التصوف الإسلامي في مكة المكرمة

التصوف الإسلامي في مكة المكرمة

التصوف الإسلامي في مكة المكرمة

(نشأته-آدابه- رحلاته)

بقلم: د.قيس كاظم الجنابي
 

مشكلة البحث:

إذا كان الزهد قد انبثق في الكوفة، ونشأ التصوف الإسلامي عن حلقة الحسن البصري (ت 110 هـ/728 م) في البصرة، فإنه اتسع وانتشر، ثم احتضنته نيسابور(*)، وانتقل بعدها إلى بغداد، ثم كانت مكة المكرمة محط انظار المتصوفة، لأنها بيت الله الحرام الذي يقصده الحاج والمعتمر؟ لذا فان مشكلة البحث ستتركز حول حركة التصوف الإسلامي بمكة، وكيفية الارتحال إليها، وأداء منسك الحج والمجاورة والإقامة فيها، وملاحقة سلوكهم في الطريق والإقامة وما يختص بالرحلة الصوفية إليها حتى عودتهم منها، إذ يقترن الجانب السلوكي من حيث الرياضات بالجانب الطقسي المتعلق بإداء المناسك ومدى تأثير لقاء المتصوفة بالكعبة المشرفة.

المقدمة:

تعددت معاني التصوف بتعدد زوايا النظر إليه، داخليا وخارجا، لأنه كان تطوراً نوعياً من حياة الزهد إلى حياة منظمة خاصة بجماعة من المتعبدين المسلمين، تعنى بتجرد القلة القليلة واتجاهها نحو الحق، واستحقار كل شيء سوى الله (عز وجل) وحاصله. يرجع إلى عمل القلب والجوارح (1). وعزاه بعضهم إلى رؤية الإنسان إلى الكون بعين النقص، حتى قالوا عنه: انه رؤية الكون بعين النقص، بل غض الطرف عن كل ناقص ليشاهد من هو منزه عن كل نقص(2)؛ فهو بالتالي يحيل إلى قضية أخلاقية، مما يعني التبرؤ عمن دونه والتخلي عمن سواه (3).

سئل شيخ لطائفة الجنيد بن محمد البغدادي (ت 298 هـ/910 م) عن التصوف، فقال: ((تصفية القلب عن مواقعة البرية، مفارق الأخلاق الطبيعية، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدواعي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بعلوم الحقيقة، واستعمال ما هو أولى بالأبدية. والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله على الحقيقة، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في الشريعة)) (4). وهذا التعريف جامع مانع للتصوف على وفق ما يؤمن به المتصوفة أنفسهم، بينما عرفه أبو الحسين احمد بن محمد النوري (ت 295 هـ 913 م) حين سئل: ما التصوف فقال: ترك كل حظ للنفس (5).

وقد تأرجح الاهتمام به بين الغلو والاعتدال فقد نسبه بعضهم إلى التقوى والمتقشف ولبس الصوف التكلف في تنوق الكلام، واللباس وغير ذلك من الأمور، ومنهم من يسرف في الطعن به وقبح المقال فيه. (6) وبعضهم قرنهم بأصحاب الحديث والفقهاء، وذكر أن لكل صنف من هؤلاء مترسم بنوع العلم والعمل والحقيقة ولحال، ولكل صنف منهم في معناه علم، وعمل ومقام، ومقال، وفهم ومكان وقفة. (7) ووصفه آخر بان تكون مع الله عز وجل بلا علاقة (8)

التصوف الإسلامي في مكة:

لمكة المكرمة أسماء عدة سماها بها أهلها، وحاول مؤرخوها البحث فيها؛ فقالوا: انها كانت غثاء على الماء قبل ان يخلق الله، عز وجل، السماء والأرض بأربعي سنة، وسميت ام القرى والبيت المعور، وبيت الله العتيق، وبكة؟ لأنه يجتمع بها الرجال والنساء، وسميت قادساً، وام رحم وصلاح، وكوثى والباسة. (9) ويحكى ان بناءها كان من حطام سفينة للروم، بناها بحار رومي اسمه (باقوم)، وجعلوا دعائمها صور الأنبياء (عليهم السلام)، وصور الشجر، وصور الملائكة (10).

ووجدوا فيها كتابة تحمل بعض الحكم ذات مضامين صوفية؟ منها: يزرع خيرا غبطة، من يزرع شراً يحصد ندامة، تعلموا السيئات، وتجزون الحسنات، اجل كما لا يجني من الشوك العنب (11). وهي كما يبدو حكم نصرانية رهبانية تسرب إليها نزعة صوفية، حتى سمي رجل من أهل مكة باسم (صوفة)، واسمه الحقيقي اخزم بن عمرو بن مازن بن اسد، كان تصدق بابن له، كما يفعل النصارى، حين ينذرون ابناءهم للأديرة والكنائس، ويدفعون بهم إلى الرهبنة، فجعله على الكعبة يخدمها، وكان ذلك في عهد تولي قبيلة خزاعة للبيت الحرام، وكانت مهمته الحجابة لحبيشة بن سلول الخزاعي؟ فكانوا يقولون: أجيزي صوفة، فيقول الصوفي: أجيزوا ايها الناس، فيجيزون. ونذرت امرأة من جرم ابنها إلى الحرم وسمته الغوث، وأسمه أخرم بن العاص بن عمرو بن مازن بن أسد، وقالت:

انى جعلــــــــــــــــت رب بنيــــــــــــــــــــــــــــــــه ربيطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة العليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
فيا ركـــــــــــــــن لي بها إليه واجعلــــــــــه لي صالح البريــــــــــــــــــــــــــه(12)

لقد اقترن التصوف بمكة بوصفها بيت الله الحرام، وغاية الحاج والمعتمر، وامل البحث عن المغفرة، وقد سميت مكة بذلك لأنها -كما يعتقد-تمك الجبارين، اي تذهب نخوتهم، ومكة اسم المدينة، وبكة اسم البيت؟ وقالوا: انما سميت مكة لان العرب في الجاهلية كانت تقول: لا يتم حجنا حتى نأتي مكان الكعبة فتمك فيه، اي تصفر صفير المكاء حول الكعبة، وكانوا يصفرون ويصفقون بأيديهم إذا طافوا بها، والمكاء طائر يأوي الرياض؟ قال الشاعر:

الا ايهــــــــــــــــــــــا المكـــــــاء مالــــــــــــــــــك ههنـــــــــــــــا ألاء ولا شـــــــــــــــــيخ فـــــــــــــأين تبـــــــــــــــــــــــــيض
فاصـــــــعد إلى أرض المكــــــاكي واجتنــــــب قــــــرى الشام لا تصبح وأنت مريض(13)

وهذا -ربما -يتفق مع تصور الصوفية في القيام ببعض الرياضات لتهذيب النفس، ولبس الصوف هو واحد من هذه الأساليب، وفي العودة إلى جذور كلمة (تصوف) أو (صوفانية) ثمة إشارة إلى انها بقلة من بقول الأرض (14)، فهي تشير إلى التقشف والزهد في الطعام واللباس؟ فضلا عن علاقة كلمة تصوف برجل يسمى صوفة.

