لبنان: الجبلُ المُقدّسُ عند المسلمين

لبنان: الجبلُ المُقدّسُ عند المسلمين

لبنان: الجبلُ المُقدّسُ عند المسلمين
العلامة الأب ميشال حايك

شاع أن ساحل لبنان للمسلمين. وأن الجبل هو ملجأ المسيحيين. وهي ٳشاعة ٳن صح بعضها، فالبعض الأهم تبدّده النصوص- وهنا جزء منها- التي تجعل من الجبل اللبناني مقر “الأبدال” المحتجبين عن نظر العالم. يتشفعون له فتقوم بهم الدنيا، حتى قيام الساعة.

الخلاصة اذا مدهشة، سنعللها مفصّلة في دراسة تالية: وهي ان جبل لبنان هو الموعد الروحي لجميع الأولياء من المسيحية والاسلام، يتآخون فيه “بينما اهل الحرب منشغلون في حربهم”، من حولهم. وجبل لبنان هذا، كما يروى، اكبر من اسمه الحالي. أجل ٳنه جزء من بلاد الشام، التي هي “صفوة الله من بلاده” ولكنه هو هو كلّ جبالها حتى يجيز للشاعر أن يجعله بدلا من جميعها، فيقول: وجاور جبال الشام، لبنان، ٳنها معادن أبدال، الى مستوى العرج

ماذا تعني وتحتوي هذه الكلمات؟
يصور ياقوت الحموي لبنان آتيا من العرج الذي بين مكة والمدينة: يمرّ بفلسطين فيسمى جبل الحمل، ويعبر الاردن فهو هناك جبل الجليل، ويدعى بدمشق جبل سنير، ويتصل بانطاقية والمصّيصة فيسمى جبل الّلكام، ويمتد حتى بحر الخزر فيدعى هناك جبل القبق او القبج. أما الجبل المطل على حمص، أي لبنان الحالي، فهو يتفرد بالاسم وحده، فيحمله ويتحمله كله على مدى امتداده صوب الجنوب وصوب الشمال. انه يتوسط السلسلة، او العمود الفقري لبلاد الشام التي يحددها صاحب “تاج العروس” و “لسان العرب”، وياقوت والقزويني، بالمساحة المدودة بين الفرات والعريش طولا، وبين جبلي طيء وبحر الروم عرضا، اي ما يعادل، تقريبا، سوريا الكبرى.

لبنان اذا، تحت أسماء مختلفة، هو جبل بلاد الشام: يخترقها من الجنوب الى الشمال، ويرقى بها، وهو اعلى قممها، من مكة، مرا بالقدس، حتى عرش الله.

فلا عجب ان تصفه الأحاديث النبوية بانه واحد من جبال الجنة الأربعة، وانه أحد الجبال الأربعة “الفاضلة”، وانه واحد من الأربعة او الخمسة التي أسس عليها البيت الحرام، وانه واحد من الاجبل الثمانية التي تحمل العرش يوم القيامة، اربعة منهن ملائكة وجوهم رموز الانجليين الاربعة (وجه رجل وثور واسد ونسر)، والاربعة الآخرون، وهو بينهم، يقال انهم سيصبحون لآلئ بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض، حين يجعلن في في زوايا البيت المقدس ليضع فوقها الجبار جلّ جلاله كرسيه للقضاء الأخير.

من جبل لبنان “فار التنور”، اي الطوفان، حسب رواية، وبحسب اخرى، ان نوح صنع من ارز لبنان خشب السفينة، واقلع من البقاع، من “عين الجرّ”، اي عنجر.

ومن بعد نوح، ابراهيم الخليل أصعده ربه الى جبل لبنان واطلق بصره قائلا” له: “انظر، فما ادرك بصرك فهو مقدس!”، نقلا عن قول التوراة، وامعانا في تحديد المكان الذي فيه أسمع الصوت. وقد أسمع موسى، ومن بعده، صوتا آخر في التوراة، يدلّه على “ذلك الجبل الحسن لبنان”، فيصبح، في “العقد الفريد”، نداء من الرب اليه: يا موسى، يا صاحب جبل لبنان، أسمعني لذاذة التوراة بصوت حزين”.

 

موسى والخضر والنبي الياس ويونس بن متى (يونان النبي) تربطهم ببلاد الشام، وخاصة بلبنان، روابط روحانية عميقة، من حيث انهم، في التراث الصوفي، على اتصال بالأولياء، او “الابدال”. والابدال هم جماعة من الصالحين انقطعوا عن العالم وزهدوا به، يجهلهم العامة، وبهم يستمر الزمن، ويصرف الله بهم العذاب عن أهل الأرض، كلما مات واحد منهم قام من الناس بدله، فاذا جاء امر الله، قبضوا جميعهم فتعطل التوازن الكوني وقامت الساعة. وقد اختلف في عددهم فقيل سبعة، او اربعة عشر، او ثلاثين، او اربعين، او سبعين، او ثمانين، والأشهر انهم اربعون. والاجماع على ان بلاد الشام، وفيها الارض المقدسة، هي “معدن الابدال”… وقد خص البعض جبل اللكام بانه منزلهم المختار، ولكنهم شوهدوا في المدن الأخرى من مختلف “أمصار العرب”، في انطاكية، والمصيصة، ودمشق، وحمص وحماه وصور وطرابلس …

على ان جبل لبنان هو مقامهم، وهو “شهير بذلك”، وبما فيه من اشجار وانهار ومياه مطرّدة وظلال وارفة، “وزرع ينبت دون ان يزرعه احد”، وتفّاح هو اعجوبة الدنيا لا تفوح رائحته الا عندما يتوسط نهر الثلج الى دمشق. والقوت هناك حلال، والمباحثات مختلفة وفيرة، يرتزق منها الصالحون، او يرزقهم الله منها بمعجزة من عنده، مسخّرا السباع او النسور لحمل القوت الى من “حجبهم الله عن الناس في الأكم والكهوف والغيران فلا يراهم احد. وربما رآهم بعض الخواص”. عرف بعضهم الرحالة ابن بطوطة وابن جبير، وصحبهم المقدسي: “تكلمت في المجالس، واكلت مع الصوفية الهرائس… وصحبت عباد جبل لبنان.” كما ارتادهم طلاب المعرفة الروحية، وعشاق الخلوة، يستضيفونهم، “فينهال الخبز” المادي والعرفاني على الطالب الغريب الآتي الى جبل لبنان قادما” من مكناسة في المغرب او من الاندلس او من خراسان او من مصر.

