ابن عربي: قراءة حضارية حياتية

 ابن عربي: قراءة حضارية حياتية

 

 ابن عربي: قراءة حضارية حياتية

د.سعاد الحكيم

قصدتُ مدائن الشيخ الأكبر، محي الدين بن عربي، منذ أكثر من أربعين عاماً.. وجدتُ لها أبواباً كثيرة، قادتني قدماي إلى واحد شرقي، مددتُ يدي إلى جيبي فوجدت مفتاحاً له أسنان أربعة، علمتُ من النظر إليها أنها: الهمة والصبر والحب وشغف المعرفة.

فتحتُ الباب، وأدركتُ في اللحظة نفسها، أنّ كل قادم، يملك مفتاحاً، له بابٌ مخصوص.. دخلتُ فوجدت دروباً ممدودة، وفسحات واسعة، وعمارات متفاوتة الارتفاع، عَدَدْتُها بنظري من مكاني فوجدتها قريب الثلاثمائة.. رأيت رجالاً ونساءً يمرون مسرعين، داخلين خارجين، واضحي الملامح، متأبطين كتباً ودفاتر، مستغرقين بالذكر والفكر يفوح الأنس من أعطافهم، من أعراق مختلفة، منهم المقيم ومنهم السائح، يُعرفون بسيماهم.. وعلمت أن فيهم طلاب ابن عربي المعروفين والمجهولين، ومئات المحبين والسالكين على خطاه، وعشرات الدارسين؛ من مسلمين وغير مسلمين.

تلفت حولي، وتفرست في الوجوه، بحثاً عن الشيخ الأكبر.. محبة أن ألقي عليه التحية قبل دخول عمارات كتبه.. ولما لم أجده، وقع في خاطري أنني لست جاهزة للقائه بعد، وأن كل آتٍ قريب..

وبدأ سفري مع الشيخ الأكبر على رواحل حروفه وكلماته التي لا يوقف تدفقها نقاط أو فواصل.. وآثرت أن ألقاه بصفحة عقلي دون وسيط من شارح أو دارس.. ودون التفاتٍ إلى السجال الساخن بين طرفي التكفير والتقديس. وما إن تمكنت معرفتي بأفكاره بعد قراءتي لعشرات كتبه وأولها الفتوحات المكية، التفت إلى تاريخ اهتمام المسلمين (عرباً وغير عرب)، بابن عربي، اهتمام متصل لم ينقطع، امتد من تلامذته في القرن السابع الهجري إلى الباحثين والمفكرين والأدباء والشعراء المعاصرين، الذين وجدوا في النص الأكبري ما يحرك العقول ويلهم الوجدان ويمد جسراً للحوار بين الثقافات والحضارات، ويقدم مادة صلبة للتغيير الاجتماعي في زمن التحولات الكبرى والمفترقات الحضارية.

ولو نظرنا إلى هذا الحشد الكبير من المقتنعين بابن عربي إسلامياً والمدافعين عنه، وأيضاً من المعجبين بابن عربي ثقافياً والآخذين منه.. لوجدنا أن قراءاتهم لابن عربي بعدد الأبواب الكثيرة لمدائنه (التي أشرت إليها).. وهذا يدل على إنفتاح النص الأكبري على مداخل وقراءات عديدة، ككل نص واسع وفيه مساحات كثيرة.. ومن هذه القراءات:

1) القراءة التفسيرية (تهتم بالرموز والإشارات) وقد دشنها تلامذته، وأولهم ابن سودكين [579هـ – 646هـ/ 1183م – 1248م]، وأهمهم: صدر الدين القونوي [ت 672هـ/ 1274م]، ومن بعدهما الشرّاح، وخاصة شراح “فصوص الحكم” وأهمهم: مؤيد الدين الجندي (تلميذ القونوي)، عبد الرزاق القاشاني [ت حوالي 735هـ/ 1335م]، ومصطفى بن سليمان بالي زادة (الحنفي) [ت 1069هـ/ 1659م] وغيرهم.

2) القراءة الإسلامية الدفاعية تهتم بصحة عقيدة ابن عربي. ومن أبرز أعلامها: عبد الوهاب الشعراني [898هـ/ 1493م]، ومن المشاركين فيها: جلال الدين السيوطي [849 – 911هـ/ 1445 – 1505م]، ومحمد بن عبد الرؤوف المناوي [ت 1031هـ/ 1622م]، وابن العماد [1032 – 1089 هـ/ 1623 – 1678م] صاحب كتاب شذرات الذهب، وأحمد بن محمد المقري التلمساني صاحب “نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب“. والفيروزابادي.