لقد كانت مكة المكرمة غاية المتصوف، بعد ان نشأ التصوف الإسلامي بالبصرة على يد الحسن البصري (ت110ه/728م) بعد ان دخل خراسان سنة 43 هـ/663 م حينما كان كاتبا للبديع بن زياد الخراساني، ثم عاد إلى البصرة فاسقر بها(15). ويقال انه كان يقص بالحج (16)؛ مما يشير إلى علاقة الحسن البصري بالحج والتصوف ومكة جميعا، فمن المحتمل انه تأثر بالأفكار والديانات التي كانت شائعة في خراسان، فانطلقت في ذهنه فكرة التصوف ، ثم حملها عنه أصحابه من البصرة إلى نيسابور وما جاورها في رحلة جديدة ، ثم انتقل إلى بغداد فتأسست مدرسة بغداد للتصوف التي كانت تحت رعاية الجنيد بن محمد البغدادي (ت 297هـ/909 م)، لأنها كانت عاصمة الدولة العباسية وملتقى العلماء والأدباء، ومحط انظار القاصدين، ولأن مكة المكرمة غاية كل مسلم حجاً واعتماراً، فإنها أصبحت غاية للمتصوفة من هذا الجانب، ومكاناً يلتقي فيه جميع المسلمين، يساعد على نشر الأفكار والتصورات التي يطمحون إلى نشرها؟ ففي القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي بدأت الطرق الصوفية تظهر للعيان في نطاق محدود، وكان كل جماعة من المريدين والاتباع يسلكون الطريق على هدى ما تلقوه من شيوخهم من إشارات وإرشادات، ويلتزمون بممارسة التصوف كما رسمته لهم الشخصية المحمدية من عبادات وعادات، فيعكفون إلى إذاعة مناقبها ومحامدها(17).

الحج والمجاورة عند المتصوفة:

الحج، لغة: القصد، وهو حج البيت، والحج عمل السنة. (18) وهو فرض من فروض الطاعة لكل مسلم استطاع إليه سبيلا، كما جاء بالذكر: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سَبِيلًا) (19). والحج مصطلحا لدى المتصوفة، هو سلوك الطريق الواضح الذي يخرج إلى البغية، ويوقف على المنفعة واشتقاقه من المحجة بمنزلة النسك (20). وفي الحديث: (هذا البيت دعامة الإسلام من خرج يوم هذا البيت من حاج أو معتمر كان مضمونا على الله ان قيضه ان يدخله الجنة) (21). لقد اهتم الصوفية بالحج، وبآدابه، وآداب الرحلة إليه، مستندين إلى التراث الإسلامي لأنهم يرون ان حجهم هو حج الخاصة، وحج باقي المسلمين هو حج العامة، على الرغم من اتباعهم خطوات الحج المعروفة على وفق ما جاء في الفقه الإسلامي، وخص القرآن الكريم الحج بسورة خاصة، جاء فيها: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا) (22). وعدوا ذلك من قبيل الاهتمام بالحج والتوجه إليه باي وجه يجد إليه السبيل والاستطاعة، ويمذل في ذلك مهجته، ولا يركن إلى سعة العلم وطلب الرخصة في الجلوس عن حجة الإسلام بإعدام الزاد والراحلة؟ الا ان يقعد عن ذلك فرض لازم (23). ورووا حديثاً نبوياً شريفاً مفاده: (من مات ولم يحج حجة الإسلام مات أن شاء يهودياً أو نصرانيا) (24). وهم يرون ضرورة اخذ المريد موافقة شيخه، وان من حج بغير إذن شيخه حصل له في الطريق غاية الندم، وصار يتمنى لو قدر على الرجوع. (25) ولديهم فهم خاص بالحج يدعون حج الغيبة والحضور، أي يكون الإنسان مع الله في بيته أفضل من ان يكون مع الله وهو في الحج (26).

  1. الحجّ: لقد ميز المتصوفة حجهم عن حج عامة المسلمين، لأنهم يعتقدون ان العامة يتعلقون بالرخص، والأخذ بالتأويلات حال الضعفاء، وهم يقتفون آراء الفقهاء والعلماء؟ لذا صنفوا الحجاج إلى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول:

وهم الذين إذا حجوا حج الإسلام، جلسوا أو اشتغلوا بحفظ اوقاتهم ومراعاة احوالهم، فطلبوا السلامة، وليتعرضوا للبلاء مما يلحقهم من المشقة في ذلك. (27) يفعلون ذلك تيمنا بالسيرة النبوية المطهرة، فغالبهم لم يحج سوى حجة واحدة، وحجتهم في ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يحج الا حجة واحدة (28).

  1. الصنف الثاني:

وهم الذين إذا حجوا تركوا الاوطان، وهجروا الاخوان، وقصدوا بيت الله الحرام، وزيارة القبر النبوي الشريف، فقطعوا البوادي والبراري والقفار بغير حمل نفقة ولا زاد، ولا سلكوا الطريق ولا تعلقوا بمصاحبة رفيق، ولا عدوا الاميال والبرد (جمع بريد)، ولا طلبوا المنازل ولا المناهل، ولا تعرجوا على سبب، ولا التجأوا إلى طلب، ولا انقضى من الحج وطرهم، ولهم في ذلك حكايات كثيرة (29).

 

الصنف الثالث

وهم الذين اختاروا المقام بمكة المكرمة والمجاورة بها وحبسوا أنفسهم هناك لما خص الله (تعالى) به تلك البقاع والمشاهد بالفضيلة والشرف، لما وجدوا في أنفسهم من التنافر والعجز عن المقام بها؟ لأنها واد غير ذي زرع(30).

ويسر الحلاج، الحسين بن منصور (ت 309 هـ/921 م) الحج لمن لم يستطع -كما روي -بان الإنسان إذا أراد الحج ولم يمكنه ذلك، افرد في داره شيئا لا تلحقه نجاسة ولا يدخله أحد ومنع من يطرقه، فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله طوافه بالبيت الحرام، فإذا انقضى ذلك وقضى من المناسك ما يقضي بمكة مثله جمع ثلاثين يتيما وعمل ما يمكنه من الطعام واحضرهم إلى ذلك البيت وقدم إليهم الطعام وتولى خدمتهم بنفسه، فإذا أكلوا وغسلوا أيديهم كسا كل واحد منهم قميصا ودفع إليه سبعة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك قام له قيام الحج؟ وأشار إلى انه أخذ ذلك من كتاب (الاخلاص) للحسن البصري. (31)

آداب الحج:

تبدأ آداب الحج عند المتصوفة، من النية الأولى، قبل الوصول إلى مكة، لأنها تتعلق بآداب الطريق والرخصة، وهي جزء من آداب المريد وطاعته لشيخه؟ لان من آدابه ان يأخذ الإذن من شيخه، والمريد مراد بنظرهم، وهو الذي يجذبه الحق جذبة القدرة، ويكاشفه بالأحوال، فيثير قوة الشهود منه اجتهادا فيه وإقبالاً عليه وتحملاً لأثقاله، وفرقوا بينهما؟ فقالوا عن المريد بأنه هو الذي سبق اجتهاده كشوفه، والمراد هو الذي سبق كشوفه اجتهاده (32). وهم يتقدون ان من حج من إذن شيخه حصل له في الطريق غاية الندم، وصار يتمنى الرجوع، مبررين ذلك بان خدمة الشيخ ورضاه أفضل من خمسين حجة؟ لذا قال بعضهم: (إنما يصلح السفر للرجال اذا أكملوا، وأما المريد فإقامته في خدمة شيخه ساعة أفضل به من خمسين حجة على الجهل بآداب الحج وشروطه، وما رأينا قط مريداً فتح عليه من حيث سفره إلى مكة وسياحته في الجبال ونحوها بغير إذن شيخه أبداً بل بعضهم حج هناك لسوء أدبه ولسان حال شيخه يقول له اصبر حتى اعلمك الآداب مع الله تعالى في دخول حرمته وبيته، ثم سافر على وجه الأدب)) (33).

