الأثر الصوفي في الشعر الأمريكي

الأثر الصوفي في الشعر الأمريكي

الأثر الصوفي المغربي في الشعر الأنجلو أمريكي: دانيال مور نموذجا

د.عزيز الكبيطي إدريسي[1]

مقدمة:

أبدع الصوفية في كل مناحي الحياة الثقافية والأدبية، فألفوا في التفسير والفقه والصلوات على النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، والشروح، والمناقب، وغيرها، لكن أشهر ما عُرف به الصوفية في الغرب هو اهتمامهم بالأدب النثري والشعري، وبالموسيقى والفن، يقول الأكاديمي الأمريكي كارل إرنست: “لقد كان الشعر الصوفي أول ما أثار المستشرقين الأوروبيين الأوائل الذين “اكتشفوا” التصوف عند نهاية القرن الثامن عشر، وأقنعهم بأن ما وجدوه هو من أروع الأشياء في ثقافة الشرق”([2])، يواصل نفس الباحث: “وبالتأكيد، فإن اكتشاف الأدب الصوفي تطلب عزله عن سياقه الإسلامي الموصوف بالصرامة في الانضباط للشرع، حيث تم بداية تأويل الشعر الصوفي وفق المعايير الرومانسية الكونية بقصد إرجاعه إلى مصادر هندية أو إغريقية ومسيحية”([3]).

تأثير الشعر الصوفي الفارسي والعربي في الإبداع الأنجلوأمريكي:

لقد أثَّــــــر الشعر الصوفي في كبار الأدباء الغربيين كالألماني الشهير غوتيه، والأمريكي إيمرسون الذين سُحروا بأشعار حافظ الشيرازي و جلال الدين الرومي، التي ترجمت من الفارسية بواسطة وليام جونز(William Jones) و فريدريك روكير(Friedrich Ruckert)، حيث ظلت المناقشات الأدبية خلال القرن التاسع عشر مستمرة حول: هل ينبغي أن تفسر معاني الحب و الخمرة في سياقها الحرفي أم في معناها الرمزي؟([4]) مما دفع أحد الباحثين المرموقين في المجال إلى القول إن” قوة الشعر الصوفي ترسخت وانتشرت ليس فقط بفعل أنصاره المخلصين في سياقاته الدينية، وإنما أيضا بالمناقشات العميقة والعاطفية التي أحاطت بتأويله من طرف الباحثين الغربيين منذ “اكتشاف” التصوف الأدبي قبل قرنين من الزمان”([5]).

حظي الشعر الصوفي المكتوب باللغة الفارسية بالحصة الكبرى من الاهتمام في سياق ترجماته إلى اللغات الغربية، ولم يلتفت الباحثون الغربيون لأهمية الشعر الصوفي المكتوب باللغة العربية إلا مؤخرا، حيث تكونت في الغرب مدارس تعنى بترجمة الشعر الصوفي من اللغة العربية إلى لغات أخرى، خاصة الأنجليزية؛ منها على سبيل المثال:”-مدرسة شيكاغو لدراسة الشعر الصوفي العربي التي أسسها           (Jaroslav Stetkevych) والتي تضم باحثين متميزين أمثال: ميكايل سيلز(Michael Sells) وإيميل هومرين(Th.Emil Homrin)، وقد أنتجت هذه المدرسة ترجمات جديدة وقوية تفتح آفاقا جديدة لإدراك القوة الفنية والجمالية للشعر الصوفي العربي”([6]). ومن أكثر أنواع القصيد الصوفي تداولاً الآن في الغرب والذي يحظى بالإقبال وبالدراسة نجد أشعار: محيي الدين ابن عربي سواء تلك التي تضمنتها كتبه الشهيرة كالفتوحات المكية وفصوص الحكم، أو تلك الواردة في دواوين خاصة كترجمان الأشواق الذي ترجمه رينولد نيكلسون إلى الإنجليزية([7]). كذلك قصائد الحلاج تُرْجِمَت ودُرِسَت أيضا من طرف لويس ماسينيون([8]). أيضا عمر بن الفارض نال حقه من الترجمة و الدراسة عن طريق إيميل هومرين([9]).

 

 

حظي الشعر الصوفي العربي الذي أبدعه الصوفية المغاربة بنصيبه من الترجمة والدراسة في الولايات المتحدة، فقد قام الباحث الأمريكي فانسنت كورنل(Vincent Cornell) بعمل رائد حين جمع قصائد أبي مدين الغوث في ديوان شعري وعمل على ترجمته ونشره تحت عنوان: طريق أبي مدين[10](The Way of Abu Madyan), كما ترجمت أشعار محمد الحراق([11]), لكن قصائد ديوان الشيخ محمد بن الحبيب الموسوم ب:”بغية المريدين السائريـن وتحفـة العارفيـن السالكين” تظل أكثر القصائد الصوفية المغربية حضورا في العالم الغربي بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، بفعل انتشارها بين صفوف المريدين الأوروبيين والأمريكيين التابعين للشيخ محمد بن الحبيب، حيث يقول الصوفي السكوتلاندي (أيان نيل دالاس) في هذا السيـاق:

“هناك عنصر جـديد تم إدخاله إلى الممارسة الصوفية بفضل ديوان محمد بن الحبيب، من قبل كانت قصائد الديوان تغنى فقط في مجالس السماع. اليوم، صارت هذه القصائد شعيرة حبيبية درقاوية لا تمارس في مجالس السماع فقط، وإنما تنشد في جميع لقاءاتهم ولو لتناول كأس شاي؛ لقـد أصبح ديوان محمد بن الحبيب معروفا ومحبوبا…حيث يغنى من طرف الصـوفية فـي مختلف أنحاء العالم، سمعناه ينشد في مكة وفي إندونيسيا وفي أمريكا الغربية كما فـي أنجلترا “[12].