3) قراءة صوفية تهتم بالأفكار الصوفية لابن عربي؛ كمنظومة الأولياء، وختم الولاية، والوحي الإلهي (غير التشريعي) لغير الأنبياء، ووحدة الوجود، والإنسان الكامل، والطريق الصوفي، ورموز الحروف وغير ذلك من القضايا الصوفية. وهذه القراءة لا تزال فاعلة، وأنا شاركت في هذه القراءة.. ومن المبدعين المسلمين العرب في هذا المجال: الشيخ عبد الباقي مفتاح. وشارك بها دارسون من الغرب (ومنهم من دخل الإسلام) (بدأ اهتمام الغرب بابن عربي منذ قرن تقريباً..)، ومن أوائلهم: نيكلسون (ترجم ديوان ترجمان الأشواق عام 1911)، ورينيه غينون [ت 1951] وتلميذه ميشال فالسن [ت 1974]، وهنري كوربان، ومن أبرزهم: ميشيل شودكوفيتش أطال الله عمره وعائلته، ودنيس غريل، وكلود عداس وبيار لوري، ومن أميركا وليم تشتك وجيمس موريس وغيرهما كثير..

4) قراءة فلسفية وقد تبلورت مع أبي العلا عفيفي وتبع نهجه العديد من المتخصصين في الفلسفة في مصر.. وقد شاركت بها عبر المصطلح والنظريات.

5) قراءة فقهية.. وقد اهتم بها الشيخ محمود الغراب (الفقه عند ابن عربي)، كما نوقشت أطروحة دكتوراه في المعهد العالي المقاصد، حول “الفقه عند محي الدين بن عربي”.

6) قراءة غير إسلامية (= مسيحية).. ومنها قراءة آسين بلاثيوس [ت 1944].

 

وتنشط اليوم قراءات جديدة، منها: القراءة التأويلية، والقراءة الجندرية، والقراءة الإنسانية..

كل ذلك لأقول: إن النص الأكبري غني، مفتوح الأبعاد، مجدول بالرموز والإشارات التي تستدعي التأويل.. وإن القراءات كلها لا تزال حاجة معرفية راهنة، ولا تلغي واحدتها الأخرى، وأنها تتساند وتتكامل لتحقق تقدماً معرفياً بهذا العالم الإسلامي الجليل.. فالتفضيل بين القراءات ليس مطلقاً، ولكنه تابع للظرف الحضاري، وتقديم قراءة على أخرى يكون تبعاً لاستقرائنا للحاجة الحضارية.. تماماً مثل التجديد: يحدث تغيير في الأولويات وتبقى الأصول على ثباتها.

وتأسيساً على كل ما تقدم، أقترح قراءتين لابن عربي اليوم في عصر “الأصوليات”، وهما: القراءة الحضارية والقراءة الحياتية.

 

1 – القراءة الحضارية.

وأقصد بالقراءة الحضارية، تلك القراءة التي تستنبط القيم العليا التي بموجبها ينتظم الاجتماع البشري داخل الأمة أو المجتمع، وأيضاً القيم التي تحدد الوجود العالمي للأمة بين الأمم.

وأرى أن الصراع اليوم بين “الأصوليات” المسلحة خاصة وبين عامة المسلمين أو الإسلام الرسمي هو صراع حضاري.. صراع ليس حول عقيدة أو عبادة ولكن حول قيم الانتظام البشري وقيم الوجود العالمي. هل الآخر غير المسلم هو “العدو” الذي نحاربه حتى يدخل في دين الإسلام أو يخضع لشروطه في انتظامه بمجتمع الإسلام، أم هو “الأخ” الاجتماعي والإنساني، والذي نفي له بالعقود والعهود والمواثيق؟

ومن هنا، فإن تجربة الشيخ الأكبر وأفكاره هما نتاج الإسلام وحضارته الإنسانية، ولا يعول على أي قراءة تربطه بجذور غير إسلامية.. إنه أشبه بالمرآة التي انعكست على صفحتها حضارة الإسلام؛ في بيانه القرآني وتبيانه النبوي. دين قام بناؤه الحضاري على: العدالة، والمساواة، والحرية الدينية، والتعددية، والعيش المشترك، وقبول الآخر، والحوار، وحسن الجوار، والوفاء بالعقود والعهود والمواثيق، والمسؤولية عن الكون المحيط.. فالنبي e وهو في أرض مكة، ورغم كل ما تعرض له من محاولات اغتيال وأذى في شخصه وجمعه، رفض أن يأذن لأي أحد من المؤمنين برسالته بأن يقوم بعمل عنيف يخلخل الأمن في مجتمع مكة، ولم يفكّر حتى في إرسال أحد صناديد المؤمنين في عملية استشهادية لاغتيال واحد من قادة الظلم.. لقد ظل ولاؤه للسلطة قائماً، منعاً للفتنة.. كما أن النبي e دلّل على العيش المشترك (أقلية إسلامية) حين سمح لجماعة من المؤمنين بالهجرة إلى أرض الحبشة والعيش في ظل حكم غير إسلامي، إلا أنه يضمن أمرين: العدل وحرية المعتقد والعبادة.. وعندما تمت الهجرة إلى المدينة لم يأمر أحداً من الذين في الحبشة بالرجوع، ليترك للأجيال تشريعاً يسمح للمسلم بأن يعيش في ظل حكم غير إسلامي، ويعطيه الولاء، بشرط ضمان العدالة والحرية الدينية..