وكذلك شبهوا مجاورة الكعبة وحرمته بحرمة المريد ومجالسته لشيخه، فعليه إلا يجلس إلا وهو مستو؟ كما يجلس العبد بين يدي السلطان، وليتحذر كل الحذر من الاكثار من مجالسة الشيخ، فان كثرة مجالسته تذهب هيبته عند غالب المريدين، كما تذهب حرمة الكعبة لأهل مكة ولمن جاورها؟ فأين بكاؤه عند رؤيتها من جمود عينيه أيام المجاورة، والقاعدة ان كل شيء كثرت مشاهدته هان في العيون، والشيخ هو كعبة المريد التي يتوجه إليها في سائر مهماته (34). وكان بعض المتصوفة يجتمعون يوم عرفة بضريح الشيخ عبد السلام بن مشيش، ويسمون ذلك (حج المساكين) على طريق أهل التصوف (35).

وحج حسن القزاز الدينوري اثني عشرة حجة حافيا، مكشوف الرأس، فكان إذا دخل في رحله شوك يمسح رحله بالأرض ويمشي، ولا يطأطئ رأسه إلى الأرض من صحة توكله (36). وكذلك كان أبو عبد الله المغربي (ت279ه/892م) إذا دخل مكة وفرغ من الحج من تحت الميزاب يخرج من مكة وهو محرم، ويقيم إحرامه إلى ان يرجع إلى مكة(37).

وحج ذو النون المصري، ثوبان بن إبراهيم (ت 245 هـ/859 م) إلى بيت الله الحرام، فوقف بعرفة فرأى شاباً عليه آثار الاصفرار والنحول والقلق والذبول، فعلم ان ذلك من علامات المحبة (38) وكان قد حج فالمقاه في حجه سهل بن عبد الله التستري (39)، ولم يحج أبو يزيد البسطامي (ت261ه/874م) الا حجة الإسلام (40).

يعد عمرو بن عثمان المكي (ت نحو 279 هـ/909 م) من طلائع الصوفية المؤثرين بمكة، وهو عالم بعلوم الأصول، وله كلام حسن(41)، وكان عالماً بعلوم الحقائق، أصله من اليمن، ودق كلامه فما فهموه، فنسبوه إلى المتكلمين، فهجره من بمكة، فذهب إلى جدة وأعطي القضاء(42). وهو شيخ القوم في وقته، وأمام الطائفة في الأصول والطريقة، له اكلام البليغ (43). له ممارسات في السماع والتوغل في علم القوم؛ لذا كان يرى بان الإشارة إذا كانت في السماع كانت من فوق، فالقليل منها يشفي، وإذا كانت بعد السماع كانت من تحت، والقليل منها يهلك(44). وكان المكي يقول: ((ما رأيت أحدا من المتعبدين في كثرة من لقيت بمكة، حرسها الله تعالى، وغيرها ولا أحداً ممن قدم علينا في المواسم أشد اجتهادا ولا أدوم على العبادة من أبي الحسن المزين، رحمه الله تعالى، ولا رأيت أحداً أشد تعظيماً لأوامر الله، تعالى منه وما رأيت أحداً أشد تضييقا على نفسه وتوسعه على الناس منه)) (45).

وغاية ما يبغيه الصوفي هو بلوغ البيت الحرام، من أجل لقاء الجسد الفاني بالفضاء الروحاني، فقد حج القلانسي سنة 270 هـ/883 م، فمات بمكة بعد ان انصرف الحاج ودفن بأجياد(46).

2. المجاورة

المجاورة، في اللغة: من جاور الرجل مجاورةً وجواراً وجواراً، والجوار: المجاورة، والجار الذي يجاورك (47). وقد تعارف الناس على ان البقاء بمكة بعد الموسم هو المجاورة، فعمموا ذلك، وأحياناً يريد المتصوفة بالمجاورة مجاورة الشيخ؟ لذا قالوا بشأن علاقة المريد بشيخة: ((ومن شأنه إذا كان مجاوراً عند شيخه على وجه التأدب ان لا يخرج من الزاوية الا بإذن من الشيخ أو من النقيب أو من فقيه الزاوية ولاسيما الخروج للسوق فانه يورث قلة الحياة وكثرة الكلام والمحاجة عن نفسه لسرقة طبعه من أهل السوق)) (48). وكذلك اشاروا إلى انه لا ينبغي لمن له مروءة من المجاورين ان يكون عيلة على غيره، فقد كان أحد المجاورين يأتي إلى الزاوية فلا يتجرأ أحد يسلم عليه حتى يشاور النقيب.(49) لان على المجاور أن يحتفل تبعات ذلك، لأنه من شأنه اذا كان مجاوراً في الزاوية الشيخ أن يحمل النهرة والكلمة الجافية من كبراء الزاوية كالخطيب والإمام والنقيب والجابي ما داموا سالكين، لان الناقص يرى له الفضل على إخوانه بتربيتهم وتعليمهم الأدب وخدمتهم، كما كان بعض الشيوخ يخدم الاشراف الذين جاوروا في الزاوية زيادة على خدمة غيرهم (50) واقام بمكة أبو بكر محمد بن داود الدينوري الدقي (ت350ه/961م) تسع سنين واعتقد ان لا يصلي صلاتين في موضع واحد(51).

واعتكف أبو محمد احمد بن محمد الجريري (ت 311ه/ 923 م) بمكة سنه 242ه/856 م، فلم يكل ولم ينم، فلم يستند إلى حائط، ولم يمد رجليه (52)، فلما قدم من مكة، بدأ بالجنيد، فسلم، ثم مضى لمنزله، فلما صلى الصبح إذا به خلفه، فقال: انا جئتك أمس لئلا تبغني. قال: ذالك فضلك، وهذا حقك(53). وكان للمجاورة أهميتها في استمرار بقاء الصوفي في الحرم المكي، لأنها تتيح له الاتصال بالآخرين، فقد كان محمد بن أحمد الحلاوي، مقيماً بمكة، ومجاوراً بها، وهو ابن أخت أبي جعفر بن سنان، أحمد بن محمد بن علي بن سنان (ت311هـ/923 م) الذي صحب أبا عثمان المكي، ومات بمكة سنه 306ه/232 م، وكان من مشايخ الحرم في وقته (54).

