: “الله أزلي” و”الله خيّر” فعبارات رمزية، والسبب يعود إلى أن أي حكم على الإله ينبغي له أن يكون رمزيا؛ لأن الحكم الجازم يستعمل جزءا من التجربة المحدودة ليقول شيئاً عنه، ثم يسمو بمضمون هذا الجزء على الرغم من كونه يتضمنه ، وجزء الحقيقة المحدودة الذي يصبح وسيلة للحكم الجازم على الإله ، يُثبت وينفي في الوقت نفسه ويصبح رمزاً ؛ لأن التعبير الرمزي هو ما ينفي معناه الحقيقي بما يشير إليه وكذلك يثبته، وهذا الإثبات يعطي التعبير الرمزي أساساً كافياً للدلالة على ما وراءه (36). وهنا بعد اثبات اللغة الرمزية للدين بات لزاماً الحديث عن خصائص هذه اللغة الرمزية حتى تتميز عن سمات وخصائص اللغات الأخرى .

 

5-1 – خصائص رمزية اللغة الدينية

      البحث الفلسفي لـــ لغة الدين لا يقتصر على وصف وظائفها وطرائق استخدامها، بل تفهم المهمات البحثية للدين بروح فلسفة التأويل. وفلسفة الدين معنية بالفهم و التقييم ، من هنا نقف عند خصائص الرمز ليكون بوابة لمعرفة خصائص اللغة الدينية بوصفها رمزية ، والرمزية عند تيلـِتش نجد انها قد تتجاوز اللغة ، جاعلاً  كل شيء ديني رمزيا . بل هناك رأي اعم من ذلك يشير الى ان الانسان كائن مُرمّز، وهو يبحث عن معنى لأي شيء ، فليست وظيفته ارساء رابطة بين المجوعات البشرية ، بل بصورة اوسع في التعبير عن علاقات بين الانسان والكون(37)، اذ حدد تيلـِتش مهمة اللاهوت بأنها توضيح وظيفة الرموز . ولا يخفى ان الرمزية الدينية عند تيلـِتش هي بمستويين أولهما متعال فائق لواقعنا ورمزه الأساس هو الرب وهو مقدس ، والثاني هو ((الكامن اي الذي يواجهنا داخل واقعنا التجريبي كتجسد المسيح والعائلة المقدسة والام العذراء ــــ وبقية الرموز))(38) لكنها ليست مقدسة لأنها لا تدخل في ذات الهوية ، بل هي تشاركه بالقداسة لأنها رموز للحقيقة القصوى. وفي معرض حديثه عن طبيعة الرمز وخصائصه ، يرى بان الرمز سواء كان ديني او غير ديني فهو عادةً مايمارس دور المُبرز والفاتح لمستويات من الحقيقة كانت مخبوءة ، والحديث غير الرمزي لا يناسبه . فالرموز الدينية لا تظهر منفصلة بل مترابطة في كل واحد كونها ((ذات فعالية وجودية اي تحتوي على قوة المرموز اليه فتستثير الوعي بقوة الوجود))(39)، فالرمز يوقظ عدة اشكال وصور مستبصرة مختلفة لدى المُرمز بما يمنحه من معان متشابهة للمرموز اليه ، لذا من الضروري الوقوف عند موضوعة الخصائص التي يمتاز بها الرمز بحسب اطروحة تيلـِتش في ما يخص اللغة الدينية كونها رمزية .

 

