التصوّف والطبيعة في أدب جبران

التصوّف والطبيعة في أدب جبران

 

التصوف والطبيعة في أدب جبران خليل جبران

بقلم: سمية المودن

 

يُعد جبران (1883-1931) رائداً من رواد الأدب المهجري، اطلع على حركات التصوف العربية والفارسية والهندية، وقرأ التيارات الروحانية الغربية، فكان من الطبيعي أن يمتلك الشعور العميق ويقرأ كتاب الوجود، لذلك راح يبني عالمه الأمثل ومجتمعه الأفضل على أركان الحق والخير والجمال. ألم يقل “جئت لأحيا بمجد المحبة وروح الجمال”. (1)

لقد أدرك جبران أنّ هناك قوى كامنة فيه فعكف على نفسه ليكتشفها، ويدرك أبعادها، فطلب العزلة لأن العزلة تغني التأمل، وحن إلى الأعماق، وظل يحلم طوال حياته بتصفية القلب من الدنيا، ولاشك في أنه عانى كثيراً وتعذب ليحقق حلمه هذا، وفي رسالة إلى الأديبة مي زيادة، يبوح: “إني ألتجئ إلى كهوف روحي عندما أتعب من سبل الناس الواسعة، وحقولهم المزهرة، وغاباتهم المتعرشة، إني أدخل كهوف روحي، عندما لا أجد مكانا آخر أسند إليه رأسي، ولو كان لبعض من أجدهم الشجاعة لدخول تلك الكهوف، لما وجدوا سوى رجل راكع على ركبتيه وهو يصلي” (2). لقد كان جبران يعشق الهدوء والانفراد، ففي صومعته يتشوق، ويحن إلى الأبعاد العلوية، وهذا الحنين يعود إلى تشبعه بتراث أسرته الروحي، وتلك المناخات الروحية الشرقية خاصة تلك المتمثلة في أرضه الجبلية حيث توزعت الصوامع والأديرة وتناقل الناس جيلاً بعد جيل حكايات الأقدمية من الأجداد، الطالبين العزلة والصلاة في تلك الجرود البعيدة.

اختزن جبران في ذاكرته كل ما له علاقة بأرضه، وأمه، وطفولته وشرب من ينابيع التصوف، فساعده هذا على أن يكتب نصوصا بلغة صوفية، وثمة إشكال يُواجهه الباحثون، هل كان جبران متصوفاً، أم أنه أبدى آراء في التصوف؟ سوف نضرب صفحاً عن المناقشات التي دارت بين الباحثين، لأن غايتنا الحقيقية هي رصد الملامح الصوفية في كتاباته.

والحقيقة أن نصوص جبران تدعونا إلى قراءتها قراءة ثانية، باعتبار أنها منفتحة على دلالات كثيرة وتأويلات عميقة. فنحن أمام أدب ذي أبعاد روحية، ينتشي بملامح صوفية تتمثل في الحب والجمال والطبيعة ووحدة الوجود… وهي ملامح تثبت أن جبران صاحب، رؤيا وأدبه يحمل مضموناً، فهو في تأملاته وأشواقه يتطلع إلى معاني الروح الكونية، لكن صوفيته شعرية رومانسية.

وسنعمل وبصورة أكثر استيعاباً على إبراز الملامح الصوفية في كتابات جبران من خلال: الطبيعة.

كان جبران يعيش حالة تأمل متواصل في الحقائق الكونية، وفي ظاهرها وباطنها، “أنظر متأملاً فأرى البرية… ثم أنظر متأملا بما وراء البحر، فأرى الفضاء غير المتناهي بكل ما فيه من العوالم، السابحة.. المتماسكة بناموس كلي لا حد له ولا مدى الخاضعة لشرع كلي ليس لبدئه ابتداء ولا لنهايته نهاية” (3). إنه الانجذاب إلى الطبيعة بافتتان صوفي، ويروى عنه أنه كان يحب الأشجار إلى حب العبادة، يتحسسها ويتلمسها بحب ومتعة. فقد أحب جبران الطبيعة باعتبارها كائناً حياً، فالطبيعة عنده أشياء كثيرة تسود عليها المحبة الشاملة، فهي السكن والحضن الدافئ وأم كل شيء في الكيان، هي الروح الكلية الأزلية الأبدية المملوءة بالجمال والحب. ويبدو جبران عارفاً بأسرار الطبيعة، يفهم أنينها وشكواها، حزنها وفرحها، همسها، غضبها ورضاها، جمالها وطهرها. فإذا هو يسمع الموجة وصوت المطر، وعناق الأزهار.