نعرف بعض الاسماء ممن قصدوا الاعتكاف في الجبل لفترة، او اختاروا الاقامة للعمر كله فيه، وفاتنا معرفة اكثر الوجوه. نعرف حمّاد الاقطع، وشيبان الموله، وذا النون المصري، وابراهيم بن ادهم، وابا سعيد الخرّاز… يرى احد هؤلاء، في لمحة سماوية، ياقوتة من الجنة ويوعز اليه بالسكن فيها، فاذا هي صور. ويتعلم الآخر، في صيدا، الطريق الخاص، لا طريق العامة، فيتبع الدليل الذي يمشي على الماء ويغيب صوب السماء. ويسمع الآخر، في بيروت، من الشيخ الانصاري “فائدة” لم يحفظها لأنها بالسريانية “لغة الأرواح”. ويبصر احدهم في عمق الجبل شابا” احرقته السموم والرياح يقول

الشوق والهوى        صيّراني كما ترى

بينما آخر يوصي السائل بالحذر “لأنه (أي الله) يغار ان يرى في قلب عبده سواه…” رائعة هي الحكاية التي يوردها المطوعي عن جماعة دخلوا جبل لبنان يلتمسون من فيه من العباد. فتخلف احدهم عن اصحابه، فالتقى في كهف من “الجبل الشامخ” شيخا ضريرا يتعبّد فيه منذ ثلاثين سنة، يخدمه طائر ابيض الجناحين اخضر الصدر، يأتيه كل يوم بالزبيب والجوز. من هو الشيخ؟ الجماعة لم يروا هناك “الا واحدا نصرانيا“. ولكن صاحبهم الذي كان تخلف عنهم فعرف، بعد ذلك بزمن ان الشيخ كان ابا نصر الكرماني، لما شاهده يطوف في مكة في الساعة التي كان يدفن فيها ويدفن الطائر عند رجليه. هذا التلبيس باجساد اخرى تكون البدائل عن اصلها، بحيث يقبض الواحد ويظل حيا في آخر، ويرى في موضع وهو في موضع آخر، هو من صفات اولئك الذين “لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاتهم ولا صيامهم ولكن دخلوها بسلامة صدورهم وسخاوة انفسهم.” هؤلاء “لا ينقطع وجودهم البتة من الارض لاحتياج اهلها اليهم، وان كان اهلها يجهلون هذا الامر… على حد احتياج الأرض للماء او الأرض لنور السماء.”

سنعود الى الحديث المطول عن الابدال في اليهودية والمسيحية والاسلام. وليكفينا الآن القول مع احدهم انهم صاروا الى ما هم عليه “بأربعة: قلة الكلام، وقلة الطعام، وقلة المنام، واعتزال الانام..

1- لبنان: بين مكة والخزر
لبنان: بالضم، وآخره نون. قال رجل لآخر: لي اليك حويجة، فقال: لا اقضيها حتى تكون لبنانية (1)، أي مثل لبنان، وهو اسم جبل… مطلّ على حمص، يجيء من العرج الذي بين مكة والمدينة حتى يتصل بالشام، فما كان بفلسطين فهو جبل الحمل، وما كان بالاردن فهو جبل الجليل، وبدمشق سنير، وبحلب وحماة وحمص لبنان. ويتصل بانطاكية والمصّيصة فيسمى هناك اللكام. ثم يمتد الى ملطية وسميساط وقاليقلا الى بحر الخزر، فيسمى هناك القبق. وقيل: ان في هذا الجبل سبعين لسانا لا يعرف كل قوم لسان الاخرين الا بترجمان. وفي هذا الجبل المسمى بلبنان كورة بحمص جليلة، وفيه من جميع الفواكه والزرع من غير ان يزرعها احد، وفيه يكون الابدال من الصالحين (2).

2- من الأرض المقدسة
والشام هي الارض المقدسة التي جعلها الله منزل الانبياء ومهبط الوحي ومحل الانبياء والاولياء (3) ومن خواص الشام ان لاتخلو من الأولياء الابدال الذين يرحم الله ويعفو بدعائهم. لا يزيدون على السبعين ولا ينقصون عنها. كلما مات واحد منهم قام من الناس بدله. ولا يسكنون الا جبل اللكام (4). وبها جبل لبنان وهو مطل على حمص. به انواع الفواكه والزروع من غير ان يزرعها احد. يأوي اليه الابدال لا يخلو عنهم ابدا”، لما فيه من القوت الحلال.

وفي تفاحه اعجوبة: وهي أنه يحمل الى الشام، وليست له رائحة، حتى يتوسط نهر الثلج، فاذا توسط النهر فاحت رائحته (5).

3- جبل من الجنة في الأرض
… لبنان، وهو جبل معمور بالابدال والسيّاح والمنقطعين الى الله تعالى عن الخلق، لما فيه من الاشجار والأنهار، وفيه سائر الحشائش، ومنها يرتزق الصالحون.

ومما جاء في فضل لبنان من الحديث قوله صلعم: أحد جبل من جبال الجنة، وطور جبل من جبال الجنة، ولبنان من جبال الجنة (6).