وجاور بمكة عبد الله بن محمد الخراز (ت قبل 310 هـ/922 م) بالحرم المكي سنين كثيرة، وهو من الورعين، القائلين بالحق، والطالبين قوتهم من وجه حلال (55). وكان وهو بمكة يقول: القوة طريق الا طريق القراء، فلما قام من المجلس قال واحد منهم: أتريدون ان أقول لكم عن فتوة الشيخ، قلنا: خرج الشيخ من الري مع عشرين رجلاً إلى مكة، فلما وصلوا منزلا، وبقي إلى ثمانية عشر ميلاً، قال لأصحابه: استودعكم الله، وله في ذلك أحوال خاصة (56). وجاور فيها أيضاً أبو جعفر الصيدلاني، ومات بمصر(57)، أما أبو القاسم إبراهيم بن محمد النصر آباذي، شيخ خراسان في وقته، فقد خرج في آخر عمره إلى مكة، وحج سنة 366 هـ/976 م وأقام بالحرم المكي، ومات سنة 367 هـ/977 م(58).

وجاور بمكة أيضاً عبد الله بن محمد الخراز الرازي (ت قبل31ه/922م) سنين كثيرة (59).

وجاور أيضاً أبو على الروذباري إلى ان مات سنة (361 هـ/971 م) (60)، ومات في هذه السنة أيضاً وهو مجاور بمكة محمد بن علي بن جعفر الكتاني (61)، ورحل إلى مكة أبو العباس محمد بن الحسن بن سعيد الخشاب الصوفي، وجاور فيها حتى مات سنة(62) (361 هـ/984 م)، وجاور أبو بكر الطرسوسي الحرمي، على بن محمد، سنين طويلة حتى توفي بمكة سنة(63) (374 هـ/984 م).

وكره بعض السلف، المجاورة بمكة، لأنه يجب قصد البيت للحج والخروج منه، أما لأجل الشوق إليه، أو خشية الخطايا فيه أو حبا للعود، حتى رووا قول الشعبي (ت21ه/641م): ((لان أقيم بحمام أعين أحب إلى من أن أقيم بمكة)) (64)، في إشارة إلى كره المجاورة بمكة، كما رووا عن بعض الفقهاء ذلك متذرعين بالخوف من الملل، وقلة الاحترام لمداومة الانس بالمكان، وخوف ارتكاب ذنب هنالك؟ فان المعصية ليست كغيرها، وتهيج الشوق سبب الفراق، حتى قال بعضهم: من جاور الحرم وقلبه متعلق بشيء سوى الله تعالى، فقد ظهر خسرانه65) ).

ومن مستكرهات الافعال بمكة، السماع، وكان بعض الصوفية يميلون إليه، ولهم فيه حوادث كثيرة كانت تدفع الحجاج إلى استنكاره، فقد روي أن أبا العباس السهروردي كان بمكة مع مشايخ الوقت، مثل السيرواني؛ فقال: كنت في مثل يوم النحر والمشايخ كانوا مجتمعين، والشيخ السيرواني كان حاضراً، فأنشد قوال شيئا، فبكى وذهب، فقال القوم: ما فعل السيرواني، كان منكرا للسماع (66). وحبب بعض العلماء المجاورة بمكة المكرمة؟ ونتيجة ذلك الحب، توفي الكثير من المتصوفة بمكة ودفنوا بمقابرها، فقد توفي بها على سبيل المثال، أبو علي إسماعيل بن مسلم بن سلمان، أبو يعرب الأربلي المولد والمنشأ، رحل إلى بغداد، وسمع الحديث بها، وهو شيخ صاع، متدين، صوفي، له نسب بأربل، وكان من رجال القرن السادس الهجري (67)، وروى أحمد بن يحيى الجلاء (ت 306 هـ/918 م) انه كان مجاوراً مع ذي النون المصري (ت245 هـ/859 م) فجمعنا أيامناً كثيرة لم يفتح لنا شيء، فلما كان ذات يوم قام ذو النون قبل صلاة الظهر ليصعد إلى الجبل، فتوضأ للصلاة وأنا خلفه فرأيت قشور الموز مطروحا، وهو طري، فوضعته في كمي(68).

آداب طريق الحج:

كان المتصوفة يتحرون في سفرهم الممكنات التي في أنفسهم، ويرون أن السفر يسفر عن اخلاق الرجال، فيعلم عجزها وضعفها وشرهها لذا عملوا على تبديل هذه الاخلاق، ومخالفتها، ولم يغتروا بدعاويها، ولم يومنوا خدعها وشرها، وكانوا يتمون فرائضهم في طريقهم إذا دخلوا البادية، ولا يقصروا الصلاة (69). فقد سلك جعفر الخلدي (ت 384 هـ/959 م) طريق البادية، وعليه قميص أبيض وبيده كوز(70)، وخرج إبراهيم الخواص (ت 348 هـ/959 م) من مكة بعض السنين، ولم يحمل شيئا حتى دخل الربذة، فإذا بأعرابي يصيح وراءه، فلم يلتفت إليه، وإذا بيده سيف مسلول فأضطر ان يشرب (71). وغالبا ما يرحل الصوفية إلى الحج من دون زاد ولا راحلة، لأنهم يعتقدون ان كلمات القرآن الكريم كافية، وحروفه وافية، ذلك انهم يفسرون حروف (كهيعص)(72) بان الكاف هو الكافي، والهاء هو الهادي والياء هو الذي يأوي، وأما العين فهو العالم، وأما الصاد فهو الصادق، فمن صحب كافياً وهادياً ومؤوياً وعالما وصادقا، فلا يضيع ولا يخشى ولا يحتاج إلى الزاد والراحلة، وحين قدم لأحدهم قميص، قال: العري خير من ثياب الغنى حلالها وحرامها عقاب (73)؛ بينما حج محمد بن عبد الرحمن بن جعفر، أبو بكر الصوفي ماشيا(74).

وغالبا ما يرحلون من دون مأكل ومشرب، وان رحل بعضهم على الراحلة؟ فقد روي ان إبراهيم بن الخواص رحل مع احدى القوافل، فلما اخذته الغفلة من شدة النعاس، التقى غلاما، فسأله: من اين المأكول والمشروب؟ فقال: تكفل بي المحبوب. قال إبراهيم، فقلت له: يا غلام أما تخاف من بعد السفر وطول المشقة؟ فأنشد يقول:

من ذا يخــــــــــــوفني بالبـــــــــــر أقــــــــــــــــــــــــــــــــطعه إلى الحبيب وقــــــــــد قدمت إمانا 
الحــــــــب أقلقني والســــــــوق أزعجــــــــــــــــــــني فلا يخــــــــــــاف محـــــــــب الله إنســــــــــانا
فإن أجــــــــوع فــــــــــــــذكر الله يشـــــــــــــــــــبعني ولا أكــــــــــــون بحمد الله عطـــــــــــــشانا
وان ضـــــــعفت فوجدي فيه يحملــــــــــــــني إلى الحجاز ومن أقصى خراســـــان

فسأله ان يدعو له ان يلحق بأصحابه، فنظر إلى السماء فصك شفتيه فأخذت إبراهيم سنة من النوم، فما استيقظ الا وهو وسط الحجاج ورفيقه يقول له: احذر أن تقع من على الراحلة ولم يعرف أين ذهب الغلام (75)؟ ولعل هذه الحكاية من أبواب الأحلام والرؤى، ثم نسجت وحيكت على أنها من باب الحقيقة، لأن الرؤيا لدى المتصوفة هي نوع من أنواع الكشف، لهذا يعود فيخرج على انه رآه متعلقا بأستار الكعبة، وهو بيكي وينشد الشعر(76) ومن آدابهم أيضا أداء التلبية.