أهم الخصائص والمميزات للرمز:ــــــ

  1. الرموز تشير إلى شيء آخر وراء ذاتها مثلها في ذلك مثل العلامات، لكن الرموز تشارك في الواقع الذي تشير إليه ، في حين لا تشارك العلامات في الأمر نفسه؛ لذلك يمكن تعويض العلامات بغيرها لأسباب نفعية أو عُرفية، في حين يصعب تعويض الرموز بغيرها(40). وعليه فإن اللغة الدينية ذات الطابع الرمزي لا تُغير ، على خلاف العلامات فبالإمكان تغييرها . والسؤال هنا ماذا يترتب في تغيير الرمز او عدم تغييره؟ في تغيير الرمز سيختل الطرح المفاهيمي للمنظومة الدينية وتتعدد الرؤى قل مثلاً ان الرب هو الحي ، ومن ثم غير رمز الحياة واعطاه معنى السكون سيكون غير مقبول لدى الفاهمة البشرية لانه خلاف للمعاني المثبتة لدى الانسان….
  2. الرموز تشارك في ما تشير اليه بخلاف العلامات. يشارك الرمز في ما يشير إليه مثال ذلك علَمُ الوطن، فالعَلمُ هنا من حيث كونه رمزاً للبلد يشارك في قوة البلد الذي يمثله ومنزلته؛ لذلك لا يمكن إبداله إلا بعد كارثة تاريخية تغير واقع الأمة التي يرمز إليها(41). فكل رمز له وظيفة معينة لايمكن ان يؤديها غيره ، ولايحل رمز محل اخر وهذا ما يمايزه عن العلامة الذي يشارك مايشير اليه . فالعلامة هي تعبير لأمر معلوم ، بينما الرمز هو تعبير لشيء نسبي غير معروف لا نستطيع تحديده بطريقة جلية (42) .
  3. الرمز يفتح مستويات من الواقع تظل منغلقة امامنا من دونه ولا يمكن تناولها(43). ((والرمز الديني هو فقط لا سواه يفتح لنا المستوى الاقصى للحقيقة اي البعد اللانهائي وهو الالوهية ))(44).
  4. والرمز جوهري جداً في التجربة الدينية الفردية . فالرمز يفتح أبعاداً في داخل أنفسنا تقابل تلك الإبعاد من الواقع. ففي داخلنا إبعاد لا نستطيع إن نكون على وعي بها إلا من خلال الرموز(45). فالرمز متلبس بالوجود الانساني ، وهو تلك اللغة التي تجعل المؤمن ينتمي الى المجموعة ، فلكل جماعة دينية نظامها وقيمها المركزية بهما تُعرف . وحينما ينهار او يهتز تفقد تلك الجماعة هويتها الدينية(46) .
  5. الرموز لا يمكن انتاجها قصدياً فهي تنبع من اللاشعور الفردي او الجمعي. ولا تؤدي وظيفتها من دون ان يعترف بها البعد اللاشعوري لوجودنا ، وهكذا فالرموز التي تؤدي وظيفة اجتماعية مخصوصة كالرموز الدينية، يخلقها أو يقبلها في الأقل اللاشعور الجمعي للجماعة التي تظهر فيها. ((فالرمز لا يُخلق ولا تكتسب وظيفته بأي نية متعمدة فعن أي رحم تتخلق دلالته ؟ يقال عن رحم اللاوعي الجمعي لكن يلــِتِش يقول عن رحم العلاقة المتغيرة ــــ تبعاً للظروف الحضارية ـــ بالأقصى ــــ بالرب))(47).

6 –  الرموز لا تُبتكر، فهي تنمو وتموت كالكائنات الحية . تنمو حين ينضج الموقف لاستيعابها، وتموت حين يتغير الموقف ، فرمز الملك ـــ مثلاً ـــ ينمو في حقبة من التاريخ، وقد مات في أكثر بقاع العالم من هذا الزمن؛ لأن الرموز تنمو حين تحن الناس إليها ولا تموت بسبب النقد العلمي أو العملي، بل تموت حين تصبح غير قادرة على توليد الاستجابة في الجماعة التي وجدت فيها القدرة على التعبير عن الأصل(48).فهي تولد من رحم العلاقة المتغيرة تبعاً للظروف الحضارية .. وهكذا نلاحظ بان الرمز الديني يحمل التقاطع ــــ او يقف على الحدود بين الموقف الفردي والموقف الجمعي. اذن تيلـِتش يعد من أبرز المُعبّرين عن التفسير (الرمزي) للغة الدينية، أي إنه من أصحاب النظرية القائلة: إن كل العبارات الدينية ومضمونات الكتب المقدسة ليست البتة تقريرات عن وقائع، بل هي مجازات، رموز في رموز، وإمكان فك طلاسمها مفتوحة ومتجددة دائماً(49).

 

 

