يوميات جولد تسيهر

يوميات جولد تسيهر

دراسة : «جولدتسيهر».. مستشرق يهودى أنصف الإسلام وخالط فقهاء الشام وعلماء الأزهر

بقلم: محمد فتحي

على خلاف الصورة النمطية المأخوذة عن المستشرقين وموقف بعضهم العدائى من المسلمين والشرق بصفة عامة، كان ايجناس جولدتسيهر أحد المستشرقين المنصفين الذى أشاد بالإسلام فى يومياته الشرقية، كما أنه أظهر كراهيته للأوروبيين.

وفى كتاب وصلت عدد صفحاته إلى 265 ورقة من القطع المتوسط، قدم المؤلف والمترجم الدكتور عونى عبد الرءوف ترجمة لما جاء فى يوميات هذا المستشرق التى كتب فيها عن الفترة التى أمضاها بالشرق، وزار فيها سوريا ومصر مرورا بتركيا فى عامى «1873-1874» حيث تولى رفائيل باتاى ترجمتها إلى الانجليزية عن مخطوطة بالألمانية بخط «جولد تسيهر» ونشرها عام 1987 بالولايات المتحدة الأمريكية. وأشار المؤلف إلى أن هذه اليوميات لم يكن يعيبها سوى أنها لم تكتمل، إذ أنها انتهت فى يوم 14 يناير 1874، رغم أن جولدتسيهر بقى بمصر إلى ابريل 1874، لافتا فى الوقت نفسه أنه لم يتمكن من الترجمة المباشرة من النص الألمانى، حيث لم تتم طباعتها مثلما كان الحال مع اليوميات التى حظيت بالطباعة الكاملة. ولفت عبدالرءوف عوني، إلى أن جولدتسيهر توسع فى إشادته بالإسلام مما أدى إلى احتقار الغربيين وازدرائهم له طوال حياته، حيث لاقى سخرية ممن يشاركونه الديانة اليهودية أو ممن يعتنقون الديانة المسيحية سواء فى وطنه النمسا أو ألمانيا عدا بعض أساتذته وزملاء المهنة الذين يشتغلون بالاستشراق وكانوا يقدرونه، وقال: إن جولدتسيهر كان يكرر دائما أنه أحب الإسلام لإيمانه بالتوحيد مثل اليهودية، وقد صرح بأنه يعتبر التوحيد لفظة مرادفة للإسلام «فالتوحيد عنده هو الإسلام». وفى أحد فصول الكتاب أشارت الدكتورة كرمة سامى الموكل إليها تقديم تلخيص للدراسة التى قدمها رفائيل باتاى بعنوان «إيجناس جولدتسيهر شيخ الإسلاميات .. جمال الأصل وقبح الصورة» لتكون مقدمة ليوميات جولدتسيهر بالمشرق، إلى أن الدراسة الغرض منها النيل من جولدتسيهر وتشويه صورته على هوى وأقاويل وحكايات مرسلة، لافتة أن باتاي، كاتب مجرى المولد أمريكى الجنسية له عقلية أكاديمية فريدة صاحبة إنجازات، ولكن من ناحية أخرى قد يكون دجالا مغرضا، ووصفته بأنه هو الصهيونى المزمن الذى تلقى تعليمه فى بودابست وألمانيا ثم هاجر إلى إسرائيل لاجئا، وأكدت أن باتاى اعتمد فى كتابه على منهج به الكثير من التعميمات التى تستند إلى القليل من الحقائق كما يدعى أن مصادره تتشكل من وثائق حقيقية. وقالت إن باتاى الكاتب اليهودى سخر من طبائع جولداسيهر الشخصية وسماته النفسية، واستند إلى روايات عن سوء طبع المستشرق المنصف للإسلام، إحداها عندما كان يعمل أمين سر الطائفة اليهودية فى بودابست وفيما كان يعكف على أبحاثه العلمية فى مكتبه، إذ دخل عليه رئيس الطائفة وطلب منه أن يناقشه فى موضوع رسمى فقاطعه جولدتسيهر « ليس الآن، ألا ترى أنى مشغول». وأشارت محققة الدراسة إلى أن باتاى خرج عن السياق فيما هو كامن فى قلبه، لافتة أن نار النقد فتحت على جولدتسيهر لأنه كرس حياته لدراسة الإسلاميات بدلا من اليهوديات وأنه اتخذ من اليهودية ديانة وليست الصهيونية. وعن الفترة التى عاشها جولدتسيهر بالقاهرة قال «ما نعمت به من سعادة لم أحظ بمثلها قط»، ووصف الإسماعيلية بالمدينة المصرية الجميلة حسنة التخطيط، وأشار إلى السيد صالح مجدى بك – أحد تلاميذ رفاعة الطهطاوي- يعد من مثقفى المجتمع الإسلامى الذى لا يعتبر الحياة الثقافية والوطنية أمورا تحتاج إلى الإصلاح وإنما كانوا يتطلعون إلى إعادة التفكير فى بناء العلاقات الوطنية العربية الإسلامية على أسس وطيدة. وفى الفصل الأخير للكتاب «الملاحق ..دراسات وتعليقات» استعرض المؤلف حياة المستشرق المجرى الأصل اليهودى الديانة ومراحل دراسته وتعلمه التلمود ثم دراسته الغة العربية وآدابها، ورحلته إلى الشرق ومجالسته للعديد من العلماء ورجال الدين، وأورد المؤلف أيضا آراء الدارسين العرب والمستشرقين حول مؤلفات جولدتسيهر، حيث أكد عبدالرحمن بدوى فى كتابه «موسوعة المستشرقين» أن جولدتسيهر يختلف اختلافا بينا عن الغالبية من كبار المستشرقين فى القرن العشرين سواء فى مادة البحث أو فى منهجه.

الكتاب: يوميات جولدتسيهر الشرقية

المترجم : د.عونى عبد الرءوف

الناشر: دارة الكرز 2015

الأهرام .

ملحظ: نُشرت حديثًا يوميات جولد تسيهر في صورتها الكاملة بترجمة الدكتور عوني عبد الرؤوف في المركز القومي للترجمة .

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!