تأملات في الصوفية
أحمد رضي
1 ” التصوف البرجوازي” لامشكلة مع التصوف روحانياً، فقط كن على ثقة بأنه ليس هروباً، وليس تأكيداً ضمنياً على ما تبتغيه السلطات من تصوير الصراع وكأنَّ جوهره ديني/ طائفي. وأن الصوفية خيارٌ لنبذ الطائفية دون تغيير في الوضع القائم. ربما يحسن أن تتأكد أيضاً، بأن لا تتحول التكايا إلى أنتيك لتنشيط السياحة.
2 بلى .. يمكن تحقيق السلام الداخلي بصورة دائمة، إن كان يتعلق بقضية أو مشكلة واحدة .. عندما تفهم بكامل كيانك حقيقة دوافعك أو مشاعرك بإحدى طريقتين : 1 التحليل النفسي الذاتي 2: التنور الروحي … وهذا السلام قابل للنكوص . كما أن فائدته الوحيدة أن يثبت لك نجاعة الطريقة لتواصل النضج في أشياء أخرى . أما فكرة الوصول ” للنيرفانا ” بخبطة واحدة وعلى جميع الأصعدة . فهي تدل على طبعٍ عجول أكثر مما تدل على ميول روحية.
3 من المنطقي ، أننا نحتاج إلى عدة حيوات إذا كان هدفنا الوصول إلى ” النيرفانا ” ، فحياةٌ واحدة لاتكفي .. حيث كل شيء فيها يحدث ، دائماً ،لمرةٍ واحدة فقط .
4 ” ما جئتُ لأحمل للعالم سلاماً ، بل سيفاً ” إنجيل متى . وكأني بيسوعٍ بأبي هو وأمي، يتمرد على صورته المؤطرة بالوداعة . ينتهي النبي ورسالته إذا لم يحمل إشكالياتٍ تستعصي على التصنيف . فالعقل مفطورٌ على الاختزال، وحالما يفعل ذلك، يتجاوز الشيء مطمئناً بوهم المعرفة
5 لا أحبُّ انتشار الحديث عن الصوفية عوض خوض التجربة، فهي عند المثقفين مليئةٌ بالرطانة الأكاديمية. وعندَ العوام لا تعدو نتيفاتٍ من جُمل سهلةٍ وأنيقة تفعل فعل المخدر ـ طمأنينةٌ زائفة ـ الحديث عن شيءٍ ما بكثرة، لن يجعلك تصبح فيه. هناك سببٌ آخر أيضاً : هذا يشبه تحوّل جيفارا إلى أيقونة على الملابس وغيرها.
6 الجميع يعمل على تجميد الرعب الميتافيزيقي عبر تحويلهِ إلى مسألة فكرية، حتى أولئك الذين يبدون على الضد من بعضهم .
7 أسوأ مافي الربيع العربي، أن تستعيض عن القلق الميتافيزيقي والوجودي بالقلق على الأمن والمعيشة . قلقٌ تافه ولا يشعرك بأي تميّز .
8 ” فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين” “إنا كفيناك المستهزئين ” لا يكون الإبداع إلا باجتثاث كلَّ المشركين المشتركين في داخلك .لتصل إلى نظرةٍ صافية كحد السيف . المشركون أولئك الذين جعلوا مع الله أرباباً متعددة ” رب السُلطة والمال والمعرفة والجاه والقوة .. أو الهوى ..” أرأيت من اتخذ إلههُ هواه ” .. أنا كنت الشاهد على مقتل الرب .. وعوض أن نبحث حيثيات الجريمة .. كلٌّ في داخله ..تم اعتقال الشاهد.
9 تخلصت عبر القراءة من كثير من الأوهام والهوس المرضي برغبات مصطنعة . لكن كل هذهِ الأمراض اجتمعت في هوس واحد مضنٍّ لا فكاك منه : هوس القراءة.
10 يتساوى في نظري : التواضع الكاذب لدى المتدين ـ والغرور الأحمق لدى الملحد .
11 هل أدلكم على فرحٍ لن يبور ” خلوةٌ للحظة واحدة مع الحقيقة ” .. عندما يرتفع الوعي كما يقول نيتشه ” الذي يصعد إلى الجبال الشواهق يضحك من كلّ مآسي المسرح و مآسي الحياة ” نحن نضحك على الدعابات والنكت لأنها الاستجابة المباشرة للإدراك المباغت بأن الكينونة الاجتماعية ليست شيئاً حقيقياً .. حسناً ماذا لو اكتشفتَ الدعابة الأكبر في تاريخ الحياة .. ستعيش في القهقهة، بحيث يبدو كل ما سمعته من دعابات وما عشته من لحظات فرح .. مجرد استمناء.
12 منذ الصغر أيضاً ، لم أفهم هدف “الصراط المستقيم”: الذي هو عبارة عن جسر ممدود على متن جهنّم، لابدّ للوصول إلى نعيم الجِنان من المرور عليه، وهو كما تقول الروايات “أدقّ من الشَّعرة، وأحدّ من السيف ” . فما الغاية من لعبة الأكروبات هذهِ .. وكأنها لعبة ” الحصن ” كما في البرنامج الصيني ..لكن لو تأملنا في رمزيته (ولو تعاملنا هكذا مع كل النصوص الدينية التي هي في خاتمة المطاف خلاصة وعي بشري) فلا أرى الصراط المستقيم سوى في قدرتك على فض المنازعات والتشويش الذهني الذي يعشعش في عقلك رغماً عنك لتصل إلى جنة النعيم . هل تتصور من يمشٍي على ” صراط ” كهذا يمكن أن يشرد ولو لجزء من الثانية خارج تلك اللحظة في أشياء مختلفة ( ماذا سأتناول على العشاء ، لماذا خاطبني هكذا أمام الناس ذلك السافل …إلخ ) لو شرد للحظة واحدة .. سيقع في جهنم!
13 علمونا في الصغر أن معنى قول علي بن أبي طالب ” اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً” بأن تخطط للمستقبل دون أن ترى النهاية .. الآن أفهمهما بشكل مختلف. أي قدرتك على عيش اللحظة دون استعجال لأي شيء وكأن الوقت لاوجود له ـ وبذات ” الوقت ” ..لا تتعلق بأي شيء في هذهِ اللحظة وكأنها مخلدة . أنت فقط .. مراقبٌ رضيٌّ وهاديء. لا أعرف إن كنت شرحت فكرتي جيداً؟
14 لا أظن أن هدف النافورة في المتنزه … أن تصغي لخرير الماء ، ولكنها قد تجعلك تنتبه للسكينة من حولها السكينة التي تغلف الهواء والأشجار والعشب .
طيب ممكن سؤال بسيط ما هى قائمة تلك الكتب المؤثرة فيك تاثيرا كامل ؟