التصوف والمرأة الغربية: بين الخطاب النسوي والممارسة الدينية.
د. عزيز الكبيطي إدريسي[1]
شكل الخطاب النسوي المثير للجدل في البلدان الغربية-كما في البلدان الإسلامية على حد سواء- ومنذ عقود خلت لبنة أساسية في الدراسات الأكاديمية العالمية، ومن بين المجالات الجديدة التي طرقها هذا النوع من الخطاب هو مجال التصوف في جانبه الأنثوي، لاسيما في سياق دراسة تجربة النساء لإثبات ذواتهن من خلال السفر الروحي إلى العالم اللامرئي المقدس بغية التصالح مع النفس والمجتمع والتاريخ، كما تذهب إلى ذلك الباحثة سحر الموجي في سياق تقديمها لكتاب: الصوفية النسوية: الغوص عميقا والصعود إلى السطح قائلة:
“كان هدف الصوفي القديم هو اختراق حواجز الزمن والتاريخ للوصول إلى منطقة الخلود واللازمن. أما الصوفية من منظور أشمل وأكثر رحابة فهي امتلاك الوعي بوجود لامرئي وإلهي وراء العالم المادي المحسوس ومن خلاله. ولأن تجربة النساء مع ذواتهن ومع المجتمع والتاريخ لها دوائر ومسارات تختلف عن تجربة الرجل، فإن النساء في رحلاتهن الروحية قد يبغين مبدئيا الالتحام مع ذواتهن، وعقد تصالح مع الكون، وأن يندمجن مع مجتمع عانين الانفصال عنه من قبل، حيث يجدن لذواتهن مكانا متسامحا يمارس معهن القبول”[2].
- النسوية والتصوف: الخطاب والممارسة:
كان للمرأة الغربية تميزا في المجال الصوفي إن على مستوى الخطاب أو على مستوى الممارسة، تقول جين سميث عن علاقة النساء الغربيات، خاصة الأمريكيات بــالتصوف الإسلامي:
“من ناحية أخرى فالتصوف مازالت له جاذبية بالذات لبعض النساء الأمريكيات [والأمر نفسه صحيح في أوروبا] اللائي يجدن فيه بديلا سائغا عن المسيحية أو اليهودية أو عن بيئة اللاأدرية[3] التي يكن قد نشأن في إطارها. وثمة جاذبية خاصة تتمتع بها الجماعات التي تتسامح من حيث القيود المفروضة، ومن ذلك مثلا، اختلاط النساء بالرجال خلال وقت العبادة. وأحيانا قد يجلس المتعبدون في دائرة يشكل الرجال نصفها، وتشكل النساء النصف الآخر..” [4].
وكما يحدث على صعيد الجماعة الإسلامية ككل، تثور مناقشات واسعة بشأن مدى ملاءمة اضطلاع المرأة بأدوار قيادية في المنظمات الصوفية، فضلا عن زيادة نماذج تلك القيادة”.
-الزعامة النسوية الصوفية في الغرب:
ترجع الزعامة النسوية الغربية لمدارس التصوف الإسلامية في أوربا وأمريكا، بالأساس إلى سيادة الخطاب النسوي الذي تجاوز مستوى المطالبة بسماع صوت أنثوي صارخ أمام هيمنة الذكورة، إلى مستوى المشاركة جنبا إلى جنب مع الرجل، بل واقتحام مقامات الريادة و الزعامة في مجالات كانت حكرا على المذكر فقط، ومن هذه المجالات “التصوف” الذي لا يلتفت إلى جنس الممارس ولا إلى صورته الخارجية، بقدر اهتمامه ببعده الروحي والنفسي، والذي قد يتساوى فيه المذكر والمؤنث. على الرغم من بعض الاختلافات في الهدف من الرحلة؛ فعلى سبيل المثال:
“في الصوفية الكلاسيكية يصبح “الفناء” هدفا لرحلة الصوفي الصعبة مع ذاته الضيقة، فالصوفي يفتش دوما عن إمكانية التوحد مع “الذات العليا”، وهو هدف ليس بالضرورة هدف الرحلة الروحية نفسها لدى النساء. ولأن تجربة النساء مع ذواتهن ومع المجتمع والتاريخ لها دوائر ومسارات تختلف عن تجربة الرجل([5]).