ومن أبرز الشعراء الأمريكيين المتأثرين بهذا الديوان وبشيخه المغربي محمد بن الحبيب الدرقاوي، نجد الشاعر الصوفي الأمريكي الشهير دانيال عبدالحي مور، فمن هو هذا الشاعر؟ وما مدى تأثره بالتصوف المغربي؟ وما أثر ذلك في موضوعاته الشعرية؟ وما مدى تأثيره في مسار الأدب الأنجلو أمريكي بشكل عام؟

الشاعر الأمريكي دانيال مور ظاهرة الشعر الأنجلوأمريكي المتأثر بالتصوف المغربي:

ولد دانيال جمس مور سنة: 1940 في أوكلاند (Oakland) بكاليفورنيا، يقول عنه الأديب العربي، منير العكش:

“في الستينات كان مور من أبرز شعراء “بيركلي” الحالمة بأميركا أكثر إنسانية وعالم أكثر عدلاً. وتعتبر دواوينه “رؤيا الفجر” و”القلب المحترق: مرثاة لموتى الحرب” و”جسد النور الأسود” و”حكمة المحارب” ثورة في حركة الشعر الأمريكي الحديث. كذلك كانت مسرحياته… مدرسة إبداعية وإنسانية”[13].

نُشر أول ديوان شعري لدانيال مور بسان فرانسيسكو سنة 1964م تحت عنوان: رؤى الفجر (Dawn Visions)، ونشر ديوانه الثاني سنة: 1972م تحت عنوان: القلب المحترق: مرثاة لموتى الحرب Burnt Heart/Ode to the War Dead)) . كان دانيال عبد الحي مور وراء تأسيس و إدارة مدرسة فنية راقية تمثلت في فرقة الأوبرا (The Floating Lotus Magic Opera Company) التي أنشأها في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا أواخر الستينات من القرن الماضي، حيث قدمت إثنين من أهم إنتاجاته وهما: ـ”الجدران تجري بالدم”(The Walls Are Running Blood) و”نعيم القيامة” (Bliss Apocalypse).

لكن الستينات لم تمض على دانيال مور حتى زار المغرب وتعرف على الشيخ محمد بن الحبيب ليعود إلى بيركلي مسلماً يتوهج شعره بأسمى روحانية عرفها الشعر الإنجليزي المعاصر، وهكذا اعتنق دانيال مور الإسلام في المغرب سنة 1970 م، وسلك طريق التصوف منذ تلك اللحظة على يد الشيخ سيدي محمد بن الحبيب الدرقاوي شيخ الطريقة الحبيبية الدرقاوية في مكناس(ت.1972م).

قام دانيال مور بأداء فريضة الحج سنة:1972م، حيث عاش بعد ذلك فترة في المغرب كان خلالها كثير الترحال بينه وبين الجزائر وإسبانيا و نيجيريا، ليستقر به المطاف في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان في هذه الفترة يعيش مرحلة عزوف عن كتابة الشعر أو قراءته امتثالا لأوامر شيخه، باستثناء قراءته للقرآن الكريم و لديوان الشيخ محمد بن الحبيب، يقول هو عن هذه المرحلة:

“بعد اعتناقي للإسلام بفترة قصيرة، أرشدني أستاذي الأول في الإسلام [ يعني الشيخ عبد القادر الصوفي] أن أتوقف عن كتابة الشعر وعن قراءة أي كتب باستثناء القرآن الكريم وديوان” بغية المريدين السائرين” للشيخ محمد بن الحبيب”([14]).

أما الكاتب الكبير لاورينس فيرلينجيتي(Lawrence Ferlinghetti) فيقول عن هذه المرحلة: “عندما أصبح مور صوفيا تخلى عن كتابة الشعر مثله مثل ريمبو”([15])، لكن عشر سنوات بعد ذلك سيتدفق الشعر مجددا على عبد الحي مور أنهارا من الإلهامات الغيبية، يقول:”عندما بدأت أكتب مجددا أحسست كأن سيلا جارفا كان محتقنا من الكلمات قد انفجر على مصراعيه لينفتح في ألوان براقة، وأن صنفا من النشوة الأخروية تولت كالهبوب. كانت النتيجة من بداية الثمانينات إلى الآن صدور ديوان تلو آخر”([16])، حيث عمل في بداية الثمانينات على نشر ديوانيه الشعريين: الصحراء هي باب النجاة               The Desert is the Only Way Out)) و حوليات الآخرة Chronicles of Akhira)). والعديد من الدواوين الأخرى.

عمل دانيال عبد الحي مور كذلك محررا رئيسيا لعدد من الأعمال، نذكر منها: بردة الشيخ البوصيري، التي ترجمت من طرف الشيخ حمزة يوسف هانسن، وأشعار الشاعر الفلسطيني محمود درويش، ترجمة منير العكش.

ينشـر دانيال مــور أعماله أيضا، وبشكل أوسع على شبكة الإنترنيت العالمية، في منتديات شهيرة مثل:المسلم الأمريكي(The American Muslim)، و مرفأ الدين(DeenPort)، وله موقع خاص على شبكة الإنترنيت :www.danielmoorepoetry.com، ومدونة شعرية: www.ecstaticxchange.wordpress.com.