الرحلة إلى مكة:

حاول المتصوفة ان يستفيدوا من مواسم الحج والعمرة، راغبين في المجاورة قرب بيت الله الحرام، لإشباع نفوسهم بالأجواء الروحانية، وتهذيب الجانب الحسي، فراحوا يقصدون مكة للمجاورة، ويلمقون الحجاج والمعتمرين، وهم بكامل زيهم يمارسون رياضتهم وصيامهم وتبتلهم؟ مما جعلهم محط انظار الاخرين، وخصوصا في زحمة الخيبات السياسية، والازمات الاجتماعية، فكان التصوف ملاذا للتخلص من ضغط الواقع المحيط بهم، فقد جاور بمكة روزبة بن القاسم الأرياني الصوفي، وقد شوهد عند قبر ذي النون المصري (77) (ت245 هـ/859 م)، ولمعروف الكرخي حكاية مع رجل بالبادية ممن ناله الحب الإلهي (78).

إبراهيم بن أدهم (ت 162هـ/778م)

يعد إبراهيم بن أدهم من الطبقة الأولى من طبقات الصوفية، وقد خرج إلى مكة، ودخل بلاد الشام، وتلقى علوم التصوف من كبار الزهاد(79)، وروى عن رحلته إلى مكة؛ فقال: بقينا في طريق مكة، حرسها الله تعالى، أياما لم نجد طعاما ثم دخلنا الكوفة، وسرنا إلى مسجد خرب، وكانت محاورات وتجارب عن ذلك(80)، ويقال انه صحب في رحلته هذه كلا من سفيان الثوري (ت261 هـ/874 م)، والفضيل بن عياض (ت 187 هـ/802 م) وبها مات(81)، وهذا الارتباط الروحي بين إبراهيم بن آدهم ومكة دفع بعض المؤرخين إلى الاعتقاد انه ولد بمكة، وطافت به أمه على الخلق، وسألت الدعاء له ان يكون صالحا فأستجيب لها، وانه ترك الامارة، وصحب الصوفية (82). وقال إبراهيم أدهم لرجل في الطواف: اعلم إنك لا تنال درجة الصالحين (أي المتصوفة) حتى تجوز ست عقبات، أولها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة، والثانية تغلق باب العز وتفتح باب الذل، والثالثة تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد، والرابعة تغلق باب النوم وتفتح باب السهر، والخامس تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر، والسادسة تغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد(83). وصحبه عبد الله القرشي وهو “يريد الحجاز، فمشيا ثلاثة أيام لم يحصلا فيها على طعام ولا شراب، فقال عبد الله: أتعرف ما بي من الجوع، يا سيدي؟ فرمق بطرفه إلى السماء بعد ان جلسا، فإذا رغيف سخن قد سقط في حجر عبد الله، فرفع إبراهيم رأسه وقال: كل فكل نصفه وشبع (84). في حكاية طويلة لها علاقة بكرامات الأولياء.

رابعة العدوية  135 185ه/752_801م)

أم الخير، رابعة بنت إسماعيل العدوية، مولاة آل عتيك الصالحة المشهورة، كانت من أعيان عصرها، وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة (85). حجت لمت الله الحرام خفية تمشي على قدميها، وتوثر بما يفتح الله عليها من الطعام، فلما وصلت إلى الكعبة خرت مغشيا عليها، فلما أفاقت وضعت خدها على البيت وأنشدت:

هذه دارهــــــــــــــــم وأنـــــــــــــت محـــــــــــــــــب ما بقـــــــــــــاء الــــــــــــدموع في الآمــــــــــــــاق

ثم طافت وسعت، فلما أرادت الوقوف بعرفة صاحت، فبكت وقالت: يا سيدي ومولاي، لو وقع لي هذا من غيرك لشكوته إليك، فكيف وقد وقع لي منك؟ فسمعت هاتفا يقول: يا رابعة، قد قبلنا الحجاج كلهم من أجلك وجبرناهم لأجل كسرك(86).

أبو تراب النخشبي (ت 245هـ/859م)

هو عسكر بن الحصين، كان كثير السفر إلى مكة، حتى توفي بالبادية، وقيل ان السباع أكلته (87)، وهو من الطبقة الأولى، يعد من جلة مشايخ خراسان، والمذكورين بالعلم والفتوة والتوكل والزهد والورع، وأسند الحديث (88). وكان يقول: سبب الوصول إلى الله، سبع عشرة درجة، أدناها الإجابة، وأعلاها التوكل على الله بحقيقة (89)، وروي عنه في حجه، انه كان يأكل أكلة بالبصرة وأكلة بنباج وأكلة بالمدينة، وكان يدخل مكة وعلى بطنه عكش من السمن (90).

  1. السري السقطي (ت نحو 253 هـ/867 م)

هو السري بن المغلس السقطي، البغدادي الزاهد، كان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد، وأحد رجال الطريقة وأرباب الحقيقة، وهو خال الجنيد البغدادي (91). حج بيت الله الحرام، فيما هو في الطريق، إذا هو بامرأة حسناء ذات جمال بديع، فقال لها: يا جارية أين تريدين؟ فقالت: إلى بيت الحبيب. فقال لها: إن الطريق بعيدة، فقالت: بعيدة على كسلان أوذي ملالة، وأما على العشاق فهي قريب”، ثم قالت: أنهم يرونه بعيدا ونراه قصيرا (92)، في حكاية جميلة من حكايات المتصوفة.

سهل التستري  نحو 283 هـ/896م)

كان سهل بن عبد الله التستري، أحد أئمة القوم وعلمائهم والمتكلمين في علوم الرياضيات، والاخلاص، أو عيوب الافعال، توفي سنة 283 هـ/896 م وقبل سنة 293 هـ/905 م، ويعتقد ان الاولى اصح(93). وقد شاهد ذا النون المصري سنة خروجه إلى الحج بمكة (94) سنة 273 هـ/886 م. وحج له ستة عشر سنة، وكان زاده شيئا من الكبد المشوي المدقوق؟ فكان يسف منه إذا جاع قليلا(95)، مما يشير إلى ان المتصوفة كانوا يلمقون، ويراقب بعضهم بعضا، وانهم كانوا يشكلون ظاهرة لها خصائصها، في العبادة والتقشف بالمطعم، بشكل يبرز هوية الصوفي، وملامح حياته الدينية والدنيوية.

الجنيد بن محمد القواريري (ت 297 هـ/909 م)

يسمى شيخ الطائفة، لأنه تصدى لزعامة المتصوفة ببغداد، وهو من ائمة القوم وسادتهم؛ مقبول على جميع الالسنة (96). سافر إلى بيت الله الحرام، سنة من السنين، فبينما هو في الطريق وإذا بصوت موزون من كبد محزون فبادر إليه وسلم عليه (97)، كما حج في جماعة من الفقراء الصوفية فانقطع الماء عنهم، فذهب بعض المريدين إلى الجبل يطلبون الماء، فوجدوا بئرا منقورة وفيها ماء طيب فاسمقوا أو شربوا(98). وعن أبي بكر الكتاني (ت 322 هـ/933 م) قال: جرت مسألة في المحبة بمكة أيام الموسم، فتكلم الشيوخ فيها، وكان الجنيد أصغرهم سنا، فقالوا: هات ما عندك يا عراقي، فأطرق رأسه ودمعت عيناه، ثم قال: عبد ذاهب عن نفسه، متصل بذكر ربه، قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرق قلبه أنوار هويته، وصفا شربه من كأس ورده، فأن تكلم فبالله، وان تحرك فبأمر الله، وان سكت فمع الله، فهو بالله، فبكى الشيوخ، وقالوا: ما على هذا مزيد، جبرك الله يا تاج العارفين (99).