5-2- ـالأسطورة  واللغة الرمزية

 بداية ان السمة الرمزية للغة الدينية ، تفترض وجود نظام رمزي ، او بناء لغوي ذي طبيعة اسطورية مواز للغة الاعتيادية وغير مفارق لها ، يشترك معها في كلماتها وعباراتها ، لكنه يحيل الى دلالات اخرى لا يحويها معجم اللغة ، ولا يمكن الكشف عنها إلا باللغة الاسطورية الخاصة بكل مجتمع أو امة ، على اساس وجود علاقة عضوية بين الرمز والأسطورة(50). وفي كل دراسة هنالك مسألة تُطرح ابتداءً ، ولا نستطيع الاستمرار في مهمتنا قبل التوقف عندها ملياً، ألا وهي مسألة التعريف ، فنضع تعريف للأسطورة ومن ثم نتحدث عن العلاقة بين اللغة و الأسطورة . وكما هو معروف ان للأسطورة عدة معان ، لكن التعريف الذي له صلة ببحثنا هو القول ان الأسطورة هي: التعبير عن الحقيقة بلغة الرمز والمجاز(51). وهذا التعريف الاصطلاحي يقترب منه تعريف بول تيلـِتش فالأسطورة هي شكل التعبير عن محتوى الوحي(52)، على أساس الوحي يمثل ويعبر عن الحقيقة العليا ، لذا فالأسطورة هي المعبرة عنهما . وطبيعة تعريف الأسطورة يتضمن وصفاً لأفعال الإلهة ، أو الحوادث الخارقة ، وهي تختلف باختلاف الأمم ، فلكل امة أساطيرها ولكل شعب خرافاته الموضوعة للتعليم ، مما يجعلها أداة لعرض مذهب أو فكرة (53)، فالأسطورة بالمجمل هي ذات مضمون عميق يشف عن معاني ذات صلة بالكون والوجود وحياة الإنسان(54)،  فلا يوجد مجتمع بلا أساطير او رموز تأسيسية يتمثل من خلالها العالم ويؤوله (55). وفي مجال الحديث عن اللغة الرمزية وطبيعة العلاقة بالأسطورة ، يتضح وجود قرابة قريبة بين اللغة والأسطورة ، فعلاقتهما في المراحل الأولى من الحضارة الإنسانية جداً وثيقة وتعاونهما أمر واضح حتى ليستحيل أن نفرق أحداهما عن الأخرى، بل حيثما ألفينا الإنسان وجدناه يملك القدرة على الكلام كما نجده تحت سيطرة من وظيفة خلق الأسطورة(56)، فالأسطورة تسعى لخلق نظام خاص، قوامه الإلهة والقوى الماورائية التي يعتمد بعضها على بعض ايضاً. فالأسطورة وكما يقول تيلـِتش هي شكل التعبير عن محتوى الوحي(57). وهي اذ تؤنسن الكون حين تبث فيه عنصر الإرادات الفاعلة والعواطف المتباينة ، وترى في كل ظاهرة موضوعية نتاج إرادة او عاطفة ما ، فإنها تصنع صورة لكون حي لا يقوم على مبادئ ميكانيكية متبادلة التأثير ، وفي سعيها لخلق هذه الصورة تفتح خزاناً لا ينضب معينه من وسائل الترميز كما تفتح البوابات على مصاريعها بين الوعي واللاوعي(58)، اذ ما تنقله الاسطورة من معان لا يشبه الوقائع او المعلومات الدقيقة ، انه إيحاء لا إملاء، وإشارة وتضمين لا تعليم وشرح وتلقين ، حيث تعتمد الاسطورة في تقنياتها هذه على استخدام الظلال السحرية للكلمات . فالكلمات في أي لغة ذات وجهين ، وجه دلالي يرتبط بالمعاني المباشرة للمسميات، و وجه آخر سحري متلون بظلال متدرجة بين الخفاء والوضوح ، قادرة على الايحاء بمعان غير مباشرة واستثارة مشاعر واهواء كثيرة (59)، وهذا هو مراد تيلـِتش في التعبير عن الهم الاقصى لا بلغة عادية ، لكونها حرفية ومختصرة على الواقع المعاش ، في حين اللغة الرمزية المرتبطة بالاسطورة تتجاوز الواقع المعاش المتناهي ، وبذلك تكون الاسطورة مخزوناً ثقافياً وتمثلياً لعالم ماورائي مواز لعالمنا ، والترميز يمثل نظام الاستعمال والتركيب اللفظي واللغوي داخل الاسطورة . فالاسطورة مضمون اناسي والترميز لغة الاسطورة المُعبرة عن منطق التركيب الداخلي لرموز الاسطورة ، ويكون الرمز وحدة لغوية تابعة لنظام الترميز وخاضعة له ، ومفردة دالة تستمد من مضمون الاسطورة دلالاتها وإحالاتها(60).