يعمل دانيال مور حاليا محررا للشعر في مجلة الفصول (Seasons Journal) ، كما أنه ساهم بشكل فعال و رئيس في محاور سلسلة “أصوات الإسلام”(Voices of Islam) التي يشرف على تحريرها المفكر الأمريكي المسلم فانسنت كورنل (Vincent Cornell) والتي صدرت في خمسة أعداد كان لقصائد دانيال مور ومساهماته النثرية الحيز الأكبر ضمن صفحات السلسلة التي تتوخى “تلبية حاجيات المسلمين في الغرب بإسماع أصوات مسلمة تدلي بشهادتها و منطقها و آرائها حول الإسلام الذي يعتبر أكبر ديانة تعرضت إلى تشويه صورتها في الولايات المتحدة الأمريكية بالخصوص، وفي الغرب برمته، على الرغم من وجود بعض الدراسات المنصفة كتلك التي أنجزها كارل إرنست (Carl Ernest) أو جين سميث   (Jane Smith)”([17]).

يعتبر دانيال مور ظاهرة الشعر الصوفي الأمريكي دون منازع؛ إذ يقول عنه الكاتب منير العكش: “بالرغم من عزوف الناشرين الأمريكيين عن طبع مجموعاته [في تلك الفترة] فإن حضور دانيال مور القوي والمتميز ما يزال ظاهرة مثيرة في الشعر الأمريكي المعاصر. هناك من يعتبره “عمر خيام” العصر بينما يعتبره آخرون “إقبال” أمريكا”[18]. يقول عنه الأكاديمي الأمريكي المرموق ألن غودلس(Alan Godlas): “إن مور هو شاعر أميركا اليوم كما أنه شاعر الإسلام (باللغة الإنجليزية) دون منازع.. إنه مثير بتجذره الأميركي ومثير بروحانيته الإسلامية.. إن قراءته رحلة. والسفر معه يثير الأسئلة: أين نحن؟ في أي عالم؟ أية أميركا؟ من هو المسلم؟ من أنا؟”[19].

وكتب كولمان بارك: “إن شعر مور يضم موهبة يتمان ووليامز وغينزبرغ إضافة إلى روحانية الإسلام العميقة”[20].

منذ سنة 1990م سينتقل دانيال مور للإقامة في فيلادلفيا حيث سينشر سنة:1996م ديوانه الشعري سونيتات[21] رمضان: The Ramadan Sonnets)) الذي قال عنه المبدع فيرلنغيتي: “إن تجليات سونيتات رمضان البديعة قد تبدو معارضة لرباعيات الخيام، لكن هدف الشاعرين واحد. إنه الحرية، وموهبتهما مثل فرسي رهان”([22]).

إن علاقة دانيال مور بالتصوف المغربي هي علاقة استمداد وامتداد، فـدانيال مور دخل الإسلام في بلاد المغرب وتشرب معين التصوف الإسلامي من الشيخ المغربي سيدي محمد بن الحبيب، وتفتقت سريرته الإبداعية نتيجة اتصال و أخذ مباشر عن طريق مشايخ التصوف المغاربة، مما جعله يُقـُّر بأن مكناس هي مكان ولادته الحقيقية، وأن بلاد المغرب هي بلاد الأقطاب من أهل الله التي تستحق كل مدح وامتنان، كما يصرح هو بذلك قائلا:

“نعم حتما، أود أن أعبر عن امتناني العظيم لأهل المغرب الذين أظهروا لنا دائما كرما عميقا. بداية، كنت مليئا بالشوق والإثارة لأكون جزءً من الطريقة في المغرب، فذهبت إلى مكناس حيث زاوية شيخنا معتقدا بأنها نوع من المدن الفاضلة، فكانت بالفعل كاملة ولكن ليس بالشكل الذي كنا نعتقده بل بالشكل الذي يبدو فيه العالم كاملا. و في نفس الوقت، كانت نيات كل شخص ولو حتى أولئك الذين لم يبلغوا مرتبة الكمال، مثلنا ومثلي، كانت متوجهة بصدق إلى حلقة الذكر للبحث عن الحضرة الإلهية…هناك شيء دفين في قلوب أهل المغرب، شيء جميل و جوهري و مليئ بالإيمان يجعل هذه القلوب مؤهلة لتقبل الخطوات المتنوعة نحو معرفة الحقيقة الإلهية. و باعتباري مواطنا من العالم الذي يعاني من العطش الروحي فإنني أشعر بامتنان عميق لهذا البلد”([23]).

لم تكن رحلة دانيال مور إلى المغرب بعد إسلامه للقاء شيخه سيدي محمد بن الحبيب مجرد رحلة مكانية مادية، بل كانت رحلة قيم ومبادئ ستغير مسار حياة المبدع دانيال مور وستجعل رؤيته للوجود وللفن أكثر انفتاحا ورحابة، يحكي مسار سفره الباطني والظاهري إلى شيخه بأسلوب لايخلو من ذوق فنان يتوق إلى اتصال مع مصدر الإلهام الكلي قائلا:

“عندما اعتنقت الإسلام، دخلت أيضا الطريقة الصوفية الحبيبية الدرقاوية في المغرب، وعندما كنت أذهب إلى المغرب للجلوس مع شيخنا ومع مريديه، كنت أجدهم ينشدون شعره كجزء أساسي من تعاليمه، كانت قصائده التي أعطيت له في حالات الإلهام أو كما قيل في الطريق إلى الله، عبارة عن إشارات رؤيوية لتجاربه الخاصة في القرب من الله وعن لقاءاته الروحية الحميمة مع النبي (صلى الله عليه وسلم). كان هذا النوع من الشعر هو ما أرنو وأحن إليه طيلة حياتي؛ إنها المشاهدة المباشرة ! كان فقراء الشيخ سيدي محمد بن الحبيب ينشدون هذه القصائد بعد وجبات الفطور والغذاء والعشاء، وفي الليل أيضا.. طيلة اليوم، كان الفقراء يشتغلون بقراءة القرآن وبإنشاد هذه القصائد وقصائد أخرى لمختلف مشايخ التربية على مختلف عصور الإسلام”([24]).