وفي الحقيقة كان الجنيد مقترنا بالزهد، فتزعم المدرسة البغدادية في التصوف ببغداد، فلما مات، برزت تأثيرات الحلاج (ت 309 هـ/921 م) في الشطحات والنيرنيجات، والنفري، محمد بن عبد الجبار (ت نحو 305 هـ/964 م)، فكان انتقال التصوف وتأثيره على حياة المسلمين في مكة والمدينة المنورة، بتأثر الجنيد ومدرسته على الرغم من وجود من سبقه في هذا الميدان.

أبو حمزة الخرساني

أصله من نيسابور، صحب مشايخ بغداد، وهو من أقران الجنيد، وسافر مع أبي التراب النخشبي وأبي سعيد الخزار، وهو من أفتى المشايخ، وأورعهم، وهو من الطبقة الثالثة (100). فلما حج روى حكاية عما صادفه في طريقه إلى مكة، وما هتف به من هواتف؟ فكان يمشي ويقول:

أما بك أن أبدى اليك الذي أخفي وســـــــــرى بيـــــــــــدي ما يقـــــــــــــول له طـــــــرفي
نهـــــــاني حيــــــائي منـــــك أن أكتم الهوى وأغنيــــــتني بالفــــــــهم منك عن الكشـــــــف

إلى ان يقول:

وتحيي محبا أنت بالحب حتفه وذا عجب كون الحياة مع الحتف(101)

فوافي مكة وعليه وعثاء السفر، فسلم عليه الجنيد، فطلب سكباج وعصيدة، فلما قدم منها استقبلته طائفة المتصوفة (102).

بنان الحمال (ت 316 هـ/928 م)

بنان بن محمد بن حمدان الحمال، أبو الحسن، سكن مصر واقام بها، ومات بها سنة 316 هـ/928 م، وهو من جلة المشايخ، والقائلين بالحق، والأمر بالمعروف. له المقامات المشهورة، الآيات المذكورة (103). ولما سار إلى مكة والمدينة رأى شخصا، فسأله ان يوصيه، فقال: يا بنان! ان كان الله قد أعطاك من سر سره سرا، فكن مع ما أعطاك، وان كان الله لم يعطك من سر سره سرا، فكن مع الناس على ما هم عليه من ظاهر(104).

الحلاج (ت 309 هـ/921 م)

وهو الحسين بن منصور، أبو المغيث، من أهل البيضاء، نشأ بواسط، اتهم بالحلول والكفر والانسلاخ من الدين، فأفتى الفقهاء بكفره؟ فقالوا: انه كان كذابا مموهاً وممخرقاً حلوياً؛ فقتل مصلوبا سنة 309 هـ/921 م(105)، ودخل مكة فلقي عمرو بن عثمان المكي، فقال له: الفتى من أين؟ فقال الحلاج: لو كانت رؤيتك بالله لرأيت كل شيء. فإن الله تعالى يرى كل شيء، فحجل عمرو وحرد عليه، ولم يظهر وحشة حتى مضت مدة، ثم اشاع عنه انه قال: يمكنني ان اتكلم بمثل هذا القران (106)، مما بيرز اعتداد الحلاج بنفسه، ومحاولته ابراز ثقافته، حتى انه في حياته الباطنية خلال اقامته بمكة، فقد بدا فقنعا من خلال التجربة بانه علم صوفي قائم على الاستبطان هو امر ممكن، فخرج إلى مكة وجرى بينه وبني أبي يعقوب النهرجوري كلام (107). وروى النهرجوري: ان الحلاج دخل مكة أول دخلة له وجلس في صحن المجلس سنة لم يبرح من موضعه الا للطهارة والطواف، ولم يتحرز من الشمس ولا المطر، وكان يحمل إليه في كل عشية كوز ماء وقرص من أقراص مكة، وكان عند الصباح يرى القرص على رأس الكوز وقد عض منه ثلاث عضات أو أريع فيحمل من عنده (108).

وعن إبراهيم بن شيبان القرمسيني قال: دخلت مع أبي عبد الله المغربي، فأخبرنا ان ها هنا الحلاج مقيم بجبل أبي قبيس، فصعدناه وقت الهاجرة، فإذا به جالس على صخرة والعرق يسيل منه وقد ابتلت الصخرة من عرقه. فلما رآه أبو عبد الله رجع وأشار الينا ان نرجع فرجعنا، ثم قال أبو عبد الله: يا إبراهيم ان عشت ترى ما يلقى هذا، سوف يبتليه الله ببلية لا يطيقها واحد من خلقه يتصبر مع الله(109). ويبدو ان الحلاج كان يهدف من الحج إلى اللقاء بعدد من المؤيدين، بما توفر لديه من علم، ولكنه في هذه الإقامة لم يلتق بمكة الا بجماعة قليلة، وبالقائمين على الحرم أصحاب السلطات الثلاث: الوالي والقاضي وأمير الحج (110). وأعاد الكرة ثانية، وكان هذه المرة مستعدا كل الاستعداد لخلق مظاهر حقيقة لمنهجه، حتى قيل انه سار في البادية قاصدا الحج في أربعمائة من مريديه، حتى ان رشيد السمرقندي، أشار إلى سيره معهم بضعة أيام. فنفد ما كانوا يحملونه من طعام، فقالوا له: نريد مشويا، فقال لهم: أنزلوا، فنزلوا وقعدوا، فمد يده خلف ظهره واحضر طبقا لكل واحد منهم، وفي كل طبق مشوي وقطعتان من الخبز، فكلوا حتى شبعوا. (111) مما يوكد بان الحلاج كان يعرض كراماته أمام أنصاره، لكي يدفعهم إلى الاعتقاد بقدراته في حجه الثاني؟ بينما كان في حجه الأول اعتياديا، حتى ان النهرجوري، اتهمه بالشعبذة لأنه حسده، وانه كان صديقا لخادمه إبراهيم بن فاتك، ولكنه آثر الالتصاق بنهج الجنيد قبل كل شيء(112).

سعيد بن حمدون (ت 378 هـ/988 م)

وهو أبو عثمان سعيد بن حمدون بن محمد القيسي الصوفي، من أهل قرطبة، سمع من قاسم بن أصبغ، وأحمد بن زكريا بن الشامة، ومحمد بن معاوية القريشي، وأحمد بن سعيد، وأحمد بن مطرف …. وغيرهم. ورحل حاجا سنة 342ه/953م، فسمع في رحلته من الآجري بمكة، ومن ابن الورد وغيره بمصر، ولم يزل طالبا وسامعا إلى ان توفي، وكان شديد الأذى للسان، فتوفي سنة 378 هـ/988 م، ودفن بمقبرة الربض، وكان أعور(113).