وعن ابن عباس، رضي الله عنهما: ان البيت أسس على خمسة أحجار: حجر من حراء، وحجر من طور سيناء، وحجر من لبنان، وحجر من ثبير، وحجر من جوديّ.

وفي رواية عوض عن ثبير طور زيتا، وفي رواية: عوض عن ثبير أحد.

عن قتاده قال: ذكر لنا ان قواعد البيت من حراء. وذكر لنا ان البيت بني من خمسة أجبل: من حراء ولبنان والجودي وطور سينا وطور زيتا…

عن قتاده، وذكر قول الله تبارك وتعالى: “واذ بوّأنا لابراهيم مكان البيت”. قال قتاده: هذا حرم الله قد طاف به آدم ومن بعده. فلما كان ابراهيم، اراه الله تعالى مكان البيت، فاتبع منه اثرا قديما فبناه من طور زيتا وطور سينا وجبل لبنان ومن أحد وحراء، وجعل قواعده من حراء. ثم قال: وأذن في الناس بالحجّ .(7)

4- حامل العرش يوم القيامة
وعن كعب قال: جبل لبنان كان عصمة الأنبياء .

وجاء عنه (8): انه احد الأجبل الثمانية اجبل تحمل العرش يوم القيامة. وعن أبي الزاهرية، فيما اسنده عنه الحافظ بن عساكر، قوله تعالى: “ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية”(9)، قال: جبل لبنان احد حملة العرش يوم القيامة (10). وعن كعب قال: أربعة اجبل، جبل الخليل ولبنان والطور والجودي، يكون كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والارض، يرجعن الى البيت المقدس حتى تجعل في زواياه، ويضع الجبار جلّ جلاله عليها كرسيّه حتى يقضي بين أهل الجنة والنار (11).

5- سفينة نوح واقلاعها
وقيل: التنور (12) فار من جبل لبنان (13) عين الجرّ موضع معروف بالبقاع، بين بعلبك ودمشق، يقولون ان نوحا عليه السلام، منه ركب السفينة (14).

6- موسى صاحب جبل لبنان
ومما اوحى الله الى موسى في التوراة: يا موسى بن عمران، يا صاحب جبل لبنان.

انت عبدي وانا الملك الديّان، لا تستذلّ الفقير، ولاتغبط الغني بشيء يسير . وكن عند ذكري خاشعا”، وعند تلاوة وحيي طائعا. أسمعني لذاذة التوراة بصوت حزين (15).

7- الجبال الأربعة الفاضلة
وتقع الجبال الفاضلة، مثل جبل زيتا وصدّيقا (16) ولبنان واللكام، في الصف الثاني (17) وسرّة الارض المقدسة في الجبال المطلّة على الساحل (18). واما جبل لبنان فهو متصل بهذا الجبل (19)، كثير الأشجار والثمار المباحة. وفيه عيون ضعيفة، يتعبّد عندها اقوام قد بنوا لأنفسهم بيوتا من القش، ياكلون من تلك المباحات، ويرتفقون بما يحملون منها الى المدن من القصب الفارسي والمرسين وغير ذلك وقد قلّوا به (20).

8- جبل التآخي الاسلامي المسيحي
وكل من وفقه الله بهذه الجهات (21) من الغرباء للانفراد، يلتزم، ٳن احبّ، ضيعة من الضياع فيكون فيها طيّب العيش ناعم البال، وينثال الخبز عليه من اهل الضيعة ويلتزم الامامة او التعليم، او ما شاء. ومتى سئم المقام خرج الى ضيعة اخرى، او يصعد الى جبل لبنان او الى جبل الجوديّ فيلقى بها المريدين المنقطعين الى الله، عز وجل، فيقيم معهم ما شاء، وينصرف الى حيث شاء . ومن العجب ان النصارى المجاورين لجبل لبنان، اذا رأوا به بعض المنقطعين من المسلمين، جلبوا لهم القوت واحسنوا اليهم، ويقولون: هؤلاء ممن انقطع الى الله عز وجل فتجب مشاركتهم.

وهذا الجبل من اخصب جبال الدنيا، فيه انواع الفواكه، وفيه المياه المطّردة والظلال الوارفة، وقلما يخلو من التبتّل والزهادة. واذا كانت معاملة النصارى لضد ملّتهم هذه المعاملة، فما ظنك بالمسلمين بعضهم مع بعض. ومن اعجب ما يحدّث به ان نيران الفتنة تشتعل بين الفئتين مسلمين ونصارى، وربّما يلتقي الجمعان ويقع المصاف بينهم ورفاق المسلمين والنصارى تختلف بينهم دون اعتراض عليهم… واختلاف القوافل من مصر الى دمشق على بلاد الافرنج غير منقطع. واختلاف المسلمين من دمشق الى عكة كذلك. وتجار النصارى ايضا” لا يمنع احد منهم ولا يعترض. ولنصارى على المسلمين ضريبة يؤدونها في بلادهم وهي من الامنة على غاية. وتجار النصارى ايضا” يؤدون في بلاد المسلمين على سلعهم. والاتفاق بينهم والاعتدال في جميع الأحوال، واهل الحرب مشتغلون بحربهم، والناس في عافيه، والدنيا لمن غلب… وشأن هذه البلاد في ذلك اعجب من ان يستوفى الحدي عنه (22).

9- في بيروت “لغة الأرواح”
رأيت في منامي في بيروت، منذ سنوات، شيخ الاسلام زكريا الانصاري المذكور(23)، في الجامع الأزهر، واقفا في قرب عمود الشيخ عبد القادر الرافعي، شيخ رواق الشام، من جهة شماله في جوار الرواق المذكور. رأيته نحيفا مربوع القامة، الى الطول اقرب، فانسني. وطلبت منه ان يجيزني بالمنهج، فما اجابني. وقال لي: اني احبك! وعلّمني فائدة من قالها لا يشيب ويبقى شعره اسود. غير اني لم احفظها لكونها بغير العربية، ولعلها بالسريانية لأنها لغة الأرواح (24).

