عشرون رباعية لمولانا جلال الدين الرومي

عشرون رباعية لمولانا جلال الدين الرومي

عشرون رباعية للرومي

ترجمة: عائشة موماد

يقول العلاّمة المحقق فروزانفر: إنه لا ينبغي جعل آثار مولانا في جملة آثار الشعراء والكُتّاب. إن أشعار مولانا لاحقةٌ بالكُتب السماوية، وناظرةٌ إلى الحقائق الربّانية، يقول في المثنوي:

لا تنظر في رُقى عيسى وتعاويذه إلى الحرف والصوت

بل انظر إلى ما غدا فارًّا منه الموت

لا تنظرْ في رُقاه إلى تلك العبارات غير الفصيحة

بل انظر إلى أن الميت بسببها نهض وجلس.

إن أبرز خصيصة للشعر الحقيقي هي أن يؤثر في القارئ أو السامع، ويحمله إلى عالم الشعر، وهذا التأثر موجودٌ في أعلى درجاته في شعر مولانا.

ومن هنا كانت ترجمتي لمجموعة من الرباعيات اخترتها لأنها أخذتني إلى عالم لا نهائي من الجمال والروحانيات، ونشرتُ على موقع طواسين باقة مختارة منها، واليوم احتفاء بذكرى يوم انتقال مولانا أقدّم مجموعة أخرى، وأرجو أن يجد فيها القارئ ما لمسته من بهاء اللغة الصوفية وجماليات مولانا.

hgghgh

(1)

عندما كنت بمعية اللؤلؤة، كنت مفعمًا بالسعادة

كالموجة، أهتز بنفخة وجودي

مزلزلاً كالرعد، بُحت للبحر بالسّر

ومثل النجم الظمآن، نمت على وجهي

(2)

حديقة، جعلني ربيعها منشرحا

أزهرَت وأفشت كل كلامي

عندما وحدني بكأس الفرح

صرتُ ثملا، وضعتُ رأسي على الأرض، ونمتُ.

(3)

بفمي المغلق، أحدثك بمائة حديث صامت

أبوحُ بذلك لقلبك المتقلب

أحتفظ بما نطقت في أذنك

غدا، أظهر لك ما قلت البارحة.

(4)

ندور كالكرة السماوية عشقا لهذا القمر

يعلم الله حالنا على هذه الطريق

نندهش ليقظة العقلاء

وهم مندهشون لجنوننا

(5)

بصحبة العشق، انطلقت راحلتنا من العدم

عاد ليلنا مضيئًا بخمرة الاتحاد، إلى الأبد

من هذه الخمرة المباحة في ديننا

لن ترى شفاههنا يابسة، حتى فجر العدم

(6)

من اختار جمعنا وديننا

يرى في جسدنا مائة روح طاهرة

من يشرب كأس قدوتنا

يثمل، فيحسب ليلنا نهارا.

(7)

في نفسي شوق لعشقك

في عشقك أكون ثملاً متعبًا

لا يعاني الثمل من الوهن سوى يوما واحدا

لكني أنا ذلك الواهن دائما.

(8)

سُكْرُنا لا يأتي من الخمر الأرجوانية

لا يوجد خمرنا إلا في قدح الوجد

جئتَ كي تسقيني خمرا

أنا ذلك السكران صاحب الخمر المختفية.

(9)

يا من يجلس بقلبي، حان الوقت لأن تسكنه

يا من يحطم عهد التوبة، حان الوقت لتحطيم العهد

هذه الخمر الأرجوانبة، قد اكتست مثل هذا اللون

حان الوقت لكي تنتقل من يدٍ ليد، مثل الوردة.

(10)

يضرب يدًا بيد عندما يراني ثملا

يصيح: “قد نسي التوبة وعاد ثملا”

توبتنا تشبه نفخ الزجاج:

صعب الصنع، لكنه سهل الكسر.

(11)

هذه اللحظة التي أدور فيها حولك

هي لي النديم والخمر والكأس والدَّور

في هذه اللحظة التي يتجلى فيها جمالك

روحي في ذهول، كموسى ابن عمران.

(12)

صار جوهرنا صافيا بالخمر الأرجوانية

بسببنا، انتحب الكأس

نشرب الكثير من الخمر، الكأس تلو الآخر

حتى أنهكَنا الخمر، وأنهكناه.

(13)

هذه الخمر المحرمة لدى العوام

هي أبدية لروح القلندر

أما أنت أيها النديم ! لا تقل :”قد نفذت”

بدايتنا ونهايتنا، أي معنى لهما؟ أي معنى لهما؟

(14)

يا ساقي الروح المسرّع للزمن

أنت سلام لقلبي المنهك والمضطرب

من كانوا سكارى بك، قد أصابهم الفتور اليوم

في النهاية، أنت من سيحمل العار.

(15)

أنا محطم، وأجزاء جسدي قد رميت،

في هذه القبة الزرقاء، حيث موطني الأصلي

كلها ثملة، سعيدة، عاشقة لخمر المحجوب

خوفا من هذا السجن، سجن نفسي

(16)

أيها النديم ! كنت اليوم في وهن

قسمًا بالله، انتظرتك حتى الليل

ناولني خمرا، حررني من قفص هذه الدنيا هذه الليلة

قد كنت فريستك خلال النهار.

(17)

كنت زاهدًا فجعلتني مطربا

أثرت مشاعري بالغناء، جعلتني أبحث عن كأس الخمر

رأيتني أسجد بخشوع

فجعلتني أضحوكة لصبية الأزقة

(18)

أُحضرنا من حانة “ألست”

جُعلنا مشوشين ومضطربين

سنُعاد كما جئنا إلى الحانة

فقد أُحضرنا من العدم إلى الوجود.

(19)

أعلم أن جوهرك طاهر من كل نقص

أعلم أنك مختار من قبل روعة ذي الجلال

لمَ يصلح قلبي؟ لأنه يقينا

مذ عرفت نفسي، فقد عرفتك أنت.

(20)

كل يوم، يتذوق قلبي حلاوة جديدة

كي ينسى الماضي

يشرب أول كأس مشتعلة بالعشق

فيلقي الكأس ويفقد الصواب.

 

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!