وبطبيعة الحال نجد ان الأسطورة تنشأ عن المعتقد الديني وتكون امتداد طبيعي له . فهي تعمل على توضيحه واغنائه ، وتثبته في صيغ تساعد على حفظه وعلى تداوله بين الاجيال ، وما تقوم به هو ترميز الخبرة الدينية وتعمل على موضعتها بالخارج ، فهي ترسم للالهة صورها التي يتخيلها الناس ، والخبرة الدينية ليست في اساسها خبرة عقلية بل انفعالية ، فهي لاتطلب البرهان وانما تتطلب معادلاً موضوعياً يموضعها في الخارج ويسبغ عليها المشروعية والمعقولية ، وذلك من خلال ميثلوجيا تجعل التجربة الدينية مشتركة مع الاخرين ، من هنا تعمد الاسطورة الى استنفاد القوى السحرية للغة ، الى ابعد حد ممكن ، من اجل موضعة خبرة كلانية بالقدسي لا ينفع في توصيلها مفردات اللغة المستمدة من التجربة اليومية(61)، وهذا ما دعا تيلـِتش الى القول بضرورة ان تكون اللغة الرمزية معبرة عن الايمان . و الأساطير هي رموز الإيمان التي تتجمع في قصص عن المواجهات الإلهية – الإنسانية . فالأساطير حاضرة دائما في كل فعل إيمان، لان لغة الإيمان هي الرمز. والأسطورة ترمز العقيدة ، من خلال ترميزها للغة . و في الحديث عن طبيعة علاقة الأسطورة بالرمز، يكون من خلال معرفة فالمباني الأساسية لفلسفة الدين التي تتناول ماهية الدين بكونها علة على نحو متكافىء في كل مجالات المعنى التي يمكن ان تسمى ايضاً بالنظرية العامة لمقولات الدين ، فإننا معنيون الان بالنظرية الخاصة بالمقولات التي يمكن ان تتميز ايضاً كنظرية فلسفية للظواهر. ان النظرية الخاصة المتعلقة بمقولات الدين تنقسم في إطار بناء وظائف المعنى ــــ الى جانب نظري وآخر عملي. والمجال النظري يهم مقولات الميتافيزيقا الدينية ، والمجال العملي يهم مقولات الشجن الديني، ذلك ان الميتافيزيقي هي توجه نظري والشجن توجه عملي نحو اللامشروط(62). فالاساطير هي شجن نحو اللامشروط بحسب تعبير تيلـِتش، فالاسطورة ماهي الا رمزيات للايمان من خلال القصص الالهية ـــــ الانسانية ، لا بل هي حاضرة دائما في كل فعل إيمان، لان لغة الإيمان هي الرمز(63). و رؤية تيلـِتش بان الاساطير تلازم الإيمان باعتبار لغة الإيمان هو الرمز، والأسطورة ترمز العقيدة، من خلال ترميزها للغة ، فاللغة لها دور في موضوع الاسطورة حتى تكون هي السبب في نقد الاسطورة، وهي ايضا عرضة للانتقاد في كل اديان البشرية الكبرى، والسبب في هذا النقد هو طبيعة الاسطورة نفسها، فهي تستخدم مواد من تجربتنا الاعتيادية. اي اذا كانت اللغة الدينية غير مستخدمة للغة الرمزية في تعاملها مع الاسطورة ستسبب عدة مشكلات في نقد الاسطورة وتباعدها عن اللغة الدينية بوصفها رمزية ،مثال ذلك ، ان اللغة الاعتيادية الحرفية تجرّد الله من كونه غاية قصوى. فاذا تم الحديث عنه بلغة حرفية اعتيادية وضعته في اطار الزمان والمكان وحينئذ يفقد غائيته القصوى . وكذلك الايمان حين يأخذ رموزه حرفيا يتحول الى وثنية؛ فيطلق اسم الغاية القصوى على شيء هو اقل من الغاية القصوى . مع العلم ان الاسطورة هي تاليف رموز همنا الاقصى ، ولا بديل عن استخدام الرموز والاساطير لانها لغة الايمان(64). وبطبيعة الحال رموز الايمان لا يمكن استبدالها برموز اخرى كالرموز الفنية، ولا يمكن للنقد العلمي ازالتها، اذ لديها مستند اصيل في العقل الانساني ، شانها شان العلم والفن. وطبيعتها الرمزية هي حقيقتها وسلطتها. اذ ما من شيء اقل من الرموز والاساطير يمكن ان يعبر عن همنا الاقصى(65).

 

5 . 3 . اللغة الدينية بين الترميز والتقديس :