10- رغيفان في طرابلس
حدثني ابراهيم بن بشار قال: مضيت مع ابراهيم بن ادهم الى مدينة يقال لها طرابلس، ومعي رغيفان ما لنا شيء غيرهما. واذا بسائل يسأل فقال (25) لي: ادفع اليه ما معك! فتثبتّ (26). فقال لي: ما لك؟ اعطه! فأعطيته وأنا متعجب من فعله . فقال لي: يا أبا اسحاق، انك تلقى غدا ما لم تلقه قط واعلم انك تلقى ما اسلفت، ولا تلقى ما خلّفت! فمهّد لنفسك، فانك لا تدري متى يفجوك امر ربّك! قال: فأبكاني كلامه وهون عليّ الدنيا. فلما نظر اليّ ابكي، قال: هكذا فكنّ (27)

11- في صيدا: طريق للسماء
وحكي عن أبي القاسم بن مروان النهاوندي، قال: كنت أنا وأبو بكر الوراق مع أبي سعيد الخراز (28) نمشي على ساحل البحر نحو صيدا، فرأى شخصا” من بعيد فقال: اجلسوا! لا يخلوا هذا الشخص ان يكون وليّا من اولياء الله. قال: فما لبثنا ان جاء شاب حسن الوجه، وبيده ركوة، ومعه محبرة، وعليه مرقعة، فالتفت ابو سعيد اليه، منكرا عليه لحمله المحبرة مع الركوة، فقال له: يا فتى، كيف الطريق الى الله تعالى؟ فقال: يا أبا سعيد، أعرف الى الله طريقين: طريقا خاصا وطريقا عاما: فأما الطريق العام فالذي انت عليه، واما الطريق الخاص فلهم! ثم مشى على الماء حتى غاب عن أعيننا. فبقى أبو سعيد حيران مما رأى (29).

12- صور: ياقوتة من الجنة
حدثنا فرج مولى ابراهيم بن ادهم بصور، سنة ست وثمانين ومائة، وكان اسود، قال: كان ابراهيم بن ادهم رأى في المنام كأن الجنة فتحت له، فاذا فيها مدينتان، احداهما من ياقوتة بيضاء، والأخرى من ياقوتة حمراء، فقيل له: اسكن هاتين المدينتين، فانهما في الدنيا! فقال: ما اسمهما؟ قيل: اطلبهما فانك تراهما كما أريتهما في الجنة. فركب يطلبهما، فرأى رباطات خراسان، فقال: يا فرج، ما اراهما. ثم جاء الى قزوين، ثم ذهب الى المصّيصة والثغور، حتى الى الساحل في ناحية صور. فلما صار بالنواقير- وهي نواقير نقرها سليمان بن داود عليه السلام على جبل على البحر. فلما صعد عليها راى صور، فقال يا فرج هذه احدى المدينتين. فجاء حتى نزلها (30). عن كعب قال: يا أهل الشام! يا أهل الشام! من اراد منكم الرفق في المعيشة مع العبادة فعليه ببيسان، ومن أراد منكم السعة في الرزق والسلامة في الدين فعليه بعرفة . ومن أراد منكم ان يجمع له دينه ودنياه فعليكم بصور (31).

13- ذو النون وأخوة زرقان
من أقرانه (32) وجلّة رفقائه، صاحب سياحة كان بجبل لبنان، من ساحل دمشق، حكى عنه يوسف بن حسين الرازي، قال: بينما أنا في جبل لبنان أدور، اذ بصرت بزرقان اي ذي النون، جالسا على عين ماء عند العصر، وعليه زرمانقة (33) شعر، فسلمت عليه، وجلست من ورائه، فالتفت اليّ وقال: ما حاجتك؟ قلت: بيتين من الشعر سمعتهما من اخيك ذي النون، اعرضهما عليك. فقال: قل! فقلت: سمعت ذا النون يقول:

قد بقينا مذبذبين (34) حيارى     حسبنا ربنا ونعم الوكيل
فدواعي الهوى تخفّ علينا     وخلاف الهوى علينا ثقيل.

فقال زرقان : لكني أقول:

قد بقينا مدلهين (35) حيارى     حسبنا ربنا ونعم الوكيل
حيث ما الغور كان ذلك منا    واليه في كل أمر نميل (36).

فعرضت اقوالهما على طاهر المقدسي فقال: رحم الله ذا النون! رجع الى نفسه فقال ما قال، ورجع زرقان الى ربه فقال ما قال (37).

14- جنازة شيبان المولّه
قال سالم بينما أنا مع ذي النون بجبل لبنان، اذ قال: قف مكانك! فساح وغاب عني ثلاثة، وعاد متغيّرا فقال: دخلت كهفا فيه شيخ نحيف، مشتغل بالعبادة، فلما فتر قلت: أوصيني وادع لي! قال: يا بنيّ، من آنسه الله بقربه أعطاه أربعا: غنى بلا مغنى بلا مال، وأنسا بلا جماعة، وعزا بلا عشيرة، وعلما بلا طلب. ثم شهق ولم يفق الا بعد ثلاث. ولما أفاق سألني عمّا فاته، فقضاه، ثم قال:

ان ذكر الحبيب هيّج شوقي     ان ذكر الحبيب أذهب عقلي!

فقال لي: انصرف! فقلت: وقفت عليك ثلاثة، رجاء للافادة! فقال: أحبّ مولاك، ولا تحبّ سواه، ولا ترد بحبه بدلا. ثم صرخ ثانية. ووقع فحركته، فاذا هو ميت. وبعد هنيهة نزل جماعة من العبّاد فواروه، وسألتهم فقالوا: شيبان المولّه (38).

