رباعيات محمد إقبال

رباعيات محمد إقبال

رباعيات محمد إقبال

ترجمها عن الفارسية* : د.سمير عبد الحميد إبراهيم

 

 

 

 

مضيتُ في طريقِ يثرب رغم شيخوختي والمشيب

مضيتُ منتشيًا بسرور العاشقين

كطائر يرفرف .. يفتح جناحيه .. يفكّر في عُشّه

ليأوى إليه ساعة المغيب

وقلتُ للناقة وقت السَّحر: تهدّي في سيرك

فالراكبُ مجروحٌ ومريضٌ وعجوز 

فسارت تخطو كالنشوان حتى أنك تظن

أن رمال الصحراء أضحت تحت قدميها حريرا

ما أجمل الصحراء التي تمضي فيها القوافل

وتُتلى الصلوات وتُساق المحامل 

فاسجد على رمالها المُحرقةُ 

وأحرق الجبين حتى يبقى الأثر

ما أجمل الصحراء فمساؤها صبحٌ بسّام

ليلها قصيرٌ .. نهارها طويل

خفف الوطء أيّها السائر فإن 

كلّ ذرّة من رمالها محزونة مهمومة مثلنا 

يا إلهي! حلّقتُ في الأجواء بالجناح الذي وهبتني إياه

احترقتُ بحرقة نغماتي 

طفتُ بالعالم لكني لم أجد مسلمًا 

يرتجف منه الموت!

ذات ليلة بكيتُ بكاءً مرًّا أمام الله

أتساءل .. لماذا المسلمون في خزي وعار؟!

ويجيب النداء: ألا تعرف أن هؤلاء القوم

لهم قلوب وليس لهم حبيب!

حلّقتُ طوّافًا في فضائه الجميل

جناحي تبلل بأمطار سحابه 

حتى نزل السّر في ضميري

فأنشدت ما كان في الضمير

قلت لي أن أتكلم عن حياة الخلود

قلت لي أن أبلغ الميت رسالة الحياة 

لكن هؤلاء الجاهلين عن حق يقولون:

قل لنا تاريخ وفاة هذا وذاك

يا إلهي ! أعط لنهري من بحرك جوهرا

وأعط للجبال والصحراء متاعي 

إن ما أعطيت من طوفان لم يفتح قلبي

فأعطني هديرًا من طوفان آخر..

 

 

* من ديوان محمد إقبال (ارمغان حجاز) هدية الحجاز، وهو من أواخر دواوينه التي نُشرت بعد وفاته.

’’لم يظهر هذا الديوان النور إلاّ في تشرين الثاني/نوفمبر 1938 بعد وفاة إقبال. وترجمه إلى العربية ترجمة دقيقة وموفّقة الدكتور سمير عبد الحميد إبراهيم ضمن رسالته للحصول على الماجستير من قسم اللغات الشرقية في جامعة القاهرة في عام 1971. وإن كان الدكتور سمير قد ترجمه في ذلك الوقت إلاّ أنه لم يُطبع إلا في عام 1976. وكان قد سبقه إلى النشر الأستاذ حسين مجيب المصري، فقد ترجمه ونظمه شعراً كعادته في ترجمات إقبال وغيره من شعراء الصوفية كيونس إمره وغالب، ونشره في القاهرة عام 1975.

ينقسم هذا الدّيوان قسمين: القسم الأول رباعيات ومقطعات فارسية، منها: ’إلى الحقِّ‘، ’إلى العالم‘، ’إلى الأمة‘، ’إلى رفقاء الطّريق‘، وفيه يسلك إقبال سبيل الصّوفية الكبار في تضرّعهم إلى الله ومناجاتهم له، والإبانة عما تموج به قلوبهم من عشق إلهيّ.

ومن أشعار هذا القسم (الرباعيات المنشورة في هذا المقال)، أما القسم الثاني فباللغة الأردية، ويشتمل على ’مجلس شورى إبليس‘، وبعض القصائد الأخرى‘‘.

[ خالد محمد عبده ].

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي، لا يمكن نسخه!!