لم يقتصر تأثر دانيال مور الذوقي الوجداني فقط على ما شاهده في حضرة شيخه المغربي محمد بن الحبيب الدرقاوي ومجموعة من أتباعه، بل امتد ليشمل كل ما يتعلق بهوية الشخصية المغربية التقليدية الجذابة ولو في الأسواق، مما جعل دانيال مور يعلن ولادته مجددا في أرض المغرب الأقصى بمكناسة الزيتون، كما يقول:

“عندما كانت مجموعتنا الأوربية المسلمة تمر في شوارع أسواق المغرب ونحن نلبس الجلابيب و العمامات التي اشتريناها من مدينة طنجة، قبل التوجه جنوبا نحو عمق التراب المغربي، كان الناس في كل مكان يتوقفون لينظروا إلينا وهم يبكون لأنهم يرون بشكل جلي كيف أن المسلمين الغربيين يحترمون الثقافة المغربية، بدل ذلك التدفق الأول من الغربيين “الهيبيين” الذين كانوا لايبالون كثيرا بتلك الأشكال الإسلامية للثقافة المغربية… وعلى الرغم من أنني ولدت في أوكلاند بشمال ولاية كاليفورنيا الأمريكية إلا أنني أعتبر مكناس في المغرب هي مكان ولادتي الحقيقية حيث التقيت بشيخي محمد بن الحبيب، رحمه الله، قطب زمانه في الولاية. وحيث عشت كذلك زمنا كان بمذاق الخلود في زاويته ومع مريديه. رأيت هناك شيوخا من جماعته الروحية ـــ منهم نساء أيضا خصوصا زوجاته ـــ الذين قضوا معه عقودا من الزمان والذين هم الآن مثل الأشجار الوارفة، كنت أعيش في غابة كثيفة من العلم والمعرفة ضمن تلك التشكيلة المنوعة من الناس التي التقيتها هناك، وجدت تلك الأشجار الشامخة مثل الغابات الشاهقة، ذلك كان عالم مجالات شيخنا “([25]).

من الذكريات التي طبعت مسار حياة دانيال مور والتي ماتزال إلى يومنا هذا محفورة في قلبه وذهنه، هي تلك اللحظة التي تلقى فيها خبر وفاة شيخه سيدي محمد بن الحبيب وهو في رحلة إلى بلاد الحجاز قصد أداء مناسك الحج لأول مرة في حياته، يقول واصفا تلك اللحظة:

“كنت مع مجموعة من المريدين في الزاوية خلال شهر رمضان الأخير من حياة الشيخ ابن الحبيب، و ذهبت إلى الحج سنة: 1972م مع الشيخ عبد القادر الصوفي و الشيخ عبد الحق بيولي وعبدالعزيز ريدباث و المصور الفوتوغرافي الكبير بيتر عبدالعظيم ساندرز. كان بحق حجا هاما جدا بالنسبة إلينا لأننا كنا نرتقب لقاء الشيخ ابن الحبيب في جدة، حيث كنا قد استأذناه من قبل في الذهاب إلى الحج عندما كنا في مكناس في رمضان، فقال لنا:”نلتقي في جدة”، ولكن عندما وصلنا إلى جدة لم يكن هناك. ولمَّا ذهبنا إلى مكة لم نره هناك أيضا. بعد ذلك جاءنا قَيِّمُ الزاوية سيدي مولاي الشريف يجري نحونا، ثم قدم تحياته إلينا بانشراح كبير وسأل عن أحوالنا وعن ظروف سفرنا وإقامتنا التي لم نكن راضين عنها بسبب أن مطوفنا لم يكن مهتما بشأننا. بعد ذلك، بحث لنا عن مكان أفضل لإقامتنا وأخذنا لتناول الغذاء حيث كان الجوع قد تمكَّن منا. بعد فراغنا من الأكل استفرد بالشيخ عبد الحق بيولي ليحدثه في شأن معين، و حين رجع إلينا الشيخ عبد الحق كانت الدموع تملأ وجنتيه، قائلا: “إن الشيخ ابن الحبيب لا يمكنه اللقاء بنا في مكة لأنه رحل إلى ربه في طريقه من مكناس إلى البليدة في الجزائر”, وهكذا كان حجنا حزنا عميقا، وفي الآن ذاته تجربة عميقة للحج نفسه. كان ذلك الحج رحلة مضاعفة الصعوبة حتى بعد رجوعنا إلى أنجلترا لنخبر بقية الجماعة بمثل هذه الأخبار المحزنة. ولكن أنا كنت دائما أشعر ـــ وهذا الشعور لا يزال مستمرا في حياتي الروحية الخاصة كنموذج حي من الأدب الحقيقي ـــ بتلك الطريقة التي حيَّانا بها ذلك الفقير بالرغم من أنه كان مثقلا بمثل تلك الأخبار المؤسفة، حيث لم يبادرنا قائلا: ” مات الشيخ! مات الشيخ!”، بل في الحقيقة عمل بداية على التأكد من تحقق راحتنا وشبعنا، وبعد ذلك تكلم كلمات الحق بشكل منفرد مع الشيخ عبد الحق بيولي”([26]).

لم تنته رحلة دانيال مور الروحية الاستمدادية من بلد المغرب الأقصى بمجرد وفاة شيخه الأول سيدي محمد بن الحبيب (1972م)، بل ما تزال متواصلة إلى يومنا هذا وبنفس المذاق كما يُقرُّ هو بنفسه قائلا: ” وهكذا، عندما زرت أنا وزوجتي مكناس سنوات قليلة مضت في بداية سنة: 2000م أحسست فجأة بأني في منزلي مجددا”([27]).