المقدس والدين مفهومان مترابطان تاريخياً ، فدائماً نجد الدين ممزوجاً ببعض المقدسات ، كما نجد المقدس تضفى عليه مقولات دينية ، ولعلك لا تجد ديناً لا مقدس فيه ، وقد ظل هذا التصاحب بين الدين والمقدس قوياً وحاضراً ، حتى كاد لا يتصور الدين بلا مقدس(66) ، ومن هذه الكلية بخصوص العلاقة بين المقدس والدين سنتوقف عن قدسية لغة الدين والية التقديس. ونبدأ مع تحديد المصطلح ، اذ يُعرف المقدس بأنه في مقابل الدنيوي، أو يعرف بأنه مقابل المدنس ، والمقدس هو كل شيء متعال، أو هو ما يحن وينجذب اليه الانسان ، وينشغل به الى أقصى حد، ويعرف بأنه ما يرتبط بالدين ورموزه وتعبيراته(67)، والمقدس هو الشيء الذي ينتجب ويوقر ويحترم(68)، حتى قيل ان المقدس هو المقولة الأساس في الحساسية الدينية ، وهو يفرض على المؤمن عاطفة إجلال خاصة(69)، وان اي تعريف للمقدس يجب أن يكون علائقياً، فربط المقدس بالمتعالي الماورائي راجعا لجوهر و طبيعة الماورائي نفسه بوصفه متعاليا و هذا ما ذهب اليه تيلـِتش بربط القداسة بالهم الأقصى للإنسان. ولكن قبل الدخول الى صلب الموضوع نطرح السؤال الأساسي وهو ما علاقة اللغة الدينية بالقداسة ؟ وماهي اوجه الربط فيما بينهما ؟  وللإجابة عن هذه التساؤلات لابد من المرور بهذه المقدمة للوصول الى مطلبنا الأساس . ففي ما سبق أثبتنا مع تيلـِتش بأن الرب هو الرمز الأساس لاهتمامنا الأقصى، و يمثل رمز الرموز المطلق الشامل والمشتمل على كل الرموز، وينبغي أن تُفهم كل العقائد الدينية على أنها رموز محضة له، وبحسب مباني تيلـِتش لا شيء مقدس سوى المطلق الابدي اللامتناهي غير المشروط ــــــ وهو الرب . في حين الرموز الدينية الأخرى كالصليب وغيره  فهو مقدس لأنه يشارك في قدسيته ، لكن هذه المشاركة ليست الدخول في ذات الهوية لذلك فقدسيتها لا تحمل قيمتها ومغزاها في ذاتها، بل من حيث هي رموز للحقيقة القصوى (الله) وعليه تكون القدسية بلحاظ كونها رموز للحقيقة القصدية للرب(70) ، حتى ان تيلـِتش يقول: (( فالاشياء في نفسها لا تمتلك قداستها ، انها ليست مقدسة في ذاتها ، ولكن مع هذا توجد أشياء وأشخاص ، أشكال وأحداث ، لها رمزية فائقة و أن تحققها ــ معناها هو ان تصبح اشياء مقدسة))(71). وهنا التفاتة مهمة وهي ان العلاقة بين المقدس والدنيوي مرنة وحركية ، فربما يستوعب المقدس شيئا من فضاء الدنيوي، حين يتمدد في لحظة ما فيدمج مساحات اخرى من الدنيوي اليه، فكل شئ سواء كان انسانا، أم كائنا آخر، أم زمانا، أم مكانا، يمكن ان يغدو مقدسا في اطار مشروطية معينة. فقداسة الشيء بلحاظ الموضوع المنتمي اليه او الدال عليه من خلال الرمز وموضوعه. و يرى تيلـِتش:((ان الفعل الحافل بالمعنى او موضوع المعنى يكون مقدسا طالما انه حامل بالمعنى اللامشروط، والفعل يكون دنيوياً طالما انه لم يعبر عن المعنى اللامشروط وفي الموضوع المثالي لله فإن كل الواقع ــــ المعنى وكل فعل للمعنى يكونان مقدسين))(72) ، من هنا ندخل الى اللغة الدينية وعلاقتها بالقداسة ونستطيع القول ان نصوص تيلـِتش تشمل اللغة ايضاً . حتى جعل الفرق بين اللغة العادية واللغة الدينية هو الارتباط بـــــ اللامشروط ، كونه يمثل المعيار لظهور القداسة على حد قول تيلـِتش: (( إن علاقة المعنى اللامشروط مع المعنى المشروط هي المعيار الحاسم لظهور المقدس ))(73) ، و اللغة اذا ما ارتبطت بالقداسة فهذا يعني أنه يترتب على قداستها شيء وهو قدسية مضمونها بدليل قول تيلـِتش:(( كل واقع مقدس هو واقع حافل بالوجد ، أي انه واقع ينفجر من خلال تشكيله للمعطى المباشر، إن له تجاوز باطنياً يتجاوز ماهو معطى ثقافي وشكلي))(74). والسبب في ذلك هي قوة اللغة الدينية الرمزية كونها مرتبطة بالمطلق . وبحسب تيلـِتش تكون اللغة الدينية مستندة على الكلية للقوة الرمزية ، فهي صفة حافلة بالوجد ، وهي وجود مزود بكنه ِمن (اللامشروط) ))(75)، اذن الرمز ودلالته صوب الاقصى هي التي تضفي القداسة وتسبغها على لغة الدين . وهنا يفرق تيلـِتش بين مستويين للرموز الدينية: أولهما المستوى المتعالي الفائق لواقعنا ورمزه الأساس الله . والثاني المستوى الكامن الذي نواجهه في صميم واقعنا التجريبي مثل تجسّد المسيح والأم العذراء وبقية الرموز. وليس الله رمزاً مجرداً، إنه الوجود نفسه، بل هو أساس الوجود؛ لذلك أمكن للأشياء التي تواجهنا في الزمان والمكان المأخوذة من خبرة الواقع المتناهية مثل حادثة أو معجزة مأخوذة من التاريخ الديني أن تكون رمزاً للمقدس، ونحن ندركها وندرك قيمتها ومغزاها بالتواصل بين الله والإنسان عن طريق الوحي، وفيها تصبح مقدسة لكن تظل دنيوية تاريخية لا فائقة للطبيعة(76)، واللغة أداة اتصال وتعبير عن الهم الأقصى ، وهذا ما يجعلها مقدسة ، وان كان لغة الدين هي شبيه باللغة العادية المتداولة من حيث اللفظ ، لكن من حيث الدلالة تكون اللغة الدينية لغة لا اعتيادية، و لها منطق خاص وبنية تركيبية مختلفة مبنية على أساس تعالي المعنى والتصور المعبر عن مشيئة الله، لذا كان لزاماً ابتكار نظام تعبير في التلقي والإيصال والاتصال، فكانت لغة الدين الرمزية مناسبة لتعالي النص نفسه وقدسيته، وان كانت تشارك اللغة العادية في كلماتها عباراتها من حيث اللفظ فقط أما المعنى فيختلف فيكون ملؤه الرمز والأسطورة فضلاً عن طابع القداسة القابع فوقه على أساس شرفية الموضوع المشار إليه .