15- حمّاد الأقطع
حماد بن عبد الله، الأقطع التيناتي، أبو الخير. أحد مشايخ الصوفية، صحب كثيرا من جلّة مشايخ الصوفية. اصله من المغرب، وسكن التينات، قرية على أميال من المصّيصة، وكان من العبّاد المشهورين والزهاد المذكورين. صحب أبا عبدالله بن الجلاء، وسكن جبل لبنان، من نواحي دمشق. وكان ينسج الخوص بيديه، لا يدري كيف ينسجه. وحكاية قطع يده طويلة ومشهورة (39). وكانت السباع تأوي اليه، وتأنس به. ولم تزل ثغور الشام محفوظة ايام حياته، الى ان مضى لسبيله. مات سنة ونيف وأربعين وثلثمائة، عن مائة وعشرين سنة… وقيل له: “أي شيء أعجب لما رأيت؟”.. قال: “رأيت عبدا أسود، في جامع طرطوس أدخل رأسه في مرقعته، وخطر في قلبه الحرم، فأخرج رأسه: وهو في الحرم” …. ومن انشاداته:

انحل الحبّ قلبه والحنين    ومحاه الهوى فما يستبين
ما تراه الظنون الا الظنونا    وهو اخفى من ان تراه العيون (40).

16- فقير مجهول
وسافرت منه الى جبل لبنان، وهو من اخصب جبال الدنيا. فيه اصناف الفواكه وعيون الماء والظلال الوافرة. ولا يخلو من المنقطعين الى الله تعالى والزهاد والصالحين، وهو شهير بذلك. ورايت به جماعة من الصالحين قد انقطعوا الى الله تعالى ممّن لم يشتهر اسمه.

اخبرني بعض الصالحين الذين لقيتهم به قال: كنا بهذا الجبل مع جماعة من الفقراء ايام البرد الشديد، فاوقدنا نارا عظيمة، واحدقنا بها . فقال بعض الحاضرين : يصلح لهذه النار ما يشوى فيها. فقال احد الفقراء ممن تزدريه الأعين ولا يعبأ به: اني كنت عند صلاة العصر بمتعبّد ابراهيم بن ادهم (41)، فرأيت بمقربة منه حمار وحش احدق الثلج به من كل جانب، واظنه لا يقدر على الحراك. فلو ذهبتم اليه لقدرتم عليه، وشويتم لحمه في هذه النار . قال: فقمنا اليه خمسة رجال فلقيناه كما وصف لنا، فقبضناه واتينا به اصحابنا وذبحناه وشوينا لحمه في تلك النار. وطلبنا الفقير الذي نبّه عليه فلم نجده ولا وقعنا له اثر، فطال عجبنا منه. (42)

17- وليّ على صخرة
كان بمكناسة رجل كثير السياحة في طلب الصالحين وزيارتهم. فلم يزل يسيح الى ان وصل جبل لبنان. فبحث عن ولي من الأولياء ذكر له انه بالجبل الذكور، الى ان ظهر له بخيال رجل. فأراد الوصول اليه فلم يقدر لأوعار الجبل. فأشار اليه بثوبه كأنه يقول له: من اين الوصول اليك؟ فأشار له ذلك الولي الى مكان عيّنه له. فلم يزل يحتال الى ان وصل اليه، فوجده جالسا على صخرة، وقد عاد من طول العبادة نحيلا كالخيال حتى لصق جلده بعظمه. فكان اذا دخل وقت الصلاة اذّن وأقام وصلّى، فيصلي بصلاته. فاذا فرغ من صلاته قعد على الصخرة الى وقت الصلاة، فيؤذّن ويقيم ويصلي. ثم اخرج الرجل طعاما من مزوده،فنظر اليه الولي فردّه الى مزوده ورمى به في حافة من الجبل وقال له: اذا انصرفت عنا احمله معك. فلما كان وقت افطاره قام الى كوز فأخرج منه الريحان وغيره من حبوب الشجر التي تنبتها الجبال فأكل منها. ثم قال له ذلك الرجل: أريد ان اقيم معك بهذا الجبل. فقال له الولي: لا تطيق ذلك فٳني دفعت الى ما ترى وانا ابن احدى عشر سنة، ومن تعوّد النساء مثلك لا يصلح لهذا، فارجع الى بلدك واشهد الصلوات في الجماعات وأدّ الفرائض واجتنب المحرمات فانه خير لك.
فعاد الرجل الى المغرب وأقام في مكناسة يعمل ما أمره به ذلك الولي الى ان لحق بالله تعالى (43).

18- من شدة الشوق والهوى
قال لي أبو الجعد السائح: رأيت رجلا حسن الوجه، كأنه الشنّ (44) البالي ، بجبال لبنان، وعليه خرقة، وما معه شيء، ولا عليه غير تلك الخرقة، فسمعته يقول:

شدّة الشوق والهوى     تركاني كما ترى (45).

19- احرقته السموم والرياح
سمعت محمد بن حسّان يقول: بينما ان ادور في جبل لبنان، اذ خرج علينا رجل شاب قد احرقته السموم والرياح. فلما نظر اليّ ولّى هاربا فتبعته وقلت: تعظني بكلمة! فقال: احذر فانه غيور لا يحبّ ان يرى في قلب عبده سواه (46).