إن النساء في رحلتهن الروحية قد يبغين مبدئيا الالتحام مع ذواتهن، وعقد تصالح مع الكون؛” فبينما يسعى الصوفي إلى الانعزال والانفصال (حتى لو كان مؤقتا مع جموع البشر من أجل إتمام الرحلة) فإن النساء قد يبغين، كهدف أسمى لرحلتهن، أن يندمجن مع مجتمع قد عانين الانفصال عنه من قبل حيث يجدن لذواتهن مكانا متسامحا يمارس معهن القبول ويترك لهن فضاءات للحرية. وقد يتحقق الهدف من خلال تجارب في الطبيعة أو من خلال علاقات إنسانية حميمة”[6].
ينشأ الدافع إلى الدمج بين السعيين الروحي والاجتماعي من الحافز تجاه الكلية في سعي النساء…، لكن التفكير الكلي يتطلع إلى تحقيق البصيرة الروحية في الواقع الاجتماعي. ونظرا لكون الخبرة الروحية للنساء تؤدي بهن إلى إحساس جديد بقواهن في الوجود، فإنه من غير المحتمل أن النساء سوف يفكرن في الحياة التأملية التي تمجدها بعض الديانات باعتبارها أكثر التعبيرات الملائمة عن بصائرهن الجديدة. وذلك لأن ” الروابط بين السعي الروحي للنساء وسعيهن الاجتماعي تتعرف عليها بصورة حدسية الكثير من النساء ممن زودتهن خبراتهن الروحية بالطاقة والرؤية القادرة على صنع تغييرات في حيواتهن وعلى إحداث تغيير في وضع النساء في الثقافة والمجتمع”[7].
وهكذا، أضحت “المشيخة النسائية” ظاهرة غربية محضة[8]، مما دفع إحدى الباحثات إلى تأليف كتاب حول المرأة الصوفية في أمريكا[9]، وإن كانت اقتصرت فيه على محاورة سبع نساء من طريقة واحدة وهي الطريقة النقشبندية الحقانية، إلا أنها بكتابها هذا لفتت الانتباه إلى الحضور النسائي المتميز في التصوف بالولايات المتحدة الأمريكية، كما في الغرب عموما. ويرجع تاريخ هذا الحضور إلى بداياته الأولى حين عيَّن “حضرة عنايات خان” حوالي سنة: 1920، امرأة خليفة له في الغرب، خاصة على أمريكا الشمالية؛ وهي ربيعة مارتن، التي ستعين بدورها امرأة أخرى وهي: إيفي دوس (Ivy Duce) لخلافتها على شؤون التنظيم الصوفي العالمي لعنايات خان[10] سنة: 1948م.
الشيخ باوا محيي الدين[11] بدوره قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتكون مركز دعوته الصوفية بناء على طلب ملح من إحدى مريداته زهرة سيمونس (Gwendolyn Zohra Simmons) التي تترأس حاليا الجماعة في فيلاديلفيا، وتنشط في مجال الحركات النسائية[12].
أما الطريقة الجراحية الهلفيتية[13] التركية الأصل التي وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر سبعينيات القرن الماضي من خلال الشيخ الإسطنبولي مظفر أوزاك (Muzaffer Ozak)، لكن بعد وفاة هذا الأخير سنة: 1985م، انشطرت طريقته في أمريكا إلى فرعين: – فرع معروف باسم “عشقي-جراحي” تتزعمه الشيخة فرحة فاطمة الجراحي (ولدت: 1947م) وهو فرع نشيط في نيويورك. وفرع آخر ينشط في منطقة بيي في سان فرانسيسكو تحت زعامة: روبيرت فراجر (Robert Ragib Frager) ولد سنة: 1940م. و”تدل السيرة الذاتية للشيخة فرحة على أنها أعطيت مشيخة الطريقة من طرف الشيخ مظفر أوزاك قبيل وفاته سنة:1985م، وهي أول زعيمة روحية نسائية في الطريقة التي نشأت منذ أكثر من 300 سنة”[14].