إذًا كانت نظرة تيلـِتش حول لغة الدين الاقرب الى الموضوعية ، على اساس شرفية الموضوع المنتمي اليه والمشار اليه وهو الهم الاقصى الذي اثبتنا مسبقاً ان الوجودية الدينية ثبتت احتياج الانسان اليه ، لذا كانت لغة الانسان معه مُرمزة ، وفيها طابع اسطوري متعلق بشجن الانسان من خلال سلوكه العملي مما اضفى عليها طابع القداسة ليمايزها عن اللغة الحرفية العادية وهذه نتيجة طبيعية للقول برمزية لغة الدين. إذًا لغة الدين هي من كبريات القضايا في موضوعات فلسفة الدين بل هي الاشكاليات الأساس التي لم تقعد حتى الان في فضاء المعرفة الدينية  .

هوامش البحث

  1. زكريا ، ميشال : الألسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية ” النظرية الألسنية “، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، ط1ـ 1982ـ ص 25.
  2. حسنة ، عمر عبيد في تقديمه لكتاب : في فقه التدين فهما وتزيلا ، المؤلف عبدالمجيد النجار، http://www.shamela.ws  ، 7/ 10/ 2013 .
  3. ينظر جون هيك : فلسفة الدين ، ص127
  4. * توما الأكويني ((1225-1274 قديس كاثوليكي إيطالي من الرهبانية الدومينيكانية، وفيلسوف ولاهوتي مؤثر ضمن تقليد الفلسفة المدرسية. عادة ما يُشار إليه باسم توما، والأكويني نسبته إلى محل إقامته في أكوين. كان أحد الشخصيات المؤثرة في مذهب اللاهوت الطبيعي، وهو أبو المدرسة التوماوية في الفلسفة واللاهوت. تأثيره واسع على الفلسفة الغربية، وكثيرٌ من أفكار الفلسفة الغربية الحديثة إما ثورة ضد أفكاره أو اتفاقٌ معها، خصوصاً في مسائل الأخلاق والقانون الطبيعي ونظرية السياسة. من أعماله: ((الخُلاصة اللاهوتية))، و((في الوجود والماهيّة))، و((في وحدة العقل الفعّال)). للمزيد يُراجع: الموسوعة العربية، المجلد السابع، ص 183.
  5. ينظر ابراهيم مدكور : المعجم الفلسفي ، ص 55 . وكذلك جميل صليبا :المعجم الفلسفي ،ج2 ، ص206ــ 207 .
  6. غالي ، ميلاد ذكي : الله في فلسفة القديس توما الاكويني ، ط1، الاسكندرية ـــ مصر ، 2000م ، ص52 ـــ 53 . وكذلك جون هيك : فلسفة الدين ، ترجمة طارق عسيلي ، مصدر سابق ، ص130.
  7. * (جون راندال)Randall, John (1899 – 1980) م: فيلسوف ومؤرخ أمريكي، وهو مؤلف العديد من الأعمال في الفلسفة والتاريخ الفكري،((دور المعرفة في الدين الغربي))، و((تكوين العقل الحديث))، و((أفلاطون)).ومقالات أخرى، جميعها نشرته مطبعة جامعة كولومبيا. كتب سلسلة من الأعمال التي حظيت باحترام كبير في مجال تاريخ الفلسفة. للمزيد يُراجع: الموسوعة البريطانية، (مصدر سبق ذكره).

 

8  _ Randall, John Herman, The Role of Knowledge in Western Religion, University Press of America, 1958.p.114

 

  • ينظر جون هيك : فلسفة الدين ، ص 137 ــــ142 . وكذلك محمد مصطفوي : نظريات لغة الدين واشكاليتا المعرفة والتبيين ، بحث في مجلة المحجة العدد العاشر الصادر عن دار المعارف الحكمية بالتعاون مع دار الهادي ـــــ بيروت ، 2004م ، ص 119 ـــ120.

10-*لودفيج فتجنشتاين Witgenstein (1889- 1951): فيلسوف نمساوي، ومهندس معماري، ومعلم. عاش حياته كما أرادها وكما ابتغاها، متخليا عن مجمل ثروته التي ورثها عن أبيه، والتي تجعل منه أغنى أغنياء  أوربا، لم ينشر فتجنشتاين في حياته إلا كتابا واحدا هو “رسالة منطقية فلسفية”، كتبه إبان الحرب العالمية الأولى، ونشر سنة 1922.(ينظر: فيصل غازي مجهول: تحليل اللغة في رسالة فتجنشتاين المنطقية الفلسفية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2009، ص29-37).

  • – ينظر زيدان ، محمود فهمي : في فلسفة اللغة ، ط1 ، دار النهضة العربية ، بيروت ــ لبنان ، ص54ـــــ57 . وكذلك ينظر د. زكريا اِبراهيم : دراسات في الفلسفة المعاصرة ، ج1 ، ط1 ، القاهرة ، 1968م ،ص265
  • ــ ينظر رشوان ، محمد مهران . جميل ، عصام زكريا : فلسفة اللغة ، ط1 ، دار المسيرة للنشر ــ عمان ، 2012م ، ص178 ــ179 .
  • *بول ريكورRicoeur (1913 -2005): فيلسوف فرنسي وعالم لسانيات

معاصر، من ممثلي التيار التأويلي، اشتغل في حقل التأويل والهرمونيطيقا.أشهر كتبه (محاضرات في الايدولوجيا و واليوتوبيا – التاريخ والحقيقة-الزمن والسرد- الخطاب وفائض المعنى). (ينظر: مقدمة جورج هـ. تايلور لكتاب بول ريكور: محاضرات في الايدولوجيا واليوتوبيا، ترجمة فلاح رحيم، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، ط1، 2002، ص5-7) .