يواصل معترفا بفضل أهل المغرب:

“وجدنا في كل أسفارنا إلى المغرب و زيارتنا لأهله، إلى جانب الجمال الطبيعي للبلد نفسه الزاخر بوديان الخزامى و بالسهول الخضراء المتدفقة وبثقافته الغنية والمتنوعة، أن هناك حكمة عميقة ونوعا من البراءة تسري بين سكانه، هناك جوهر و جمال في الناس و بالتأكيد ذلك نابع من التقليد العميق للتصوف الإسلامي الذي يشكل بكل تجلياته أكثر من جزء في المغرب، حيث مايزال هذا التقليد حيا عبر الأولياء و الشيوخ والعلماء الأحياء، وأيضا عبر الطرق الصوفية التي تقود إلى الله و إلى الحقيقة المطلقة عن طريق الإذن الصحيح و السند السليم الصادر من شيوخ المعرفة الحقيقيين والذين يوجد منهم اليوم العديد من النماذج الحية والرائعة.. أملي أن يستمر الإسلام والتصوف في النمو والإزدهار بين جميع البشر و في كل مكان، وأن يصل المغرب مجددا إلى ذروة عصره الذهبي في التصوف و التعاليم الإسلامية الصحيحة و في توفير التغذية المتواصلة لكل أولئك الذين ينشدون إرواء ظمئهم من التجربة الروحية الحقيقية ومن الحكمة الأساسية العميقة الجدور…آمين”([28]).

هكذا إذن ، وجد دانيال مور الشعر كقاطرة للمعرفة الإلهية ومخزنا حيويا متكررا للتجارب الذوقية التي تفوق الكلمات الجافة للمحاضرات والأطروحات الجامعية. وجد الشعر هنا ذا معنى فوري، وهذا ما كان يتوافق مع أعمال مجموعة: بيتز في سان فرانسيسكو(the Beats in San Francisco) التي كانت تنشد “التجربة المباشرة”، باستثناء أن الهدف هنا كان هو التنوير الروحي في الله.

بعد اعتناق دانيال مور للإسلام، وتوقفه لفترة قصيرة عن كتابة الشعر بأمر من عبد القادر الصوفي (أيان دالاس) الذي كان حينئذ يتصرف باعتباره مقدما للشيخ محمد بن الحبيب في الغرب، أحس، بعدها، كأن سيلا جارفا كان محتقنا من الكلمات قد انفجر على مصراعيه، لينفتح في ألوان براقة وأن صنفا من النشوة الأخروية بدأت كالهبوب. كانت النتيجة من بداية الثمانينات إلى الآن صدور ديوان تلو آخر،.. حتى صار اليوم يملك تسعا وخمسين مخطوطة من الشعر والتي ينشرها تباعا في سلسلة إكستاتيك إكستشينج :Ecstatic Exchange Series)) [29] .

حيث بدأت تتسرب إلى أشعاره موضوعات/تيمات جديدة جعلت منه شاعر التصوف الإسلامي الأول في أمريكا، يقول مجيبا عن سؤال وجهته إليه حول هذا الموضوع قائلا:

“لعل الموضوعة الرئيسية في أشعاري هي: حب الله و النبي(صلى الله عليه وسلم) و التعاليم النبوية أو النبوة نفسها، بالإضافة إلى شيوخ المعرفة والأولياء وطرق الولاية؛ هذا هو الحب الثابت للدواليب المتحركة لقصائدي، والتي تضم في لغة مجازية أكثر حيوية أيضا الطبيعة والحيوانات، خصوصا الحشرات، لأنني دائما مأخوذ بالآية القرآنية: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}[30].

الشاعر دانيال مور في هذا الاختيار إنما يحاكي موقف شيخه محمد بن الحبيب في التأمل في معاني النفس البشرية، والتفكر في الأكوان كلها، كما هو واضح من خلال ديوانه “بغية المريدين”، لاسيما في قصيدته “رائية التفكر” أدناه:

رائية التفكر[31]:

تفكر جميل الصنع في البر و البحـر                       وجُلْ في صفات الله في السر والجهر

و في النفس والآفاق أعظـم شاهـد                         على كمالات الله من غير ما حصـر

فلو جلت في الأجسام مع حسن شكلها                       و تنظيمها تنظيـم خيط من الـدر

وجلت في أسـرار اللسان و نطقـه                         و تعبيره عمـا تكنه في الصـدر

و جلت في أسرار الجـوارح كلهـا                         و تسخيرها للقلب من غير ما عسر

و جلت في تقليب القلـوب لطاعـة                         و في بعض أحيان لمعصية تسري

و جلت في أرض مع تنـوع نبتهـا                         و كثرة ما فيها من السهل و الوعر

و جلت في أسرار البحار وحوتهـا                         وكثرة أمـواج لها حاجـز قهـر

و جلت في أسرار الرياح و جلبها                           لغيم وسحب قـد أسالت من القطر

و جلـت في أسرار السموات كلها                           و عرش وكرسي وروح من الأمر

عقدت على التوحيد عقـد مصمـم                             و حلت عن الأوهام و الشك والغير

و قلت إلهي أنت سؤلي و مطلبي                           وحصني من الأسواء والضيم والمكر

و أنت رجائي في قضاء حوائجي                           وأنت الذي تنجي من السوء و الشر

و أنت الرحيم المستجيب لمن دعاك                           وأنت الذي تغني الفقير عن الفقر

إليـك رفعت يارفيـع مطالبـي                               فعجل بفتح يا إلهـي مع السـر

بجاه الذي يرجى يوم الكرب والعنا                           ويـوم ورود الناس لموقف الحشر

عليه صلاة الله ما جـال عـارف                             في أنـوار ذاته لدى كل مظهـر

و آله والأصحاب مع كل تابع                                 لسنتـه الغراء في النهي والأمـر

 

هذه القصيدة شكلت المحور النظري الفني والجمالي الذي تدور حوله معظم أشعار دانيال مور، الذي يقول في فضل هذه القصيدة:

“بالإضافة إلى الإلهام الروحي الكامل، هذه القصيدة المدهشة لشيخنا يمكنها أن تشكل وثيقة وقاعدة رسمية لكتابة الشعر اليوم وإلى الأبد. كما يمكن أن تنبثق عن هذه القصيدة مجموعة من القصائد العظيمة، أنا بالتأكيد جعلت من هذه القصيدة، كما غيرها من القصائد الأخرى لشيخنا، “نظرية جمالية وفنية” لأعمالي على مدى السنين، كما جعلت من النية التي كُتِبَتْ بها دائما مصدر انتعاشي وتجددي”([32]).