الطبيعة عند جبران نظام دقيق خاضع لقانون كلي يحكمها، وكل ما يحيط بها مظهر لقدرة الله وحضوره الكامل، وليست دورة الفصول ناتجة عن دوران الأرض حول الشمس فقط، بل هي ناشئة عن الناموس الكلي الذي يحرك الشمس وكل ما يدور في فلكها حول الله.

إن جبران لا يصف جمال الطبيعة فحسب، بل إنه يسعى إلى الامتزاج بها امتزاجاً روحياً صوفيا لذلك “تحولت الطبيعة لديه واكتسبت وجودا مثاليا وباتت منبعا للرموز والصور الجديدة في بنيتها ودلالاتها” (4)؛ فكان الليل والفجر والسماء والبحر رموزاً صوفياً، فالليل يعني كثيراً للصوفي الذي يسهر ويعد نفسه كوكباً للحاق ببقية الكواكب وينعتق من ربقة الأرضيات. وهكذا يبدو الليل عند جبران رمزاً للانعتاق والوصول إلى النور “الليل هو الذي يقودكم إلى كنوز الحياة، ولئن كانت الشمس تعلم كل ما ينمو الشوق إلى الضياء، فإن الليل هو الذي يسمو به إلى مقام النجوم…” (5)، أما الفجر فهو رمز الإشراق واليقظة، يقول جبران: “لن يلبث الليل المدلهم الذي يطبق علي أن يتمخض عن فجر يشرف علي”(6)، والبحر أيضاً رمز صوفي يدل على معنى التوتر والحركة الدائمة للوجود، لكن وراء هذا التوتر وهذه الحركة المستمرة للتجليات والموجودات يكمن فضاء باطني ساكن وهادئ يعد بالطمأنينة والسكينة الأصلية التي ظل الصوفيون يحلمون بها، إنها سكينة الخلود الأبدي التي تحمل دفء الانتماء إلى الأصل الإلهي للروح الإنساني” (7) وعلى بساط هذا الخيال الصوفي يقول جبران: “كان حديثه إلى البحر أصلنا الجليل الذي منه كانت النشأة الأولى، (8)، ويدعوه أما “أيها البحر العظيم، أيتها الأم الهاجعة” (9)، وعن علاقته بالأمومة يمكن أن نقول إن “الانجذاب نحو البحر هو انجذاب نحو ما هو بدائي وسري في وجود الإنسان… سر البحر- الألوهية هو سر البدائي السحري المتوحش.. إنه سر الأمومة المنبع الحيوي للروح” (10)، كما يرمز به إلى وحدة الوجود، فيقول في المواكب:  

ويقول الفكر:

إني ملك ليس في العالم غيري من ملك

غير أن البحر يبقى هاجعاً

قائلاً في نومه: الكل لي (11)

واضح أن ميل جبران للرموز الصوفية يعود إلى توقه لنشدان المجهول، والتمرد على المألوف، كما يعود أيضا إلى تأثره بمتصوفة الإسلام ولاسيما ابن الفارض الذي لم يخف إعجابه به حتى إنه دعاه شاعراً ربانياً، وكما يعود إلى تشبعه بالفكر الديني الشرقي. من هنا يمكن القول إن جبران كان يغترف من الينابيع الروحية من أجل أن يعبر عن المعاني الباطنية، متوسلاً بلغة معبرة عن مدلولات عميقة وهي لغة الرمزية الصوفية.

إن حُب الطبيعة والافتتان بعناصرها يجذر في الصوفي الإحساس بالجمال، فكما أن ابن الفارض يعتبر جمال الطبيعة تجسيداً مرئياً للجمال الإلهي، وبالتالي للحضور الإلهي في الوجود. كذلك ينطلق جبران من هذا المبدأ ليعتبر الجمال الطبيعي دليلاً على الحضور الإلهي.

وتتحقق هذه الصورة في “حديقة النبي”، ومن باب التذكير نشير إلى أن الحديقة شغلت فكر المتصوفين، فرأى جلال الدين الرومي أن ما في الحدائق من زهور ومياه وينابيع وأشجار هي تجل للجمال الإلهي والنموذج الأمثل للجنة العليا وتنسم الصوفية في كل وردة نفحة من عطر الجنة، وتسمع الصوفية في حفيف الورود وإلى تسبيحها لله )وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ(.