محمد بن يوسف:

وهو أبو عبد الله محمد بن يوسف البناء الاصبهاني، صوفي كتب عن ستمائة شيخ، ثم غلب عليه الانفراد والخلوة، إلى ان خرج إلى مكة بشرط التصوف، وقطع البادية على التجريد، وروى عن ذلك حكايات، وكان في عصر الجنيد، حتى قال الجنيد بفضله (114). ويقصد بالتجريد، أو بالتجرد أن يخرج، ومن شأنه ان لا يكون له التفات إلى معلوم وظيفة، أو خراج رزق، أو أجرة لمت، ولا يعلق خاطره بشيء من ذلك، ويجب عليه في الطريق مجاهدة نفسه (115). وكان ينتابه شيء من الوجد، أو ما يسمه هو المعرفة الأولى؟ لذا فانه قعد قريبا من مجلس بعض المشايخ، فقرأ رجل البسملة، فوضع في قلبه، فصام، فقال بعض المشايخ للقارئ: امسك، وقالوا له: يا شاب! مالك صمت؟ وهو بعد لم يقرأ آية !، فقال: باسمه قامت السماوات والأرض، وباسمه قامت الأشياء، وكفى بسم الله سماعا(116).

أبو القاسم القشيري 465ه/1072م)

وحج عبد الكريم بن هوازن بن عبد المطلب بن طلحة، مصنف (الرسالة القشيرية) والتفسير المعروف باسمه، صحبه أمام الحرمين وأبي بكر البيهقي، وكان يعظ الناس، وله شعر، نيسابوري، توفي في نيسابور سنة 465 هـ/1072م عن سبعين سنة وأثنى عليه ابن خلكان ثناء كبيرا، وذكر شيئا من شعره (117).

أبو سعد النيسابوري (ت477ه/1084م)

احمد بن حمد بن دوبست، شيخ الصوفية برباط مدينة نيسابور، حج عدة مرات على التجريد إلى البحرين، حتى انقطعت طريق مكة، وكان يأخذ جماعة من الفقراء، ويتوصل من قبل العرب حتى يأتي مكة، وأوصى أن الخليفة ابنه إسماعيل في مشيخة الرباط، توفي سنه477ه/1084م(118).

الإصدار من مكة:

الإصدار يعني العودة من مكة، بعد تمام مناسك الحج أو العمرة، وكان للصوفية مشارب خاصة في الإصدار وهي جزء من أحوالهم وممارساتهم؟ فهم يتحينون الفرص للاتصال بالآخرين، للإبلاغ عن منهجهم الذي يرون تعبير عن حقيقة التعبد الصحيح، والتعبير عن طريقهم الذي يسلكونه.

ففي سنة 409ه/1018م صدر من الحج أبو القاسم عبد الرحمن من أحمد ابن إبراهيم، الخباز الصوفي، وهو من أهل قزوين (119). كما خرج إلى مكة ومضى منها إلى مصر، أبو سعيد احمد بن محمد بن احمد الأنصاري الصوفي الماليني، فأقام بها حتى مات سنة 412 هـ/1021م(120).

الخاتمة:

من خلال ما سبق ذكره، يمكن القول ان التصوف الإسلامي نشأ أولا في مدينة البصرة، ثم انتقل إلى خرسان وبغداد، ثم انقل بطرق شتى إلى الكثير من الامصار الإسلامية، بينما انتقل إلى مكة المكرمة من خلال رحلات المتصوفة إلى مكة حجاجا ومعتمرين، ثم ترسخ وجودهم فيها بالمجاورة والإقامة، وكان لهم في كل ذلك آداب، منها آداب الرحلة إليها، وآداب الطواف، وآداب المجاورة، وآداب الإقامة والسكن، وقد اقترنت حياتهم وسلوكهم بوصفهم طائفة خاصة لها كيانها وملامحها، وان بدوا متفرقين، فهم يلتزمون التزاما كبيرا، بطاعة المريد لشيخه، فكانت مكة بالنسبة لهم تشكل محورا مركزيا، ومكانا مقدسا له اجواؤه الروحانية، تقربهم إلى لقاء الحبيب، وهنا يتفجر الحب الالهي، وتتفتح القرائح، فينشدون الشعر، ويعقدون حلقات الذكر.

لقد توصل الباحث إلى عدة مؤشرات حول علاقة المتصوفة بمكة المكرمة، يمكن ملاحظة أهمها:

  1. تركزت علاقة المتصوفة بمكة بسلوك خاص، في اداء المناسك، والتعامل مع الاخرين وضرورة اللقاء بين المتصوفة للتذاكر في امرهم، وتفقد بعضهم البعض، حتى انهم كانوا يعرف بعضهم البعض، من دون الاعتماد على الاسلوب المعتمد في التعارف عند عامة المسلمين، ثم اتسع مجال أداء المناسك، إلى المجاورة بمكة أو الإقامة بها وسكنها، من اجل كسب المنافع الروحية التي كانت تمنحهم القوة للاتصال بينهم وبين الذات العليا.
  2. ان لكل هذه الامور، طريق الحج، الطواف، المجاورة، الإقامة، آداب خاصة يتميز بها المتصوفة عن غيرهم، على وفق ما يقتضيه منهجهم الاخلاقي، وسلوكهم النابع عن طاعة المريد للشيخ من دون مناقشة. فبرز لنا وجود خلاف في الكراهية المجاورة، أو تحبيبها إليهم.
  3. قسم المتصوفة حجاجهم إلى ثلاثة أصناف: الأول: من حج حج المسلمين الاخرين، والثاني: الذين تركوا الاوطان، ورحلوا إلى بيت الله الحرام، بلا زاد ولا ماء ولا راحلة. والثالث، من اختار المقام بمكة والمجاورة بها.
  4. لهم آداب خاصة بالحج، أبرزها اخذ المريد الأدب من شيخه، لأنه من خالف شيخه يحصل له في الطريق غاية الندم. ولهم آداب خاصة بالطواف، تقترن بالحب الإلهي، وإنشاد السفر بعض الأحيان، وهم يركزون على التجرد التام عن الدنيا، وطرد كل فكرة تتعلق بها، لان على المتصوف ان يمثل دور الفقير بكل ما يعنيه الفقر من معنى.
  5. كما ولهم آداب في الإقامة بمكة، أبرزها صيانة الفقر، وقضاء الحاجة بعيدا عن الحرم، والعيش بأبسط الطعام والشراب.
  6. عبرت رحلات المتصوفة إلى مكة عن سلوكيات خاصة للمتصوفة، بدأها اوائل المتصوفة، من امثال إبراهيم أدهم، منذ منتصف القرن الثاني حتى أواخر القرن الخامس الهجرين.
  7. أما إصدارهم عنها، فلا يخضع لقوانين محددة، ولكنه -كما يبدو-يخضع لاجتهادهم الشخصي.

 

الهوامش  

(*) بغداد والبصرة مدينتان معروفتان، اما نيسابور، فهي من مدن خراسان، ترجمتها: ياقوت: معجم البلدان، 331/5-332.