من أنشط النساء في المجال الصوفي بأوروبا وأمريكا، نجد كميل هيلمنسكي (Camille Adams Helminski) وهي باحثة في التصوف، من أبرز كتبها نجد[15]: (Women of Sufism : A Hidden Treasure) ومعناها: “نساء التصوف: الكنز المستور”، بالإضافة إلى ترجمتها للعديد من أشعار الطريقة المولوية وكتبها. تتزعم كاميل هيلمنسكي اليوم أحد فروع هذه الطريقة في أمريكا، حيث “تدير مؤسسة ثريشود (Threshold Society) في كاليفورنيا، وهي منظمة روحية ترتكز على التعاليم المولوية”[16] للشيخ جلال الدين الرومي.
الشيخة باجي طيابة خانوم تقود مجموعة صوفية في ضواحي فيلاديليفيا وتلقن أوراد مجموعة من الطرق كالإدريسية والجشتية والقادرية، ولها أتباع من كلا الجنسين[17].
نساء أخريات يلعبن أدورا طلائعية في مجال التصوف بالغرب، منهن على سبيل المثال: الشيخة مريم كبير فايي، كاتبة أمريكية بيضاء ومتحدثة نشيطة في مواضيع تتعلق بالإسلام والتصوف في الغرب، من أشهر كتبها: رحلة عبر عشرة آلاف حجاب: كيمياء التحول على الطريقة الصوفية”[18] (Journey Through Ten Thousand Veils: The Alchemy of Transformation on the Sufi Path)، ولدت في هوليود بكاليفورنيا من عائلة يهودية ليبرالية، تقول عن نفسها:
“ولدت في هوليود من أسرة يهودية، وأصبحت ممثلة في سن الخامسة وظللت أمارس التمثيل لمدة عشرين عاما. عندما كان عمري 12 سنة، وبينما أنا أعمل ممثلة لشركة المسرح في سان فرناندو فالي (the San Fernando Valley) أعطاني مساعد المدير لفيفة من الورق البردي، صنعها من أجلي، مكتوب عليها: “ابحثي والحقيقة ستجعلك حرة” هذه الرسالة أصابت روحي بصدمة كهربائية، وأوحت لي بشكل واضح اتجاه حياتي والهدف منها”[19].
تواصل قصة تحولها إلى الإسلام وعثورها على مرشدها الروحي الأول، قائلة:
“ذهبت إلى بيركلي سنة: 1960م ومنها توجهت إلى الهند و النيبال ومختلف الأديار[20] في أوربا، بعدها توجهت إلى القدس و الخليل، وهناك بعيد ضريح “الخليل إبراهيم” بخمس دقائق، التقيت مع مرشدي الصوفي الأول، كان رجلا مهيبا ومقدسا جدا، و في قدسية ذاك اللقاء اعتنقت الاسلام بطريقة أكثر طبيعية وجمالية”[21].
منذ ذلك الحين والشيخة مريم كبير فايي تعمل بجد على نشر تعاليم الاسلام الصوفية في صفوف الغربيين عامة، كما أنها تدرس القرآن الكريم واللغة العربية في أمريكا وفي غيرها من بلدان إفريقيا السوداء.
أيضا الدكتورة ناهد أنغا (Nahid Angha) وهي ابنة شيخ صوفي إيراني: شاه مغسود (ت.1980) تقود حركة صوفية موسومة ب”الجمعية الدولية للتصوف” وتتوخى تشكيل شبكة دولية للنساء الصوفيات، تحت مسمى: المنظمة النسائية الصوفية[22] (The Sufi Women Organization). كذلك الباحثة الأمريكية الإيرانية للاه باخيتيار صاحبة كتاب[23] (Sufi Women of America : Angels in the Making) التي ترتبط بمجموعة من الطرق الصوفية كالنقشبندية والجراحية الهلفيتية، وتدير دارا لنشر الكتب الصوفية خصوصا والإسلامية عموما[24] (Kazi Publications Inc).