أما جبران فقد أراد حديقة جميلة تزهو بحياة مثالية فيها حب وأمن واستقرار؛ أراد جبران حديقة دنيوية من خلال نظرة متصوفة، حديقة تشبه المدينة الفاضلة للفارابي، فيها الجمال والحب، لنسمعه في الحديقة يتساءل؛ “أو ليس هذا الذي لم تسع يوماً إليه، ولم ترغب يوماً في تعمق أسراره هو الذي تسميه بالقبح؟ فإذا كان القبح شيئاً فليس هو في الحق إلا الغشاوة تغشى عينيك، والصملاخ يسد أذنيك وحذار أن ترمي شيئا بالقبح يا صاحبي، فما القبح حقاً إلا الخشية نعتري النفس حين تحضرها الذكريات”. (12)

الطبيعة عند جبران عالم مثالي تتحقق فيه السعادة والكمال والحقيقة المطلقة، لذلك رأى الخلاص الروحي في “الغاب”، فمواكب جبران ذات المائتين والثلاثة الأبيات فيها مائة وخمسة وعشرون بيتا تدور على الغاب، وقدسية الغاب ووحدانية الغاب وسعادة الغاب. وفيها يُقابل جبران بين حياة المجتمع ذات الفروق والتقاليد والمعاملات المبنية في الغالب على الرياء، والأهواء الشخصية، وحياة الغاب الوادعة البسيطة التي تضيع فيها الفروق كلها، وتستوي فيها سائر المخلوقات، فهي عالم الوحدة أو جوهر الحياة الواحد، وكما يقول نسيب عريضة: “هذا جبران يرمي في مواكبه إلى تأليه الغاب ويا له من تأليه شبيه بحبور صرف وطمأنينة صافية… فالغاب عنده كتاب مقدس، كلماته تعاويذ تشفي من لذعات فلسفة الحياة” (13)، فيقول:

 

العيش في الغاب والأيام لو نظمت ****** في قبضتي لغدت في الغاب تنتشر

لكن هو الدهر في نفسي له أرب ****** فكلما رمت غابا قام يعتذر (14)

 

لقد استطاع جبران أن يعبر بقوة عن الغاب وخلق منه صورة للمطلق، ذلك المغناطيس الذي يجذب إليه الرومانطقيين والمتصوفة، وأصبح الغاب بين يدي جبران “يوتوبيا” تتمثل فيها الوحدة والسعادة، وأصبحت موسيقى الناي أنقى وأبقى من كل ما في المجتمع البشري من أوهام وزيف.

أعطني الناي ****** فالغنا سر الوجود

وأنين الناي سبقى ****** بعد أن يفنى الوجود (15)

وما الناي إلا رمز لروح المتصوف المتشوف إلى الاتحاد بالذات الإلهية. “والناي هو الصورة التي تكشف عن عشق الصوفي وتمزقه الوجودي، وكل من لم يفهم حديث الناي لن يفهم حتما حديث الصوفي، هناك تلازم شقي بين حديث الصوفي وبين حكاية الناي: إنه الجنون، جنون العشق والانفصام”. (16)

وكما دافع عن جمال الطبيعة، أكد أيضاً على مساواتها بين الأفراد فأجاب رداً على سؤال مانوس عن “طفيليات الحديقة” كلنا طفيليون يا صاحبي، ولسنا نحن الذين نجهد لنجعل العشب ينبض بالحياة أرفع شأناً من أولئك الذين يغتدون من العشب بلا وسيط وهم بالعشب جاهلون. (17) ونراه يندمج أكثر في روح الطبيعة فيدافع عن الحجر قائلاً: “أنت والحجر سواء، لا فرق بينكما إلا في نبضات القلب ستقول إن قلبك ينبض أسرع من قلبه أليس كذلك يا صاحبي؟ أجل، ولكن قلبك ليس في سكينة قلبه واطمئنانه”. (18)

ويؤمن جبران بأن الإنسان يتطور مثل الطبيعة، النبت ينبت، وينمو ويزدهر، وينضج وكذلك الإنسان ينتقل من حال إلى حال وهو مع ذلك خالد في طوايا الزمن، باق في ضمير الكون كل ما أصابه أنه تحول من صورة إلى أخرى. (19) على أن جبران لا ينسى حين يربط الإنسان بالطبيعة أن يذكر الله: “ودِدت لو تدركون أننا أنفاس الله وشذاه، وأننا الله ماثلاً في ورقة الشجر، وفي الزهرة، بل وفي الثمر أكثر الأحيان” (20).

ولا عجب إذا أحب جبران الطبيعة لأنه رأى الله حالاً فيها في كل شيء في الإنسان والشجر والزهرة والثمرة، وقد أحسها فيضا من الله، وأحب الله لأنه رأى نفسه في الله، فنراه يقول بابتهال صوفي “إن كل ما هو كائن يعيش على كل ما هو موجود، وكل ما هو موجود يعيش في إيمان بلا حدود، على فيض العلي المتعالي”(21). انتهى جبران إذن إلى الحلولية في نظرته إلى الطبيعة.

ففي ظل الحلولية: الإنسان والله متساويان، لكن الله أشمل ويمثل الوحدة ــ بينما الإنسان ــ الإله هو جزء من هذه الوحدة، ويسعى باستمرار إلى أن يصبح الوحدة كلها أو الدائرة كلها.