  • ــ ينظر ، ريكور ، بول : نظرية التأويل الخطاب و فائض المعنى ، ترجمة سعيد الغانمي ، الدار البيضاء ــ المغرب ، ط2 ، 2006 م ، ص 88 ــ94
  • – قانصو ، وجيه : الوحي واللغة الدينية ،بحث في مجلة قضايا اسلامية معاصرة ، العدد 47 ــ48 ، تصدر مركز دراسات فلسفة الدين ــ بغداد ، 2011م ، ص171 ــ173
  • – بول ريكور ، نظرية التأويل ، ص 106
  • ــ ينظر الجمل ، بسام : من الرمز الى الرمز الديني . الجمل ، رؤيا للنشر والتوزيع ـالقاهرة، ط1 ، 2011م ص 8 .
  • ــ صليبا ، جميل : المعجم الفلسفي ، ج1 ، منشورات ذوي القربى ــ ايران ،  ص 620 .
  • – Tumer, Victor, The forest of symbols, New York, Comell Univ Press, 1982. p.19..
  • ــ صليبا ، جميل : المعجم الفلسفي ، ج1 ، منشورات ذوي القربى ــ ايران ، ص 620 ـــ 621 . وكذلك ينظر وهبة ، مراد : المعجم الفلسفي ، ط4 ، دار قباء للطباعة والنشرــ مصر 1998م ،  ص351 .

– Peirce, Charles, Logic as Semiotic: The Theory of Signs, New York, Philosophical Writing, 1940.p.102.

  • ــ

– De Saussure, Ferdinand, Courses in General Linguistics,Translated and Introduction and notes by Wade Baskin, New York, Mc Grew and Hill Book Co, 1966.p.66.

 

  • ينظر بول تيليتش : بواعث الايمان ، مصدر سابق ، ص51 ــ 52 .
  • – مسلان ، ميشال : علم الاديان ، مساهمة في التأسيس ، ترجمة عزالدين عناية ، ط1، المركز الثقافي العربي ــ بيروت ، 2009م ، 247 ــ 248 .
  • ــ ينظر بول تيليتش: بواعث الإيمان ، مصدر سابق ، ص 54 ــــ55 .
  • – ريكور، بول : صراع التأويلات، دراسات هيرمينوطيقية، ترجمة منذر عياشي، مراجعة جورج زيناتي، دار الكتاب الجديد المتحدة، طرابلس، ليبيا، ط1 ، 2005م ص374.
  • – ينظر ولتر ستيس : الزمان والازل ، مصدر سابق ، ص205
  • ـــ بول تيليتش : بواعث الايمان ، مصدر سابق ، ص55 .
  • *ــــ ولد جون هيك 1922 م في إنكلترا لعائلة من الطبقة الوسطى، واهتم بالفلسفة والدين منذ صغره حيث شجعه عمه الذي كان مؤلفا وأستاذا في جامعة مانشستر. درس للحصول على درجة حقوق في جامعة هل لكنه تحول للمسيحية الإنجيلية والتحق بجامعة إدنبرة في 1941. وخلال دراسته استدعي ليقاتل بسبب الحرب العالمية الثانية، لكنه رفض القتال لأسباب أخلاقية وتطوع في وحدة إسعاف الأصدقاء (الكواكرز).عاد إلى إدنبرة بعد الحرب وانجذب إلى فلسفة إيمانويل كانت، وبدأ يتسائل حول منهجه. أكمل في 1948 درجة ماجستير التي كونت أساس كتابه الإيمان والمعرفة.حصل بعدها على دكتوراة من جامعة أكسفورد في 1950 ودكتوراة إلالهيات في إدنبرة 1975م . ينظر موقع ويكيبيديا http://ar.wikipedia.org/wiki/
  • ــ ينظر

Hick, John, The faith Dimension, Oxford, One World press,1999.,pp. 229-240.