على الرغم من أن بعض أشعار دانيال مور تبدو لأول وهلة بعيدة عن الموضوعات الإسلامية بمعناها الظاهري الصريح، لكن عند تأملنا في مضامينها تفصح لنا عن بعدها الإنساني الشمولي، على اعتبار أن الشعر نقطة تناغم مع العالم عن طريق القلب الذي هو مصدر الحكمة العميقة المقرِّبة من الله، ف”المعاني قائمة بصورها” كما يقول ديوان الشيخ ابن الحبيب. يقول دانيال مور مجيبا عن تساؤل في هذا السياق:

“أغلب كتبي لا تبدو دائما ذات تيمات إسلامية منذ البداية مع بعض العناوين الغريبة والتي تضم بعض القصائد “التخيلية” أو الوهمية أو الخيالية جدا. ولكن كتبت أيضا عددا من الكتب المتخصصة في القصائد الإسلامية كديوان “سونيتات رمضان” الأكثر شهرة إلى اليوم (نُشِر أول مرة كمقتطفات في مجلة: المسلم الأمريكي”The American Muslim” بفضل شيلا موساجي”Sheila Musaji ” المشكورة). و الذي كانت نيتي من خلاله أن أفتح خوالج نفسي وأكتب قصيدة في كل يوم من أيام رمضان 1986م، كما أصدرت أيضا ديوان: “عصفور على قبر النبي”، والذي يضم ثلاثة كتب قصيرة هي: “زمن زيغ مكة/المدينة”، “حوليات الآخرة” و “مولود..” هذه على وجه التحديد هي دواوين إسلامية صوفية؛ فزمن زيغ مكة/المدينة كتبت خلال رحلة العمرة التي قمت بها رفقة زوجتي سنة: 1996م، و تذكرت بأن العلماء والشعراء كانوا يتبركون بالكتابة في الحرم المكي الشريف فأخذت معي دفتر ملاحظاتي و فعلت الشيء نفسه سواء في الحرم المكي، أو في حضرة ضريح النبي(صلى الله عليه وسلم) في المدينة حيث كتبت القصيدة التي أسميت الديوان باسمها “عصفور على قبر النبي” منذ تلك اللحظة”([33]).

هكذا إذن، يخلص دانيال مور إلى أن واجبه ككاتب أو شاعر هو أن يضع نفسه دائما في خضم ما سيأتي، حيثما قد تحدث تجليات الله والتي:

” تقع في كل مكان، بطبيعة الحال، سواء أدركنا ذلك أم لا، ولكن علينا أن نكون في حال من الذكر لإدراكها في غالب الأحيان وبشكل أعمق. هذا يتطلب تداريب معينة والتي حصلت عليها بشكل تدريجي من تلك الفترة التي قضيتها مع شيخي [ سيدي محمد بن الحبيب] و مقدمه [الشيخ السكوتلاندي عبد القادر الصوفي] ، وأيضا من خلال فترة التأمل الأولى التي قضيتها مع “بوذية زن”، بالإضافة إلى شيء آخر صرت أكثر إدراكا له بفعل أسفاري لمختلف مناطق العالم و مشاهدة مافعله الله بالحضارات الأخرى ماضيا و حاضرا، كما ينصحنا بذلك سبحانه وتعالى في القرآن الكريم”([34]).

لقد وظف دانيال مور أسفاره لملاقاة أهل التصوف أحياء و أمواتا، لاسيما أقطاب المغرب كالشيخ علي الجمل العمراني([35]) صاحب كتاب “نصيحة المريد في طريق أهل السلوك والتجريد”، والشيخ عبد السلام بن مشيش بطريقة مغذية للروح و القلب معا، يقول في هذا الشأن:

“استثمرت كل هذه التجارب في شعري بأسلوب لا يمكنني في الواقع حتى أن أفسره، وذلك ليس لكونه جلي الوضوح… إلى اليوم، لازلت لم أكتب قصة حول رحلتي إلى ضريح الشيخ ابن مشيش وذلك لأنني لست مؤرخا ولا كاتب مذكرات ولكنني كاتب قصائد, لأنك إذا بقيت مجالا مفتوحا من وجهة نظر شعرية خلاقة فإن الله سيعمل من خلالك ما يريده هو..في ذلك الوقت، عندما فكرت في مقاصدي الشعرية، قلت لنفسي: ” هذا هو ما أريد فعله، إن شاء الله، للإسلام و للتصوف، أريد أن أكون صوتا لايتكلم فقط إلى المسلمين”، لأن هذه الفترة من التاريخ هي عصر النبي محمد(صلى الله عليه وسلم) حيث الإسلام هو دين الله، و نحن كمسلمين خاصة علينا أن نتذكر بأن النبي جاء للإنسانية جمعاء، وسيظل كذلك حتى نهاية الزمان، فيجب علينا أن نتكلم مع الجميع؛ فعندما أصبحت مسلما كنت أعتزم خلق مجموعة من الأعمال التي تذكرني وتذكر الناس بالله، آملا أن تكون كل قصيدة أكتبها ذكرا بالنسبة إلي و إلى غيري من الناس، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن: “واذكر ربك اذا نسيت”([36])، وهي آية تتضمن عظيم الرحمة. عندما نذهب عبر لحظة اللاوعي أو السبات أو الغفلة علينا بالرجوع والتذكر، علينا أن نذكر الله تعالى و نبيه المحبوب (صلى الله عليه وسلم)، وأن نذكر من نحن و ماهو مسار الحياة الذي نحن عليه، و من ثمة، يعلن القلب عودته إلى الوعي الكامل”([37]).