ومن الأدلة على كون المجتمع الإسلامي هو مجتمع تعددي (أقلية غير مسلمة) هو وثيقة المدينة بين النبي e وبين يهود، إذ ظهر واضحاً ان العيش في مجتمع واحد يُنشئ أخوة بين الجميع هي الأخوة الاجتماعية.. مما يمكن أن يتسع اليوم لمفهوم “المواطنة”.

ولن نسترسل في قراءة القيم الإنسانية العليا المتجسدة في حضارة الإسلام.. ولكن نريد أن نقول: إن أفكار ابن عربي لن تكون فاعلة في عصر الأصوليات إن اجتثت من أصولها الإسلامية وزُجّت في سياق فكري ثقافي حداثي فقط (نعم، تكون فاعلة في الحوار مع الآخر العالمي ولكن فاقدة للفعالية مع “الأصوليات”.. ومن هنا نؤكد بأن كل قراءة لها وظيفة ومجال)..

إن النص الأكبري يقدم ركيزة معرفية وأدلة قرآنية، لمسائل عقدية وفقهية شائكة تثار في هذا العصر، وهي محل صراع عنيف لا نقاش فكري فقط.

وقد سبق وقدمت ورقة في ندوة أقيمت بتونس، تكلمت فيها على “الأبعاد الإنسانية في تجربة ابن عربي الصوفية”.. وتطرقت في المحور الأول إلى الدور الذي يمكن أن يقوم به النص الأكبري بإرساء التسامح الديني بين المسلمين، وتحجيم موجة التكفير.. وذلك عبر تنبيهه للعالم المسلم من إعمال العقل في النص الديني بقصد إنتاج صورة عقلية عن الوحدانية، ومن ثمّ يكفر كل من لا يشاركه هذا المفهوم للوحدانية (يسمي ابن عربي – في سياق نقدي – هذه الصورة المنتجة بالعقل: الإله المخلوق في المعتقد).. وأصرَّ على أن يظل التكفير مبنياً على نص قدسي صريح (إنكار أحد الأركان الستة للإيمان مثلاً..)، وليس على اجتهاد وصناعة إنسانية ( كما فعل المعتزلة مثلاً في الحكم بشرك كل من لم يشاركهم تصورهم للوحدانية وقال بقدم القرآن، وكما يجري منذ سنين عديدة من تكفير – أو الحكم بالشرك – على فئات من المسلمين بناءً على اجتهادات عقدية كالتوسل والاستغاثة).

كما تطرقت في المحور الثاني إلى الدور الذي يمكن أن يقوم به النص الأكبري في قبول الآخر الديني المسالم. وذلك عبر استنباطه لإشارات في قوله تعالى [ الإسراء/23]: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾.

أما على صعيد طرح قضايا فقهية شائكة ومحل نقاش، فإن النص الأكبري يختزن حججاً معتبرة واجتهادات متنورة مجبولة بالمحبة والرحمة تخدم قضايا المرأة.. من مثال: شهادة المرأة، درجة الرجل، ناقصات عقلٍ ودين، نبوة النساء، كمال المرأة، والمساواة الإنسانية بين المرأة والرجل، الأهلية العلمية والروحية للمرأة، إمامة النساء في الصلاة.. وغير ذلك من مسائل تستدعي التنقيب والقراءة، وتقدم مادة للحوار الحضاري والثقافي في زمن المعاصرة الكونية.

وخلاصة القول في القراءة الحضارية؛ أن القيم العليا للحضارة الإسلامية (العدالة المساواة العيش المشترك قبول الآخر حسن الجوار المجتمعي والعالمي) مكنونة في النص القدسي (القرآن، الحديث النبوي)، ولكن قد يأتي على المسلمين حين من الدهر يصبح فيه الفارق شاسعاً بين قيم الحضارة الإسلامية وبين واقعهم الحياتي. وهنا يأتي النص الأكبري ليجدّد حيوية هذه القيم ويذكّر بها بما يبدعه من لغة وسياقات ورموز وإشارات.

 

2– القراءة الحياتية.