  1. الغزالي: احياء علوم الدين، 105/6.
  2. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 278.
  3. المصدر السابق، 167، 235.
  4. ينظر: الكلاباذي: التعرف، 19-20، أبو نعيم الاصبهاني: حلية الاولياء، 1/22، الشريف الجرجاني:
    التعريفات، 60.
  5. الكلاباذي: التعرف، 19.
  6. السراج الطوسي: اللمع، 21.
  7. المصدر السابق، 23.
  8. السهروردي: عوارف المعارف، 53.
  9. الازرقي: اخبار مكة، 1/ 32، 34، 280.
  10. المصدر السابق، 1/60، 64، 65، 170.
  11. المصدر ا لسابق، 1/80.
  12. المصدر ا لسابق، 1/ 186 -187.
  13. ياقوت: معجم البلدان، 5 / 181.
  14. أبو نعيم الاصبهاني: حلية الاولياء، 1/17-20.
  15. ابن حبيب البغدادي: المحبر، 387؟ بدوي: تاريخ التصوف، 153.
  16. ابن خلكان: وفيات الاعيان، 2/70.
  17. عبد اللطيف: الفن الالهي، 31.
  18. ابن منظور: لسان العرب، 1/ 569-570، مادة (حجج).
  19. سورة آل عمران؟ الآية، 97.
  20. أبو طالب المكي: قوت القلوب، 2/ 222، 224.
  21. الازرقي: أخبار مكة، 2/3.
  22. سورة الحج، الآية، 27.
  23. السراج الطوسي: اللمع، 222.
  24. السراج الطوسي: اللمع، 222، أبو طالب المكي: قوت القلوب، 2/ 223.
  25. الشعراني: الانوار القدسية، 2/60.
  26. الهويجري: كشف المحجوب، 357.
  27. السراج الطوسي: اللمع، 222.
  28. المصدر السابق، 223.
  29. المصدر السابق، 223.
  30. المصدر ا لسابق، 225.
  31. ابن خلكان: وفيات الاعيان، 2/143.
  32. الكلاباذي: التعرف، 158.
  33. الشعراني: الانوار القدسية: 2/60-61.
  34. م . س، 2/72.
  35. الناصري: الاستقصا، 1/201.
  36. السراج الطوسي: اللمع، 223. والميزاب، هو ميزاب الكعبة. الازرقي: اخبار مكة، 2/190.
  37. السراج الطوسي: اللمع، 224.
  38. الحريفيش: روض الفائق، 134.
  39. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 206، القشيري: الرسالة، 24، الشعراني: الطبقات الكبرى :1/ 142.
  40. السراج الطوسي: اللمع، 223.
  41. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 200.
  42. الجامي: نفحات الانس، 1/127. جدة، مدينة معروفة على ساحل البحر اليمن (الاحمر). ياقوت: معجم البلدان، 2/114.
  43. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 12/225، الفاسي: العقد الثمين، 6/ 411-414، ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب، 2/ 225.
  44. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 200، 205.
  45. القشيري: الرسالة، 156.
  46. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 13/115. وأجياد، موضع بمكة يلي الصفا. ياقوت: معجم البلدان، 1/5
  47. ابن منظور: لسان العرب، 1/ 530، مادة (جور).
  48. الشعراني: الأنوار القدسية، 2/59.
  49. المصدر السابق، 102/2، 106.
  50. المصدر السابق، 2/ 107، 112.
  51. السراج الطوسي: اللمع، 225.
  52. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 4/232، ابن الجوزي: المنتظم، 6/174-175.
  53. المناوي: الكواكب الدرية، ج 1ق 25/1.
  54. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 232.
  55. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 288، القشيري: الرسالة، 40.
  56. الجامي: نفحات الانس، 1/ 235-236.
  57. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 14/416، الجامي: نفحات الانس، 1/ 235-236.
  58. ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار، 8/160-161.
  59. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 288، ابن الملقن: طبقات الاولياء، 251.
  60. ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار، 8/142.
  61. ابن الملقن: طبقات الاولياء، 123.
  62. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 2/ 209.
  63. الجامي: نفحات الانس، 1/ 283.
  64. أبو طالب المكي: قوت القلوب، 2/ 236. والشعبي، عامر بن شراحيل، ترجمته: ابن خلكان: وفيات الاعيان، 3/12-15.
  65. ابن فهد: حسن القرى، 23.
  66. الجامي: نفحات الانس، 1/ 220.
  67. ابن المستوفي: تاريخ اربل، 1/212-213.
  68. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 5/214.
  69. السراج الطوسي: اللمع، 227.
  70. المصدر السابق، 224.
  71. السرج الطوسي: اللمع، 224، اليافعي: روض الرياحين، 69-70. والربذة، من قرى المدينة على ثلاثة أيام من ذات عرق. ياقوت: معجم البلدان، 3/ 24.
  72. سورة مريم؟ الآية، 1.
  73. اليافعي: روض الرياحين، 63-64.
  74. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 2/ 323.
  75. اليافعي: روض الرياحين، 76.
  76. م. س، 77.
  77. الفاسي: العقد الثمين، 4/ 424.
  78. الحريفيش: الروض الفائق، 172.
  79. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 27، الجامي: نفحات الانس، 61/1
  80. القشيري: الرسالة، 136.
  81. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 27، ابن الملقن: طبقات الاولياء، 39
  82. ابن الملقن: طبقات الاولياء، 38.
  83. القشيري: الرسالة، 13
  84. اليافعي: روض الرياحين، 23-24.
  85. ابن خلكان: وفيات الاعيان، 285/2، الصفدي: الوافي بالوفيات، 14/ 5.
  86. الحريفيش: الروض الفائق، 54.
  87. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 12/ 317.
  88. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 146-147.
  89. م.س، 149. ونباج ربما يريد بها سكباج، وهي اكلة معروفة في ذلك العصر.
  90. السراج السلمي: اللمع، 223.
  91. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 48، القشيري: الرسالة، 16-17، ابن خلكان: وفيات الاعيان، 2/357، الصفدي: الوافي، 15/135.
  92. اليافعي: روض الرياحين، 17-18.
  93. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 206.
  94. القشيري: الرسالة، 24، ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار، 8/ 96، الشعراني: الطبقات
    الكبرى، 1/142.
  95. السراج الطوسي: اللمع، 223، ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار، 8/94.
  96. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 155.
  97. الحريفيش: الروض الفائق، 87.
  98. المصدر السابق، 127.
  99. ابن القيم: روضة المحبين، 297.
  100. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 326.
  101. القشيري: الرسالة، 136
  102. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 1/392-393.
  103. أبو عبد الرحمن السلمي: طبقات الصوفية، 291.
  104. ابن الملقن: طبقات الاولياء، 107.
  105. ابن الجوزي: المنتظم، 6/160، ابن خلكان: وفيات الاعيان، 2/142، الصفدي: الوافي، 13/73، ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب، 2/233.
  106. ظ: ماسنيون: آلام الحلاج، 133.
  107. ظ: المصدر السابق، 133.
  108. الحلاج: المنجيات، 92.
  109. المصدر السابق، 133. وأبو قبيس جبل قرب مكة.
  110. ظ: ماسنيون: آلام الحلاج، 129.
  111. الحلاج: المناجيات، 91، ماسنيون: آلام الحلاج، 136.
  112. ظ: ماسنيون: آلام الحلاج، 135.
  113. ابن الفرضي: تاريخ علماء الاندلس، 174.
  114. ابن الملقن: طبقات الاولياء، 282-283.
  115. الشعراني: الانوار القدسية، 1/50.
  116. ابن الملقن: طبقات الاولياء، 283.
  117. ابن كثير البداية، 12/142-143
  118. المصدر السابق، 12/168.
  119. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 10/303.
  120. المصدر السابق، 4/372.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!