ولا غرابة أن يرى جبران الطبيعة/ الحديقة حلقة اتصال بين عالم الأرض وعالم السماء، وهي رمز الخلود والبعث يقول: “في هذه الحديقة يرقد أبي وترقد أمي وقد وسدتهما الثرى أيدي الأحياء، وفي هذه الحديقة تغيب بذور السنة الماضية، حملتها إلى هنا أجنحة الريح ولسوف يرقد في الثرى ألف مرة جثمان أبي وجثمان أمي وألف مرة ستوارى الريح البذور، ولسوف نقبل معا بعد ألف عام أنا وأنتم وهذه الزهرات إلى هذه الحديقة كما هي الآن فيتحقق وجودنا في حب الحياة ويتحقق وجودنا في علمنا بالفضاء ويتحقق وجودنا في صعودنا إلى السماء” (22).

إن الخطاب الذي يُقدمه جبران إنما يصدر عن تأمل ذاته في الحقيقة الكونية، في المستتر والخفي منها لنصل إلى الفكرة القائلة بأن الطبيعة هي المنبع الحيوي للجسد الإنساني حامل الروح. ويبدو أن شرط عودة الروح إلى أصلها الإلهي هو تفتيت الجسد وعودته إلى أصله الطبيعي ومن هنا يظهر التلازم القوي بين الحنين إلى الاتصال بالألوهية وبين الحنين إلى الاتصال بالطبيعة ــ الأرض ــ الأم.(23)

وربما لم يبق عند جبران مزيد من القول في علاقة الإنسان بالطبيعة ووحدتهما، ولم تتبق إلا كلمة الوداع يقولها جبران للحياة، معبراً فيها عن توقه إلى الفناء في الطبيعة إذ يقول:

إيه أيتها الضبابة، يا أخت روحي، أيتها الضبابة الشقيقة:

أنا الآن أنت

ولن اكون ذاتا بعد

الأسوار قد تداعت

والقيود قد تفككت

وإني لأصعد إليك، ضبابة أخرى (24)

بهذه الصرخة نودع جبران الذي كان يتوق إلى عالم الروح، ويسعى إلى الصفاء ليسمو بتجربته ويرتفع بها إلى عوالم عليا، فكان أدبه مرآة لنزعة صوفية مضخمة بروح رومانسية تقدس الذات والعاطفة، الحلم والحب، الوحدة والطبيعة، وجبران كما رأينا آمن بالطبيعة وعشقها حتى أضحت دينه لأنه رأى الله فيها، فأحس بشعور صوفي، بالوحدة الشاملة التي تضم الكائنات في وحدة تامة.

وهكذا يكون الخطاب الصوفي في أدب جبران تعبيراً عن ذاته المغتربة الباحثة عن الحقيقة والجمال، ورغبة في الاتحاد بالوجود والامتزاج به ليبلغ الخلاص المنشود.

الهوامـش

  • جبران خليل جبران، المجموعة الكاملة العربية، مكتبة صادر، بيروت، 1955، ص. 349.
  • الشعلة الزرقاء، تحقيق سهيل بشروئي، دمشق، 1979، ص. 42.
  • جبران خليل جبران، المجموعة الكاملة العربية، ص. 321.
  • خالدة سعيد، حركية الإبداع: دراسات في الأدب العربي الحديث، دار الفكر، ط. 3. بيروت 1986 ص. 30 -31.
  • روائع جبران: حديقة النبي، ترجمة ثروت عكاشة، دار العودة، بيروت، 1987، ص. 311.
  • المصدر نفسه، ص. 314.
  • منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، منشورات عكاظ، ط. 1، 1988، ص. 405.
  • روائع جبران: عيسى ابن الإنسان، ترجمة ثروت عكاشة، ص. 199.
  • جبران خليل جبران، النبي أنطونيوس بشير، المكتبة الثقافية، بيروت، ص. 15.
  • منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، ص. 410.
  • جبران خليل جبران، المواكب، ص. 606.
  • جبران خليل جبران: حديقة النبي، ص. 312.
  • عيسى الناعوري، أدب المهجر، دار المعارف، مصر، ط. 3، 1977، ص. 100.
  • جبران خليل جبران، المواكب، ص. 364.
  • المصدر نفسه، ص. 363.
  • منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، ص. 422.
  • جبران خليل جبران، حديقة النبي، ص. 312.
  • المصدر نفسه، ص. 317.
  • المصدر نفسه، ص. 399.
  • المصدر نفسه، ص. 317.
  • المصدر نفسه، ص. 314.
  • المصدر نفسه، ص. 318.
  • منصف عبد الحق، الكتابة والتجربة الصوفية، ص. 410.
  • جبران خليل جبران، حديقة النبي، ص. 327.

 

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!