وحتى نتعرف أكثر على النفس الإبداعي الشعري الصوفي لهذا الشاعر، نمثل له ببعض القصائد المترجمة:

 

مختارات من “سونيتات رمضان” [38]:

ملائكة لا تلمحها العين

ربّ ملائكة

خافية، لا تلمحها العين

تخترق بلطف جسد الأشياء

*    *   *

رب ملائكة

تخطر كنقاط الضوء البراقة

فوق مياه الشلال… سريعاً

ورشيقاً كالماء

*    *   *

مخلوقات من ضوء

تسعى مثل الضوء..

وتزداد بريقاً في جوف الظلماء

*    *   *

رب ملائكة تسري في الليل إلى غايتها

في طيران خاطف

لا يعجزها الصخر

ولا يمنعها البحر

ولا يثنيها عمق الوادي

*    *   *

تعبر بموات الأرض فيهتزّ

وينبض منها قلب الأحياء.

الترتيل

عند تلاوة القرآن

جهراً، في صلاة الصبح

أدرك أن هذا الحلق

لم يخلق إلا لقراءة القرآن..

*    *   *

أسمع رجعه في القلب

مندفعاً كجوف النبع.

أسمع رجعه

في أحلك الأعماق من جسدي

*    *   *

وتحضرني ملامح هذه الألحان

فأعرف كيف صاغ الله

حول نشيدها الإنسان

كمثل جِبِلة خلقت من الإحسان

فزادك وجهها حسنا

برجع تلاوة السور.

*    *   *

كم أحكمت يا رباه

خلق جوارح الإنسان للقرآن

فصار غشاءه الحي، وكم يحلو

لهذا الثغر، بعد الفجر

إنشاد بديع الشعر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحضرة

إلى الحضرة

يدنو العاشق الولهان

في حذر.

فيسبقه إذا ما لاحت الأنوار

تأدبه

وخشيته

وما يعروه من ضعة

وما يغشاه من صغر.

يشعشع وجهه المهزول

في خطف من الألق

وما إن تُضرمُ النيران

أجنحةَ الفراشِ

ولا يظل هناك من عذر لمعتذر

يخرّ لوجهه

غشيان مصعوقاً بلا بصر

ويصهره حميم النار

والشوق الذي أضناه للأنوار

منذ بداية السفر

فلم يحمل لرحلته غير حقيبة العمر

وفيها، كل ما فيها ركام عظامه

واللهفة الحرى

إلى الأسرار.

 

خلاصـــة:

هكذا إذن، تنكشف علاقة الشاعر الأمريكي دانيال مور مع التجربة الصوفية الدرقاوية؛ علاقة استمداد تتجلى من خلال أخذه المباشر من معين التصوف الحبيبي الدرقاوي سلوكا، وعلاقة امتداد تتجلى من خلال النفس الشعري الذي يشابه التجربة الشعرية في متحه من الوجدان؛ إذ “لم يكن الشعر في زمان من الأزمان بعيدا..عن المفهوم الإنساني العام للتصوف بوصفه استبطاناً منظما لتجربة روحية، ومحاولة للكشف عن الحقيقة، والتجاوز عن الوجود الفعلي للأشياء”([39]).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة في البحث:

  • Abu Madyan Shu’ayb ibn al-Husayn al-Ansari,The Way of Abu Madyan: The Works of Abu Madyan Shuayb , Translated and Edited by Vincent Cornell, Islamic Texts Society (1996).
  • Aisha Abdar-Rahman Bewley (trans.), The Diwans of the Darqawa, Diwan Press (1980).
  • As-Sufi, ‘Abdalqadir. “Preface to the Diwan of Shaykh Ibn al-Habib”, The Diwan of Shaykh Ibn al-Habib , Madinah Press (2001) Cape Town, South Africa.
  • Dallas, Ian. The Book of Strangers. In: The Collected Works of Ian Dallas. Cape Town: Budgate Press(2005).
  • Ernest Carl, The Shambhala Guide To Sufism, Shambhala Publication,Boston(1997).
  • Homerin, Emil , From Arab Poet to Muslim Saint : Ibn al-Farid, His Verse, and His Shrine, Columbia SC : University Of South Carolina Press(1994),
  • Louis Massignon, Le Diwan d’al-Hallaj,Librairie Orientaliste Paul Geuthner, Paris(1955)
  • Muhyiddin ibn al-‘Arabi, The Tarjuman al-Ashwaq, A Collection of Mystical Odes, ed. &trans.
  • Reynold A.Nicholson ( London,1911; Reprint ed., London: Theosophical Publishing House Ltd,1978).
  • Cornell Vincent, The Way of Abu Madyan.

 

  • حوار الباحث عزيز الكبيطي إدريسي مع الشاعر دانيال مور في منزله بفيلاديلفيا، الولايات المتحدة، بتاريخ:22 غشت 2010م.
  • استجواب الشاعر دانيال مور مع المجلة البريطانية (ك-نيوز): Q-News, Issue 367, July 2006
  • ابن الحبيب، محمد. ديوان بغية المريدين السائرين وتحفة السالكين العارفين، دار صادر، بيروت(ط1/1422هـ ـ2001م).
  • منير العكش ، مجلة رابطة أدباء الشام التي تصدر في لندن بابريطانيا http://www.odabasham.net/show.php?sid=153 بتاريخ:16/08/2003
  • هدارة، محمد مصطفى. “النزعة الصوفية في الشعر العربي الحديث”، مجلة فصول، مجلد:1، عدد: 4/1981.