20- رؤى في “الجبل الشامخ”
وذكر أبو بكر المطوعي أيضا عن أبي عبدالله أحمد بن مالك السجستاني قال: دخل جماعة، ومعنا أبو بكر الدمشقي، الى جبل لبنان نلتمس من فيه من العبّاد. فسرنا فيه ثلاثة أيام نلتمس، فما رأينا احدا. فلما كان اليوم الرابع ضربت على رجلي، وذلك أني كنت حافيا، فضعفت عن المشي. فطلعنا على جبل شامخ وفوقه شجرة فقعدنا، فقالوا لي: اجلس على موضعك حتى نذهب لعلنا نلقى احدا من سكان الجبل. فمضوا جميعا فبقيت انا وحدي. فلما جنّ الليل صعدت على شجرة. فلما كان الصبح نزلت ألتمس الوضوء. فانحدرت في الوادي أطلب الماء. فوجدت الماء، من قبل ان أستقرّ في الوادي، عينا صغيرة، فتوضأت وقمت أصلي. فسمعت صوت قراءة القرآن. فلما سلّمت طلبت الأثر. فوجدت كهفا امامه صخرة، فرميت بحجرتين الى الكهف خشية ان يكون فيه وحش، فلم أر شيئا، فدخلت الى الكهف فاذا شيخ ضرير، فسلمت عليه، فقال لي: أجنّي أنت أم أنسيّ؟ فقلت: بل أنسيّ. قال: لا اله الا الله! ما رأيت ولا لقيت انسانا منذ ثلاثين سنة غيرك. فلما دخلت عليه قال: لعلك مرّ بك البارحة تعب، فاطرح نفسك. فدخلت الكهف وفيه ثلاثة قبور.

فلما كان بعد زوال الشمس ناداني فقال: الصلاة، رحمك الله! فخرجت الى العين، فتطهرت وصلينا جماعة. ثم قام فلم يزل يركع الى وقت العصر، ثم أذّن وصلينا العصر، ثم قام يدعو رافعا يديه. فسمعت من دعائه: أللهم أصلح أمة محمد! أللهم فرّج عن أمة محمد! اللهم ارحم أمة محمد! الى ان سقط القرص فأذن، ولم أر أحدا أعرف بأوقات الصلوات منه. فلما صلينا المغرب قلت: لم اسمع منك من الدعاء الا هذه الكلمات الثلاث . فقال: من قال هذا كل يوم ثلاث مرات كتبه الله من البدلاء . فقلت: من أين لك هذا؟ قال: لا يحتمل ايمانك ان أقول لك.

فلما صلينا العشاء الآخرة قال لي: أتأكل؟ قلت: نعم. قال: ادخل داخلا فكل ما ثمّ. فدخلت فوجدت صخرة كبيرة عليها جوز ناحية”، وفستق ناحية، وزبيب ناحية، ومن ناحية تفاح يابس وحبة خضراء، فأكلت منه ما أردت . فلما كان عند السحر جاء هو فأكل منه شيئا يسيرا، ثم أوتر فما زال يدعو، فسمعته يقول في سجوده: اللهم امنن باقبالي عليك واصغائي اليك وانصاتي اليك والفهم عنك! وارزقني بصيرة في أمرك ونفاذا في خدمتك وحسن الأدب في معاملتك! فلما رفع رأسه قلت له: من أين لك هذا الدعاء؟ فقال: ألهمته، لقد كنت في بعض أوقاتي أدعو به فسمعت هاتفا يهتف بي ويقول: اذا دعوت به ففخمه فأنه مستجاب. فلما صلينا قلت: من أين هذه الفواكه، وأنا لم آكل شيئا أطيب منها؟ فقال: ترى معاينة.

فلما كان بعد ساعة دخل الى الكهف طائر له جناحان أبيضان، وصدره أخضر، وفي منقاره حبة زبيب وبين رجليه جوز. فوضع الزبيب علي الزبيب والجوز على الجوز. فقال لي: أرأيته؟ قلت” نعم. فقال لي: منذ ثلاثين سنة يأتيني بهذا. فقلت له: كم مرة يدخل اليك بالنهار؟ فقال سبعا. فلما كان ذلك اليوم عددت أنا فاذا هو دخل خمس عشرة مرة. فقلت له ذلك.
وكان عليه قميص بلا كمين ومئزر شبه لون الورس، فقلت له: من أين لك هذا؟ فقال: يأتيني به في كل سنة هذا الطائر، وكان عنده مسلة يخيط بها. فلما كان بعد ليال، دخل عليه سبعة أنفس بثيابهم وشعورهم، وعيونهم مشققة بالطول ليس فيها دوارة، فسلموا، فقال لي: لا تخف فهولاء الجن. فقرأ عليه واحد منهم طه، والأخر الفرقان (47)، وتلقن الآخر منه شيئا” من سورة الرحمن، ثم مضوا. فقلت له: كم لك في هذا الجبل؟ قال: أربعين سنة، كنت فيها عشر سنين بصيرا”، وكنت أجمع في الصيف من هذه المباحثات الى هذا الكهف. فلما ذهب بصري، بقيت أياما لم أذق شيئا حتى جاءني هؤلاء فقالوا لي: قد رحمناك، دعنت نحملك الى حمص أو دمشق. فقلت: اشتغلوا بما وكلتم له. فلما كان بعد ساعة، جاءني هذا الطائر الذي رأيته بتفاحة، فطرحها في حجري، فقلت: لا تشغلني! اطرحها ثمّ الى وقت حاجتي اليها.

ثم قال لي: وقد قال هؤلاء ان القرمطي (48) دخل مكة وقتل بها وفعل وصنع. فقلت: قد كان ذلك وقد كثر الدعاء عليه، فلم منع الناس الاجابة فيه؟ فقال: لأن فيهم عشر خصال فكيف تستجاب لهم دعوة! فقلت: وما هي؟ قال: الأولى أقرّوا بالله عز وجل وتركوا أمره، والثانية: قالوا نحب الرسول، صلى الله وسلم، ولم يتبعوا سنّته، وقرأوا القرآن ولم يعملوا به، وقالوا: نحبّ الجنة وتركوا طريقها، وقالوا نكره النار، وزاحموا طريقها، ودفنوا أمواتهم ولم يعتبروا بهم، وقالوا: ان ابليس لنا عدو ووافقوه، واشتغلوا بعيوب اخوانهم ونسوا عيوبهم، وجمعوا المال ونسوا الحساب، وبنوا القصور ونسوا القبور(49). فأقمت عنده أربعة وعشرين يوما في أطيب عيش.