إن هذا الإقبال الهائل من طرف النساء في الغرب على اقتحام التجربة الصوفية الإسلامية، هو دليل على أهمية و راهنية الخطاب النسوي الذي ارتقى إلى مستوى التجربة التي لا تتوخى فقط التمكن من المحسوسات التي كانت مجالا فقط لتنافس الذكور، بل تهدف إلى ملامسة المجرد و الغيبي حيث تنتفي هناك الفوارق الجنسية و العرقية، فتصير متاحة لكل من له القدرة على الصبر والتجلد في سبر أغوار النفس قصد معرفة كنهها، ومن ثمة التعرف على خالقها، وهو مبتغى كل أهل التصوف.
- إشكالات نسوية صوفية مطروحة بين الشرق والغرب:
من ضمن القضايا والإشكالات التي يطرحها انتقال أي ظاهرة من وسطها الثقافي والاجتماعي إلى وسط ثقافي واجتماعي آخر مغاير، نجد مسألة اللباس والحجاب والماكياج (التزيين) بين النساء المتصوفات، وهذا الإشكال يدخل في سياق أكبر يتعلق بالمجتمع الإسلامي في أوروبا وأمريكا ككل، كما توضح ذلك الباحثة الأمريكية جين سميث قائلة:
“ومن أكثر المواضيع مدعاة للجدل بين صفوف مجتمع المسلمين الأمريكيين [والأوروبيين] مسألة الزي الملائم الذي ترتديه المرأة . ومن الواضح أن هذا الموضوع تهتم به كثير من النساء اهتماما عميقا بطريقة أو بأخرى، كما يزداد هذا الاهتمام فيما يتعلق بالقرار الذي يتوصلن إليه بعيدا عن الخطاب السائد في الحركة النسائية الغربية أو ما يتصل بالدوائر العلمانية”[25].
وعلى الرغم من شدة هذا الجدال وتباين أشكاله، بحسب جين سميث، إلا أن ثمة اتفاق بشأن نقطتين مهمتين في هذا السياق، وهما:
“أولا أن الحشمة في اللباس أمر مناسب للرجال والنساء على نحو ما يوضحه القرآن ذاته. وتبقى القضية بالطبع هي ما الذي يمثل هذه الحشمة؟ (القرآن وعلى خلاف ما قد تظن بعض النساء المسلمات لا يحدد بالفعل وبدقة أجزاء الجسم التي ينبغي سترها)، ثانيا: أن خيار الثياب أمر يخص المرأة ، ولايمكن، أو على الأقل لاينبغي، فرضه عليها من جانب أبيها أو زوجها أو أي قريب آخر من الذكور. وبالنسبة للمسلمين في كثير من أرجاء العالم، وبخاصة مسلمي أمريكا، فإن ما يشار إليه على أنه “اللباس الإسلامي” لايمثل بالضرورة اللباس التقليدي نفسه الذي قد ترتديه نساء من ثقافات أخرى”[26].
وقد حاولت الباحثة مارتا دومينغيز دياز التفاعل مع هذا السياق، بالإشارة إلى أن اللباس السائد بين متصوفات الطريقة البودشيشية في أوربا هو الجلباب المغربي خاصة أثناء اجتماعات الذكر، على الرغم من أن الألبسة الضيقة تستعمل أيضا من طرف هؤلاء النسوة إلا أنها لاتصل إلى درجة الإثارة الجنسية[27].
هكذا، تذهب الباحثة مارتا دومينغيز إلى أن بعض المنتميات إلى الطريقة الصوفية- لاسيما البودشيشية- لا يجدن حرجا في الإفصاح عن أنهن لا يهتمن كثيرا بمسألة اللباس بقدر اهتمامهن بتحسين سلوكهن نحو خالقهن لأن تغطية الجسد من الرأس إلى أخمس القدمين لا تعني التحقق التام بالإسلام، ولا طهارة النفس التي تعتبر المحور الأساس للتصوف[28].