  • – بول تيليتش : بواعث الايمان ، مصدر سابق ، ص 55 .
  • – ينظر ولتر ستيس : الزمان والازل ، ص 211 ومابعدها .
  • – ينظر رودولف اوتو : فكرة القدسي ، ص35 ومابعدها .
  • – بول تيليتش : بواعث الإيمان ، ص 51 .
  • – يمنى طريف الخولي: الوجودية الدينية (دراسة في فلسفة باول تيليش ) ، ص 138.
  • ـ جون هيك: فلسفة الدين، مصدر سابق ، ص ، 132 – 133.
  • ميشال ميسلان : علم الاديان . مصدر سابق ، ص246 .
  • الخولي ، يمنى طريف: الوجودية الدينية (دراسة في فلسفة باول تيليش )، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1998م، ص39
  • المصدر نفسه ، ص 139ـ
  • بول تيليتش : بواعث الإيمان ، مصدر سابق ، ص52 .
  • المصدر نفسه ، ص52 .
  • ميشال ميسلان : علم الاديان ، ص249 .
  • ينظر بول تيليتش : بواعث الإيمان ، ص52
  • يمنى طريف الخولي : الوجودية الدينية (دراسة في فلسفة باول تيليش ) ، ص 140
  • بول تيليتش : بواعث الايمان ، ص52 ـــ53
  • ينظر الجمل ، بسام : من الرمز الى الرمز الديني ،  ص32
  • يمنى طريف الخولي: الوجودية الدينية (دراسة في فلسفة باول تيليش ) ، ص140
  • بول تيليتش : بواعث الإيمان ، ص53 .
  • ينظر يمنى الخولي: الوجودية الدينية (دراسة في فلسفة باول تيليش )، ص 138 ــــــــــ ص 140.
  • قانصو ، وجيه : الوحي واللغة الدينية ، بحث منشور في مجلة قضايا اسلامية معاصرة ، العدد 47 ــ48، تصدر مركز دراسات فلسفة الدين ــ بغداد ، 2011م ، ص162.
  • ينظر جميل صليبا : المعجم الفلسفي ، ص79 . وكذلك إبراهيم مدكور: المعجم الفلسفي ، ص13.
  • بول تيليش: الدين .. ماهو ، ـص127
  • ينظر إبراهيم مدكور: المعجم الفلسفي ، ص13. وكذلك جميل صليبا : المعجم الفلسفي ، ص79 .
  • السواح ، فراس : الاسطورة والمعنى دراسات في الميثلوجيا والديانات الشرقية ، ط2، دار علاء الدين للنشروالتوزيع ـــ دمشق ، 2001م ، ص14 .
  • – قانصو ، وجيه : الوحي واللغة الدينية ،بحث في مجلة قضايا اسلامية معاصرة ، العدد 47 ــ48 ، تصدر مركز دراسات فلسفة الدين ــ بغداد ، 2011م ، ص163
  • – كاسيرر، ارنست: مدخل الى فلسفة الحضارة الانسانية ، ترجمة احسان عباس ، مراجعة محمد يوسف نجم، دار الاندلس ــ بيروت 1961م ، ص 198
  • – بول تيليش : الدين .. ماهو ، ـص127
  • السواح ، فراس : الاسطورة والمعنى دراسات في الميثلوجيا والديانات الشرقية ، دار علاء الدين للنشروالتوزيع ـــ دمشق ، ط2، 2001م ، ص20.
  • فراس السواح: الاسطورة والمعنى دراسات في الميثلوجيا والديانات الشرقية ، ص22 .
  • ينظر ألكسي لوسيف ، فلسفة الاسطورة ، ترجمة منذر حلوم ، دار الحوار ، اللاذقية ، 2005م ، ص157 ــ 168
  • ينظر فراس السواح : الاسطورة والمعنى ، مصدر سابق ، ص 24 .
  • ينظر بول تيليش: الدين .. ماهو ، مصدر سابق ، ـص127
  • بول تيليتش: بواعث الايمان ، مصدر سابق ، ص 60 .
  • ينظر بول تيليتش: بواعث الإيمان ، ص60ــ62 .
  • ينظر بول تيليش : الدين .. ماهو ، مصدر سابق ، ص60ــ61 .
  • حب الله ، حيدر : المقدس والدين العلاقة الايجابية والسلبية ، بحث في مجلة نصوص معاصرة ، السنة الثانية ، العدد الثامن ، مؤسسة دلتا للنشر ــ بيروت ، 2006م ، ص3 .
  • ينظر ، الياد ، مرسيا : المقدس والمدنس ، ط1، ترجمة عبدالهادي عباس ، دار دمشق للطباعة والنشر ــ سوريا ، 1988م ، ص 15ـــــــ 18 .
  • سميث ، شارلوت سيمور : موسوعة علم الانسان ،ترجمة علياء شكري واخرون ، مراجعة محمد الجوهري، المركز القومي للترجمة ، ط2،2009م ، ص494 .
  • الياد، مرسيا : المقدس والعادي ، ترجمة عادل العوا ، ط1 ، دار التنوير للطباعة والنشر ــ بيروت ، 2009 م ، ص 38
  • ينظر يمنى طريف الخولي : الوجودية الدينية عند باول تيليش ، ص139.
  • بول تيليش: الدين .. ماهو ، مصدر سابق ، ص 102 .
  • بول تيليش : الدين .. ماهو ، مصدر سابق ، ص100 .
  • المصدر نفسه ، ص100
  • المصدر نفسه ، ص101 .
  • ينظر المصدر نفسه ، ص 103
  • ينظر يمنى طريف الخولي : الوجودية الدينية عند باول تيليش، مصدر سبق ذكره ، ص139 – 140.

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!