إن النص الأكبري هو بمثابة تدوين لتجربة إنسانية ورحلة حياتية ومشاهد قدسية  وإلهامات ربانية وليس نتاج قراءات وتفكر نظري (= النص ناتج حياة وليس ناتج فكر). وهذه الخصوصية الصوفية للنص الأكبري ترفعه من الحيز الزماني – المكاني، وتعطيه لساناً يخاطب به الإنسان الموجود داخل كل كائن بشري، في كل زمان ومكان، وتجعله نصاً مرناً قابلاً للامتداد من المسار الروحاني إلى المسار الحياتي العام.

وقد اكتشفت ذلك أثناء قراءتي للفتوحات المكية بهدف دراسي، إذ كثيراً ما نسيت متطلبات أطروحة الدكتوراه، وعبرت من تجربته الحياتية الروحية للنظر في ذاتي وحياتي. وقد دونت سبعة من دروسه في ورقة ألقيتها في مدينة فاس، في حفل تكريمي، بعنوان: ابن عربي في حياتي.

لقد التفت إلى الغنى الإنساني في حياة ابن عربي العديد من دارسيه، فخصصت كلود عداس (ابنة شودكوفيتش) أطروحة دكتوراه، جمعت فيها حياة ابن عربي من نصوصه نفسها، ونشرت في كتاب عام 1989 (ابن عربي: البحث عن الكبريت الأحمر)، وترجم إلى العربية.. كما ألف السيد محمد علي حاج يوسف كتاباً أسماه “شمس المغرب”، سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه”، والشيخ محمود غراب له كتاب “الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي – ترجمة حياته من كلامه”.

كما ألهمت حياته مبدعين، فألف عبد الإله بن عرفة القصة الصوفية “جبل قاف” حكاية عن الشيخ الأكبر.. وألف محمد حسن علوان، رواية بعنوان: موت صغير، قدم فيها قراءة لحياة ابن عربي.. (فازت بجائزة بوكر العربية لعام 2017)..

يدهشنا أن ابن عربي منذ طفولته بدا يقظ الحواس، مقبلاً على الحياة، شغوفاً بالمعرفة.. ومنذ دخل الخلوة الأولى وهو في حدود السادسة عشرة من عمره، وحدث له “الفتوح” كما ذكر.. أمسك بخيوط حياته، واستقل بقراره حول مصيره، واتخذ طريقه واثقاً بنفسه دون تردد أو مساومة.

ورغم أن مساره الحياتي قد يختلف عن مسارنا، إلا أن تجربته في تكوين ذاته بذاته هي تجربة قابلة للتكرار في سياقات مغايرة.

ترك المغرب العربي وهو في الثامنة والثلاثين من العمر، وكان قد ألف ما يقرب من ستين كتاباً، وجال في أسفار متواصلة ببلاد الأندلس وربوع المغرب، وزار ما يزيد على سبعين شيخاً وعرفهم عن قرب وعرف أحوالهم واختصاصاتهم وجوهر شخصية الواحد منهم وتعلّم من بعضهم.. حياة متدفقة، تترقى مع الأنفاس، لا تقع لحظة منها في فراغ العدم أو الضياع.

وعندما قدم نهائياً إلى المشرق العربي، اتصلت أسفاره مع إقامات في مكة.. وقام بعملية تعارف حضاري ما بين المشرق والمغرب، وألف كتابين: “روح القدس” و”الدرة الفاخرة”، ترجم فيهما للمشايخ الذين عرفهم في المغرب العربي (أكثر من سبعين شخصاً)، نصوص نادرة حفظت تاريخاً من الاندثار، وترجمة حية مبنية على معرفة شخصية غير منقولة عن كتاب أو موسوعة.

ونلاحظ أن كينونة ابن عربي تزداد غنى كلما ازداد معرفةً، ويزداد معرفة كلما قابل شخصاً، أو وضع قدمه على درب سفر، بل مع كل نَفَس ومع كل وارد من الغيب.. ويزداد إنتاجه غزارة، فترك أكثر من ثلاثماية كتاب، وكتب الفتوحات المكية مرتين.. وأذكر عبارة قالها لي أستاذي مرة: لو خصص إنسان حياته كلها لنسخ كتب ابن عربي لما كفاه العمر، فكيف بتأليفها؟!

حياة متصلة الآنات، على وتيرة واحدة من الحضور، كل لحظة فيها ترقي الكينونة.. كل لحظة مقدسة يخشى صاحبها أن يحاسَب عليها إن هدرها حتى في لهو مباح.

أورد كل ما تقدم، لأقول إن قراءة النص الأكبري قراءة حياتية تلهم حياتنا، وتضع بين أيدينا ثروة ثمينة ضرورية في عصر “الأصوليات”، وتتمثل بـ: “ثقافة الحياة”.

 

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!