الحجاب:
إن قضية الحجاب تشكل عنصر الخلاف ليس فقط بين المتصوفات الغربيات المنتميات إلى طرق صوفية مختلفة، أو بين المتصوفات المهاجرات إلى الغرب من العالم العربي و الإسلامي، وإنما أيضا تدخل ضمن الجدال العام و الواسع القائم بين “الغرب” و”الإسلام” ككل، كما تذهب إلى ذلك الباحثة الإسبانية مارتا دومينغيز التي ترى أن “ارتداء الحجاب في المغرب كما داخل الطريقة البودشيشية –مثلا- يُظهر أيضا امتزاج عناصر اقتصادية واجتماعية وثقافية مع المعاني الدينية، وفي هذا السياق يمكن أن يُنظر للحجاب كتبرئة أو تبرير اجتماعي، أو كتعبير يجسد الخطابات الإسلامية ذات التوجه السياسي.”[29]
وكنموذج لهذا الاختلاف في فهم واقع الحجاب وقوة شرعيته، تستدل الباحثة بموقف أتباع الطريقة الصوفية البودشيشية في الغرب، والذي يمثل مظهرا بسيطا مستوعبا لهذا الاختلاف، تقول في هذا السياق:
“إن ارتداء الحجاب من طرف البودشيشيات في أوربا يكون بقصد تحقيق نوع من الاستقلال بالذات، في حين تفضل متصوفات ابريطانيا على سبيل المثال ارتداء القبعات لتغطية الرأس كعلامة على احترام هويتهن الإسلامية..أما في اسبانيا فهناك انفصام وصراع بين المغربيات البودشيشيات والإسبانيات المتحولات اللائي يرفضن الاستجابة لطلب المغربيات بلباس الحجاب بدعوى أن ذلك الحجاب سيجلب عليهن لوم أصحابهن ومحيطهن، كما أن تغطية المرأة لذاتها بالشكل المعهود في المغرب هو ثقافة و تقليد مغربي محظ، وأن الدين يدعو فقط إلى إظهار التواضع في اللباس وعدم الإثارة الجنسية للآخرين، وقد وصل هذا الخلاف بين المجموعتين إلى درجة التوتر مما حتم على المسؤولين عن الطريقة في المغرب إلى الأمر بالفصل بين المجموعتين أي: مجموعة المهاجرات المغربيات، ومجموعة المتحولات الإسبانيات”[30].
هكذا يتبين أن الحجاب وكيفية لباسه هو العنصر الحاسم في الجدل القائم بين الإسلام والغرب، سواء في العالم الإسلامي أو أوروبا، حيث يستعمل الحجاب كإشارة للتدين وللانتماء إلى الإسلام في الأوساط غير الإسلامية، في حين، ترى بعض المتصوفات الغربيات في الحجاب رمزا للثقافات المحلية في العالم الإسلامي، ولا يرتبط البثة بالوصفات الدينية، ولكن بالتقاليد الثقافية كما تؤكد ذلك الباحثة مارتا دومينغيز قائلة:
“إن ارتباط الحجاب بالثقافة المغربية يجعل بعض المتصوفات الأوروبيات لا يرون حاجة إلى اعتماد هذه الممارسة. لكن، وعلى الرغم من أن الأوروبيات لا يرون في الحجاب جانبا حيويا من الإسلام، إلا أنهن يشاركنه مع غيرهن من المسلمات المتحولات واللائي يخترنه بسبب أفكار معينة حول “النوع”. وهن ينظرن إلى الإسلام باعتباره الضامن “للنظام النوعي للمجتمع”، و باعتباره أيضا أسلوبا لتجاوز الفوضى التي، بحسب آرائهن، تحيط بالعلاقات النوعية في الأوساط المجتمعية الأوروبية”([31]).