 

 

[1] – أستاذ باحث في الفكر الإسلامي والتصوف، رئيس المركز الأكاديمي الدولي للتصوف والتواصل والترجمة، فاس.

[2] Ernest Carl, The Shambhala Guide To Sufism, Shambhala Publication,Boston(1997),p.147

[3] Ibid, p.147

[4] Ibid, p.147

[5] Ibid, p.149

[6] Ibid, p.152

[7] Muhyiddin ibn al-‘Arabi, The Tarjuman al-Ashwaq, A Collection of Mystical Odes, ed. &trans. Reynold A.Nicholson ( London,1911; Reprint ed., London: Theosophical Publishing House Ltd,1978).

[8] Louis Massignon, Le Diwan d’al-Hallaj,Librairie Orientaliste Paul Geuthner, Paris(1955)

[9] Homerin, Emil , From Arab Poet to Muslim Saint : Ibn al-Farid, His Verse, and His Shrine, Columbia SC : University Of South Carolina Press(1994),

[10] Cornell Vincent, The Way of Abu Madyan,pp.150-75

[11]The Diwans of the Darqawa, Translated by : Aicha Abdar-Rahman (Bewley), Diwan Press (1980), pp:137-240

[12] – As-Sufi, ‘Abdalqadir. “Preface to the Diwan of Shaykh Ibn al-Habib”, The Diwan of Shaykh Ibn al-Habib , Madinah Press (Op.Cit)

[13] ـ منير العكش، “الشاعر والكاتب الأمريكي دانيال مور”، نشر بتاريخ: السبت, 26 تموز/يوليو 2008م، نقلا عن: http://www.islamstory.com/

[14] -Q-News, Issue:July2006- No:367, p:58

[15]http://www.danielmoorepoetry.com/about.html

[16] – Q-News, Issue: July2006- No:367, p:59

[17] Cornell, Vincent edit. Voices of Islam, Vol :1 (Voices of Tradition),Praeger Publishers(2007), p.xii

 

[18]ـ منير العكش، “الشاعر والكاتب الأمريكي دانيال مور”، نشر بتاريخ: السبت, 26 تموز/يوليو 2008م، نقلا عن: http://www.islamstory.com/

[19]ـ نفسه.

[20] ـ هذا التعليق يوجد على ظهر غلاف مجموعة من دواوين الشاعر دانيال مور المنشورة.

ـ السونيتة :أغنية صغيرة أو قصيدة تتكون من 14 بيتا شعريا, يذكر مؤرخ الموسيقا العربية هنري جورج فارمر أن المقابل العربي للسونيتا هو كلمة “الجلجل”.

[21] ـ منير العكش، “الشاعر والكاتب الأمريكي دانيال مور”،(م.س)

[22] ـ نفسه.

[23]– حوار أجريته مع الفنان دانيال مور في منزله بمدينة فيلاديلفيا بالولايات المتحدة، يوم: 22غشت 2010م.

[24]– استجواب مع المجلة البريطانية : Q-News, Issue 367, July 2006

[25]– حوار أجريته مع الفنان دانيال مور في منزله بمدينة فيلاديلفيا بالولايات المتحدة، يوم: 22غشت 2010م.

[26]– نفسه.

[27]– نفسه.

[28]– حوار أجريته مع الفنان دانيال مور في منزله بمدينة فيلاديلفيا بالولايات المتحدة، يوم: 22غشت 2010م.

[29]– استجواب مع المجلة البريطانية : Q-News, Issue 367, July 2006

[30] – سورة البقرة، الآية: 26

[31] ــ ابن الحبيب، محمد. ديوان بغية المريدين السائرين وتحفة السالكين العارفين، دار صادر، بيروت(ط1/1422هـ ـ2001م)، ص:54

[32]– حوار أجريته مع الفنان دانيال مور في منزله بمدينة فيلاديلفيا بالولايات المتحدة، يوم: 22غشت 2010م.

[33]– حوار أجريته مع الفنان دانيال مور في منزله بمدينة فيلاديلفيا بالولايات المتحدة، يوم: 22غشت 2010م.

[34]– حوار أجريته مع الفنان دانيال مور في منزله بمدينة فيلاديلفيا بالولايات المتحدة، يوم: 22غشت 2010م.

[35] – الشيخ العارف بالله، سيدي علي بن عبد الرحمان بن محمد بن علي بن إبراهيم بن عمران الشريف الحسني الإدريسي العمراني، من شرفاء بني عمران، أهل قبيلة بني حسان الملقب بالجمل، لأنه وجد بعيرا راقدا في الطريق فرفعه ووضعه خارجه، فرآه شخص فقال، إنه الجمل فتعارف بهذا الإسم»1 ولد سنة 1087هـ الموافق 1693م وتوفي عشية يوم السبت 29 ربيع الأول سنة 1193هـ الموافق 1779م عن عمر يناهز 106 أعوام، ودفن بزاويته التي بناها بالرميلة بمدينة فاس بالمغرب.

[36] – سورة الكهف، الآية: 24

[37] – حوار أجريته مع الشاعر في منزله بمدينة فيلاديلفيا، يوم: 22غشت 2010م.

[38] – ترجمها إلى العربية منير العكش ، (م,س)

[39] ـ هدارة، محمد مصطفى. “النزعة الصوفية في الشعر العربي الحديث”، مجلة فصول، مجلد:1، عدد: 4/1981، ص:107

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!