فلما كان الرابع والعشرون قال لي: كيف وصلت الى هنا؟ فحدثته حديثي. فقال لي: انّا لله وانّا اليه راجعون! لو علمت ان قصتك هذه لم أقررك عندي، شغلت قلوبهم، ورجوعك اليهم افضل مما انت فيه، فلست اشك ان القوم قد ندموا في أمرك. فقلت له: اني لا اعرف الطريق. فسكت.

فلما كان طلوع الشمس قال: قم! فقلت: الى أين؟ قال: تمضي. قلت: أوصيني . قال: اذا حججت وكانت الزيارة، فاطلب عند المقام، أو بين المقام وزمزم، رجلا أشعريا” خفيف العارضين، بعد العصر، تقرئه مني السلام، واسأله أن يدعو لك، فانها فائدة كبيرة ان شاء الله تعالى.

فخرجنا من الكهف، واذا سبع قائم، قال: لا تخف! وتكلم بكلام لم اعرفه، الا اني اظن انه بالعبرانية، فقال لي: اذهب خلفه، فاذا وقف فانظر عن يمينك، فانك تجد الطريق ان شاء الله. فسار ساعة وانا خلفه، فنظرت فاذا أنا على عقبة دمشق. فدخلت دمشق والناس قد انصرفوا من صلاة العصر. فقالوا: هذا الذي قيل انه هلك في الجبل، من يبشر دارك؟ فقلت: أنا. فمضيت وجماعة من ورائي، فسروا سرورا شديدا، فحدثتهم بحديثي. فقال القوم” ما رأينا الاواحدا” نصرانيا”. ثم كثروا، وخرجنا جماعة فوق الخمسين نفسا الى ذلك الجبل، فما رأينا شيئا، فقالوا: كشف له ومنعنا نحن. ورجعنا.

فكنت أحج وأطلب الرجل الذي وصف لي. فلما كان في سنة ست وعشرين وثلاثمائة وجدت الرجل بين المقام وزمزم جالسا بعد العصر، وعليه ثوب شرب ومئزر دبيقي، وهو قاعد على منديل، وأمامه كوز نحاس ونعل. فسلمت عليه، فرّد السلام. فقلت: ان ابراهيم بن نصر الكرماني يقرئك السلام. فقال لي: وأين رأيته؟ فقلت: في جبل لبنان. فقال: رحمه الله قد مات. قلت: متى مات؟ قال: الساعة، دفناه ودفنا الطائر عند رجليه. ثم قال: قمّ بنا الى الطواف. فطفت معه شوطين ثم غاب عني (50).

[أصلُ المقالة في مجلة اللقاء، عدد 4 لبنان 1988].