هكذا نخلص، أن التصوف الإسلامي من خلال تجاوزه لحدوده الجغرافية ذات المرجعية الثقافية والإجتماعية المحافظة، قد استطاع أن يستقطب و يقنع العديد من الغربيات بخوض التجربة الإسلامية من المنظور الصوفي، مما طرح إشكالات عدة على مستويات التكيف مع الأوساط الإجتماعية والثقافية المختلفة عن البيئة التي انطلقت منها هذه الظاهرة الصوفية، وأيضا على مستويات التلاقي والتصادم، والتأثير والتأثر التي تفرضها جدلية الخطاب والممارسة النسوية بين العالمين العربي والغربي.
لائحة المراجع:
* كارول بي كريست، الصوفية النسوية الغوص عميقا والصعود إلى السطح، ترجمة: مصطفى محمود، تقديم: سحر الموجي، ط.1/2006، آفاق للنشر والتوزيع، القاهرة، ص: 5-6
* عزيز الكبيطي إدريسي، التصوف الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية: مظاهر حضور التصوف المغربي وتأثيراته”، دار الكتب العلمية، بيروت (2013)
* سميث، جين. الإسلام و المسلمون في أمريكا، ترجمة: محمد الخولي، منشورات المجلس الأعلى للثقافة، العدد:861، الطبعة الأولى، القاهرة (2005). ص:113-114
* Bakhtiar, Laleh. Sufi Women of America : Angels in the Making, Published by: The Institute of Traditional Psychoethics and Guidance, Distributed by: Kazi Publications, Inc.(1996)
* Hermansen, Marcia, “Neither of the East nor of the West » American Sufi Women: Spirituality, Leadership and Gender Justice without Borders”
* Camille Adams Helminski, Women of Sufism : A Hidden Treasure, Shambhala Boston & London(2003).
* حوار الباحث عزيز الكبيطي إدريسي مع الشيخة باجي طيابة خانوم يوم الجمعة : 20غشت 2010م في منزلها بمدينة فيلاديلفيا في الولايات المتحدة.
* Maryam Kabeer Faye, Journey Through Ten Thousand Veils: The Alchemy of Transformation on the Sufi Path, Tughra Books (2009).
* Marym Kabeer Faye, “My path from Judaism to Sufism”, Washington Post, May 9, 2010, http://newsweek.washingtonpost.com/onfaith/guestvoices/2010/05/my_path_from_judaism_to_sufism.htm
* Marta Dominguez Diaz, Revisiting Moroccan Sufism and Re-Islamicising Secular Audiences: Female Religious Narratives in the Tariqa Qadiriyya Budshishiyya in Morocco and Western Europe Today”, unpublished PhD thesis, School of Oriental and African Studies, 2010
[1] – باحث في الفكر الإسلامي والتصوف، رئيس المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية في المغرب.
[2]– كارول بي كريست، الصوفية النسوية الغوص عميقا والصعود إلى السطح، ترجمة: مصطفى محمود، تقديم: سحر الموجي، ط.1/2006، آفاق للنشر والتوزيع، القاهرة، ص: 5-6
[3] اللأدرية: مذهب فلسفي إغريقي يقول أن القيمة الحقيقية للقضايا الدينية أو الغيبية غير محددة ولا يمكن لأحد تحديدها، لأن قضايا وجود الله أو الذات الإلهية بالنسبة لهم موضوع غامض كلية ولا يمكن تحديده في الحياة الطبيعية للإنسان، ومن ثمة، فهو مذهب لاديني يؤمن باستحالة التعرف على وجود الله والتوصل لهذا الإيمان ضمن شروط الحياة الإنسانية.