المصادر والمراجع
1. “أي عظيمة مثل لبنان”: “تاج العروس”. الجزء ٩.ص ٣٢٩: وايضا” “لسان العرب”، ج١٣ ، ص ٣٧٨.
2. ياقوت الحموي، “معجم البلدان”، بيروت 1957، ج 5، ص 11: ج 4، ص 306
3. القزويني، “اثار البلاد واخبار العباد”، بيروت د.ت. ص 205. والشام، كما يحددها القزويني، “هي من الفرات الى العريش طولا، ومن جبلي طيء الى بحر الروم عرضا”، في الصفحة نفسها: وايضا” ياقوت، ج 3، ص 313.
4. القزويني، المصدر نفسه، ص 206، اللكام، او أكام، هو الاسم القديم لجبل الأمانوس او الماداغ ، تركيا.
5. المصدر نفسه ، ص 208
6. وقد ورد الحديث برواية أخرى مختلفة: “قال رسول الله صلعم: اربعة اجبل من جبال الجنة، واربعة انهار من انهار الجنة ، واربعة ملاحم من ملاحم الجنة. قيل : فما الاجبل يا رسول الله؟ قال: أحد جبل يحبنّا ونحبّه، جبل من جبال الجنة ، وطور جبل من جبلي الجنة، ولبنان جبل من جبال الجنة، وقاسيون (الجبل المشرف على مدينة دمشق) جبل من جبال الجنة “، في تاريخ مدينة دمشق، طبعة المجمع العلمي ، الجزء 2 ص 120 ، كذلك الطبري، “تاريخ الرسل والملوك”، القاهرة 1960 ج1، ص124، ابن الأثير، “الكامل في التاريخ”، بيروت، د.ت، ج1 ص138، الخ…
7. ابن عساكر “تاريخ دمشق”، المجلدة 2 (1954). ص 121.
8. اي عن كعب
9. سورة الحاقة 69: 17
10. ابن شداد، “الاعلاق الخطيرة في ذكر امراء الشام والجزيرة”، نشر وتحقيق سامي الدهّان، دمشق 1962. ص35– 36: ابن عساكر ، “تاريخ دمشق”، المجلدة 2 (دمشق 1954)، ص 123 – 124 .
11. ابن عساكر “تاريخ دمشق”، المجلّدة ، ص 122 .
12. التنور، يعني الطوفان حسبما ذكره القرآن في الآية: “حتى اذا جاء امرنا وفار التنور”. والآراء متضاربة، كالعادة، في شأنه: قيل انه فار “بناحية الكوفة، ويقال بارض الهند”، المقدسي، “البدء والتاريخ”، جزء 3، ص 17، “لسان العرب”، ج4، ص 95. وقيل من قرية سحر، بالقرب من حمص، ياقوت، “معجم البلدان”، ج 2، ص 158 .
13. الهروي، “الاشارات الى معرفة الزيارات”، نشرته السيدة سورديل، دمشق 1953، ص 10 .
14. ياقوت “معجم البلدان”، ج 4، ص176. وينقل امين نخله في “ذات العماد” (بيروت 1957، ص 120) عن “تاريخ زحله” للمعلوف ان عين الجر تحرفت فصارت عنجر، وينسب (ص119) الى ياقوت انه روى “عن بعض الاوائل: ومنشأ خشب السفينة من جبل لبنان”، ولكننا لم نستطع ان نكشف الرواية في “معجم البلدان”.
15. ابن عبد ربه. “العقد الفريد”، القاهرة، 1971، الجزء 3، ص 146.
16. يبدو أنه جبل عاملة، استنادا الى موقعه بين قدس وصور وصيدا، بحسب المقدسي الذي ينسب الاسم “صديقا” الى احد الأولياء.
17. الصف الأول من السهل الذي يلي بحر الروم، اي جميع مدن الساحل.
18. المقدسي، “احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم”، طبعة دي غويه بريل 1906، ص 186.
19. اي جبل صديقا.
20. المقدسي، “احسن التقاسيم”، ص 188، “قلوا به”، اي اكتفوا به.
21. يعني جهات المشرق، وفيه، حسب ابن جبير “من الامور العجيبة ضد ما اعتدنا في المغرب في ذلك” “رحلة ابن جبير”، بيروت 1980، ص 259.
22. “رحلة ابن جبير” ص 259 -260.
23. احد أئمة العلماء العاملين والأولياء العارفين، ومن اجل اركان الطريقين، الفقه والتصوف”. المصدر المذكور ادناه ص 16.
24. النبهاني، “كتاب جامع كرامات الأولياء”، بيروت ( د.ت.) الجزء 1، ص 17.
25. اي ابراهيم بن ادهم.
26. اي شاورت نفسي قي الأمر، تريثت.
27. ابن الجوزي “كتاب القصاص والمذكرين”، نشرته مارلين سوارتز، بيروت 1971، ص 80– 81.
28. متصوف شهير في بداية القرن التاسع.
29. القشيري، “الرسالة القشيرية”، مصر 1959 ، ص 183 – 184.
30. (1) ابو نعيم الاصبهاني، “حلية الأولياء”، الجزء 8، ص 9 ، ويتابع المحدث الأسود ان ابراهيم مات اُثناء غزوة في الجزيرة فحمل الى صور ودفن فيها، وكان له بيت هناك :”فأهل صور يذكرونه في تشييب اشعارهم ولا يرثون ميتا الا بدأوا اولا بابراهيم بن ادهم”، “حلية”، الجزء 7، ص 380، على ان الاخبار متضاربة في شأن موته، فقيل مات في مصر، وفي دمشق، وفي بغداد، وفي بلخ الخ.. حوالي سنة 770 م، اما المدينة الثانية فهي عسقلان، المصدر نفسه، ص 9.
31. ابن عساكر، “تاريخ مدينة دمشق”، المجلّدة 2، ص 125.
32. اي ذي النون الصوفي المصري المشهور.
33. جبة صوف.
34. اي معلقين نتأرجح دون قرار.
35. ساهين من العشق.
36. المعنى غير واضح ولعله التالي: لا نصحو من سهونا فنتحرك الا لنميل اليه تعالى.
37. ابن الملقن “طبقات الأولياء”، تحقيق نور الدين شريبه، بيروت 1986، ص 224، دلّني اليه الصديق صبحي حبشي.
38. لسان الدين الخطيب “روضة التعريف بالحب الشريف”، تحقيق عبد القادر احمد عطا، بيروت 1968، ص 681 -682 ، دلّني اليه الصديق صبحي حبشي.
39. “انه كان قد عاهد الله ان لا يتناول بشهوة نفسه شيئا مشتهيا. فرأى يوما بجبل اللكام شجرة زعرور، فاستحسنها، فقطع منها غصنا، فتناول منها شيئا من الزعرور، فذكر عهده وتركه (اي لم يأكل منه). ثم كان يقول: قطعت غصنا فقطع مني عضو”. ابو نعيم الاصهباني، “حلية الأولياء”، الجزء 10، ص 378.
40. ابن الملقن، “طبقات الأولياء”، ص 190-192 ، 194.
41. “المتعبّد” اي محل الانفراد للعبادة والنسك . براهيم بن ادهم صوفي شهير توفي بين سنة 776 و 783 م.
42. “رحلة ابن بطوطة”، بيروت 1964، ص 82- 83.
43. ابن الزيات، “التشوف الى رجال التصوف”، الرباط 1958، ص 175 .
44. الشن: القرية البالية.
45. السراج، “مصارع العشاق”، بيروت د.ت. (دون تاريخ) المجلد 2، ص 89. وقد ورد النص، عند الغزالي هكذا: “قال بعض المشائخ: رأيت في جبل اللكام رجلا اسمر اللون ضعيف البدن، وهو يقفز من حجر الى حجر ويقول:
الشوق والهوى صيّراني كما ترى” .
الغزالي، “أحياء علوم الدين”، طبعة بيروت، د.ت. الجزء 4، ص 361.
46. القشيري، “الرسالة القشيرية”، مصر 1959، ص 127 حيث يقول ايضا” أحدهم: “الحق تعالى غيور، ومن غيرته انه لم يجعل اليه طريقا سواه”.
47. اي سورة طه وسورة الفرقان
48. ابو طاهر سليمان زعيم الثوار القرامطة الذي نهب مكة وسلب الحجر الأسود عام 929.
49. ورد ما يشابه هذه الخصال على لسان ابراهيم بن أدهم، في “حلية الأولياء”، لأبي نعيم الأصهباني، الجزء 8، ص 15 – 16 .
50. ابن الزيات “التشوف الى رجال التصوّف”، ص 57- 60.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!