[4] سميث، جين. الإسلام و المسلمون في أمريكا، ترجمة: محمد الخولي، منشورات المجلس الأعلى للثقافة، العدد:861، الطبعة الأولى، القاهرة (2005). ص:113-114
[5] كارول بي كريست، الصوفية النسوية الغوص عميقا والصعود إلى السطح،(م.س)، ص:6
[6] نفسه، ص:7
[7] نفسه، ص:154
[8] – عزيز الكبيطي إدريسي، التصوف الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية: مظاهر حضور التصوف المغربي وتأثيراته”، دار الكتب العلمية، بيروت (2013)، صص: 177-184
[9] Bakhtiar, Laleh. Sufi Women of America : Angels in the Making, Published by: The Institute of Traditional Psychoethics and Guidance, Distributed by: Kazi Publications, Inc.(1996)
[10] – يذهب أغلب مؤرخي التصوف في الغرب إلى أن التنظيم الصوفي لعنايات خان كانت من أوائل المجموعات الصوفية الجديدة التي وفدت إلى الغرب من الشرق، وبالضبط من الهند، موجهـة رسالتهــا الروحية إلى الغربيين أنفسهم، وليس فقط إلى المهاجرين المسلمين هناك.
[11] – لا تتوفر إلا القليل من المعطيات حول مسار هذا الرجل الصوفي، و ما يتوفر منها يدل على أنه بدأ تعاليمه الصوفية في الأربعينيات من القرن العشرين حينما اكتُشف كرجل زاهد مختل بنفسه يعيش في غابات سريلانكا من طرف مجموعة صغيرة من الهندوس الذين طلبوا التتلمذ على يديه, حيث استقر باوا بعد ذلك في مدينة جافنا(Jaffna) حيث بدأ يجتمع حوله مريدون مسلمون بعدما أسس لهم مسجداً أسماه:”بيت الله”. كانت تعاليم باوا محيي الدين لاسيما في مراحلها المتأخرة متأسسة على القرآن والسنة وعلى الممارسة الصوفية الأصيلة، مما مكنه من جلب المسلمين المحافظين إلى طريقته الصوفية التي كان يعلن بأنه وصل فيها إلى مقام القطبية التي ورثها مباشرة عن الشيخ عبدالقادر الجيلاني(ت.1176م) مؤسس الطريقة القادرية, بالرغم من عدم توفره على أية سلسلة تصله بالشيخ عبدالقادر تثبت صحة سنده الروحي. سنة:1971م سيوافق الشيخ باوا محيي الدين على السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بطلب من إحدى مريداته في مدينة فيلاديلفيا الأمريكية.
[12] Hermansen, Marcia, “Neither of the East nor of the West » American Sufi Women: Spirituality, Leadership and Gender Justice without Borders”, (Op.Cit), p:52
[13] – هي طريقة صوفية تركية تعرف أيضا باسم الطريقة الجراحية للدراويش، ترجع أصولها إلى حياة الشيخ نور الدين الجراحي(1678-1721م).
[14] Ibid, p:49
[15] Camille Adams Helminski, Women of Sufism : A Hidden Treasure, Shambhala Boston & London(2003).
[16] Hermansen, Marcia, “Neither of the East nor of the West,” p.50.
[17] حوار الباحث مع الشيخة باجي طيابة خانوم يوم الجمعة : 20غشت 2010م في منزلها بمدينة فيلاديلفيا في الولايات المتحدة.
[18] Maryam Kabeer Faye, Journey Through Ten Thousand Veils: The Alchemy of Transformation on the Sufi Path, Tughra Books (2009).
[19] Marym Kabeer Faye, “My path from Judaism to Sufism”, Washington Post, May 9, 2010, http://newsweek.washingtonpost.com/onfaith/guestvoices/2010/05/my_path_from_judaism_to_sufism.htm
[20] جمع دير وهو كنيس اليهود.
[21] Maryam Kabeer Faye, “My path from Judaism to Sufism”.
[23] Bakhtiar, Laleh. Sufi Women of America : Angels in the Making, Published by: The Institute of Traditional Psychoethics and Guidance, Distributed by: Kazi Publications, Inc.(1996)
[25] سميث، جين. الإسلام و المسلمون في أمريكا، ص :163
[26] سميث، جين. الإسلام و المسلمون في أمريكا، ص: 163
[27]Marta Dominguez Diaz, Revisiting Moroccan Sufism and Re-Islamicising Secular Audiences, p. 244.
[28] Ibid, p. 245.
[29] Ibid, p. 248.
[30] Ibid, p. 250.
[31] – Ibid, p : 255